الفصل21

الفصل 21


بعد وقت كانت لينا ترجع إلى بيتها، مغلفة بالخجل والفرح والسعادة، بينما قمر تتواصل مع خالد؛ لتخبره ما فعلته.

ورغم دهشته، إلا أنه كان يدرك أنها قد تفعل أكثر من ذلك، بينما هي ضمت جاسم وهي تقول:

_هيا الآن يمكنك أن تترك العمل؛ لتستعد سنذهب مساء إلى بيت خطيبتك.

_ حسناً أمي كما تريدين، كنت أدرك أنه لن يفعلها إلا أنت.

_ أعلم إنك متشوق على خطبتها، لكن لم أعرف ما الذي تفكر فيه؟ خطبة طويلة أم ماذا؟

جاسم: بالطبع لا، إن استطعت أن تقنعهم يعقدوا القران، الخميس القادم سيكون هذا جيد.

_ بهذه السرعة يا جاسم

_ أحبها أمي..

كادت أن تتحرك، رجعت لتضمه بين يديها وهي تقول:
_ سأفعل المستحيل من أجل سعادتك حبيبي.

كانت تتحرك إلى مكتب قاسم؛ الذي ينهي أحد التصاميم، لكن ما رآها ترك كل شيء وهو يقف ليضمها.

قاسم: مرحبا أمي؛ اشتقت إليك

_ كف كذب يا قاسم، لو اشتقت إليا حقا كنت أتيت إلى البيت بالأمس.

_ لقدإنشغلت في بعض الأمور، ها هي أقسم لك أنه كان عمل فقط.

أشار إلى إحدى التصميم الذي يعمل عليها، أبتسمت له وهي تقول:

_ أتمنى أن يكون كلامك صحيح، لكن اليوم عليك أن تتفرغ أريدك معي

_ أنا معك أينما تريدين أمي.

_ سوف نذهب لنخطب لينا الليلة لأخوك جاسم

وقف جامد برهة تملئ عقله الأفكار والصراعات، تدور الدنيا به وهو واقف مكانه، هل بهذه السرعة؟ لقد تكلم معها صرح لها بمشاعره بالأمس فقط، ليخطبها اليوم..

إستمع إلى صوتها أتي من مسافة بعيدة، بدد الأفكار في رأسه وعقله، وهو يرفع عينه لينظر لها، وهي تقول:

_ قاسم ماذا بك؟

نفض أفكاره، كأنه يبدد خيوط العنكبوت عن خلايا عقله، يمزق تلك القيود الوهمية التي تعقد لسانه، ويقول:

_ سأكون موجود، لكن متى سنكون في بيتهم؟

_ بعد العشاء

_ هل سوف تتفقوا على الأمور الرئيسية أم الأمر مجرد تعارف

_ لا أدري ماذا أقول لك؟ ولكني أفكر أن أجعل عقد قرانهم الخميس القادم.

رفع حاجبا واحد! وهو ينظر إلى أمه بدهشة فهي تركض، بخطوات واسعة بالموضوع، لكنه هز رأسه موافقاً، أما هي تحركت تشرف على بعض الأقسام، فهي لم تأتي إلى هنا منذ فترة طويلة..

بينما جاسم ينهي بعض العمل قبل أن يذهب ليستعد، بالإضافة إلى انه أوصى العلاقات العامة بطلب الورد والشيكولاته الفاخرة…

أما هناك في روسيا، وبالتحديد في تلك المنطقة البعيدة، كل البعد عن قصر فلاديمير المعروف، كان يقف في الشرفة رغم برودة الجو وصقيعه، يرتدي سروال داخلي فقط، يمسك في يده كأس الخمر، ويمتص دخان السيجار الكوبي خاصته…

وهو يشعر بالإنتشاء بما حدث، ينظر إلى الليل الذي يحتضن كل شئ، لا يبدد ظلامه إلا بعض النجوم والأضواء الأتية من بعيد،
أبتسم كملك متوجع علي ما حوله، غافلاً عن تلك التي تصارع الموت على الفراش..

وجهها الذي لونته الكدمات، شعرها الذي كاد أن تتمزق خصلاته، يدها التي تحمل علامات قبضته عليها، كأنها بصمات حفرها الزمن فيها، ربما هذه المرة لم تصل إلى تكسير العظم، ولكن كل جسدها مليء بالردود والكدمات…

كانت تخشى أن تتنفس حتي لا يستمع إلى أنفاسها، أو أناتها المتعبة التى تخرج مع كل نسمة من الهواء، لكنها تخشى أن تبدد الصمت أن يلتفت لها ليكمل ما كان يفعل..

كأن ما يفعله في يوم كامل، لم يكفيه كادت ان تزهق روحها، وهي تخشى أن تزداد لعابها، حتى لا يسمع لها همس..

لكنه بدد الصمت، وهو يتكلم بلغة انجليزية:

_ نوڤا هل إستيقظتي؟

خشت أن ترد، وخشت أن لا ترد، وما بين الخوف من هذا وذاك، فتحت عينها التي كانت تضغط عليها، وتغلقها بقسوة، كأنها أن أغلقت عينها لن ترى بشاعة الوحشية، التي تركت أثر عليها..

فلاديمير: صباح الخير حبيبتي

الجنون عصف بعقلها كاد أن يجعلها تثور وتفور في وجهه، وهي تسألها وتقول:

_ من هي حبيبتك أيها اللعين؟ هل هكذا تفعل في من تحب؟

أو تنهض لتغرز أظافرها في بشرته، تلف يدها حول عنقه، علها تزهق روحه، كل هذا في رأسها، لكنها لم تنبث بين شفتيها، لم تتحرك من مكانها، وكيف لها أن تتحرك، وهي لا تقوي علي فتح عينها أو فمها..؟

إلا أنها ألتفت ينظر لها، عبر دخان السيجار الذي يحاوط وجهه كأنه هاله من الجحيم الذي كانت فيه منذ قليل، بدد أفكارها وهو يقول:

_ أعلم إنك تتألمين، ولكن هذا أنا.

لم يتلقى منها رد، لكن هل ينتظر منها رد؟!

فلاديمير: لن أطلب منهم أن يأخذوك الآن.

كادت أن ترتعد، وعقلها يستعيد ما حدث ومن فرط الخوف سألت:

_ لمَ؟ هل سيحدث ذلك مرة أخرى؟

_ لا لن يحدث الآن، أعلم إن جسدك لم يعد ليحتمل.

_ إذا لماذا لا ترحمني؟

_ الرحمة لا يوجد لها مكان في قلبي! فلا تطلبيها.

_ لمَ؟

_ لأن ما عانيته في هذه الحياة، كان كثير، لهذا تعلمت أن القسوة هي مقياس القوة، وإن الألم نفسه متعة، لا يعرفها إلا من جربها..

رغم أنها رافضة كل الرفض لكل كلمة قالها، إلا أنها تقوقعت على نفسها في الفراش، جلست لتضم ساقيها إلى صدرها، وتحاوط نفسها بذراعيها، وهي تنظر لحالها المبعثر وتنظر له، وكأنها تقول بعينبها..

أي متعة في كل ما أعانيه

رد على سؤالها الذي لم تسأله وقال:

_ أعلم إنك لن تفهمين، سيمر وقت طويل، إلى أن تتحولي إلى خاضعة بإرادتك تشعرين بمتعة الألم، وجمالها وعذوبتها..

هزت رأسها بالنفي، تغير وجه وهو ينظر لها بحدة، جعلها تسرع لتقول:

_ربما يكون كلامك صحيح، لكن..

_ أنه صحيح

_إن قلت ذلك فهو صحيح

_أحسنت صغيرتي، لا أريد إعتراض منك وإلا سيحدث ما لا يلقي إعجابك، لقد حاولت أن أسيطر على جموحي معك، حتى لا تتأذي فأنا أعلم إنك سوف تأخذين وقت طويل في الإستشفاء، لذا لم اقسو عليك.

_هل تعني أنه لا يوجد غيري؟

نظرة الدهشة على وجهها، جعلته يضحك بصوت مرتفع، يرن حوله في المكان، مبددا الصمت، وهو يقترب منها خطوة، كانت كفيلة لتجعل قلبها يرتجف، وهو يكشر عن أنيابه بينما هي تكاد أن تتراجع..

لا تعلم أن الخوف في عينيها، أيقظ ذلك الوحش بداخله، إلا أنه وضع يده على الفراش، وهو يقول:

_ الأمر ليس كما تقولين؟ ولكنك أعجبتني نوڤا، لكن أن سألتي هذا السؤال مرة أخري سوف أمزق جلد مأخرتك الرائعة بالسوط

_لم أقصد شيء سيدي

_ تعجبني كلمة سيدي من بين شفتيك الوردية، تعجبني أشياء كثيرة، فيك أيتها الطفلة، ولكن لازال هناك الكثير ستتعلمينه، الخضوع ليس ان تركعي على قدمك أمامي، وتقبلين يدي أو قدمي أو حتى حذائي..

نظرت له ولسان حالها يسأل هل كل ذلك لأني حلمت بحلم أكبر مني، ذهبت لمكان دون أن يعرف أحد وجهتي، أخرجها من شرودها وهو يقول:

_ستتعلمين أن هناك أشياء كثيرة، يجب أن تظهريها لأشعر بالنشوة..

كاد لسانها أن يفلت، وتقول اللعنة عليك وعلى نشوتك، وعلى اليوم الذي رأيتك فيه.

إلا أنها كانت تهز رأسها بموافقة، فهي لا تريد أن تعاني من ذلك الجحيم، الذي قد يفعله مرة أخرى، عينها التي تنظر إلى ذلك السوط الملقي على أحد المقاعد، وتلك الآلآت الغريبة، التي يستعملها جعل قلبها يرتجف وهي تقول:

_ هل أستطيع أن أتكلم

رفع حاجب واحد وهو يقول:

_ تفضلي

_ أني جائعة

_ بالطبع، ماذا تحبي أن تاكلي دميتي؟

_أي شيء.

_سوف أأمرهم بأن يعدوا الطعام لنا.

_هل هناك احد غيرنا في القصر؟

_ بالطبع لا، سوف يحضرونه بطائرة خاصة.

_ متى سأعود إلى..

صمتت لم تتكلم، فماذا تقول؟ متى سأعود إلى سجنك؟ متى سأعود إلى تلك المسماه روزالين؟ التي لم تتوان عن صفع وجهي عدة مرات..

فلاديمير: هل إشتقت إلى روزالين.

_ ماذا تقول؟ بالطبع لا! من هذا الذي يشتاقها؟ قد أشتاق إلى الجحيم، ولا أشتاق إليها، أنها سمجة، تنظر لي بطريقة ترعبني.

ضحك بصوت مرتفع، وهو يقول:

_ تنظر لك بكره، تكره جمالك الفطري، الذي لم تحظى به، تكره لهفتي عليك، ولأنها لم تحظى بأن تراني مرة واحدة فقط..

ازدردت لعابها وهي تفكر، أن تغلق فمها بإحكام قبل إن يندفع، مخرجاً ما بداخله كأنها تتمنى أن لم تكن لتلتقي به من الأساس، رغم أنه كاد أن يفهم نظرة عينها، أو ربما فهمها لم يعقب، فمن قد تقبل أن تعيش في الذل والهوان..

أن تجلد بالسوط يمزق جسدها البض، وأنيابه ومخالبه تنهشها كأنها فريسة له..

إلا أنه وقف مكانه، وهو يقول:

_ انهضي

نظرت حولها تبحث عن شيء ترتديه إلا أنه قال:

_ قلت انهضي

_ لكن لا يوجد شيء أرتديه

كانت تتكلم بالعربية فرد عليها بنفس اللغة

_ومع ذلك أمرك بأن تنهضي، تحركي إلى المرحاض.

هزت رأسها بموافقة وهي تنهض بجسدها العاري، تنظر له بدهشة وهي تقول:

_ هل تتكلم العربية

_ ليس تمام

_ لكنك فهمت كلامى

_ أجل، هيا..

هزت رأسها بموافقة، أخذت تتحرك أمامه يهتز جسدها البض، في حركات مثيرة، لكنه لم يكن ليهتم، كان فقط يريدها ان تمتثل لأمره..

فمتعته الأولى والأخيرة، خضوعها خوفها الظاهر على وجهها، وفي عينيها في حركتها وهي تضع يدها على أجزاء من جسدها، تحاول أن تواريها، إلا أنه كان ينظر لها ويضحك..

كأن إحساسها بالدونية أمامه يجعله ينتشي هو لو ربط الأحداث ببعضها، موت أبنته في نفس اليوم الذي أنتهك جسد نيڤين البكر، لتركها لكنه أن قرر أن يتركها سيكون مصيرها القبر، أو بنك الأعضاء، لا شيء آخر..

فهو أن مل منها، لن يرسلها إلى إحدى بيوت البغاء..

بينما هي تتحرك يملئها شعورها بالخزي، لا تعرف ما الذي فعلته في حياتها؟ لتعاقب مثل هذا العقاب، هل كل ذلك لأنها كانت ساذجة ضعيفة، سعت خلف حلم مزخرف، أخذها إلى الجحيم نفسه..

كأنها ترى الجحيم على الأرض، وقفت أمام المرآة، تنظر لنفسها وكادت أن تشهق، بصوت مرتفع، من هول ما رأت

وجهها بكدماته الزرقاء، عينها ذات اللون الأحمر، شفتيها التى جرحها من قسوة قبلاته، بعض قطرات من دمها تجمد على زاويتها..

نظرت إلى باقي أعضاء جسدها، في المرآة الطويلة وهي لا تصدق أن هذه هي، لقد أتت إلى هنا كأنها ملكة، وها هي تقف وكأنها ذبيحة، لقد تفنن الجزار فيه أن يذيقها طعم الموت..

وما ان تصل إلى شفيره وتتمناه، تجد الخلاص من هذا العذاب المميت..

يعطيها فرصة لتعود، كأنه يسمح لها بأن تستنشق الهواء، لتعيش كأن العذاب لن ينتهي..

وقفت تحت رزاز الماء لم تعد تتحمل، سقوط الماء على جسدها المتألم، على تلك الكدمات على جلدها، تلك الجروح الغائرة من أثر جلده لها بالسوط..

خرجت من تحت سيل المياه المنهمر، لتقف أمام المرأة تصفف شعرها، لكن لفت نظرها تلك الشفرة، التي يستعملها للحلاقة..

سمحت للمشط ان يسقط من يدها أرضا، عينها تنظر لشئ واحد، تلك الشفرة الحادة ستجعلها تتألم مرة واحدة، وبعدها سينتهي الألم، سوف ياخذها الموت لينهى ذلك العذاب..

نيڤين: لمَ لا. سوف أرتاح من هذا العذاب، سوف ينتهي هذا الجحيم، الذي لا أنفك لأعود إليه مرغمة.

رد عليها عقلها: وتموتين كافرة؟

نيڤين: ألست كافرة. بعد كل ما حدث؟ لقد تجردت من ملابسي لأمثل مشهد، لقد. أخبرني أنه أنتقاني لأني أعجبته في الفيديوا الذي مثلت فيها دور امرأة تشتهي رجل..

عقلها: ليس كفر بل طيش رعونة.

نيڤين: كان نتيجتها أني تحولت لعاهرة، لذلك اللعين السادي، لا أستطيع أن أرفض ما يفعله فيا، لا أستطيع أن أمنعه من ممارست أفعاله المشينية، على جسدي المدنس لقد دنسني بقذارته..

عقلها: ربما هناك فرصة للفرار.

نيڤين: لمن أذهب؟ لأهلي! وهل أستحقهم؟ أم هل يستحقون أبنة مثلي فقدت كل شئ حتي شرفها وشرفهم من سيغفر لي ..

عقلها: الله رحيم …

نيڤين: لكن البشر لا يرحمون أحد، سوف يحاسبوني علي ذنب لم أفعله، سيقولوا أني لم أخطف بل هربت بأردتي، أردت هذه الحياة لذا سعيت لها..

عقلها: تخافين من الناس..

نيڤين أتعلم لمَ يخشى الناس من الناس؟ ولا يخجلون من الله؟ لان الله رحيم أم البشر لا يرحمون.


صراعها مع نفسها أستمر إلى أن غصت بالدموع، لم تعد تقو علي الصبر..

دمعة نزلت من عينها تبعتها أخريات وهي تمد يدها لتقبض علي الشفرة تقربها من شرينها..

ما أن طال الوقت، ستمعت إلى صوته وهو ينادي عليها، لم يتلقى رد منها اقترب من الباب في اللحظة التي كانت فيه…

يتبع..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي