الفصل10

الفصل 10

الجمود على وجهه كان خادعاً لمن حوله، نظرة عينه الباردة جعلت من يقف بالباب يعلن الخضوع، يظهر الإحترام، وهو يقول:

_ بوص ستيڤن سأل عنك الدون فلاديمير، يخبرك أنه ينتظرك

_ حسنا أخبره إني قادم..

تحرك رئيس الخدم ليذهب، بينما نهض ستيڤن من مقعده يهندم نفسه ينثر عطره حوله، من يراه يعجب بطلته ووسامته ، أنه ذو جاذبية مفرطة..

تحرك برشاقه يأكل الأرض تحت قدميه، أبتسامة ترسم على وجه وهو يلقي التحية

فلاديمير: يبدوا إنك كنت بحاجة إلى النوم، استغرقت الكثير من الوقت على غير عادتك.

أبتسم له بموافقة، فماذا يقول لقد أرقت أبنتك مضجعي، تذكرت تلك اللحظة التي انهيت فيها حياتها.

أعفاه بيتر من الرد عندما بدد الصمت وهو يقول:

_ أرجوا أن تكون بكامل نشاطك لأني أريدك في أمر هام..

_ما الذي تريد أن تخبرني به؟

_الأمر يخص ذلك المصري، الذي كان سبب في رحيل "آن "

هنا تجمد فلاديمير وهو ينظر لأبنه بحدة، لم يكن يتوقع منه أن يتكلم في هذا الأمر أمامه.

بيتر: آسف دون لقد نسيت أن الأمر يزعجك..

فلاديمير: أن ما يزعجني إنك إلى الآن لم تفعل شيء؛ لتنهي حياته..

_ حياته ليست ما يهمني.

_ماذا تعني؟

_ عذابه سيكون أقوى إنتقام، من موته يا أبي عليه أن يتمنى الموت؛ لذا أتركني ألعب على طريقتي..

أبتسم ستيڤن وهو ينقل نظره بين الإثنين ويقول:

_ إن سمح لي الدون أنا أيضا أتفق مع الكابو فيما يفكر، الإنتقام أهم من الموت نفسه، عليه ان يتجرع العذاب الذي نشعر به..

الألم على وجهه، جعل "فلاديمير" يدرك أن هناك حلقة ناقصة، هل ما رآه على وجه "ستيڤن" صحيح؟ هل كان يكنُ لأبنته مشاعر قوية؟!

تلاقت عينه بعين ستيڤن، شعر بالعذاب الكامن بداخله، قبل أن يستعيد ذلك القناع على وجهه، وهو يحاول أن يواري ما يشعر به خلفه..


إلا أن فلاديمير نفسه، لم يحاول أن يظهر له، أنه علم ما يكنه، فما هي النتيجة؟ التي قد تحدث، إن علم أو لم يعلم، فلقد رحلت أبنته إلى غير رجعة..

ترك ذلك الكأس من يده، نظر لإبنه وهو يقول:

_سوف أذهب إلى جناحي، ريثما تنتهيان من الكلام، في هذا الموضوع فإن طريقتك في اللعب، لا تعجبني هو إلى الآن لم يتألم، إلا من تلك الضربة التي كلناها لهم، ومع ذلك لم يخسر الكثير، أستطاع النهوض..

_ ربما يكون حديثك صحيح، لكن أن يغير أولاده طريقهما، ليساعدوه لم يكن في الحسبان، بالإضافة إلى أن تفكيرهم يروق لي، لذا ساتركهم حتى ينتشيان بفرحة النصر، ثم أهدم ما انشأه بعرق وتعب وجهد في لحظات، بالإضافة إلى أن ما سافعله سيجعلك تشعر بالأنبهار..

_ لازلت أستمع إلى تلك الكلمة التي تقولها، ولم أحصل على شيء! تتكلم كثيراً هذه الأيام دون فعل..

تكلم بيتر باللغة العربية، وهو يقول:

_ وسوف أحسن الكلام باللغة العربية جيداً، وقتها ستدرك ما أنوي فعله..

ضحك "فلاديمير" بصوت صاخب، وهو يتحرك، ربما فهم ما يعنيه أبنه من كلامه، لكنه لم يكلف نفسه عناء الرد سواء باللغة الروسية أم اللغة العربية...

أما ستيڤن كان يلتفت لينظر إلى بيتر بدهشة، وهو يقول:

_ منذ متى تتحدث باللغة العربية

_من فترة قريبة، هذا هو الأمر الذي أريدك فيه، أريد أن أسافر إلى مصر.

_ لمَ؟

_ أريد أن أعمل في شركة خالد قاسم.

_ ما الذي تقوله كابوا؟ هل تدرك ما معنى كلامك، أنت الكابو "بيتر فلاديمير”! ثاني رجل في أكبر مافيا في المنطقة، الجميع يسير تحت أمرك تريد أن تعمل في إحدى الشركات.

_ ليس هذا فقط أريد الإحتكاك بالإثنين..

_ لمَ لا نصنع شراكة بينهم؟

_ لن يقبلوا أن يشاركوا أحد هذه الأيام، هم يقومون بانشاء مصنع للأقمشة، عليك أن تدخلني إلى ذلك الكيان، وتعد لي الأوراق المناسبة

_ أنا؟ من سيعد لك الأوراق.

_أجل ستيڤن عليك أن تجد من يحل مكان روبرت، فمنذ رحيله كل من ينوب عنه، لا يستطيع ان يملئ مكانه.

أمسك ستيفن كأس الخمر رفعه على فمه، ارتشفه بتمهل، وهو يجمع الكلام في عقله، قبل أن يبوح به قبل أن يسب روبرت، على اليوم الذي رآه فيه، لكن عليه الآن أن يداهن..

وهو يقول لنفسه، ألا يكفي ما فعلته به، وأني كنت سبب في قتله لذا ابتسم وهو يقول:

_ حتى لو كان كلامك صحيح، أستحق روبرت ما حدث له، بعد ما خالف أوامر دون "فلاديمير"، وساعد الأنسة «آن» لتذهب! ربما لو لم يفعل؛ لكانت لا زالت على قيد الحياة؛ ربما لو لم يقتله الدون كنت مزقته أنا..

التفت بيتر ينظر إلى ستيڤن بإستفسار، وهو يقول:

_ماذا يعني كلامك؟

_ لا شيء كابو ، لكن سوف اؤمن لك البديل، وقد يكون أفضل من ذلك اللعين، الذي رحل..

_ لن أطيل في الحديث بهذا الأمر، يبدوا إنك ناقم على روبرت أكثر منا.

_ ألا يحق لي أن أنقم عليه؟ بعد أن كان هو السبب الأساسي في رحيلها؟

_ هل تدرك معنى كلامك ستيڤن؟ هل كنت تحب أختي؟

_حتى لو كنت أحبها ، هل كنت أجرؤ أن أبوح بما أشعر به؟ وهي على قيد الحياة! ربما كنت عشت عمري بأكمله، دون أن أهمس بحرف..

_لمَ الآن تتكلم؟

_ربما أحتاج صديق أثق فيه، لأخبره بما أشعر لقد كنت أفعل المستحيل ليرضى عني والدك، وأكون قريبا منها، حتى تلتفت لي، لكنها رحلت ومن ساعدها لتفر من هذا المكان، هو روبرت؛ لذا أنقم عليه وعلى كل من يخصه ويعنيه...

اربت بيتر على كتفه، وهو يقول:

_ أنت تعلم مكانتك لدي، ولدي الدون ربما لو كنت تكلمت باكراً، لكانت الآن بيننا، لكن أنتهى الأمر، فات الوقت رغم أني أعرف جيداً أن القلب قد يكون متقلب وقد يكون سبب شقائنا لكني سأدعك تشاركني ذلك الانتقام..

_ ماذا تنوي أن تفعل؟

‌_الكثير.

_مثل ماذا؟

_سأخترق صفوفهم، وأكون واحد منهم..

_ما الذي تقوله؟

_هناك الكثير سوف أفعله، لكن الآن أريد أن أذهب إلى مصر.

_ بمفردك؟

_هل تريد أن تأتي معي؟

_لا أعرف، لكن هل سيسمح الدون بذاهبنا نحن الإثنين؟

_ سوف أذهب إلى هناك على أي حال.

_ تستطيع أن تقول ذلك، لكني لا استطيع ان أقف في مواجهة الدون، عليا الآن أن أؤمن لك من هو بنفس قدرة ذلك اللعين روبرت، ليقوم بأنهاء ذلك العمل المتأخر..

_ لا يوجد عمل متأخر أنت تعلم، أن الدون لن يقبل بأن يتأخر شيء، أنها ساعة لا تتوقف، لا يستطيع أحد فينا أن يتوقف، هناك بديل لروبرت لكنه لا يعجبني..

_ حسنا سوف أتي لك بمن هو أفضل

_ هذا جيد أريد جواز سفر بأسم آخر غير "بيتر فلاديمير"، وبجنسيه أخرى غير الروسية، من الأفضل أن أكون فرنسي

نظر له ستيڤن بإستفسار كأنه ينتظر أن يطيل في الشرح، لكن بيتر أرتشف كأس الخمر، على جرعة واحدة، وهو يقول:

_لا تتأخر في إنهاء الإجراءات..

_ دون أن تخبرني ما هي خطتك؟

_ كما قلت، أنها خطتي أنا، لذا لن يعلم بها أحد غيري، عليك ان تنهي ما أريد..

_ وما هي الوظيفة التي تريد أن تحصل عليها؟

_ لن أقول مهندس، فأنا لست كذلك.

_ محاسب

_ هل ترى أن الحسابات تروق لي..

_ أنا لا اعرف كيف أدبر لك الأمر، وأنت لا تعرف الحسابات، ولا تعرف في الهندسة، ما الذي تريد ان تعمل به الشؤون القانونية مثلا!

_ما هذه التي قلتها أخيرا؟

_ أنها أمور تخص القضاء وترتيب العقود وما إلى ذلك.

_هذا جيد ولكن يجب اولآ أن أتعلم كل هذه الأمور، وقتها سأختار وظيفة تلائمني، لكن يجب ان تكون قريبة من الإثنين

_ لمَ تذهب أنت بالتحديد يا بيتر

_لاني أريد أن أعرف طريقتهما في الكلام، والتفكير وكل شيء

_ لكن هناك شيء أريد أن أخبرك به.

_ ما هو ستيڤن؟

_ أنت تتكلم اللغة العربية، لكن بلكنة أجنبية، بالإضافة إلى إنك تتكلمها باللغة الفصحى..

_ هذا صحيح

_في مصر لا يتكلمون باللغة الفصحى.

_ بماذا يتكلمون إذاً؟

‌_ باللغة الدارجة، أو العامية..

_ حسنا سوف أعمل على هذا الأمر

_ إذا تريد مني أن أأجل إعداد الورق لبعض الوقت..

_ أريد منك أن تحضر لي كل ما يلزم لأتعلم تلك اللكنة المصرية..

_ حسناً، ساحضر لك أحد ضباط المخابرات السابقين..

_سيكون هذا جيداً..

_لكنه سيكلف الكثير.

_لا تدع الأمر يشغلك، قد يكلفه الأمر حياته، أن طمع زيادة عن اللازم، عليه ان يفعل ما أريد، وقتها سيهرب من عقابي.

نظر له ستيڤن مطولاً، وهو يدرك جيداً، أن كلامه صحيح هو لن يتوانى عن أن يمزق ذلك الرجل أربأ ما أن ينتهي مما يريده منه.

انه يعرف جيداً، أن بيتر لا يختلف كثيراً عن دون فلاديمير، سيكون بنفس قسوته يوم أن يتقلد ذلك المكان، الوحيدة التي كانت تختلف عنهم، هي« آن»!

التي أحبها وعشقها ورفضته، فظهر ذلك المتملك بداخله، ليخطط خطة صفق لها الشيطان، أخذ زهرة شبابها ومزق روحها ليعاقبها.

وكان ما يتغني به من حب ما هو إلا وهم أو سراب، رجع بأفكاره إلى نظرة الصدمة في عينها ما أن ادركت ما ينوي فعله، لقد.كان رجلا اخر غير ستيڤن الذي تعرفه .

آن: ماذا تفعل هنا ؟!

ستيڤن: هل تسألي سوف اقوم بعقابك كما تستحقين.

آن: هل جننت هل نسيت من أنا؟

ستيڤن: أنت سبب عذابي لذا سوف أذيقك الجحيم نفسه
حاولت الفرار من أمامه لم تتخيل أنه من خطفها! لم تتصور أنه يحمل سوط في يده يضرب به الهواء يزرع الألم في قلبها قبل أن يمسها..

آن: ماذا تفعل أيها اللعين؟

_لمَ لم تحبينني، لأنى خادم والدك أنظف خلفه ما يفعله..

_ لا ليس لهذا الأمر..

لكنه أكمل كأنه في عالم آخر من الأفكار، لم يسمعها:

_أحضر له النساء ليمزق أجسادهن بالسوط، سوف أذيقك ما يفعله "الدون فلاديمير" الرجل الصالح

آن: لا ستيڤن لن تفعل..

_بل سافعل

كادت أن تهرب، عندما أمسكها من شعرها يلفه على يده، وهو يقول بهمس كفحيح الأفاعي:

_اصمتي أيتها العاهرة، قبل أن أجلد جلدك الناعم بالسوط حتى أدميه..

_ لا...

_ وقتها سوف اسكب عليه الفودكا حتى تتوسلي لي لأرحمك، ولن أفعل ستقبلي قدمي لأضاجعك، ستتغني بحبي أنا وليس ذلك المصري..

آن: لا تتكلم عنه أنه يختلف عنك وعن والدي

_ لكنه يصلح لأن يكون والدك لن يستطيع أن يرضي عاهرة مثلك، لكني أستطيع..

حاولت الفرار، فقربها ليقبل شفتيها بمجون، بينما هي تشعر بالتقزز بصقت على وجهه

فغرز اسنانه في شفتيها وهو يحرك يده على جسدها يعبث بها، وما إن ري دموعها القي بها أرضا وهوى بالسوط في الهواء، لكنها فقدت الوعي رغم أن السوط لم يمسها...

نفض أفكاره ورجع عقله، إلى حيث هو الآن في موسكوا، يجلس مع بيتر

ليس هذا فقط بل ها هو الآن يكمل خطته، يجعلهم جميعاً ينفذون ما يريد، يتحركون في كل اتجاه ليحصد انتقامه من خالد، الذي لم يفعل شيئا سواء أن «آن» أحبته

ورغم أنه كان لا يعلم شيء، عن ما تشعر به تلك العارضة الجديدة، التي أتت من روسيا، لتعرض في إحدى العروض الخاصة بتصميماته في إيطاليا...

لكنها تشبثت بالفرصة، ولم تتركها حظت على إعجاب الجميع، بما فيهم قمر وخالد نفسه، لكنه كان إعجاب بشخص وليس جسد..

بينما هي تدلهت في عشقه، كانت ترى فيه إختلافا عن والدها، حياته واسرته وزوجته، عدم إنحطاته وإنحداره، لا يسعي خلف رغبته..

جعلها تدرك أن هذا ما تريد، لكن كما يقولون الممنوع مرغوب، كلما كانت تقترب ويبتعد، كلما تعلقت به أكثر..

عندما وصل تفكير ستيڤن لهذه النقطة تجمد وجهه، الذي لا يريد في هذه اللحظة، إلا أن يقبض بكفه على رقبه خالد قاسم؛ ليزهق روحه بيده

ودون أن يشعر قفذت الكلمة من بين شفتيه، دون أن يدرك أنه ليس بمفرده:

_سوف أقتلك

بيتر: ماذا قلت؟!

يتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي