التوأم

NouraMohamed Ale`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2023-12-28ضع على الرف
  • 245.3K

    إكتمل التحديث (كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل1

الفصل 1

أنهى ذلك الاتصال ونزل من سيارته الضخمة، يهم أن يدخل إلى مقر شركته، ولكنه توقف ينظر لتلك التي تتلألأ الدموع في عينها، تأخذ خط على معالم وجهها الفاتن والذي لم ير من قبل، كأنه نهر يشق طريق إلى منبع الفتنة شفتيها المكتنزة.

لم يدر لم تحرك ليقترب منها ربما تكون المرة الأولى منذ سنوات طويلة.

_ هل هناك شيء يزعجك آنسة؟!

_ كيف أتتك الجرأة لتسأل؟!
كاد أن يضحك وهو ينظر لها بتقييم، من عينها التي تشع بريقاً ممزوجاً بالغضب، لوجهها الفاتن إلى جسدها الذي لا تشوبه شائبة، ولكنه قال:
_هل تتكلمين معي أنا؟

_من أين لك هذا البرود؟!

التفت ينظر خلفه وعندما لم يجد أحداً قال:
_ هذا الكلام لي ؟!

_ بالطبع لك، هل هناك غيرك، تهينني أمام الشركة بأكملها؛ لأنك تعرف أني بحاجة للعمل، وتطلب مني الخروج، وتخبرني أن لا مكان لي هنا، والآن تأتي وتسأل ماذا بكِ؟ فماذا تكون غير شخص مغرور مستفز ومتجمد المشاعر.

ضحك بصوت مرتفع، وهو ينظر لها بتسلية، وما أن همت أن تتحرك من أمامه كان يجذبها من ذراعها ليرتطم شعرها بوجهه وهو ينظر لعينيها؛ كأنه يغوص فيها هو نفسه لا يعرف السبب.

_ هل جننت؟!

_ لا، لكن لن نتكلم هنا يمكنك أن تصعدي معي للمكتب.

_لا، سوف أذهب.

_يا آنسة الوقوف هنا غير مستحب بالنسبة لي، يمكنك أن تأتي معي وقتها سوف تفهمي، أنها المرة الأولى التي أراك فيها.

_نعم، هل تكذب أم تعاني من الشيزوفرينيا!

وكان رده مختلف عن ما توقعت.

_إن كنتي تريدي الإستمرار في عملك تفضلي.

وأشار لها إلى المصعد، ورفع حاجب واحد؛ وكأنه يتحداها، لم تدر لمَ تحركت معه، ربما لأنها لا تريد ترك العمل، ولكن عقلها كان يصارع مع نفسه وهي تهمس..

_هل تحول؟! أم هو مجنون...

كان يدخل إلي المكتب وهي تتبعه، ولكنها ما أن دخلت حتى وقفت كأنها صنم؛ تنظر إلى ذلك الذي ينظر لها بغضب وهو يقول من خلف مكتبه:

_ ماذا تفعلين هنا ألم أخبرك أن لا مكان لك هنا؟!

نقلت نظرها بين الإثنين بصدمة ممزوجة بدهشة هنا أدركت أنه لم يكن يضحك، فليس هو من طردها بل شبيهه.
أو بمعنى أصح أخوه التوأم ولكنها هزت رأسها وهمت أن تنصرف.
عندما أمسك يدها قبل أن تمر من جواره وهو يقول:

_ تفضلي يمكنك الجلوس يا...

نظر لها كأنه ينتظر أن تخبره أسمها
لينا: لينا..
نقل نظره بينها وبين قاسم بحاجب مرفوع كأنه ينتظر.

قاسم: كما تريد جاسم لكن الآنسة لن تعمل معي!

جاسم: حسناً، إن لم تكن معترض على وجودها لا يهم أين تعمل، لتعمل معي أنا..

قاسم ضحك بصوت مرتفع وهو ينظر لأخوه التوأم باستفسار،وقال:

_ لمَ؟ هل ستترك الميكانيكا وتعمل في التصميم؟ الآنسة عارضة أزياء.!

_سوف نجد حلا ً يا قاسم لكن ماهو سبب المشكلة بينكما؟! 
_ الآنسة رافضة التصوير بهذا الموديل.

نقل جاسم نظره من عليها إلى ذلك التصميم الخاص بملابس البحر والمكون من قطعتين، تكاد لا تخفي شيء "البيكيني" وحرك يده فوق أنفه وقال: 
لديها كل الحق لترفض 

قاسم: نعم ماذا تعني؟!

_كما سمعت أخي، من حقها أن ترفض التصوير بهذا الرداء، قد لا يناسب تعاليمها، أو لا يناسب...

_ أو لا يناسب ماذا؟ هي تعلم جيداً أنها تعمل عارضة، عليها أن ترتدي كل شيء!

_ لكن أين الشيء الذي سترتديه قاسم؟ منذ متى تقوم بتصميم هذه الأشياء؟

_ منذ فترة.

_ ومن كان يعرضها لك من قبل؟

_ بعض الروسيات.

_ إذا لا بأس أن تستدعي واحدة منهن.

_ لكنه سوف يليق عليها أكثر، لون بشرتها سيظهر جمال التصميم.

_ سوف نتكلم في هذا الأمر مرة أخرى قاسم، لكن الآنسة ستستمر في العمل.

هز قاسم رأسه، هو يدرك أن أخيه يدرك لعبته فليست المرة الأولى التي يتسلى فيها بأحد العارضات الجدد.

أما لينا كانت تتابع في دهشة تنظر لجاسم بأعجاب لم تعرف كيف تواريه..

أما جاسم أنهى كلامه وتحرك إلى مكتبه، بينما لينا لا تعرف ماذا عليها أن تفعل؟ هل تتبعه أم تبقى حيث قاسم؟ الذي ينظر لها بنظرات كأنه يقوم بتشريحها تحت الميكروسكوب

بينما جاسم يرجع بالذاكرة وهو يفكر.

«ليس هين أن تتنازل عن فكرة بطل العالم، وتأخذ كرير ومجال مختلف، أن تبتعد عن تلك الرياضه التي كنت فيها نجم بارع؛ لتتحول إلى رجل أعمال، ليس لشيء إلا لتلك الأعباء التي وضعت فوق كتفيك.

الأمر ليس تضحية من أجل العائله، فهو يعلم أن ذلك العمل سوف يؤول فوق كتفيه يوما وليس هو بمفرده بل وأخوه.

تلك المكتبة الضخمة التي أخذت جدار كامل داخل الفيلا، والتي تكدست فيها الميداليات الذهبية والفضية والدروع التي كانت مدعاة للفخر يوما، ولكنه الآن أصبح ماضي وانتهى.

ليس لأنهم لم يعودوا يستطيعوا المتابعة أو الوصول إلى القمة هم لا زالوا في أول الطريق والعشرينيات..
لكن كل واحد منهم سلك طريقا يختلف عن الآخر، جاسم أندمج في إدارة المصنع، ومتابعة حركة الإنتاج..

فهو لم يدرس هندسة ميكانيكا؛ إلا من أجل هذا الأمر، من أجل أن يأتي ذلك اليوم الذي يحتاجه فيه خالد قاسم والده.

ها هم يقفون بجواره يكملوا الطريق فكان جاسم مهتم بكل شيء يحتاجه المصنع، خاصة في تلك الفترة التي تراجعت صحه خالد بعض الشيء، بعد تلك الوعكه الصحية التي جعلته يقضي وقتاً في إحدى المستشفيات..

نظرة الألم في عينه، كانت تتوارى خلف ابتسامه، وهو يحاول أن يخرج والده من تلك الحالة، التي كان فيها، وهو يحاول أن يأخذ دور الأخ الأكبر يدعم أخويه الأصغر منه.

بينما قاسم كان يشعر بالقسوة وكأن الدنيا أخذت منه حلم لم يكتمل، حطم الألم بتلك النكبة التي نزلت فوق رأس العائلة، ولكنه يعلم أن هذا الكرير رسم له من قبل.

لقد سافر إلى أيطاليا ودرس في "مارونجوني" وتعلم التصميم ليكمل ذلك الطريق، خلف والده المصمم عربي، الذي برق نجمه في السماء العالمية.

ولكن ربما كان ينتظر أن تأتي تلك الخطوة بعد وقت، وليس الآن.

أن يعمل في فترات العطلة شيء، وإن يحمل كل شيء فوق الكتف شيء آخر، أن تكون مسؤول على الحفاظ على اسم الشركة، واسم خالد قاسم نفسه، تلك العلامة التي وضعت بجهد وعرق وسهر ليالي طويلة في المجال..

كان عبئ جعله يسلك طريق مختلف.

ورغم أن الوعكة قد انتهت، و خالد أستعاد جزء من صحته، استطاع أن يخرج من المستشفى إلى البيت، الذي حاولت فيه قمر توفير الهدوء والسكينة له حتى يكتمل شفائه.

تركت كل شئ هي الأخرى، من أجل خالد حبيبها وزوجها، واعتمدت على التوأم فلقد كانت أصغر منهم ما أن بدأت العمل في الشركة.

لقد كانت لا زالت في الجامعة حينما تحملت حمل أكبر منها، وقتها كانت أمهما البيولوجية "لينا" تعاني ازمة صحية كبيرة، ولأن قمر كانت هي صديقتها المقربة، وابنة عم زوجها، علمت بالأمر، ولولا تلك الأحداث التي حدثت في الماضي ما كانت أصبحت أم لهما.

هي التي تكبر الإثنين ب 15 عام، لكنهما بالفعل يعتبرونها أم لهما، وهي كذلك؛ لذا تركتهم يخوضوا تلك التجربة، يشتد عودهم ويصبحون رجالا يعتمد عليهم..

فهم أبناء هذا الرجل، الذي كان يوماً ينحت في الصخر؛ لينشئ مكانة له، ليصبح أسمه عالميا، وهي تدرك أن أبنائه لن يخذلوه، تدرك أنهم لن ينثروا ما تعب في إنشائه هباء...

فقد بدا هذا الصرح بورشة صغيرة، بها مكتب بسيط، كان يعتمد على بعض العملاء، حتى أصبح له عملاء من الوسط الفني، ومن سيدات المجتمع...

ولأنها تعلم أن الوهن الذي أصابه ليس جسدياً فقط بل نفسياً أيضا..

كانت تحاول أن تكون قريبة منه في كل لحظة، وهي تهمس بحبها الغير مشروط له، كان ينظر لها وهو يقول:

_ لقد أصبحت بحالة أفضل..

_ أرى ذلك حبيبي.

_يمكنني العودة إلى العمل..

_ أعلم ذلك لكني لن أتركك تبتعد عن عيني لحظة...

_ لمَ لا تعودي أنت ِ الأخرى...

_ ربما لأني أريد أن اتركهم ليخوضوا تلك التجربة، ربما لأني أريد أن أعرف كيف يقومان بأدارة الشركة والمصنع في غيابنا، دعهم يفعلون ما تريده واكتفي بالإشراف عليهم..

_ هذا ما افكر فيه، لكني أرى إنك تركت كل شيء؛ لتبقي بجواري!

_ انا مكاني جوارك خالد، لا أستطيع أن أبتعد عنك، أنت تعلم كم أحبك..

أبتسم لها فأقتربت لتضم نفسها إليه، وهي تهمس:
_ لن تخبرني بمدى حبك لي؟

_ ربما لأنك تعلمي جيداً إني أحبك فوق الحب نفسه..

_أعلم يا قلبي..

ضمت نفسها إليه وهي تقبل وجنته

وها هي الأيام تمر، كان يأخذ تقارير العمل من ولديه، دون أن يذهب إلى الشركة أو المصنع، إلا أن تلك المرحلة غيرت من الإثنين..

رجع جاسم بأفكاره إلى تلك اللحظة التي كانوا يتناولون الطعام فيها..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي