الفصل14

الفصل 14

كان بيتر يعمل على الجهاز اللاب توب خاصته، مندمج فيما يفعل حتى أنه لم يشعر بأن الباب يطرق، وإن ستيفن بالباب..

طرق مرة أخرى، بعدها رفع وجهه مضطراً، ليترك ما يفعله، وهو اسمح للطارق بالدخول..

ستيڤن: مساء الخير كابو، يبدوا انك مشغول.

_ أنت تعلم إني مشغول ستيڤن، وتعرف إنك مرحب بك.

‌_ شكراً لك كابو، أردت أن أخبرك إني حصلت على ما تريده، أن الرجل ينتظر

_عن أي رجل تتكلم؟ لقد تكلمنا في عدة أمور! هل تعني انه بديل روبرت؟ ام عن امر اخر تتكلم؟!

_ اتكلم عن ضابط المخابرات السابق؛ الذي سيعلمك اللغة العربية بلكنة مصرية صحيحة

_ احسنت ستيڤن، لم تأخذ الكثير من الوقت، أين هو الآن؟

_ تركته في إحدى الغرف الخاصة بالاستقبال، ومعه رئيس الخدم، حتى لا يستطيع ان يخرج منها.

_ وهل يستطيع أن يخرج؟

_ لا تنسى أنه ضابط مخابرات سابق، يستطيع أن يلج من ثقب الباب..

ضحك بيتر بصوت مرتفع، وهو يقول:

_ هل تريد مني أن أشعر بالخوف؟

_ لا صديقي أريد منك أن تتحلى بالحذر، ذلك الرجل أستطاع أن أخذ معلومات من دول بأثرها..

_هل تعني إنك لا تريد مني أن أوضح له السبب؟ في تعلم اللغة العربية.

_ هذا بالتأكيد ما أريد أن أخبرك أياه، لكني أعلم أنك ستكون حذراً..

_لا أريدك أن تعطيه حجم أكبر من حجمه ستيڤن، أن أطال حديث نستطيع أن ننهي حياته، دون أن يرف لنا جفن، ليس الأول ولن يكون الأخير..

_ أجل كابو أعلم ذلك جيداً، لكني أريد أن أخبرك شيء قبل أن تقابله، هناك شحنة جديدة حاوية ضخمة، اتية من وسط أوروبا

‌_أن هذه أخبار جيدة

_ أيضا هناك طلب على إحدى الشحنات لتركيا.
_ هل تمزح هل تريد منا أن نصدر نساء لتركيا؟

_لا أتكلم عن النساء، أنا أتكلم عن المخدرات وبعض الأسلحة.

_ أنت تعلم أن هناك أتفاقية بيننا وبين المافيا هناك.
‌_ أجل أعلم، لكن هناك من انشق على ذلك الفرع، يريد أن يؤمن نفسه ضدهم، يريد بضاعة بأموال طائلة

_ ماذا حدث لك؟ هناك اتفاقيات لا تساويها الأموال!

_ ماذا تعني كابو؟

_ أعني أن هذه الفكرة، لم تعجبني منك، ليس ما يهمنا المال، لكنه الإسم الذي لن نسمح بأن يصبح مدعاة للسخرية في السوق العالمي، الكلمة وعد لا نخلفه حتى يخلف الطرف الآخر.

_لكنك ترفض سوق جديد

_ ليس الامر رفض سوقا جديد هناك العديد من الاسواق تفتح بابها لنا ونحن من نرفض

رغم عدم إقتناع ستيڤن، بما يفكر فيه فلاديمير وابنه بيتر، لأنه يعلم أن الإنقلاب أتي على تلك المافيا، التي لا يريدون أن يخلفوا وعدهم معها، ربما لأن هناك مصالح أخرى مستترة..

لا يعلمها هو فليس كل الخبايا تصب في جعبته لذا اثر الصمت، إلى أن يأتي اليوم الذي يتقلد فيه كل شيء، وقتها لن يتوانى عن ان يغير تلك الأفكار القديمة، ويبدد كل ما يفكرون فيه..

بينما هناك كان الضابط المخابرات، الذي حضر مع ستيڤن يدعى چوزيف، أو هكذا ينادونه هذه الأيام، فهو له 100 اسم و100 عمل، كان ينظر إلى كل شيء في الغرفة..

يبحث عن ثغرة، أو باب خفي مكان ليفر منه، كما أعتاد دائما، رغم انه يجلس على احد المقاعد بهدوء ظاهري، يرتشف القهوة وكان أمامه باقي العمر؛ ليشربها.

يضع ساقاه فوق الأخرى، شعره الاسود الفحمي تتخلله بعض شعيرات بيضاء، بشرته البيضاء التي لونتها الشمس، عينه التي لا يعرفون لها لون، من كثرة تلك العدسات اللاصقة التي يرتديها..

إلا أنها اليوم كانت بلون بني، من يراه يظنه أحد العرب، أو هكذا يتعمد أن يظهر، لقد عاش عمراً طويلاً بين البلدان العربية، ينتقل بين هنا وهناك يجمع معلومات، قد يكون سبب في إثارة بعض الفتن، أو في إثارة بعض الشغب والمشاكل..

لكنه رغم ان العمر مضى، الا أنه يدرك انه لا يستطيع ان يرفض، طلب رجل مثل ستيڤن ومن خلفه، لكنه الآن يريد ان يعرف شيء واحد، لمَ يريد ستيڤن أو غيره من أعضاء المافيا؟ ان يتعلمون اللغة العربية بلكنات عربية! وليس باللغة الفصحى..

هل يعني ذلك أن هناك حركة انتقالية قد تحدث في الوسط؟ أو يعني ذلك، أن هناك من سيبعثر ذلك الكيان، أو يستطيع الأنتماء لتلك الشعوب، كأنهم منهم..

كان يعتقد أن دون «فلاديمير» سيغير جلده، لن يكتفي بأن يتاجر في السلاح، بل سيوزع الإرهاب نفسه، لكنه لا يعرف ان السبب في وجود هنا، مختلفا، نظر إلى رئيس الخدم وهو يقول:

_ هل سأنتظر طويلا؟

_ ريثما ينتهي الكابو مما يفعل

_ هل تعني أنني سأقابل الكابو وليس الدون

‌_ وهل هناك فرق بين الإثنين؟ ان تقابل بيتر فلاديمير او فلاديمير نفسه ان قراراتهم الاثنين تسير العمل

_ وماذا عن ستيڤن؟

_ عليك أن تسأله بنفسك.

‌_ هل تعني ان قراره لا قيمة له.

_ بالطبع لا، هو أيضا أحد الرؤساء الكبار لهذا الكيان.

_وماذا عنك؟

نظر له الخادم دون أن يرد، هو يعلم مقدار نفسه، يستطيع أن ينهي حياة ذلك الرجل قبل أن ينتهي من أرتشاف القهوة، لكنه يدرك أن بيتر يريده..

بالإضافة إلى أن نظرة اللا مبالاة في عينه جعلت چوزيف يدرك انه امام خصم قوي وأنه ليس مجرد خادم في بيت من أحد أكبر وأعرق بيوت المافيا في العالم!

چوزيف: لقد وصلت رسالتك، أفهم جيداً إنك تستطيع قتلي، لكن هل تحكم عليا من تلك الشعيرات البيضاء

لم يرد عليه، حاول ان يتكلم مرة أخرى لكنه لم يتلقى رد، لقد تحول إلى رجل آلي، لا صوت له حينما يأس چوزيف من أن يتلقى ردأ من ذلك البائس أمامه، نهض يفرد طوله…

لكن «موريس» لم يتحرك من مكانه، وكأنه لا يشعر بالتهديد أو الخوف، من وجود ذلك الرجل معه في نفس المكان، ثقته المبالغ فيها جعلت جوزيف يدرك جيداً انه بين فكي الأسد، إن كان هذا تصرف الخادم، فما بالك بتصرف السيد؟ ما الذي أتى به إلى هنا..

عقله يفكر بطريقة مغايرة، إلا أن قلبه ثابت كأنه من صخر، حينما فتح الباب فجأة بصوت شبه مرتفع، ليظهر ستيڤن من خلفه وهو يقول:

_هل تأخرت عليك سيد چوزيف، أم تفضل أن اناديك سيد ألبرت؟

نظر له البرت بحاجب مرفوع، كأنه لم يتوقع أن يعرف ذلك الرجل أسمه الآخر؟ أو بمعنى أصح أسمه الحقيقي.

ستيفن: ماذا هناك ألبرت هل أَدهشك؟ أنني أعرف حقيقتك!
لم يرد، لكنه نقل نظره بين ستيفن إلى ذلك الخادم، الذي يقف وكأنه من صخر! وأدرك لمَ لم يرد حينما سأله أن كان ستيڤن هو الآخر كلمته تسير كل شيء؟!

يبدوا أن ستيڤن يملك عقل ماكر مخادع، فهو طيلة الطريق، لا يتكلم معه ويناديه إلا بسيد چوزيف، والآن غير طريقة كلامه ليظهر له انه يعرف جذوره وحقيقته..

ستيڤن: لمَ انت صامت سيد ألبرت؟ هل يضايقك إني أعرف من أنت؟

_وما الذي يضايقني سيد ستيڤن؟ أن تعرف من انا، هل معرفتك لأسمي الحقيقيا سرإً حربي..

_هو كذلك بالنسبة للبعض.

_هل تعني أنك تختلف عن البعض؟

أقترب ستيڤن منه، بعد أن أشار إلى الخادم ان يخرج، وهو يهمس بجوار أذنه، بصوت كفحيح الأفاعي:

_أنا أختلف عن الجميع

‌_ حسنإ، هل لي أن أعرف لمَ أنا هنا؟

_ لم أخطفك لقد تم إستدعائك من أجل بعض العمل.

‌_ ما هو العمل الذي يتطلب وجودي هنا؟ هل الامر يخصك؟
_لو كان الأمر يخصني، لكن الموضوع أنتهى منذ فترة، ولم يتطلب الكثير من المال..

_ لن ترجع في الاتفاق

_ بالطبع لا ألم أخبرك أنه لا يوجد أعتراض عليه..

‌_ بلى، لكن هل لي أن أعرف السبب؟

_ عن أي سبب تسأل؟

_ لمَ تريدون أحد يجيد اللغة العربية بلكنة أهلها؟
_ لمَ لا تصمت، أيك أن تسأل عن شيء لا يعنيك..

_ ماذا؟

‌_ كما سمعت، أنت هنا من أجل أن تؤدي خدمة أخذت ثمنها مقدماً، عليك ان تفعل ما يطلب منك وليس لأن تحقق معنا، لا حق لك في أن تسأل، فان تجاوزت أنا عن هذا السؤال فإن كابو بيتر لن يتجاوز، دون فلاديمير لن يتجاوز وعليك أن تدرك أن طريقتهما في التعذيب قد تجعلك تتمنى الموت…

_ هل تهددني؟

_ أنا، بالطبع لا انا فقط أوضح لك الصورة، فلقد أتيت عن طريقي، لا أريد أن تنتهي حياتك ويكون الأمر في وجهي..

هنا بهت وجه چوزيف، فهو يعرف جيدا انا بيتر أو فلاديمير، لن يرف لهم جفن، وهم يقتلنه بدم بارد، بالإضافة إلى أنه يعرف طرقهم، التي تتصف بالسادية وتحمل لمحة من السيكوباتية، في سلوكهم العدواني

كأنهم يستمتعون بكل ما يفعلونه، لكن هل أتى إلى هنا لتتم أهانته، أو يجلد بالصوت، أو يفعل فيه ما فعله سابقا في بعض ضحاياه، ألم يكن هو من ينزع أظافر من يحقق معه، حتى يخبره ما يعلمه، أو ما يريد منه..

ألم يكن هو من كان يمزق جلدهم بالسوط، لينثر عليه الملح والخمر، ليرى دموع الالم تظهر في أعينهم دون قدرة على أن يصرخوا، لان فمهم مكمم، وتلك الصرخات كانت تحبس بداخلهم، بينما هو يستمتع ببتر اعضاء من اجسادهم! ليزيقهم الألم ويمزيق أجسادهم بتلك الصاعقات الكهربائية، التي تترك أثر في الروح قبل الجسد

فإن كان هو على هذا الشكل، فعليه ان يدرك ان دون فلاديمير سيكون أقسى وأقوى عدة مرات في الوحشية، لذا أذدر لعابه وهو يقول:

‌_ سوف أعيد لك المال، لكني أريد الذهاب.

‌ لمَ هل تشعر بالخوف؟

_ ما الذي تقوله ستيڤن

_ بوص ستيڤن وليس ستيڤن فقط، بالإضافة إلى أنه لا يوجد مجال للرجعة، لقد أتيت بأرادتك سوف تذهب بإرادتنا، لكن ان خرج حرف واحد مما ستعلمه هنا، بالتأكيد لن تخرج انت إلى الحياة مرة أخرى..

_ هل هذا تهديد صريح، كيف تجرؤ إلا تعرف من أنا؟
_ بالطبع أعرف من أنت، أنت الجلاد أنت رمز العذاب في الجهاز الذي كنت تعمل فيه، والذي طردت منه لأسباب لا يعلمها غيرنا، أم تريد أن يعلمها البعض..

نظر له بحدة ممزوجة بالغضب الذي يواري، خلفه الخوف..

ستيڤن: لنقول إنك إستقلت، لم تتهم في أحد القضايا المخلة، لن يعرفوا إنك..

نظر له بطريقة تعني أنه يعرف ماهيته، ويعرف حقيقته، لذا تحرك چوزيف أو ألبرت يرجع مكانه؛ ليجلس وهو يقول:

_ما الذي تريد بوص ستيڤن؟

_هكذا نستطيع أن نتكلم

ألبرت: أجل نستطيع أن نتكلم، لكن ليس بهذه الطريقة، لن أقبلها منك وخاصة أمام أحد

_ هل يوجد أحد معنا الآن؟

_ لمَ تنظر لي بهذه الطريقة؟

_ ليس لي شيء، لكن أنا أضع النقاط فوق حروفها، ألا يقولون ذلك في اللغة العربية، أنا رجل يعرف جيداً، أن الشاه لا تسلخ قبل ذبحها، لذا عليك أن تدرك إني أفهم الطريقة التي تفكر فيها..
_حسنا، ما الذي تريد أن تعرفه؟

_ هل تظن أن الأمر يخصني، كنت أخذتك إلى بيت بعيد في أحد جبال الثلج، وإن لم تفعل ما أريده، قد أتركك تتجمد دون أن يرف لي جفن وانت تعلم ذلك جيداً، أنا أيضا أستطيع التعذيب بطريقة مبتكرة..

هنا أزدرد لعابه ولم يقوى على الرد، في اللحظة التي كاد ان يسأله، فتح الباب ليقف بيتر بطوله الذي تجاوز 180 ببضع سنتيمترات، ووجهه الوسيم وذلك الانف المدبب، عينه التي يظهر فيها بريق بلون أزرق أهدابه الشقراء الطويلة شعره الأشقر..

شكله قد يجعل أي إمرأة تلتفت له، ما ان تراه لكنهم لا يدركون ماهيته الحقيقية، ابتسم له وهو يقول:
_ مرحبا سيد جوزيف؛ ام تحب ان اناديك البرت؟!
هنا نقل چوزيف نظره بين ستيڤن، وبين من يقف بالباب، الذي لم يستطيعوا إلى الآن تحديد ماهية من أمامه، هل هو شخص آخر مثل ستيڤن أم هو بيتر نفسه؟

هل هو بالفعل أمام الرجل الثاني في هذه المافيا؟ التي يمتد سيطها حول العالم..

ألبرت: لا يوجد فرق كبير بين الإثنين تستطيع أن تناديني بما تريد، هل أنت؟

_ ألم تعرفني أنا بيتر فلاديمير..

يتبع…
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي