الفصل9

الفصل 9

كان يغلفها الإرتباك يملئها الخجل، تخشى من أن تكون قد قالتها بالفعل، قد تجاوزت ونادته بأسمه دون لقب، أما هو كان يشعر بسعادة، يحاول السيطرة عليها، يبدوا أنه ليس بمفرده، من تدله في العشق همس بأسمها:
_ لينا، هل عرفتي عن أي شيء أتكلم؟
_ ليس تماماً

_ حسناً انتبهي لي..

أخذت تتابعه وهو يشرح بدقة وتفصيل، بينما هي تنظر له بإنبهار، كأنها لم تدرس إدارة أعمال..

أخذت تكتب ما قاله، في تلك المفكرة التي تحملها، أشار لها لتجلس، نظرت له بإستفسار..

جاسم: لم أنتهي بعد، هناك بعض الأمور يجب مناقشتها معك، لذا أجلسي.

_حسناً

نظرت له وهي تمسك بقلمها، تنتظر أن يعطي تعليماته، إلا أنه سألها ما لم تتوقعه..

جاسم: هل لاحظتي أني لا أعرف عنك شيء..

رفعت وجهها عن ما تكتب، تنظر في عينه بإستفسار وعلى وجه سؤال واضح.

_ لم أفهم ماذا تعني سيد جاسم؟

_ سيد جاسم؟

إبتسم بطريقة جعلت قلبها يتخبط بين ضلوعها، وهو ينظر بحاجب مرفوع، عينه تخبرها أنه أستمع إلى همسها بأسمه منذ لحظات، لكنه غير مجرى الحديث، وهو يقول:

_ كلامي واضح لينا، لا أعرف أي شيء عنك..

_ ماذا تريد أن تعرف؟

_من أين أنتِ؟ ماذا يعمل والديك؟ عنوانك.
_ هذه التفاصيل موجودة في ملف العمل الخاص بي.

_ لكن لمَ انتظر لاقرأه بينما انت أمامي؟ يمكنك أنت تخبريني بنفسك

الأعجاب الذي لاح على وجهه، جعلها ترتبك، هي لا تعرف ماذا تقول؟

جاسم شعر بما يعتمل في نفسها فقال:

_ أنا أعرف أسمك، أعرف إنك أنهيتي دراستك هذا العام، تحضري «الماجستير» في الجامعة الامريكية تحلمي بأن تكوني عارضة أزياء، لا يوجد أحد في حياتك هذه الأيام..

نظرت له بدهشة وهي تذدرد لعابها عقلها يسأل ماذا يريد أن يعرف أكثر؟ هو يعرف كل شئ، بينما قلبها ينبض بطريقة مختلفة، يتراقص بين ضلوعها، وهو يعزف نغمة العشق التى أخص بها جاسم فقط، فهل ستعطيها الدنيا بدون حساب أم تغلق أبوابها في وجهها..

جاسم: فيما تفكرين؟ هل معلوماتي صحيحة؟

_إلى حد ما؟

_هل قلت شيء خطأ؟ أم هناك شئ آخر

_ ليس تماما، لكنك قلت اني لست على علاقة بأحد هذه الأيام!

_ هل يعني ذلك إنك مرتبطة؟

نظرت له بدهشة، من تلك الحالة التي ظهرت على وجهه، عينه التي انطفات مرة واحدة، وجهه الذي تجمد، كأنه يشعر بالخوف من همسها بباقي الكلمات...

لكنها لم تتعجل برد، بل أبتسمت هل ما تراه حقيقياً؟ هل من الممكن أن يبادلها الإعجاب؟ أو هل ما تشعر به له أعجاب؟

هي قبل الجميع تعرف أنها تتورط في حبه، كل يوم عن ما قبله، قلبها يرتجف تختل نبضاته ما أن يلوح في خاطرها..

افكارها تضطرب، عقلها يتوقف عن التفكير، ما أن يهمس بأسمها؟ لكن هل تجرأ علي الأنسياق خلف ما تشعر به، او حتى الاعتراف بها له او لغيره، نفضت رأسها..

مما جعل خصلاتها تتحرك، بينما هي تنفض عن رأسها الأفكار التي أخذتها بعيداً، اما هو لم يدري أن كان حركتها تعني النفي..

هل تطمئنه؟ ام تشعره بالخوف؟ استجمعت نفسها وهي تقول:

_ لا يوجد أحد في حياتي، سواء هذه الفترة أو من قبل، لم يكن لدي الوقت لأقيم صداقة من أحد، بالإضافة إلى أن قلبي لم يلتفت لأحد..

أبتسم وهو يهز رأسه وهو ينتظر ان تكمل كلامها..

عرف عنها كل شئ وما أن أنتهت همت أن تنهض وهي تقول:

_ هل هناك شى آخر؟

_ سوف نتناول الغداء معا

_ ماذا؟

_ ماذا هناك لينا؟ انه مجرد غداء في مكان عام، بالإضافة إلى أنه غداء عمل.

_ حسنا، اختلط عليا الأمر فانا لم..

_ أعرف ماذا تعني، وأعرف إنك مختلفة، لكن دعي الايام تبث لك أني مختلف..

ابتسمت بعدها خرجت لمكتبها، وهي تشعر أن هناك مسافات كبيرة تم اختصارها كانت تعمل وأبتسامة علي وجهها

أما هناك كان ستيڤن يستيقظ، بعد فترة طويلة قضاها في النوم، تخللها أحلام ب«آن» التي أستطاعت أن تنغص عليه حياته، وتقلق مضجعه..

فهو لم ينسى ما حدث، لم ينسى أنها رحلت، والسبب ذلك المصري أو هكذا يدعي هو، ليقنع دون فلاديمير بأن ينتقم من «خالد قاسم»

نهض من الفراش يتحرك في جناحه، وقف أمام المرآة ينظر لنفسه، يلومها وينصرها على ما حدث.

عينيه الآن يظهر فيها الألم الذي يعرف كيف يخفيه؟ خلف غلاف من القسوة، يظهره للجميع أما هنا وهو أمام نفسه، لا يستطيع أن يدعي أو يلبس ثوبا غير ثوبه..

هو يتألم من بعدها، يتألم من أنها تركته؛ لترحل وليس هذا فقط لقد رحلت بيده!

تلك السياط التي تجلد قلبه وروحه، جعلته يهمس بصوت كالفحيح، وهو يلوم ذلك الشخص الذي يقابله في المرآة ويقول لنفسه:

_ لمَ يا «آن» لمَ أضطررت لأفعل كل ذلك بسببك؟ لمَ لم تحبيني بعد كل ما فعلته من أجلك؟ لقد جازفت بكل شيء من أجلك فعلت كل شئ من أجل أن أحصل على إعجابك..

اخرج الهواء بصوت مسموع، كأنه يحمل الالم بين ذراته، يحمل عذاب ستيڤن ببن نسماته المشبع برائحة «الفودكا» وعطره الرجولي النفاذ..

قال بصوت يملئه الوجع:

_لكنها لم تشعر بي..

أخذ نفس طويل، وهو يحرك يده في خصلات شعره، الطويل نسبياً وهو يرفع خصلاته، ليرى ذلك الجرح الذي كان أثر من تلك الحادث..

الجرح الذي لن ينساه، ولم يحاول أن يمحيه، ترك ندبة تشبه تلك التي في القلب، ليس لشيء ليبقى له شيء يذكره بها!

هي من تركت تلك العلامة في مفرق الشعر في رأسه، مما جعله يغير طريقة تصفيفه، ليخفي ذلك الجرح الذي يشق طريق في جبهته...

نظر للجرح مطولاً وهو يقول:

_هذا ما حصلت عليه منك، وليس الجرح في الوجه فقط، لكن جرحك ترك علامة أكبر واعمق في القلب، والأقوى من كل ما فعلتي، ليس رفضك لمشاعري..

التي وطئتي عليها بقدمك، بل أن تذهبي بكل وقاحة لتحبي غيري، تفضلى عليا أنا ذلك المصري، الذي لا ينتمي لنا لا يوجد ما يربطه بنا، ولا بحياتنا..

هل تدركين إني اتعذب بسببك؟ ربما لا تدركين، ولكن رحيلك بيدي أطفئ بعض النيران في قلبي، لكن لم أحاول أن أقتله بنفسي، ليس لأني أخشى أن أظهر في العلن، لكن الموت قد يرحمه

لكن انتقام والدك سيكون أقوى وأكبر، سوف أجعله ينتقم منه شر إنتقام، سوف يمزقه ويحطمه وهو لا زال على قيد الحياة..

أنهى كلامه مع المرآه، هم أن يتحرك لكن تلك الأفكار لم تتركه، كيف أستطاع أن يسافر قبل رحيلها، كيف أستطاع أن يؤمن لنفسه مهمة خارج البلاد..

رجع بالذاكرة عندما كان يتكلم مع دون « فلاديمير» وهو يقول:

_أعتقد إني أستطيع أن أنهى هذا الأمر..

_ هل تظن ذلك ستيڤن؟

_ بالتأكيد دون «فلاديمير» أن لم أكن أستطيع فعلها، ما كنت طلبتها أنا أعلم جيداً أن العقاب قد يكون قاسياً.

_ هذا جيد، لكنك ستغيب لبعض الوقت خارج البلاد.

_ لا بأس، فأنت تعلم إني لا زوجة لي ولا بيت، أنا أنتمي إلى هذا الكيان، وكل ما يهمني أن تنتهي تلك المشاكل بسرعة..

اربت دون «فلاديمير» على كتفه وهو يرى فيه طموح، لم يكن يتوقعه في فتى صغير، في تلك العائلة الكبيرة المسمى بمافيا فلاديمير..

قال له:

_ تستطيع أن تذهب، معك كل الصلاحيات التي قد تحتاجها، بالإضافة إلى كل الرجال وكل المال الذي قد يتطلبه الأمر..

أقترب ستيڤن يقبل يد الدون «فلاديمير» وهو يقول:

_ ثقتك الكبيرة تؤثرني دون «فلاديمير».

أبتسم له وتحرك من المكتب ليعطي التعليمات ويستعد للسفر، أو هكذا ما كان يظنه الدون..

بينما هو رتب الأمر مع «آن» وقال:

_سوف أرحل، بعدها بأسبوعين سوف تخرجين في صحبة روبرت

آن: ماذا تعني؟ هل سيقوم روبرت بتهريبي؟

_هل جننتي؟ إن علم روبرت بفكرة هروبك، سوف يكون أول من يخبر والدك بالأمر، عليك أن تطلبيه هو لحراستك، وعليك أن تتعاملي بحدة حتى يدركوا إنك رجعتي في أمر هروبك الآن..

_ كما ترى ستيڤن، سوف أفعل كل ما تقول، حتى أستطيع الخروج من هذا السجن..

نظر لها بأعجاب وهو يقول:

_ أن ما تقولين عليه سجن، حلم للكثير لكن أنت تنتمين للعائلة بالفعل.

_ أنا لا يشرفني أن أنتمي لتلك العائلة.

_ حسنا الآن لن أطيل الكلام معك، الخطة مرسومة بعناية، ذلك الظرف الذي أمامك به وثيقة سفر لك، مع بعض النقود وتذكرة سفر بعد أسبوعين، هل تدركين متى بعد أسبوعين.

_ حسنا ستيڤن أنا أفهم، لمَ تكرر الكلام؟ لكن إلى أين؟

_ سوف تسافرين إلى إيطاليا..

ضحكت بصوت مرتفع، رغم أنه تاه في ضحكتها العذبة وأبحرت سفن افكاره إلى شفتيها الشهية، وعينها الزرقاء بعمق المحيط يمني نفسه بأن يمتلك كل ما يرآه وعينيه تنتقل من معالم وجهها الي جسدها المهلك له ولرجولته...

نظر لها وهو يقول:

_ لمَ تضحكين هل قلت شيء خاطئ؟

_ لا، لكني أهرب من أحد عائلات المافيا الروسية، لاذهب إلى إيطاليا حيث أكبر عائلات المافيا

_الأمر ليس كما تقولين، لا يوجد أكبر من عائله دون فلوديمير في المنطقة..

_لكن ليس في إيطاليا

_ هناك في إيطاليا يتخصصون في إحدى المجالات فقط، أن كانت تجارة أو تهريب الألماس أو المخدرات أو الأسلحة أو حتى تجارة البشر..

_كفى، لا أريد أن أسمع شيء آخر، أنا لا أريد الذهاب إلى هناك..

_ ليس الأمر كما تريدين، عليك أن تخرجي من هناك، ثم وقتها أذهبي إلى أي مكان تريدين..

_حسنا ستيڤن، سوف أفعل ما تقول، لكن هل أخذ معي بعض متعلقاتي؟

_ مثل ماذا؟

_ملابسي..

_ لمَ لا تذهبين إلى دون فلاديمير نفسه؟ تخبريه إنك تخططين للهرب، وتحملين حقيبة سفرك وترحلي..

_ هل تسخر مني؟

_ بالطبع أسخر منك «آن» ما الذي تقوليه؟ أي ملابس تريد أن تأخذيها معك؟ المهم أن تخرجي من القصر وقتها سوف أحضر لك ما تريدين..

_ ماذا عن مجوهراتي، تلك الأموال في حسابي..

_دعي الأموال لاحقآ، في ذلك الظرف بعض الأموال، قد تستطيعين تدبير أمرك بها، بالإضافة إلى عنوان عليك أن تحفظيه عن ظهر قلب، ثم تمزق الورقة، لا عليك حرقها ووضعها في دورة المياة، حتى لا يرآها أحد..

مدت يدها لكفه لتمسكه وهي تقول:

_لا أعرف كيف أشكرك، لن أنسى ما فعلته لي..

_ لا أريدك أن تتذكري ما فعلته، لكن تذكري إني فعلته من أجلك، ليس لكي لا تنسيه، أنت مهمة لدي..

نظرت له بدهشة، لكنها لم تعقب على كلامه، الذي يحمل الكثير من المعاني، ماذا يعني بأنها مهمة له؟ هل يفكر آن هناك شيء قد يكون بينهما؟

بالطبع لا! عليه آن لا ينسى من هي؟ ولكن هل هي في وضع لتأمره تطالبه بالتنفيذ ما ترآه..

هي من تفر من كل شيء، من تلك العائلة التي لا تنفك تفكر في أن لا يتنسى من هي، هي من تقطع جذورها لتذهب الى مكان آخر، تبدأ فيه من الصفر، وقد تكون أقل منه هو نفسه..

لكنها لم ترد، بينما هو أنهى كلامه وهو يقول:

_هل فهمت ما اقول حبيبتي.

_ حبيبتك

_لا تأخذي على الكلام بالحرف، أنا أعني أن عليك أن تحفظي كل شيء قلته، تطلبي من روبرت أن يذهب معك منذ الغد، وبعد اسبوعين في ميعاد الطائرة، قبلها بعدة ساعات ستطلبين منه ان يذهب معك لأحد المحلات..

_ أي محل؟

_ ها هو اسم المحل، هناك باب آخر بعد ان تذهبي إلى دورة المياة تستطيعين الفرار، من الباب الخلفي ستكون هناك سيارة تنتظرك..

_ كيف سأعرف السيارة؟

_ السائق من سيعرفك، ما أن يرآكي سيفتح الباب، يوصلك إلى المطار وإن كنت تفكري في الملابس ستجدين حقيبة ملابس بها كل ما قد تحتاجين إليه..

_ هزت راسها بموافقة ولكنها رجعت لتقول:

_ ماذا سيفعل أبي في روبرت؟

_ قد يعاقبه.

_بماذا؟

_عليك أن تسالي والدك، أن كنت تخشين على روبرت، هل يهمك أمره؟

_ ماذا تقول ستيڤن؟

_ أن روبرت أحد رجال المافيا المخلصين لدون «فلاديمير» وهو لن يتوانى أن يمزقك أربأ إن طلب منه والدك ذلك، عليك أن لا تثقي في أحد في تلك العائلة إلا أنا فقط، لأني استطيع مساعدتك وأغامر من أجلك لأنك مهمة في نظري..

هزت رأسها وهي تنظر له، لا تعرف ماذا عليها أن تقول، أو ماذا عليها أن تفعل؟

اما هو في هذه اللحظة وجد نفسه يسمع طرق خفيف على الباب، أعاده من بحر الذكريات الذي كان فيه، استعاد ذلك القناع الذي كان يضعه على وجهه..

وهو يضع ساق فوق أخرى، ينظر إلى الباب، ويعطي أمراً لمن في الخارج باللوج..

يتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي