الفصل6

الفصل 6

الصدمة التي شعرت بها اروى جعلت وجهها يبهت، وهي تلتفت لتنظر إلى قاسم الذي يتكلم بحدة، وهو يقول:

_ أنسي لا تفكري في ذلك أبدا ، من منا قد يسمح لكِ بذلك، في هذا الوقت أو حتى في المستقبل، لا يوجد مجال للسفر بمفردك.

هزت رأسها دون أن تقوى على الرد، بسبب ملامح الغضب التي تظهر على وجهه، هل كل هذا لأنها تريد السفر ؟ أو ربما هناك أمراً آخر يشغله.

في اللحظة التي خرج فيها "خالد" ينظر له باستفسار، و"قمر" تواري ارتباكها، فلقد كانت في عالم وردي، كاد أن يجرفهما إلى شاطئ بعيد، ولكن كان صوت "قاسم" المرتفع هو من بدد الصمت عن حولهم.

نظر له "خالد"، نظرة استفهام وينتظر منه أن يخبره، سبب صوته المرتفع على غير العادة، ولكن ما على وجه جعله يتوجس خيفة، ولكن "أسر" تبرع بالكلام وقال:

_ أروى تريد السفر مع رحلة تنظمها الجامعة إلى عدة مناطق في أوروبا.

خالد: ماذا تقول بالطبع لا، لن أسمح لكِ بأن تذهبِ وخاصةً في هذه الفترة.

قاسم: ولا حتى في المستقبل دون أن تكوني مع أحدٍ منا، عليكي أن تدركين ذلك جيدا.

نظر له والده لا يعرف لمَ كل هذا الغضب، بينما هو تحرك إلى جناحه، وهو يقول:

_ أشعر بالصداع سوف أرتاح بعض الوقت، إلى أن يأتي ميعاد العشاء.

هزت قمر رأسها وهي تقول:

_ حسنا بني، هل أحضر لك مسكن؟

_شكرا يا أمي أحتاج أن أنام قد يفيدني ذلك.

ونظر إلى أخته وقال:
_وأنتِ عليكِ نسيان أمر تلك الرحلة.
_ حسناً "قاسم"

بينما هناك في موسكو كان "بيتر" يستمع إلى تلك المحاضرة، التي تساعد في تعليم اللغة العربية عن بعد، وهو يردد نطق الكلام.

لكن رغم مرور شهراً إلا أن هناك لكنة تظهر في كلامه، لذا عليه أن يقضي وقت أطول.

دخل "فلاديمير" وهو ينظر لأبنه، الذي يتكلم باللغة العربية إلى حد ما، وسأل:

_ إلى الآن لم أعرف في ماذا تفكر.

_ عليك أن تنتظر وقتها ستصفق لي

_ هل ما تريد فعله يستحق أن لا أعرف إلى الآن، لقد مر شهر ولم تفعل شيء، سو تعلم اللغه العربيه رغم أنك تجيد العديد من اللغات الاخرى، إلا أن تعاملك مع العرب ليس بصفة مستمرة.

_ بالطبع أبي لكن الآن مضطر للتعامل معهم بشكل يومي، من أجل أن أحقق ذلك الأنتقام الذي تسعى إليه، لهذا عليك ان تتركني أخوض التجربة كما أريد، وقتها بالتاكيد ستصفق لي

_ هل أنت متأكد من ذلك؟!

_ ربما سترفع لي القبعة لأن ما افكر فيه مختلف ومبتكر

نظر له وهو يرفع حاجبه، وهو يهز رأسه دون أن يهمس بحرف آخر، تركه يكمل ما كان يفعله.

بينما ذهب هو إلى مكتبه، يعطي تعليمات بشأن عمله، أو بمعنى أصح ذلك الغطاء الذي يستتر به خلفه، أعمال المافيا التي يتولاها، فهو ليس رجل الأعمال اللامع الذي تتكلم عنه البلاد.

ليس هو صاحب المصانع، التي يعمل بها عدد لا بأس به من فقراء روسيا، بل هو في الحقيقه شيء آخر، كيان للشر يتوارى خلف غلاف شرعي، أنه يعمل في تجاره الممنوعات،
الأسلحة الممنوعة ، تجارة الأعضاء، المخدرات وأشياء كثيرة.

كان يتكلم مع أحدهم على خط أتصال أمن، يسأله إن كان هناك اي مشكلة، تخص إحدى صفقات السلاح الاخيرة، حتى حصل على تأكيد بأن كل شيء يسير بدقة.

_ من الأفضل أن يكون حديثك صحيح "ديفيد"، وإلا سترى غضبي، عليك أن تكون حذر؛ أن تلك الصفقة تعادل بضع ملايين من الدولارات، وهي الأولى في تعاملنا معك، ونحن في النهاية نحصل على اموالنا، حتى لو كان كبدك هو الثمن!

ديفيد: بالتاكيد "دون فلاديمير" لن أغامر بفصل رأسي عن جسدي قلت لك اني استحق ثقتك.

_ لم تحصل عليها بعد؛ كي تستحقها هذه احدى الاختبارات التي ان فشلت سيكون رأسك هو الثمن، وقتها عليك أن تعرف أنك اخذت قطعة أكبر من فمك وثمنها الموت.

اغلق الخط دون أن ينتظر منه ردا على كلامه! بينما "ديفيد" كان يزدرد لعابه بخوف هو يعرف جيدا أن كلام "فلاديمير" حقيقيا؛ هو لن يتوانى في قتله، ولن يرف له جفن!

فليس هو الأول في سلسله ضحايا (الدون) بالإضافة إلى أن هناك من سيستفيد بالفعل منه، ويقوم بانتزاع كل شيء من جسده ليسدد ثمن تلك الاسلحه وليس هذا فقط قد يأخذ اسرته كسبايا، ولكن رجل مثل "فلاديمير" ما شأنه بخالد!

كل هذا الصراع ومحاربة خالد ومحاولة تدمير اسمه عالميا؛ لمجرد أن تصاميمه تحظى على إعجاب الصفوه، أم أن هناك شيء آخر ، جعله يضعه في خانه العدو حتى يدمره.

أما هناك كان يلتفت لينظر إلى تلك الصورة على الحائط، وهو يقول:

_ من أجلك حبيبتي، ادمر الدنيا وليس ذلك المصري فقط..

ترك السيجار من يده وتحرك إلى صورة ابنته، التي تأخذ مساحة كبيرة من الجدار، وقف أمامها وهو يتذكر ما اخبرته به، لقد عرفت حقيقته، التي جعلت صورته تتحطم أمام عينيها!
وضعت فيديوا له وهو يعطي بعد التعليمات، ويأمر بنقل الأسلحة إلى إحدى الدول، وينظر إلى الحاويات التي وضعت في إحدى المخازن الخاصة به، المحملة بالبضائع

لكن ما ظهر بعد ان افرغوا الشاحنة جعل الصدمة على وجهه؛ لقد رأى فتيات أعمارهم متفاوته، يعانون الإرهاق لأنهم في الحاوية منذ فترة، ملابسهم مبللة بالعرق والبول!
أما هو كان في الفيديو ينظر لهم بتقييم وهو يقول: _أن البضاعة .....
ماثيو: هذه المرة تستحق...

فلاديمير: أرى ذلك، العذراء ستباع في المزاد بعد اعدادها، والأخريات منهم ستنقل للحانات، ومن ستنقل الممنوعات في بطونهن!

ماثيو: هناك هدية خاصة تركتها من أجلك من الحاوية الأخرى

نظر له بحاجب مرفوع وأشار "ماثيو" لهم، يحضروا تلك الفتاة التي لا تزيد عن سن ابنته وهو يقول:

_اري انها تستحق أن تلقي عليها نظرة أو تحتفظ بها..
_ يبدوا أن زوقك تحسن "ماثيو"، احسنت انقلها إلى قصري الخاص.

_سوف يحدث دون...

وفي نهاية الفيديو نظرت له"آن" وهي تقول:
_ هل هذا أنت؟! هل هذا هو أبي؟ الرجل المحب لبلده يكون تاجراً للموت؟

‌_ ما الذي تقولينه "آن" ؟

_كما سمعت أبي لقد عرفت الحقيقه

_ حسناً، إذا يجب عليك ان تكملي وتحافظي على أعمال أبيكِ مع بيتر، لتكونوا قوة عظمى تتحكم في السوق الدولي، ترفعون بعض الأشخاص إلى السماء وتسقطوا البعض الآخر إلى أرض سحيقة.

_ باي حق تحدد مصير الآخرين، أنا لن أقبل أن اكون مثلك!

_ ما هذا الهراء ؟

_سوف أتركك وارحل، ساعمل لاعيل نفسي لن ابقى في هذا القصر.

_ إن كان هذا ما تفكري فيه، سوف يتم احتجازك في جناحك حتى تقتنعي.

نظرات عيناها تعلن رفضها له ولعمله وكلامه، لكنها لم تعترض على تحديد اقامتها داخل القصر..

منعها من الخروج دون مرافق، منعها من التجول دون حراسة، كانت تشعر أنها في سجن كبير، الجميع ينظر لها يحرسها أو يراقبها لا يأمنو جانبها، يتوقعون منها أن تذهب في أي لحظة.

لذا قررت، أن تتواصل مع العالم الخارجي عن طريق الهاتف المحمول، كانت تتواصل مع شركات لتبحث فيها عن عمل، وبعد أن يحدد ميعاد، يتواصلوا معها مرة أخرى ويخبروها أن الوظيفة شغرت!

بالطبع كان والدها يستطيع أن ينهي كل فرصة قد تحصل عليها، من أجل شيء واحد أن ترجع إلى عقلها كما كان يظن.

ان تقبل ما يفعل ولكن «آن» رفضت كل الرفض، ان تنساق لذلك القدر الذي رسم لها..

رغم أن تلك العائلات، قد يوجد فيها ابن ليس بالدم، بل بالعمل ذلك الذي قد ينتمي لبلد آخر! ودين آخر وعرق مختلف! ولكنه يعتبر نفسه من العائلة من المافيا..

«الدون أو الكابو أو البوص» حتى تتدرج الاسماء، وتنتهي ببيادق صغيرة في رقعة «الشطرنج»

وهي لن تقبل بأن تكون بيدق في حربه مع رجال المافيا الآخرين لن تقبل ابنته أن تكون منهم..

كان لا زال يقف أمام صورتها، ينظر لها ويلوم عليها فرارها، لا يعرف كيف استطاعت الخروج من القصر؟ في غفله منهم! لكنه هو نفسه رغم كل ما يملكه من حراسات، وقوة وعالم من المافيا يعمل تحت يديه...

لم يدرك أن هناك من ساعدها من داخل القصر، من داخل مملكته استطاعت أن تجد من يساندها «ستيڤن» لم يكتفي بأن يكون حارسا لها...

بل وجد قلبه ينساق خلف مشاعره، وجد نفسه يترك كل شيء ليخصص نفسه لحمايتها، يخرج معها إلى اي مكان تريد أن تذهب إليه...

إن كان حراستها أمر من «الدون» لن يعترض، لكن منذ متى كان له قلب ليتبعه، ويضعه في الميزان، لقد قرر مساعدتها دون أن تطلب منه.

كانت تجلس في المقعد الخلفي تنفث الهواء بسأم، لا تعرف كيف تستطيع الخروج من هذه الدولة؟ التي كل شيء فيها يقع تحت يد والدها.

ورغم كل ما تشعر به من نفور منه، وممن يعمل معه، إلا أن صوت "ستيڤن" بدد الصمت، وهو يقول:

_ استطيع مساعدتك!

التفتت لتنظر له في المرآة بينما هو يوقف السيارة، إلى جانب الطريق وهو يلتفت لها، وهي تنظر له استفسارا وتقول:

_لمَ توقفت، وماذا تعني بكلامك؟

_ كلامي واضح أنسة «آن» استطيع أن اساعدك أن اجعلك تخرجي من القصر..

_من قال لك انني ممنوعة من الخروج منه؟

_لم أكن لأرافقك، ان لم تكوني ممنوعة من الخروج، وإن "الدون" يفكر في حمايتك من نفسك، قبل أن يكون ممن حولنا، فلا أحد يستطيع أن يمس شعرة من شخص يخص «دون فلاديمير»!

_ ولم تعرض علي المساعدة؟!

_ ربما لأني لا أحب هذه القيود، التي يضعها حول عنقك.

_ ما شأنك بما يضعه والدي فوق عنقي، انت لا تزيد عن بيدق في ذلك الجيش..

_ربما لا تقدرينني كما استحق..

نظرة عينه كانت تحمل الكثير، لكنها أثرت أن لا ترى ما يموج فيها من مشاعر، فمن هو ليطمح في ان يكون زوجا لابنة دون اكبر عائلة من المافيا الروسية...

أن كانت ترفض انتمائها لذلك الكيان، إلا أنها لا زالت فرد منه، اما هو قرر أن يقدم غصن للزيتون، حتى يستميل قلبها، او يجعلها تدرك أنه في صفها في كل الاحوال...

ابتسم لها وهو يقول:

_ عليك أن تعدي بعض الأوراق

_ عن أي أوراق تتكلم "ستيڤن" أنا لا أفهم معنى كلامك..

_ عليك أعداد جواز سفر بأسم آخر غير اسمك لتستطيعي ان تخرجي من هنا ومن البلاد كلها

_ كيف سافعل ذلك؟ أيها الفصيح!

_ بالطبع استطيع المساعدة، فانا لست كما تظني..

_يكفي أنك تنتمي إلى ذلك الكيان الذي يعمل فيه أبي

_ان هذا الكيان الذي تلومي على والدك، يعد قوى عظمى يتمنى كل من في الوسط، أن ينتمي إليها..

_ لأنهم حمقا!

_ حسنا لك أفكارك ولي أفكاري، لكن أن علم والدك، بما سافعله قد يفصل راسي عن جسدي..

_لمَ اثق بك، قد يكون من أمرك بما تقوله لي..

_ ليس إلى هذه الدرجة إن كان يريدك أن تذهبي، كان قالها صريحة كان منعنا من مراقبتك، ومن تسليم تقرير عنك كل يوم، عليك أن تثقي في «آن»

_ فقط «ان» دون انسة ألا تتجاوز الحدود بعض الشيء أنت لازلت تعمل عند أبي

_ أعمل عند أبيك الذي ترفضين الأنتماء لكيانه، لذا عليك ألا تتعاملي معي بهذه الطريقة، وإلا سحبت ما عرضته عليك..

_ هل تساومني ستيڤن؟

_بالطبع لا، لكني اريك الصورة كاملة، أنا أمد يد العون، فلا يوجد داعي لأن تنفري من يدي، فهي لم تلطخ كثيرا

_ بعد ما رأيته في ذلك الفيديو، أدرك أن كلا منكم ملطخ بالدماء

_ما رأيته في ذلك الفيديو، هو ما يجعلك تعيشي في قصر، عدد الخدم به يكفي لخدمة بلدة بأكملها، ما رأيته في ذلك الفيديو هو ما يجعلك تملكين سيارات فارهة ،ورصيد لا تستطيعين إحصائة كل يوم، ما رأيته في ذلك الفيديو هو ما يجعل الطائرات الخاصه تحت اقدامكم، لذلك تلومي علي اني اسعى أن أكون مثل والدك أو اقل منه 100 مرة فهذا يكفيني..

_ أنا لم اقصد ستيڤن!

_بل تقصدين، لكن يبدوا أني أخطأت.

لكنها دون أن تشعر وضعت كفها على كتفه، مما جعل قلبه ينتفض، فهو لا يريد سوى أن يحظى ببعض الاهتمام منها، ليس لكون والدها هو دون المافيا، التي يتمنى أن يصل إلى مكانته ووضعه فيها.

لكن لأنه ينظر لها منذ فترة طويلة، يعشقها في صمت، دون أن يستطيع البوح بحرف واحد، اما أن ابتعدت عن هذا المكان، الذي يكبلها بقيود من الانتماءات، التي أن أخل بها قد يفصل راسه عن جسده قد يستطيع أن يبوح بما يشعر به.

قد يستطيع أن يصل إلى وصالها إلى حبها، إلى أشياء كثيرة تموج في قلبه وتلوح في خاطره، ولكن هل تعطيه فرصة..؟!
يتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي