الفصل 16

الفصل 16

بينما بيتر يستمع إلى ألبرت، وهو يردد الكلام أمامه مرة وإثنين، حتى يستطيع الحصول على النطق الصحيح، كان ستيفن يتناول المقبلات بين كؤوس الفودكا، التي لا تؤثر فيه ولا تجعله يثمل، وهو يستمع الى كلامهم يتعلم هو الآخر بضع كلمات، مما يتعلمه بيتر…

حتى أن هناك إحدى الكلمات استعصى على بيتر نطقها، فأبتسم ستيڤن، وهو يقول:

_ جزء الكلمة إلى عدة مقاطع

بيتر: ما الذي تقوله؟ أن الكلام سهل، ولكن ان تحاول أن تنطقها سيكون الأمر صعب عليك..

ألبرت: الأمر ليس كما تقول سيد بيتر، عليك أن تدرك أن حرف ال «ش» تنتهي به عدة كلمات متداولة بدل أن تقول لا أعرف ستقول "ماعرفش"

بيتر: أي لعنة هذه التي تقولها؟ بالإضافة إلى آن هناك بعض الكلام يختلط عليا، هل تعني أن حرف ال«ش» يعني النفي؟!

_ هو كذلك في بعض الكلمات.

_ هل هذه اللكنة يتكلم بها كل المصريين

_ بالطبع لا، لكل منطقة لكنة مختلفة

_ هل تمزح؟ هل تريد مني أن أتعلم كل تلك اللكنات؟ أنا إلى الآن أتعثر في قول كلمة «لا أعرف» بطريقتهم.

_ لكنك تعلمت بعض الكلمات في جلسة واحدة، وهذا الأمر يعد جيداً

_ حسنإ، سوف تعتبر نفسك ضيف هنا، لن تخرج من القصر، لن يسمح لك بالخروج إلى أن أتكلم كمن ولِد في حواري القاهرة

رغم أن ألبرت يشعر بالخوف، من بقائه في بيت دون «فلاديمير» مع معرفته بخلفيتهم وحياتهم، التي يعيشونها، فهو متأكد من أنه في لحظة قد يتحول إلى شخص عنيف..

لن يتوانى عن تمزيقه أن نطق حرف خاطئ، أو أظهر سخرية من نطقه، بطريقة لا يقصدها إلا أنه لا يملك حق الرفض، أو الأعتراض لقد استطاع بيتر أن يشتري وقته..

ألبرت: كما تريد سيد بيتر

بيتر: يبدوا إنك غير مرحب بقراري

‌_ بالطبع لا، من يحلم بأن يعيش في قصر مثل هذا؟ وضيف لسيادتك كابو.

أبتسم له وهو يقول:
_ سأترك ستيڤن يوصلك إلى غرفتك.

نظر له ستيڤن بإستفسار، ينتظر أن يحدد تلك الغرفة، التي يريد أن يقيم فيها رجل مثله! هل نسي من هو؟ حتى إن كان ضابط مخابرات سابق إلا أنه لا يزال يستطيع أن يفعل الكثير.

لكن نظرة عيني بيتر جعلت ستيڤن، يدرك أنه يقصد منزل الضيافة، وليس القصر هز ستيڤن رأسه وهو يقول:

_ يمكنك أن تأتي معي، حتى أوصلك إلى المكان.

_ لكني لم أحمل ملابسي

_ لا بأس سوف نحضر لك ما تريد

_ أنه كرم كبير منك سيد ستيڤن

_ أنه لا شيء مقابل الخدمات التي ستقدمها لنا ألبرت، قد نحتاجك مستقبلاً في بعض الأمور، وأنت تدرك أننا نجذل العطاء لرجالنا، أليس كذلك كابو بيتر

هز بيتر رأسه بموافقة، يبدوا أن ستيڤن يفكر في أمر ما، وإلا ما تكلم معه ألبرت بهذه الطريقة، بينما هو يخرج من الباب ألتفت يسأل ألبرت:

_ قبل أن نخرج هل تريد أن أناديك بأسمك الحقيقي، أم أناديك چوزيف كما يناديك الجميع.

_ كما تريد بوص ستيڤن، الأمر لا يزعجني.

_ حسنإ، أنا أفضل ألبرت أكثر، لذا سأناديك ألبرت، لأني أحب الأشياء الحقيقية، أحب أن يكون الشخص بوجه واحد..

نظر له ألبرت بدهشة ممزوجة بعدم تصديق، كاد أن يسأل حقا؟ كيف ذلك وأنت بمفردك لك 100 وجه؟

لكنه لم ينطق حرف وهو يتحرك خلف ستيڤن، إلى حيث منزل الضيافة، الذي يعد على مسافة قريبة من القصر، ومع ذلك يفصله عنها سور مرتفع، وعدد لا بأس به من الحراس

يبدوا أن فلاديمير حريص كل الحرص، عن أن لا يقترب أحد من قصره، الذي يعد النواة الأساسية لتلك المافيا المنتشرة حول العالم

بينما هناك كان دون فلاديمير يجري إتصال مع أحد رجاله..

دانيال: مرحبا دون فلاديمير، أنا رهن أشارة منك

فلاديمير: سوف أذهب إلى بيتي الآخر

_ حسنإ ستكون هناك

_ هل تدرك عن من أتكلم؟

_ بالطبع دون عن نيڤين

_ أحسنت، لا أريد أن أنتظر..

أنهى كلامه، لم ينتظر رداً من دانيال، وهو يغلق الهاتف، يصعد إلى سطح القصر يستقل الطائرة الخاصة به، والتي حلقت إلى وجهتها

نظر ستيڤن إلى بيتر بإستفسار، كأنه يسأل إلى أين ذهب الدون؟

بيتر: هل تسأل؟

ستيڤن: كنت أظن الأمر يخص العمل.

نظر له بيتر بطرف عينه ورفع حاجبه وهو يقول:

‌_ هناك بعض الأمور علينا مناقشتها.

_ بالطبع كابو، كما تريد

_هناك شحنة كبيرة، الأسلحة مطلوبة في جنوب السودان.

_ أجل أعلم بالأمر، لكن يبدوا انها لم تكن الأولى..

_ ولن تكون الأخيرة، أنت تدرك جيداً أن ذلك السوق يعد خصب

_ هل تعني أننا سنمد أحد الجنرالين بالأسلحة؟

_ هل تمزح؟ ولمَ نمد واحد فقط، لنمد الإثنين وتستمر الحرب، ويستمر الربح..

‌_ أرفع لك القبعة كابو، لكن هل هذا هو الأمر الذي تريدني فيه؟

_ لا ليس هذا فقط، أريد أن أعرف كيف إستطاعت « آن » أن تتعرف على خالد قاسم؟ كيف إستطاعت العمل في عروض الأزياء خاصته؟

بهت وجه ستيڤن، الذي لا يعرف كيف يرد عليه؟ هل يخبره الحقيقة؟ بالطبع لا، من المستحيل أن يخبره أنه من ساعد آن لتفر من البيت، وهو من رتب لها كل الأمور، حتى تصل إلى إيطاليا..

لكنه لم يكن له يد في عملها مع ذلك العين، الذي لم يفكر أن ينهي حياته، لأنه يدرك أن الموت رحمة له، تلك الحرب الباردة وتدمير الأعصاب الذي يعيش فيه، أفضل 1000 مرة من أن يقتله مرة واحدة..

لكن لمَ يسأل بيتر هذا السؤال الأن؟ لكنه أدعى الدهشة، وهو يقول:

_من أين لي أن أعرف، كيف وصلت إلى ذلك اللعين؟ هل تظن إني لو أعرف أنها قد تفكر في الفرار كنت تركتها؟

_ أنا لا اسأل لأنك تعرف، أنا اسأل لأني أريدك ان تعرف لي ما حدث، كيف بدأت تلك الأحداث؟ هل حاول أن يغرر بها؟ هل حاول مساومتها؟ كما يحدث مع بعض العارضات..

_ في ماذا تفكر. هل تعني أن «آن» تعرضت للابتزاز، أو حدث لها ما يحدث لتلك الفتيات، اللأتي يأتينا في حاويات ليتم توزيعهن على الحانات، أو ليعملوا فيه تهريب المخدرات بداخل أجسادهن، أو حتى الألماس أو تلك المواد المشعة…

الصدمة التي ظهرت على وجه بيتر، وهو ينظر لستيڤن كأنه وجه له صفعة في مكان عام، هل يخبره ستيڤن أن ما حدث لأخته؟ هو رد لمَ يفعلونه في نساء أخريات!

أم يخبره أن أخته هربت لتتحول إلى سلعة مثلما يقومون هم بإستدراج الفتيات يخدعوهن تحت بند الحلم، ليحصدوا أحلامهم يبدد الأمل ويستغلون سعيهن خلف الشهرة إلى أن يصبحوا أعضاء بشرية..

أو يعملن في بيوت الدعارة، أو عاملات في حانة، يبعن أجسادهن لمن يدفع، وفي النهاية لا يحصلون على شئ من ثمن أرواحهم التى تتفتت كل يوم عن ما قبله!

إلى أن ينتهي بهن الأمر عبدة أو جارية لدى سادي يمزق جسدها…

أو من يختلف مصيرها، يستعمل جسدها بطريقة أخرى، تهرب المواد مخدرة أو بعض المجوهرات في احشائهن…

بيتر بصوت كفحيح الأفاعي يملئه الغضب، ولكنه غضب مبرر، فهو رأى الصورة واضحة لكن هل يرجع عن ما يفعل؟

هل يبتعد عن ذلك الطريق؟ هل يرفض تجارة البشر؟ التي كانت أحد سبل الدخل للمافيا خاصتهم. هل يستطيع أن يوقف ذلك الباب من الأساس؟

وهل بداخل قلبه ضمير يشعر؟ أم ذلك الغضب لأنه تصور أن أخته كانت ضحية لمَ يفعلونه هم؟

نفض رأسه وهو ينظر لستيڤن وهو يقول:

_ ما هذا الهراء الذي تقوله؟ هل تحاول أن تخبرني شيء معين؟

_أنا؟ بالطبع لا، كل ما أحاول فعله أن أفكر معك بصوت مرتفع؛ لنصل إلى طريق حتى أبدأ منه أتساءل هل الأمر مدبر؟ من إحدى منظمات المافيا التي بيننا وبينهم عدوة..

_ لن يجرؤ أحد غريب أن يدخل إلى القصر، أن الخيانة أتت من هنا، وأنا لا أظن أن روبرت هو من فعلها.

_ ماذا تعني؟ بأن روبرت لم يفعلها؟ أليس هو المسؤول عن إستخراج جوازات سفر لتلك الفتيات؟ التي يأتينا إلى المنظمة دون أوراق هوية، أليس هو من يعد تلك الأوراق التي تحمل أسم وجنسية أخرى؛ ليستطعن السفر من بلد لأخرى..

يحملون تلك الشحنات بداخلهم، أو حتى ليتم عليهم مزاد ويباعوا فيه..

‌_ لمَ تدور حول هذا الموضوع لمَ تجذب ما يفعله روبرت هنا؟ لمَ تخبرني ما نفعله؟ هل أنت جديد على ما يحدث؟ ألم تكن عضو مشارك في كل ذلك؟

_ بالطبع لا أتعمد شئ، لكن روبرت هو الوحيد الذي يستطيع أن يفعل كل ذلك..

_ لهذا تنقم عليه

_ لا تنسى أنني كنت أحب أختك

_ لا تنسى إنك لم تصرح بما تشعر به، وإلا قد كان الدون يزوجك منها.

_ هل تظن ذلك يا بيتر؟ هل كان والدك ليوافق بي وأنا مجرد بيدق صغير في هذا الكيان؟

_ أنت لست صغير، لقد أثبت نفسك ووصلت لمكانة كبيرة

_ لا تنسى أن هذه المكانة لم تحدث بسهولة، لقد تحملت شقاء وعناء كبير، لكني أدرك حجم نفسي، حتى لو كان والدك وافق ما كانت الأنسة آن لتوافق، ما كانت لتقبل بأن تتزوجني وهي تنقم على والدك وعلينا جميعاً، لا تنسى إني في نظرها مجرم..

_ هل تدرك أن كلامك صحيح، أنت وأنا والجميع في نظر آن مجرمون، أن ما رأته في ذلك الفيديوا الذي لا أعرف كيف وصل إليها يؤكد لها فكرتها، لذا لم تكن لتطلب المساعدة من روبرت، الذي يعد أحد أضلاع مثلث الإجرام..

_ ربما هو من عرض عليها المساعدة..

_ وما هو المقابل؟ الذي قد يحصل عليه.

رفع ستيڤن رأسه ينظر إلى السقف، وهو يفكر في رد مناسب، إلا أن الكابو بيتر أجاب بنفسه

_ إن كان الأمر يخص ما تملك من جواهر، فهي لم تأخذ الكثير معها، وروبرت يعلم جيداً أنه أن طلب ذلك المبلغ الزهيد، قد يحصل عليه لأن خدماته كثيرة وإن كان الأمر يخص المال الذي يوضع على أسمها، في حساب دولي فهي لم تسحب منه شئ

ستيڤن وهو يترك الكأس من يده، يحرك أصابعه حول الثلج بداخله، كأنه يلقي طلسم وهو يقول:

_ هل أنت متأكد؟

_ ماذا تعني؟ هل سحبت من ذلك الحساب؟

_ لا أعرف كابو؛ لكني أفكر معك بصوت مرتفع، ربما تكون قد سحبت منه، فهو حساب خاص نحن لا نعرف كم به بالتحديد، وأن تم السحب، هل كان ذلك عن طريق الصراف الآلى، أم ذهبت إلى المصرف، أم حولت الأموال لحساب آخر، علينا أن نبحث خلف هذا الأمر

_ أجل ستيڤن كلامك صحيح، هذا خيط قد يوصلنا إلى شيء مما حدث..

لعن ستيڤن نفسه، وهو يفكر أي غباء جعلني أسأله إن كانت أنفقت منها أم لا، أي اللعنة هذه، ولكن هل يستطيع أن يصل لشيء؟

بالطبع لا فإن ذلك الحساب الذي تم تحويل الأموال عليه، ليس حسابي..

أنه حساب وهمي بالإضافة إلى أنه بأسم روبرت، فلست بهذا الغباء لأترك ثغرة خلفي، الثغرة الوحيدة كانت «آن»
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي