من الملكة؟

Sanyrena`بقلم

  • أعمال مشتقة

    النوع
  • 2023-11-25ضع على الرف
  • 121.6K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

1 موت الملكة

الفصل الأول:
(موت الملكة)

كان يا ما كان في قديم الزمان، لم تكن الحكاية التي قيلت لكم كما وقع وكان، ففي ليلةٍ ظلماء، حينما اشتد مرض ملكة القصر "السيدة تريمين" في فرنسا  عام 1988م، وازدادت حالتها سوءاً حينما نظرت لابنتيها اللتين يجاورانها بحزن.

السيدة تريمين وهي تنظر بعينين متعبتين:
_ ابنتاي، كونا بخير لأجلي، وحققا العدالة في الأرجاء، وارفعا اسم العائلة الملكية من بعدي.

سقطت دمعة من عين أنستازيا سهواً، وهي تتأمل كلمات أمها المودعة، ثم أمسكت بيدها قائلة:

_ أرجوكِ لا تقولي هكذا، فلن تكون هناك ملكة تحكم هذه البلاد غيركِ.

سَعلت الأم وهي تلتقط أنفاسها، وتحاول الصمود:
_ بلى، ستكون إحداكما الملكة من بعدي، فجسدي المتهالك هذا، لم يعد يُعنّي على أداء مهامي.

قبّلت دريزيلا التي لطالما حلمت بأن تكون الملكة يد أمها بلطف وهي تحنو نحوها بين الحين والآخر.

السيدة تريمين: اعتنيا ببعضكما جيداً...

قاطع حديث السيدة طرقات قوية على الباب، حينها دخل "الملك تريمين" وعلى وجهه ملامح القلق والخوف، ثم تحدث بصوت متحشرج، قائلاً:

_ الطبيب قادم، لا تقلقا ستكون أمكما بخير.

ثم دنا نحو زوجته وقبل رأسها.

السيدة تريمين وهي تمسك يده:
_ اعتني بنفسك وبابنتاي.

نزلت دموع الملك سهواً، ثم قال:
_ ستكونين بخير، وستعودين كما كنت اطمئني، لذا لا تفكري بشيء سيء.

ربت على كتفها ثم ذهب يهرول ليرى إن قدم الطبيب المنشود.

ولكن حرارتها باتت ترتفع أكثر فأكثر وحالتها باتت تسوء ولم يُعد يُسمع سوى صوت أنينها، ونفسها المتهالك.

ضجت الغرفة بأصوات صراخ الفتاتين، وهن ينادين على أمهن التي فارقت الحياة بعمر يناهز ال40 عاماً.

عاد الملك وهو يمسك يد الطبيب الذي كان يجره طوال مضيهم في الممر الطويل، ولكنه صُعق من منظر ابنتيه اللتان تصرخان فوق أمهما.

ركض نحو زوجته، وتحدث بقلق، كادت دقات قلبه أن تكون مسموعة:
_ ابتعدا، لمَ تصرخان بهذا الشكل، هي لن تمت وتتركني.

تحدثت الخادمة التي تقف على الباب للخادمة الأخرى، قائلة:
_ انظري يدّعي الحزن ذلك الخائن.

تحدثت الخادمة الثانية بغضب:
_ فلتصمتي الآن، ألا يكفي ما حدث للملكة.

الخادمة الأولى بامتعاض:
_ ألست أقول الحقيقة؟!

الخادمة الثانية، وهي تنفث غيظاً:
_ أنا لم أفهم تدخلك هذا بحياتهم، إن أحب غيرها أو لا، هذا لا يهم، فهو شخص طيب ويحمي البلاد، وجميع النساء تتمناه.

الخادمة الأولى بصدمة:
_ آه يا عدوة النساء، هل أنت مع فكرة التعدد؟!

توقفت عن الحديث للحظة، ثم أكملت وهي توسع حدقة عينيها:
_ لا تقولي بأنكِ تفكري بهِ أيضاً، وقد يتزوجكِ

قامت الخادمة الثانية بضربها على كتفها، ثم ضحكت مستهزئة:

_ هل سينظر لخادمة يا سخيفة؟

_ ربما لمَ لا، الملكة وقد ماتت

_ يا لك من عديمة ضمير، ألا ترين حالهم، وأنت تتحدثين بأشياء تافه، اذهبي للمطبخ هيا لا أريد أن أكمل معك هذا الحديث.

_ حسناً، ولكن فكري بالأمر.

_ اغربي عن وجهي.

ذهبت الخادمة للمطبخ مستهزئة بالملك، بينما الأخرى مستمرة بالابتسام باللاوعي، تتأمل لو كانت الملكة.

نظر إليها الملك صدفة، ثم قال:
_ ماذا؟ هل أنت سعيدة؟

تحدثت الخادمة بارتباك:
_ أنا؟ لا....

قاطع الملك حديثها بغضب:
_ هيا اخرجي، ماذا تفعلين هنا.

خرجت على استحياء وهي تدمدم في نفسها:
" تباً لكِ يا "كلوي" كل ما حدث بسببكِ."

كان ذلك اليوم صعب جداً على الملك، وبات الحزن يخيم عليه، إلا أن حضرت إلى غرفته بعد أن استأذنت، امرأة جميلة ترتدي زي أحمر اللون.

كاترين: عذراً يا سيدي.

الملك باستغراب:
_ أنت؟! لمَ أتيت إلى هنا؟

كاترين وهي تحاول إظهار ملامح اللطف:
_ سمعت بموت الملكة، وجئت للتخفيف عنك فقط، فقد حزنت كثيراً، كانت امرأة عظيمة

الملك بعد أن تنهد:
_ أجل كانت كذلك وستبقى ذكراها خالدة للأبد.

كاترين وهي تبتسم بخبث، وتحادث نفسها: " لا أعتقد ذلك"

ثم قالت بصوت حنون وهي تحنو نحو أذنه:
_ ألا تريد أن تسترح قليلاً؟ هيا فلتستلقي في سريرك، فعليك أن تبقى قوياً، فهناك بلاد تحتاج لدعمك وقوتك، إضافة لوجود ابنتيك اللتين يفتقدا لأمهما بشدة.

ارتجف قلب الملك حينما تذكر ابنتيه التعيستان، لذا قال:

_ أنت امرأة طيبة يا كاترين، شكراً لدعمك، والآن عليّ أن أبقى مع ابنتاي.

كاترين بتنمق:
_ حسناً، سأذهب..

استدارت لتخرج، إلا أنها عادت ونظرت نحوه وهي تقول:
_ سيكون باب منزلي مفتوحاً لكَ، متى شئت.

لم يكترث الملك في كلامها كثيراً، فهناك ما يهمه أكثر.

غادرت كاترين والأفكار الخبيثة تدور في رأسها، ودخلت منزلها وهي سعيدة، كادت أن تقيم عرس.

الرجل الغراب: ماذا هناك يا سيدتي؟! تبدين سعيدة للغاية!.

كاترين بعد أن جلست على كرسيها الخشبي:
_ ماذا؟ ألا ترغب بأن يضحك القدر لسيدتك؟

ثم قهقهت بصوت مرتفع، واردفت:
_ لقد حصل ما سعينا إليه.

الرجل الغراب وهو يصغر بعينيه:
_ هل قتلتها؟

كاترين: أجل، لقد كان الأمر أسهل مما تصوت.

الرجل الغراب: ألم يلحظ أحداً ذلك؟!

كاترين: أيها الغبي، هل تظن بأنني أسلت دمائها ؟ لقد سممتها رويداً رويداً إلى أن تهالك جسدها، واليوم هو يوم سعدي.

الرجل الغراب: وما الذي يجعلك متأكدة بأن الملك سيختاركِ؟

كاترين: سأجلبه بسحري، لحينما أوقعه بشباكي كما كنت أفعل طوال السنةِ الماضية.

الرجل الغراب: لكنه تندم على فعلته، وغادر آخر مرة وهو غاضب.

كاترين: لن يحدث ذلك مجدداً، لأنني سأعيش هناك.

ثم تعالت أصوات قهقهتهم التي توحي بالنصر، فلطالما كان الرجل الغراب خادمها المخلص.

إلا أن جميع البلاد سِواهم كانت حزينة على فراق ملكتهم الطيبة والمخلصة لبلادها، وخيمت التعاسة على القصر.

اعتزل الملك الجميع لأيام طوال في غرفته وهو يتأمل أماكن زوجته الراحلة، ثم تمتم في نفسه: "لقد بات الحمل ثقيلاً على عاتقي، فقد كانت تمدني بالقوة.

خرج إلى الشرفة ليستنشق هواء نظيف، تنهد ثم قال:
_ هذه البلاد تحتاجني يجب أن أكون قوياً.

ارتدى عباءته على عجل ثم خرج..

كانت الفتاتين حزينتان، وحزنا أكثر لإهمال والدهن لهما.

أنستازيا وهي تُخفض رأسها، وتتحدث بخيبة:
_ هل تعتقدين بأن أبي لا يهتم لأمرنا؟

أجابت دريزيلا بغضب:
_ أعتقد لم يحزن أساساً على موت أمي، أنه لايحب سوى نفسه.

أنستازيا بصدمة:
_ اخفضي صوتكِ كي لا يسمعكِ...

قاطعت حديثها بغضب:
_ لا أهتم، فليسمع، ترى ماذا يفعل، هو تركنا لوحدنا نعيش الحزن.

أنستازيا: لا تكوني قاسية لهذه الدرجة، فنحن لا نعلم مايشعر به.

نهضت دريزيلا، ثم قالت قبل أن تغادر الغرفة:
_ حسناً، لا أهتم بمَ يشعر.

أنستازيا بصوتٍ مرتفع:
_هيي، إلى أين ذاهبة، اسمعي...

وقبل أن تكمل كلامها كانت دريزيلا قد أغلقت الباب بقوة

أنستازيا في نفسها: " سأتحدث مع أبي وأسأله عن سبب اهماله لنا، هكذا أفضل، على الأقل أعرف السبب، فلم يكن أبي هكذا من قبل."

خرجت تهرول نحو غرفة ولدها، إلا أنها لم تجده.

أنستازيا وهي تسأل الخادم الذي يقف أمام الباب:
_ هل تعلم أين ذهب الملك؟!

الخادم وهو يقف منصوباً دون حراك:
_ لا يا أميرتي، لم يخبر أحد إلى أين ذهب، فقد قال بأنه يريد أن يرتاح.

أنستازيا باستغراب:
_ يرتاح؟!

استدارت وهي تعيد الكلمة نفسها عدة مرات لفهم المقصود، إلى أنها لم تفهم شيء.

كان الملك قد وصل لبيت كاترين المركون بوسط الغابة.

الملك وهو ينادي بعد أن نَزلَ من على جياده:
_ هل من أحدٍ هنا؟!

خرجت كاترين التي كانت بانتظاره، بابتهاج، ثم قالت:
_ أوه، يال المفاجأة! هل الملك يزورني مجدداً أم أنني أحلم؟.

دخل الملك للمنزل دون الرد، لذا تبعته كاترين على عجل.

كاترين: ماذا هناك؟ هل أنت بخير؟

الملك وهو يمسح على صدره:
_ لستُ بخير، أشعر بضيق بصدري، وألم بأنفاسي، ولا أعلم لمَ أخذتني قدماي إليكِ.

تحدثت كاترين بتملق بعد أن وضعت يدها على كتفه:
_ ربما لأن ألمنا واحد، فمنذ أن مات زوجي وقد خيم الحزن على حياتي، فلولاك لمَ أزيحت، لذا دعني أزح عنكَ ثقل عاتقيك.

تنهد الملك، وأطلق بعض الآهات، ثم قال:
_ لقد كان زوجك رجل عظيم في دولتي، وكتفي الأيمن...

تحدثت وهي مقاطعة حديثه:
_ بالفعل لن يأتي للبلد دوقاً مثله، ولم أعد أستطع خلال كل تلك السنوات البقاء في القصر وأنا ضعيفة وينظر لي الناس نظرة حزن وشفقة.

الملك باستغراب:
_ ألهذا اخترتِ أن تعيشي هنا؟!

رفعت كاترين رأسها للأعلى بعد أن تنهدت، ثم قالت:
_ ربما أصبحت أخشى الناس وقربهم، كما أن العيش في الطبيعة أجمل ومريح للنفس.

تمتمت في نفسها:" بل لأني أكرهكم جميعاً، فبعد موت زوجي الذي ماتت معه طموحاتي لمَ لأبقى أعين دولة لا أقودها أنا، ولكن سترون ما أفعل في الأيام القادمة."

نظر إليها الملك نظر تعجب:
_ أنت امرأة غريبة بالفعل.

كاترين وهي تحاول إضاعة الحديث:
_ حسناً، دعكَ مني، كيف حالك بناتك؟ لابد أنكَ لم تُشعرهم بغياب أمهن.

صمت الملك للحظات وهو يتمتم في نفسها: "أنها أفضل مني، دوماً تسأل عن ابنتاي، وأنا قد اهملتهم بسبب أعمالي الخاصة، لمَ أصبحت أباً سيء؟!"

كاترين وهي تقاطع شروده:
_ ربما أنت الذي تحتاج لمن يدعمك ويقف بجانبك، فهن يتلقين الرعاية من جميع من حولهن، أما أنت لا أحد يكترث.

الملك: بالفعل، هذا ما أشعر به.

كاترين بعد أن خطت ابتسامة عريضة على وجنتيها:
_ ولكن أنا هنا لدعمك ومساندتك، ومتى احتجتني ستجدني أمامك.

قهقه الملك، ثم قال:
_ حسناً، هذا لطفاً منكِ، ولكن عليّ الذهاب الآن.

كاترين وهي تضمر الغضب:
_ ولكن....

الملك بعد أن استقل جياده:
_ اعتني بنفسك جيداً، وداعاً.

غادر مسرعاً، وترك كاترين تفيض غيظاً وراءه وهي تضم كلتا يديها بقوة.

كاترين بغضب:
_ ذلك الأصلع اللعين ذهب بسرعة.

هبط الغراب من على الشجرة بعد أن تحول لرجل، وقال:
_ هل كنتِ تتوقعين بأنه سيقضي كل يومه معكِ بظل هذه الظروف؟!

كاترين: إذاً لمَ أتى إن لم يرغب بالبقاء؟

الرجل الغراب: أعتقد بأن سحرك قصير الأمد.

ثم أردف بضحكة ساخرة، عالية، جعلت كاترين تعقد عينيها وتصرخ بغضب

كاترين: أتمازحني ها؟ تباً لكم جميعاً.

لملم الرجل الغراب فمه بعد صدمة، وحلق من جديد فوق الشجرة خوفاً منها.

أما كاترين التي دخلت للمنزل وهي تفكر بطريقة لتستطيع دخول القصر والعيش فيه من جديد.

كاترين وهي تنظر للفراغ، وتفكر ملياً:
_ قد تكون هناك طريقة ما كي يقبل الملك بأن يتزوجني.

أطلقت ضحكات متتالية، ثم أردفت:
_ حتماً سيكون هناك مفتاح لدخول قلبه وعليّ إيجاده.

ثم صرخت من النافذة وهي تنادي على الغراب، الذي حلق بفزع من صوتها النشاز.

الرجل الغراب وهو يلتقط أنفاسه:
_ حسناً سيدتي، أنا قام.

كاترين: أسرع أيها الغبي.

الرجل الغراب في نفسه: " أتمنى بألا يكون هناك عقاب جديد لي."

كاترين: ما بكَ؟ لمَ تتمتم هكذا، هيا اقترب.

وضعت كاترين في يده قارورة صغيرة، فيها مادة زرقاء.

الرجل الغراب: ما هذا؟

كاترين وهي تبتسم ابتسامة خبيثة:
_ اسكب هذه المادة على شرفة الملك، وهكذا كلما هبت ريح سيستنشقه.

الرجل الغراب: حسناً، وبعدها ماذا يحدث.

وسعت كاترين حدقة عينيها، ثم قالت:
_ ثم ماذا؟! هل أنت غبياً أو تتصنع الغباء، ثم ما شأنك؟ هيا نفذ الأمر فقط.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي