الفصل8

الفصل 8

هل صحيح ما يُقال؟ أن هناك عدوى الحزن وعدوى الفرح! هل يشعر بالسعادة من أجل أخوه؟ هل يستطيع ان يتلون ويبدعي فرحة وهمية لا يشعر بها من الأساس...

اقصي ما استطاع فعله هو أبتسامة شاحبة ظهرت على محياه، حتى لا يدرك من حوله ما يشعر به...

لاح في عقله شئ واحد، أن ما يحدث له وما يشعر به، من ألم يفتت روحه، عقاب قاسي على أخطأه الماضية، لأنه دون أن يشعر هوى قلبه في هوة سحيقة، ما يشعر به للينا لم يشعره تجاه إمرأة أخرى من قبل، وربما في المستقبل، مع ذلك عليه أن يتحلى بالصمت والصبر ويلوز بالفرار من هذا المكان..

قبل أن يقول كلمة قد تهدم كل شيء، بينما قمر تقول:

_متى نذهب لخطبتها

قاسم: بهذه السرعة أمي، ألن تسألي من أي عائلة هي؟ أو ابنة من!

_هذه أشياء فرعية يا قاسم، أنا انتظر هذه اللحظة منذ زمن، سواء انت أو اخوك، لا يهم ان كانت من عائلة كبيرة أم لا، المهم أن جاسم يريدها...

نظر لها خالد بحاجب مرفوع، لم يتوقع منها هذا الرد، على الرغم من أن أولاده على مشارف الثلاثين، إلا أنه يشعر بتلك السعادة التي تشع من قلبها...

خالد: على الأقل نعرف من هي؟ أو أسمها يا قمر.

اتاهم الرد من قاسم، الذي يستند على المكتب، كأنه يريد شيء يدعمه، وهو يهمس:

_هي مديرة مكتبه..

الصدمة على وجه قمر وخالد، كانت واضحة وهما ينظران لجاسم بحدة ممزوجة بالرفض، نظرت له قمر بوجه شاحب وهي تقول:

_هل جننت يا جاسم؟

_ ما الأمر يا أمي ما الخطأ فيما أريد؟

_ هل تريد أن تتزوج من مديرة مكتبك؟

خالد: لمَ؟

جاسم: ربما أحبها.
خالد بصدمة ممزوجة بالحدة:

_ ما هذا الهراء الذي تتحدث به؟

شعر جاسم بالقلق يتسرب إلى قلبه، هل يمكن ان ترفضها العائلة؟ لانها تعمل لديهم! منذ متي يفكرون بهذه الطريقة؟

قمر: هل تحب مدام هناء؟

هنا تبدد القلق من قلب جاسم، ضحك بصوت مرتفع، وهو ينقل نظره بين الإثنين، ويقول:

_ بالطبع لا، هل تظن أنني سأتزوج من مدام هناء؟

خالد: ألم تقول أنها مديرة مكتبك؟

_ أجل، لكنها جديدة تعمل منذ فترة قريبة في الشركة..

الهدوء النسبي الذي ظهر على وجه والده، وقمر التي إنطفئ أنفعالها اللحظي، وهي تسأل:

_ حسنا إن لم تكن ضعف عمرك، ما اسمها؟

قبل ان يرد كان قاسم يهمس بأسمه بطريقة لم يفهمها أحد:

_ لينا

الدهشة على وجه خالد، جعلت قاسم يكمل، كانت تعمل معي في قسم التصميم، كانت مشروع عارضة، لكن يبدوا إن جاسم له رأي آخر..

_ أن رأيي واضح، كما سمعته الآن تعجبني، ستكون جزءاً من العائلة.

نظرة عينيه كانت تعني إنه جاد، في كل كلمة أقولها، لذا عليك أن تحذر..

نظر له قاسم بحدة، وهو يفكر هل يظن أنه حقير إلى هذه الدرجة؟ هل يستطيع أن يفعلها معه هو؟ هل ينظر إلى إمرأة أخيه.

أذدرد لعابه وهو يقول:

_ هل ما أفهم صحيح؟ أن ما تعنيه مستحيل! لكن لم أصل إلى هذه الدرجة من الإنحطاط؟

ألقى كلمته، خرج من الغرفة تاركاً خلفه الثلاثة ينظرون في أثره بدهشة

خالد: ماذا حدث؟ لمَ يتكلم بهذه الطريقة؟ هل هناك شيء بينكم؟

_ماذا تعني أبي

قمر: لا شئ يا جاسم، اذهب لتري اخوك

تحركه يذهب لجناح قاسم الذي بدل ملابسه، حمل مفاتيح سيارته ليخرج من الفيلا بأثرها، بينما هو يتحرك ليخرج.

جاسم: إلى أين؟

_ ساذهب إلى شقتي

_ لمَ؟

_ هل ستحقق معي؟ هل انت زوجتي

_ لا لست زوجتك، لكني اخوك، لأنى أعلم أنه لا يوجد أحد في حياتك هذه الأيام، لمَ ستذهب إلى الشقة؟

_من الجيد إنك تعلم، أنه لا يوجد أحد في حياتى، فأنا لا أذهب إلى الشقة من أجل النساء فقط

_ انا لم اقصد ما فهمت، فقط اردت منك البقاء، بما انه لا يوجد سبب لذهابك..

_ هناك عدة أسباب عليا أن أركز على بعض التصاميم الجديدة، انا ايضا أهتم بالعمل وحياتي ليست مقتصرة علي علاقتي النسائية، لدرجة ان افكر بأنحلال واطمع في عرضك..

_أنا لم اقصد ما فهمته!

_ وهل عليا أن اصدقك؟

_ بالطبع عليك أن تصدقني، لأن ما أراه في وجهك، يعني شيء واحد إنك غير راضي عما أفعله، كأنك تلوم عليا لأني وقفت بجوارها، رغم أني أعلم جيداً أنها لا تعني لك شيء..

اغلق قاسم عينه، بألم وهو يمسك لسانه، عن أن ينطلق بقوة، هو في هذه اللحظة، لا يوجد لديه رد، سوا ومن أين لك أن تعلم أنها لا تعني لي شيء؟ من اين لك ان تعلم انها لم تسكن قلبي؟

هي من أريد، ولكنه ابتسم ببرود وهو يقول:

_ بما إنك تعلم دعني لأذهب، حتى لا أقول شيء نندم عليه، نحن الإثنين..

انهى كلامه ولم ينتظر لحظة، تحرك ليخرج بينما جاسم التزم الصمت، هو لا يعرف سبب الغضب، الذي يلوح على وجهه قاسم..

بينما قاسم تحرك بسيارته الفارهة إلى شقته، وعقله يصارع نفسه بأفكار مضطربة..
ماذا عليه أن يفعل؟

هل يرجع ليخبره الحقيقة؟

هل يخبره أنه يريدها لنفسه؟ وباي عين؟ ومن أين له بالجرأة ليتكلم..

هل يستطيع ان يقف أمام أخوه توأمه من أجل إمرأة؟ قد لا تبادله نفس المشاعر..

لكن جاسم نفسه لم يتحدث مع لينا في هذا الأمر، أن ما على وجهها مجرد ابتسامة هادئة، لا تحمل لهفة، دفئ أو عمق، فأرجع رأسه للخلف، عندما استمع إلى سبة نابية خرجت من إحدى السيارات التي تمر بجواره

السائق يقول له:
_أنتبه للطريق أيها الأرعن..

نظر له بحدة، لكنه أنتبه إلى الطريق، عينه التي تحمل الوجع، قلبه الذي ينتفض، كان يبحث عن علاج، لكن هل يستطيع الآن أن يتبع نظرية داويها بالتي كانت هي الداء؟

لا أعتقد أن هناك أحدهن قد تبدد تلك الأفكار، التي تموج في عقله وقلبه، لذا وجد نفسه يتحرك الى شقته..

أم هناك كانت قمر تنظر إلى جاسم، وهي تقول:
_ اين ذهب اخوك؟

_ لقد قال لديه بعض الامور، سيقوم بالاهتمام بها، بالاضافه إلى أنه قد لا يعود الليلة

نظرة الحدة في عين والده، جعلت قمر تضع كفها على ذراعه، وهي تقول:
_ حسنا ربما يريد أن ينهى بعض التصاميم، الان اخبرني متى سنذهب لخطبة لينا؟

_ ليس الآن!

_ ماذا تعني؟

_انا لم اخبرها بعد، لم اعرف مشاعرها تجاهي لكن اعرف ما أشعر به..

نظر له خالد بإستفسار، وهويقول:

_ لم تخبرها إلى الآن؟

_ اجل ابي لم اخبرها

_ لمَ

_احتاج إلى المزيد من الوقت، لاعترف لها بما اشعر به، لذا طلبتها بالعمل مديرة لمكتبي..

خالد: وهل تستطيع أن تسير العمل

_ ليست بمفردها، لكنها تستطيع هي خريجة تجاره إدارة أعمال

قمر: ماذا كانت تفعل في قسم التصميم؟ هل هي عارضه؟

_ لم تكاد تبدا، بضعة اسابيع عرضت بضع التصاميم، ولم تتفق على احد التصاميم، فقام قاسم بطردها العمل

نظرت له قمر بدهشة، فابتسم وهو يقول:

_ رأيتها في موقف السيارات، عندما سالتها ماذا بك ولمَ تبكي انفعلت عليا وسألتني ان كنت امزح؟

اخذ يحكي لهم ما حدث وابتسامة ترسم على وجه أمه، وهي تربت على كتفه وتقول:

_ تبدوا مختلفة

_ اجل امي.

_هل هي جميلة

_ لا يوجد في الكون من هي أجمل منك حبيبتي

نظر له خالد بحاجب مرفوع، وهو يقول:

_ من هي حبيبتك اسمعني مرة اخرى.

_ لم أقل شيء أبي، ساخرج

قمر: حسنا ولكن عليك ان تتعجل في الامر

_سوف احاول.

اليوم التالي كان يدخل الى مقر مكتبه مر بغرفتها يجدها تنهي بعض العمل ابتسم وهو يقول:

_صباح الخير لينا

_صباح الخير جاسم بيك

_ اطلبي منهم ان يحضروا لي قهوتي واتيني بالبريد

_حسنا سيد جاسم

نظر لها بابتسامه وتحرك لمكتبه، اما هي وضعت يدها على قلبها، وهي تقول:

_ ماذا هناك ماذا دهاك يا قلبي اهدأ

هو بالتاكيد لا يقصد ما افكر فيه، ان ما افكر فيه يعد مستحيلا، من انا لينظر لي من الاساس؟ مجرد عامله في شركته! وجدت عقلها يرد عليها لمَ تستخفي بنفسك؟

_ اهدئي

نفضت افكارها وطلبت له القهوة، تحركت مع العامل الى حيث مكتبه، وضعت امامه ذلك الملف وانتظرت تعليماته، أشار الى نقطة في التقرير امامه فاقتربت لتري ما يتكلم عنه وما يقول

_ ماذا هناك لم افهم؟

رفع وجهه لينظر في عمق عينها، لم تدري هل تستطيع الوقوف اكثر، لقد شعرت برجفة في اوصالها، قلبها ينتفض وكأن عينه بحر عميق لا نهايه له

همس باسمها بصوت دافئ، وكأنه يغازلها

_لينا

لم ترد عليه كرر اسمها مره اخرى بهمس اجش

_ لينا، لم تنظرين اليه هكذا؟ انظري الى التقرير

_ انا، انا لا انظر اليك

_ حقا

_ اجل جاسم انا انظر الى التقرير بالفعل

_ وهل التقرير مستور في عيني

_ عينك، عينك انت ما الذي تقوله؟

نفضت افكارها وهي تقف معتدلة توري ارتباكها وهي تسال:
هل ناديته بأسمه مجرد، دون ان اضيف سيد قبلها
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي