الفصل25

الفصل 25

أبتسم جاسم وهو ينظر إلى الدكتور مهران ويقول:
_لا شيء يستحق أن أفسره، فقط اطالبها بالجلوس.
ابتسم له مهران، بعد وقت تمت الجلسة في هدوء ومحبة، اتفقوا على كل شيء وها هم ينصرفون، وهو ينظر لها بعين تآكل تفاصيلها، وابتسامة على وجهه..

بين ما يشعر به وما تشعر به بحر متلاطم الأمواج، من الدفء والمشاعر..

أم هناك في اليوم التالي، دخل ستيڤن إلى حيث يجلس بيتر، ينهي بعض الورق في مكتبه..

ستيڤن من الباب: صباح الخير بيتر لدي أخبار تخصك

_ هاتي ما عندك

_ أحد الإثنين خطب بالأمس

_ عن أي اثنين تتكلم

_ أبناء خالد قاسم التوأم.

_ أخبارك قديمة، يبدوا أنك لم تعد على نفس الجودة.

_ ما الذي تقوله؟ هل كنت تعرف أن أحدهما خطبض بالأمس؟

_ بل أعرف، وما لا تعرفه انت أني أعرف كل شيء عنهما، هناك من يعد عليهم أنفاسهم

_ حقاً؟

_ هل تسأل؟ هناك قصة حب تدور في الخفاء، بين أروقة الشركة، مما لا تعلمه أن جاسم من خطبها، ليس أحد الإثنين، والذي لا تعرفه آن قاسم كان يكن لها إعجاب، وضعها تحت الإختبار فكر فيها بطريقته..

ستيڤن: يا إلهي! ما الذي تقوله؟ أنت بالفعل تعد عليهم أنفاسهم!

بيتر: هل تظن أنني أترك باب مثل هذا؟ هل كنت أفعل ما أفعله وأدرس اللغة وأنا لا أعرف عنهم كل شيء؟

ستيڤن: مع ذلك تريد أن تذهب للعمل في الشركة!

_ أجل أفكر في شيء يجعلني أتعامل مع الإثنين.

_ سيكون هناك طريقة ملائمة؛ أدخلك إلى تلك الشركة.

_ حسناً، ما هي؟

_أما أن تكون عارض.

_ ماذا تقول أيها الأحمق؟ أنا أعرض الأزياء! هل نسيت من أنا؟

_ لا لم أنسى، لكن شكلك مثير وجسدك يعد مثالياً بالنسبة لعارض الأزياء، بالإضافة إلى ذلك لن يستطيع أحد أن يشك في الأمر، هم يتعاملون مع عارضين أزياء روسيين، ومن جنسيات كثيرة..

_ لكن ذلك العمل لا يليق لي.

_ حسنا أن تكون مصمم.

_ هل تمزح؟ منذ متى أقوم بتصميم الأزياء.

_ لن تقوم أنت بذلك، نحن من سنقوم..

_ هل تمزح ستيڤن؟ أنت لا تستطيع أن تصمم ربطة جديدة لرابطة العنق خاصتك، تخبرني إنك تصمم الأزياء.

_ قلت نحن، لم أقل أنا.

_ ماذا تعني. لم افهم.

_ لا تنسى اننا نملك مصانع للملابس، لا تنسى أن هناك بعض الملابس تستخدمها في تهريب المجوهرات، حينما تذهب العارضات بها إلى أوروبا.

_ هل تخبرني كيف يسير العمل. أنا أعلم إن هذا فرع صغير في المؤسسة، فما الداعي لذكره الآن؟

_ لا يوجد شيء يستدعي أن نذكره، ولكن هناك شيء يجب أن تعرفه جيداً، إنك ستدخل إلى شركتهم، عن طريق تبادل بين أحد مؤسسات التصميم، وسوف يوصي بك احد الذين يثق فيهم خالد؛ لتدخل إلى الشركة، أما أن تكون عارض، أو تكون مصمم، او تاخذ دورة في إدارة الشركة..

_ لا يوجد شيء آخر؟

_ ما رأيك في أن تكون مدير مكتبه، بصفتك تتكلم عدة لغات؟ بالإضافة إلى إنك ستكون أحد أعضاء شركة كبيرة، متخصص في الإدارة..

_ ماذا عن تلك التي يعشقها؟ وتجلس على مكتب مديرة المكتب الخاص به!

_ هل تتكلم عن خطيبته؟

_ أجل أتكلم عن خطيبته.

_هل تظنها ستكمل العمل؟ ربما يسرع في الزواج منها، ربما لا يطالبها بأن تكمل العمل معه، أو تتفرغ لتجهيزات فهو على ما اظن يتعجل الأمر.

_ كلامك صحيح، لكن هل تظن أن الأمر سيكون إفتراضي؟

_ ليس كذلك، لكن عليك أن تنهي تدريباتك وتلك العمليات التي ستجريها اولآ.

_ هل تمزح؟ هل أجري العمليات قبل أن أذهب إلى هناك؟

_ ماذا تعني؟

_اعني أن عليا أولاً ان احتك بهم، أعرف طريقه كلامهم، مما قال ألبرت أن هناك طريقة للنظر، وأشياء كثيرة يجب أن أعرفها عن الشخص نفسه..

_ ماذا تقول هل أخبرت ألبرت بما تفكر فيه؟ هل صارحته بالأمر؟

_الأمر ليس كما تظن، كان يتصارع مع هنري، ما أن سألته ما الذي جعلك تتناقش معه بهذه الحدة؟ أخبرني أنهم معرفة قديمة وأنه استطاع أن يعرفه رغم كل تلك العمليات التي قام بها..

_ حقاً؟

_ اجل حتى أنه اخبرني اسمه الحقيقي، وحكى لي كيف استطاع الهروب، لم يكن يتبجح بكلامه، لكنه كان يظهر مقدار ثقته ومكانته..

_ لقد فهمت أنا لا أنكر أنه يعد من الأذكياء في مجاله، لكنه مخادع وماكر.

_ هذا ما نريد، إن كان سيعمل معنا، ليستمر لكنه شرح لي أشياء كثيرة وأفادني بطريقة كبيرة..

_ لكنه مادي.

_ لا تفكر في المادة، فنحن نملك من المال ما يكفي إلى الحفيد المائة.

_ هذا صحيح، لكن لا أريدك أن تعطيه حجم أكبر من حجمه، أن كان أتى إلى هنا في مهمة تعد صغيرة،الآن يضع لنفسه مركز أكبر، قد يأخذ مكان أكبر، حتى أنه قد..

صمت وترك الكلام معلق، إلا أن بيتر فهمه كلامه، فضحك بصوت مرتفع، وهو يقول:

_ هل تمزح؟ هل يستطيع ان ينحني انا؟ ليجلس مكاني! إن كان روبرت لم يستطيع وأنت لم تحاول، هل ياتي ذلك الذي نستخدمه يفعلها؟ أغرب عن وجهي..

_هل تطردني؟

_ لا، لكني أعرف إنك مضطر للسفر.

_هذا صحيح، لقد كنت أتي من أجل أخبارك إني سأذهب، وكنت أريد أن أسالك إن كنت تريد شيء من وسط أوروبا؟ حتى أتي لك به.

_أريدك أن تنهي الأمر على أفضل ما يكون، عليك أن تدرك أن ذلك العمل يهم الدون.

_ أعلم ذلك كابو، لا تقلق عليّ..

أبتسم له وهو يتحرك ليذهب، كان يسير بثقة يرتدي ذلك البالطو الكبير، فوق تلك البدلة الراقية التي يرتديها، ونظارته الشمسية من «ارمانى» تاخذ جزءاً كبير من وجه، صعد إلى تلك الطائرة الخاصة التي ستقله إلى المكان، الذي يقصده..

وهو يتحرك إلى حيث مقعده، جلس مكانه ليضع حزام الأمان، ويضع ساقا فوق أخرى، وهو يفتح تلك الشاشة أمامه ليتابع شيئا عليها، بينما تلك المضيفة تأتي إليه بكأس من الفودكا، بجواره بعض المقبلات

نظر لها بابتسامة ذئب وهو يهز رأسه بينما يزيح تلك النظارة الشمسية عن عينه، يجلس لينظر أمامه، كأنه يرى شيء آخر غير هذا الواقع، عينه لم تكن تنظر إلى ذلك المقعد، بل كانت تنظر إلى تلك التي كانت متكومة على نفسها…

في إحدى المرات التي ذهب إليها، بعد تلك المرة، التي اعتدى عليها كانت تتراجع لتلتصق بالحائط، وهي لا تعرف كيف تهرب من أمامه، بينما هو يضع ذلك الطعام على المائدة، وهو يقول:

_لمَ أنت خائفة؟ أنا لم أفعل شيء بعد، حتى تشعري بالخوف.

_ لمَ أتيت؟

_ تحتاجين إلى الطعام.

_ لا أريد شيء منك.

_ هذا شأنك، لكن وقتها قد تموتين من الجوع.

_ الموت أهون من أن أراك.

_ لكنك ستريني كثيراً، الان هل تظني انني قد اقتلك بسهولة..

_ هل تهدد بأن تقتلني؟

_ أنا لا أهدد، أن من مثلي يختلف، أنا انفذ ما اقوله، لذا تناولِ الطعام في صمت، حتى لا أجلد جلدك الرقيق بالسوط..

_ لا أريد شيء الآن.

_ قلت تناولي طعامك أيتها العاهرة، قبل أن أمزق جلدك بالسوط..

ربما من نظرة عينيه الشرسة، ومن البرود على وجهه، من ذلك التهديد الواضح الذي كانت ترسله عيناه لها، اقتربت من تلك الأطعمة الموجودة على الطاولة وأخذت تأكل بعضاً منها، تحت نظراته الشرسة، وما إن امتلأ فمها..

حتى كادت أن تغص بالطعام، لم تعد تقوى على أن تتنفس، أو حتى تهمس إلا أن نظراته جعلتها، تحاول أن تبتلع ذلك الطعام قبل أن تموت به، وقف بالقرب منها وهو يقول:

_ إلى هذه الدرجة تنفرين من وجهي؟ حتى إنك تغصين بالطعام في وجودي!

_ هل نسيت ما فعلته؟

_انا لم أنس، المهم أن لا تنسي أنت..

آن: لمَ لا تدعني أموت

_ الموت رحمة، وأنا لن أهبها لك، لا تطلبي الرحمة من من لم يُرحم في هذه الدنيا، لقد نحت في الصخر، لأصل إلى تلك المكانة وما أن حلمت بمكانة أكبر حطمت لي الحلم، والآن تطلبين الرحمة، سوف أجعلك تتمنين الموت، هل أكلتي؟

هزت رأسها بموافقة، فأبتسم وهو ينظر لها بعين يملئها المجون، وهو يقول:

_ إلى الفراش.

_ لمَ؟

كشر عن أنيابه وكأنه ذئب حقيقي، وهو يقول:

_ تتسائلين لمَ؟ هل حقا لا تعرفين؟ ماذا يفعل الناس في الفراش؟

ضربها بخفة على مؤخرتها، وهي تنظر له بنفور ممزوج بالخوف، إلا أنه دفعها أمامه لتتحرك..

بينما عينيه تنظر لها بشراسة ، تحمل بين طياتها مجون واضح، وهو يمني نفسه ببعض الصخب، بينما هي تشعر بالخوف يضرب أوصالها، ترتعد من الداخل، تظهر برود خارجي، إلا أنه لن يكون قناع كافي يحميها من هول ما سترى على يديه…

ما أن أقترب منها، حتى صرخت وهي تقول له:

_ لا، أياك أن تقترب مني..

_ هل عليا أن أستمع لكلامك؟

_ ماذا تريد؟ ألم تفعل ما تريده؟

_هل تسألين ما الذي أريده؟ أريدك انت أيتها اللعينة.

_ بما إني لعينة لمَ تريدني؟

البرود على وجهه، وهو لا يعرف الاجابة الصحيحة، هل يريدها ليشعر بأنه أستطاع أن يهين أبنة الدون فلاديمير، الذي كان طول حياته سيداً له، والذي قضى عمره يحلم بأن يكون من أحد رجاله..

إلا أنه أسكتها بالطريقة الوحيدة التي يعرف كيف يفعلها، قبلها بغضب حتى أدمى شفتيها..

دفعته تنظر له بقرف، فتلقت منه صفعة قوية، جعلت وجهها يلتفت وشعرها يتناثر ، عينها تنظر له بخوف، فمها يرتعد ربما مما تتوقعه، فصفعته لن تكون النهاية، بل ستكون بداية رحلة من الهوان..

رجع من أفكاره على صوت تلك المضيفة، تسأله أن كان يريد شيء آخر

نظر لها بابتسامة وهو يقول:

_ بعض القهوة

_ حسنا سيد ستيڤن دقيقة واحدة سوف أحضرها كما تفضلها..

بعد وقت حطت الطائرة، في المكان الذي يقصده، ومن هناك تحرك بسيارته إلى مكان الإجتماع، الذي سافر من أجله، كان يتناقش معهما في بعض الأمور، يظهر صلابة وبأس، كأن من يتكلم بلسانه ضاعف قوته في قيادة الحوار..

فليس هينا أن تكون لسان دون فلاديمير..

وتلك التعليمات التي يعطيها ولا يريد أن يخالف أحد منهما قراراته، المهمة الحاسمة جعلت الجميع ينصاع له، بعد وقت كان يخرج من الإجتماع، يتبعه البعض يسأل عن بعض الأمور، والآخر اكتفى بما سمعه داخل الإجتماع، بينما هو نظر إلى السائق، لينقله إلى أحد الفنادق الفاخرة..

حيث يمكث، وما إن وصل إلى هناك أستقر في جناحه الفاخر، نزل لتناول طعامه، وبينما السيارة تنتظره أمام باب الفندق، كان يخرج من الباب الخلفي، يأخذ سيارة أخرى تخصه هو، لا يعلم بها أحد، وهو يقودها في طرق ملتوية، يتأكد أنه لا يوجد احد يتبعه..


بينما سلك طريقه إلى هناك، بعد وقت وصل إلى حيث يريد، تأكد أنه لا يوجد أحد خلفه، ابتسم وهو ينزل من السيارة، يمني نفسه ببعض الصخب..

صوت المفتاح في الباب جعل قلبها يرجف، كانت تتراجع وتلتصق بالجدار خلفها، عينيها تنظر إلى الباب كأنه فوهة بركان، سوف تنفجر في وجهها ما أن يفتح، أو ما أن يدلف للداخل.

ها هي اللحظة الحاسمة، كان يدخل من الباب وهو ينظر لها بابتسامة كريهة، سمجة، صوته يشبه الفحيح، وعينه تقول الكثير والكثير..

بينما هي ترتجف كأنها ورقة في مهب الريح، همس بصوت كريه، إلى قلبها و اذنيها

_ مرحبا آن هل اشتقت إليّ و اللعب معي.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي