13 مفاجأة الحَمل

الفصل الثالث عشر:
( مفاجأة الحَمل)

ثم نظر اندريه لكلوي مرة ثم لماري، واردف:
_ هيا اخرجا، ولا تدخلا غرفة السيدة ريثما يأتي الطبيب ونرى ما بها.

نفثت كاترين بغضب، ثم تمتمت: " لا أحد يصدق حملي، حسناً فليأتِ طبيبك."

خرجن الخادمات على عجل، وبقي اندريه واقفاً منتصباً، ينظر إليها.

كاترين بامتعاض: هل ستبقى تتأملني هكذا؟.

لم يرد اندريه عليها، لذا استلقت، واستدارت للجهة الأخرى وتتمتم بغضب: " أرجو ألا يسقط حملي، فهو الوسيلة الوحيدة للبقاء هنا."

طُرق الباب، ودخل الطبيب على عجل وهو يحمل حقيبته، ثم قال:
_ هل أنت بخير سيدتي؟ ماذا يؤلمك؟

كاترين وهي تتلمس بطنها وتتألم:
_ أشعر بألم شديد هنا، ولكنه ليس مستمر يأتي ويذهب بعد دقائق.

الطبيب وهو ينظر لاندريه:
_ حسناً، فلتخرج أنت، ونادي على إحدى الخادمات لمساعدتي.

كاترين وهي تنظر له بطرف عينها:
_ أجل، هيا اخرج بسرعة.

ثم تمتمت في نفسها: " أشعر بالاختناق حينما تشاركني الهواء، تباً لك كم تبدو متسلط."

نظر إليها اندريه بنظرة قرف، وهو يحرك فكه السفلي يمنياً ويساراً، ثم خرج على مضض، وقال:

_ حسناً، سأرسل كلوي حالاً.

كاترين وهي لاتزال تبادله نفس النظرة وتتمتم: "هيا اخرج، لعين."

خرج اندريه، واستدعى جميع الخدم، ثم ألقى تعليماته قائلاً:

_ لا أريد أن يعرف الملك ما يجري للسيدة، سنتأكد اولاً من الطبيب، ثم سنخبره، هل هذا واضح؟.

ماري: هل تعتقد بأنها تكذب؟

اندريه: بالطبع تكذب.

كلوي: وما الفائدة من الكذب؟!

اندريه بغضب: بعض النساء أمثالك بغبائهم الخارق للعادة يعتقدون بأن الكذب منجي لهم، إلا أنه هلاك.

كلوي وهي تعقد حاجبيها:
_ إلى ماذا تلمح لم أفهم؟! متى كذبت عليك؟

اندريه بلامبالاة: اذهبي الآن وساعدي الطبيب، فهو يحتاج أن تكون معه امرأة.

لملمت كلوي فمها بامتعاض، وسارت على عجل وهي تشد على قبضة يديها، وتتمتم: " تباً لك يا عدو المرأة، أشك بأن هذا الرجل يملك قلب، تباً لي ولقلبي المغفل أيضاً، من بين الجميع لم اختر سوى عديم الضمير هذا."

فتحت الباب كلوي، لذا نادى عليها الطبيب:
_ هيا تعالي بسرعة، لمَ تأخرتِ.

كلوي بتململ: ماذا تريدني أن أفعل.

في الاجتماع القائم عليه اندريه، كانت آيلا تقف حزينة.

اندريه وهو ينظر إليها:
_ هل أنت بخير؟! أرى أن وجهكِ شاحباً مُصفراً.

آيلا: لا شيء، ولكنني لم أنم جيداً الليلة الماضية.

ماري بتمتمة: "يا له من وقح، بالفعل يهتم لآيلا، ويتحدث مع كلوي كما لو أنها أجرمت بحقه."

اندريه: أجل، نشكركِ فقد اهتممتِ بالأميرة منذ وقعتها، ولم ترتاحي.

آيلا: لا عليكَ هذا عملي.

آيلا في نفسها: " لا أعلم لمَ قلبي يخفق بشدة كلما اقتربت من الأميرة، أشعر كما لو أنه يريد الخروج من مكانه."

قاطع حديثهم صوت الخادم مارتن:

_ انظر، لقد خرج الطبيب.

كاد الجميع أن يتوافد ويرافق اندريه، إلا أن نظراته المرعبة أوقفتهم.

اندريه بامتعاض: ماذا؟! هل الجميع يرغب بإجراء تحقيق مع الطبيب؟ ستعرفون لا تقلقوا، ستوصلكم بالمخبر السريع كلوي.

ماري بعد ان استدار: نننن، كما لو أنه يهمنا حقاً، تباً لك كم أنك مغرور.

اسرع اندريه باتجاه الطبيب فهو يتوق لسماع شيء معاكس لكلام كاترين، لذا قال:

_ ماذا هناك؟ أخبرني ما بها؟

الطبيب وهو يبتسم: لا تقلق لا شيء خطير، مغص قوي، ونقص فيتامين.

اندريه بلامبالاة: حسناً، هذا جيد، ولكن لمَ أجدكَ سعيداً هكذا؟

الطبيب ومازالت علامات السعادة على وجهه:
_ لأني سأزف خبر مفرح للملك.

اندريه وهو يبلع ريقه، ويحادث نفسه بارتباك: "أرجو بألا يكون ما أفكر به صحيحاً.

اندريه: ما هو؟

الطبيب: السيدة حامل في الشهر الثاني، لذا تعاني من إرهاق وتعب، يبدو أنها لا ترتاح جيداً.

اندريه بغضب وهو يتمتم بسخرية: "أجل، وأين ستجد الراحة وهي تزرع جميع الأشجار، وتقوم بجميع الأعمال، اوف، تباً لها."

اندريه: حسناً، لمَ لا زلت واقفاً، أذهب وأخبر الملك إن أردت.

هرع الطبيب مسرعاً للملك، بينما اندريه الذي بقي واقفاً في مكانه يفكر بالأمر.

ويتمتم في نفسه: "مصيبة وحلّت علينا، فحتى ولو أخبرت الملك بأنها كاترين لن يستطيع تركها، أوف، هذا ما لم أحسب حسابه."

خرجت كلوي من الغرفة، ووجدت اندريه يقف ويضع يده على جبينه بتعجب، ثم قالت:
_ ها أنت هنا؟

اندريه: ماذا تريدين أنت الأخرى؟

كلوي: لست أنا ما أريد، بل السيدة.

اندريه بغضب: تباً لكِ ولها.

دفع الباب بقوة، ووقف بالقرب من سريرها.

كاترين : أهلاً، أهلاً، أجدك غاضباً، ماذا هناك؟

اندريه بامتعاض: هل ناديتني لأسمع كلماتك هذه؟!.

كاترين وهي ترسم على شفتيها ابتسامة خبيثة:
_ بالطبع لا، ولكن أريدك أن تعرف جيداً من اليد التي ستكون الأقوى هنا، لذا أرغب بنصحك فقط، وتعرف لصالح من عليك أن تعمل.

وسع اندريه حدقة عينه، ثم قال بنبرة حادة:
_ بالطبع لن تستطيعي الوصل لشيء، لا قوة ولا غيرها، فأنا حريص على معرفة جميع الشؤون بغياب الوزير.

قهقهت كاترين، ثم قالت:
_ لا عليك سننتظر قدوم الوزير الأعظم، ربما نعقد اتفاقاً سوياً وننتصر.

عقد اندريه حاجبيه ثم قال بغضب:
_ تنتصرين على ماذا؟ لم أفهم!.

استقلت كاترين، ثم قالت بلامبالاة:
_ ستعرف فيما بعد، اخرج الآن ودعني ارتاح، فالطبيب قال لي يجب أن أبقى مستلقية.

وقبل أن يصل اندريه الباب، اردفت:
_ أه، قبل أن أنسى، دعهم يعدوا لي حساء شهيّ لأنني جائعة.

اندريه بتمتمة: " أتمنى لو يتحول لسُم في أمعائكِ القذرة".

كانت كلوي لاتزال تقف على الباب، لذا قالت حينما رأت وجهه مُحمر من الغضب:

_ ماذا قالت لك؟

اندريه بغضب: اذهبي وجهزي لها حساء السم.

ثم غادر بسرعة وترك كلوي تفكر بتعجب قائلة: "حساء السم؟! هل أصبح شائع شيء كهذا، هذه الأيام؟!".

في غرفة الملك
زف الطبيب خبر الحمل، وكان الملك في سعادة عارمة.

الملك وهو ينادي على الخدم:
_ هيا تعالوا وكافئوا الطبيب على هذا الخبر المفرح.

انحنى الطبيب، ثم خرج ببطء وهو يُظهر الاحترام.

دخل اندريه الذي يحاول كتمان غيظه، وهو يقول بعد أن انحنى:

_ مولاي.

الملك: اسمعت ما قاله؟ ربما سيأتي لهذا القصر أمير، أوه هذا أجمل خبر سمعته للآن.

اندريه: مولاي، هل ننشر الخبر؟

الملك وهو يفكر: ولكن ماذا بشأن حفل الزفاف؟ حسناً دعه لبعد الحفل.

اندريه بقلق: هل تقصد، نقوم بتوزيع الدعوات لأجل حفل الزفاف؟.

الملك: أجل، بالطبع، لم يعد بإمكاني إلغائه وبالأخص بعد معرفة الجميع به، وقد يأتي أمير، لا أريد أن يكون هناك شيء ناقص لقدومه، فهذا الحفل فعلياً لأجله، لذا أريده أن يكون غداً.

لم يرغب اندريه بتعكير فرحة الملك، لذا اكتفى بقول:
_ أمرك مولاي، سنعلن عن الحفل في الغد.

وخرج وهو ينفث غيظاً، ليعلن عن بدأ مراسم الزفاف.

رأته آيلا وهو يسند جبهته بقبضة يده على الحائط المجاور لغرفة الملك، ثم قالت بعد أن حطت يدها على كتفه:

_ ما بك؟ أراك غاضب؟ هل حدث لك مكروه؟

استدار اندريه نحوها، ثم قال:
_ ليتني مُت قبل أن يأتي يوماً كهذا.

آيلا بقلق: فلتهدأ قليلاً، لا شيء يستحق حزنك هذا.

اندريه: وكيف لي أن اهدأ، وحفل الزفاف سيكون في الغد، وهذه المرة من المستحيل أن يُلغى.

آيلا: لمَ لم تخبر الملك عن هويتها الحقيقية، لعله يتدارك الأمر.

اندريه: حاولت ولكن لم أستطع، الملك سعيد للغاية ويتأمل بقدوم أمير، فلم أرغب بتعكير فرحته بألاعيبها، فلتضع الطفل ونتحادث بعدها.

آيلا: وهل سننتظر شهور كي نخبره؟ أنها مدة طويلة وربما تفتعل كاترين المكائد بها.

اندريه: لن تستطيع فعل شيء، سأراقبها دوماً.

آيلا وهي تتمتم في نفسها: " أنت لا تعرفها بعد، هي تستطيع فعل أي شيء مؤذي"

اندريه: حسناً، اخبري الجميع ليبدأوا بتجهيز الطاولات في الصالة وتزيينها، ونحن سنذهب لنشر الدعوات.

كانت كلوي تُربع يديها على بعضمها، وتنظر لهما من أخر الرواق وهي تسند كتفها على الحائط، وتتمتم بصوت مسموع:
_ يبدو النقاش كان ودياً، ذلك الحقير لمَ لا يتحدث معي بنفس الطريقة؟

استقامت بوقفتها، حينما مرّت آيلا من أمامها، وتحدثت معها بنبرة حادة:

_ ماذا كنتِ تقولين له؟ هيا اخبريني كيف روضتيه، فأنا أعرفه منذ سنوات ولم يعامل أحداً بهذا الشكل قط.

آيلا باستغراب: أروضه؟؟ لم أفهم، ماذا تقصدين؟

جنيور بسخرية وهو يضحك بصمت: "روضته؟! هل هو حيوان مفترس كي يتروض؟".

عقدت كلوي حاجبيها، ثم شدت ثوب آيلا من كتفها، وقالت وهي تُقرب عينيها التي يخرج منهما الشرر منها:

_ اسمعي، لا تتصرفي وكأنكِ لا تفهمي، فلتبتعدي عن اندريه، هل فهمتِ؟ لا أريد أن أراكِ بجواره.

آيلا بلامبالاة بعد أن دفعت يدها عنها بقوة:
_ أنت مهووسة بالفعل، ابعدي يدكِ اللعينة، عملي يتطلب التحدث معه، يال صِغر عقلك.

صمتت لثوانٍ، ثم اردفت:

_ وقبل أن أنسى، أذهبي وجهزي الأطباق، وإياكِ وكسر إحداهن كما في المرة الماضية، ركزي بعملكِ أكثر من المراقبة والتجسس.

كلوي بغضب: تجسس؟! هل تقصدين بأني جاسوسة؟ كيف تجرئين؟


آيلا بلا مبالاة : أنا لم أقل ذلك، بل أنت من قال.

ثم غادرت آيلا مسرعة لتخبر الخدم بالتجهيز، بينما بقيت كلوي تقف وهي تنفث غيظاً.

لملمت كلوي فهمها بامتعاض وتمتمت: " تظنين بأنكِ ستكسبين لو وضعتي رأسك برأسي، حسناً سأريكِ ماذا سأفعل."

عند الملك

الذي كان في غرفة كاترين، وهو سعيد بشدة لحملها.

الملك وهو ينظر لكاترين:
_ سيتم في الغد حفل الزفاف كما أردتِ.

كاترين وهي تُخفض رأسها:
_ أردتُ ذلك لأنني أحبك، ولا أريد الابتعاد عنك، ليس إلا.

الملك وهو يطبطب على يدها:
_ حسناً، لن تبتعدي بعد اليوم، ستكونين دوماً بجانبي.

كاترين بنفسها بامتعاض: " أيها الحقير لولا الحمل لكنت رميتني كقطعة قماش بالية، تباً لك."

كاترين وهي تبتسم له بخباثة:
_ سيكون لدينا طفل جميل، يشبهك.

الملك بسعادة: أتوق لرؤيته حقاً، فمنذ زمن وأنا أحلم بأن يأتيني أمير.

الغراب وهو ينظر لهما من النافذة: " أنا حقاً لا أفهم ما الذي يجري لهذا الملك، في الأمس كان ينوي طردها، واليوم يتراجع عن قراره، يا له من ملك مضطرب بالفعل، أوف تباً لكما، سأذهب لآيلا."

كانت آيلا تنظم وتشرف على الغرف الكبيرة، ثم خطر في بالها، أن تدخل لغرفة اندريه وتبحث عن البذور بنفسها.

آيلا بحزم: حسناً، سأدخل وابحث عن البذور بنفسي في غرفته

جنيور وهو يجلس في جيبها:
_ أرجو ألا يراكِ أحد.

آيلا وهي تعجل بخطواتها:
_ كان من المفترض أن أحصل عليهن منذ زمن.

جنيور: انتظري، أليس لديكِ أمنيتان؟ فلتتمني بإحداهن أن تعودي كما كنتِ وننتهي من هذا الأمر، ولن نحتاج لتلك البذور.

آيلا: ما النفع من عودتي، إن كان سحر كاترين سيعيدني لهذه الحالة، ثم إنني أرغب بتحريركما، سأجعل منها طعام للعمالقة فوق.

جنيور بقلق: اسمعي لا تهتمي لنا، فقد اعتدنا على حالنا، ولكن حرري نفسك واهربي من هنا.

آيلا بحزن: لم أعد استطع على الذهاب، أشعر بأن قلبي معلق بهذا المكان، كما لو أنه لي.

جنيور بغرابة: أنت غريبة بالفعل، لا أجد تبرير منطقي لبقائك هنا.

همست آيلا بصوت منخفض:
_ فلتصمت، لا تصدر أي صوت، ابقى أمام الباب، ولو رأيت أحد قادم فلتخبرني.

جنيور: حسناً، ولكن لا تتأخري.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي