الفصل22

الفصل 22

كان دون فلاديمير يقف على الباب، يشعر بأن هناك شيء خاطئ، لقد توقف صوت المياه من فترة، ولم يصدر منها صوت، هل فقدت الوعي؟ ام تحاول الفرار؟!

أقترب من الباب، ينادي عليها ليجيبه الصمت، وهي تحسم أفكارها تقرب تلك الشفرة منها، ليس بيدها شيء إلا هذا الحل لترحل من هذا العالم، الذي لم ترى فيه إلا العذاب..

لأن بقائها جحيم، وذهابها لجحيم آخر، ولكن الله رحيم قد يرحمها، بينما البشر لا يرحمون في هذه اللحظة فتح الباب دون أن ينتظر، نظر إليها بحدة وهو يقول:

_ ماذا تفعلين نوڤا؟

الشر في عينه، والخوف في قلبها وما بين هذا وذاك، تشعر بالموت البطيء، وهي تبحث في عقلها الصغير، عن مبرر لتخبره أنها لا تحاول الفرار منه، إلى الآخرة، لا تحاول الهروب من سجنه، الذي لم تحصل فيه إلا على العذاب والقسوة والألم من سجنه الذي لم تسعى إليه بإرادتها، فلا شيء يربطها به، الا أثره..

لا شيء يربطها به إلا الألم، لكنها إستنجددت بروح تتألم، لتنجدها خلايا عقلها وهي تهمس، وتقول:

_كنت أحاول أصلاح تلك الخصلة النافرة، لقد أرعبتني حتى أني كدت أجرح نفسي.

رغم أنه لم يصدقها، إلا أنها بالفعل كانت تمسك خصلة من شعرها، كأنها تستنجد بها، ربما لأنه منتشي، ربما لأنه في حالة من النشوة جعلته لا يفكر في إعادة الكارة، وفتح باب الجحيم على جسدها الهش..

ربما لتلك الكدمات، التي تغزو كل شيء فيها، هز رأسه ببرود وهو يقول:

_أن كنت تفكرين في شيء آخر، سوف أجعلك تتمنيه فعلا، ولن تريه أو تحصلين عليه.

_ما هو هذا الشيء الذي قد أفكر فيه دون؟

_تعرفين أني الدون؟

_لقد قالها دانيال أمامي!

_ تعلمين بسرعة، لكن الشيء الذي قد تحلمين به، ولن تناليه هو الموت، ان فكرتي أن تهربي مني، بهذه الطريقة سوف أجعل الأطباء ينقذونك ويعيدونك لأريك ما هو الجحيم نفسه

الرعب على وجهها وهي تهز رأسها بالنفي، تحاول أن تؤكد له أنها لم تفكر في الخلاص منه، ولكن هل لو فكرت هناك لوم عليها؟

بعد قليل كانت تتناول الطعام، دون شهية كأن الجوع الذي كان ينهش أحشائها تبدد، ما أن أخبرها أنها كتاب مفتوح أمامه..

أما هناك في القصر، حاول ألبرت أن يخرج من بيت الضيافة، لكنه وجد أن هناك من يقف بالباب، نظر له ألبرت بأستفسار وهو يسأل!

_ ماذا هناك؟ هل أنا ممنوع من الخروج؟

_ إلى أين تريد الذهاب؟

_ لم تجاوب على سؤالي

_ ليس مسموح لك أن تسأل أنت هنا ضيف، عليك أن تجيب على السؤال أولاً، إلى أين تريد الذهاب؟

_ أريد أن أقابل سيد بيتر.

_ ليس متفرغ الآن، هناك بعض العمل يشغله، مع ذلك سوف أخبره بطلبك.

_حسنا أريد الذهاب.

_إلى أين

_ إلى …

صمت ورفع وجهه، لينظر له وهو يقول:

_ وما شأنك أنت؟ إلى الجحيم نفسه، هل يعنيك؟

_ لا يعنيني أن تذهب إلى الجحيم، أو أن تبقى هناك سيدي، لكن كل ما يعني إنك هنا بأمر من كابو بيتر، وانت تعلم جيدا أن كلمة منه تعني أمر بالنسبة لنا، لذا ستبقى في البيت إلى أن يسمح لك بالذهاب، أو يستدعيك هو..

_حسنا أخبر بوص ستيڤن أني أريد مقابلته.

_ سوف أخبره، الآن يمكنك أن تبقى حيث كنت، هل تريد أي شيء، ما عليك إلا أن تخبرنا.

_شيء مثل ماذا؟

نظر له الحارس الذي ينادونه هنري، الذي يعد أطول وأشضخم من ألبرت بكثير، وهو يقول بسخرية تلوح في كلامه ولا تظهر صريحة:

هنري: بعض الطعام أو الشراب.

_ يعني ذلك أني لن أخرج من هذا البيت، حتى يأمر سيد بيتر بذلك.

_هذا صحيح.

_أنت تتعامل معي بطريقة فظة، رغم أنني ضيف.

هنري: أنت هنا من أجل عمل معين، سيد چوزيف، لا تنسى بأنني من أتيت بك وأعرف جيداً عملك، لذا لا يسمح لك بدخول القصر، إلا إذا طلبك الكابو هناك، بالإضافة لأنك لن تكون بمفردك، في أي مكان هنا.

_ ماذا تعني؟

_ أعني أننا نعلم جيداً، من أنت! وأنت أيضا تعلم جيداً من نحن، لذا أكمل عملك في هدوء سيد جوزيف

إرتبك چوزيف من كلام هنري أو هكذا يظهر، وتحرك ليدخل، مما جعل هنري يقول:

_سوف أجعلهم يرسلون الطعام.

_ لا تتعب نفسك، لا أريد شيء

_ ومع ذلك سوف يحضرونه لك

لم يجد ألبرت مجالا يعترض، فهو لا يريد أن يحدث مشكلة من لا شيء، لذا هز رأسه بموافقة، ودخل إلى البيت..

كان يجلس يضع ساق فوق الأخرى، يرفع رأسه ينظر إلى السقف، كأنه يفكر هل هو في سجن؟ هل يستطيع الخروج من هذا المكان؟ أم أن هذا آخر مكان قد تطئه قدمه؟

يبدوا أن بيتر لا يثق به.

همس چوزيف بصوت مرتفع:

_من حقه أن لا يثق بي، إن كنت أنا لا أثق بنفسي، لكن سوف نرى أيها المخنث سوف أفعل ما يرضيني فيك، لكن بعد أن أكسب ود الكابو أولاً، وقتها سأريك من أنت..

في اليوم التالي وقف هنري أمام باب البيت، الذي يقيم فيه ألبرت أو چوزيف، وهو يطرق الباب، ورغم أن ألبرت يعرف جيداً أنه من بالخارج..

إلا أنه لم يرد، كان يجلس يضع ساق فوق أخرى، يستنشق دخان السيجار الخاص به، وهو ينتظر أن يشعر ذلك السمج بالسأم، وما أن عاد الطرق مرة أخرى، بنبرة أعلى حتى همس بصوت كسول:

ألبرت: من؟

هنري: هل تمزح؟ من سيكون غيري؟ أنه أنا أم إنك تظن أنني خادمتك.

شعر بالأستمتاع من غضبه وأرد أن يقول له:

«لا أظنك خادمتي بل العاهرتي»

لكنه أبتلع لسانه، حتى لا يندفع وهو ينهض بهدوء يتحرك صوب الباب، ينفس الدخان في وجه هنري، وهو يقول:

_ لمَ أنت غاضب هنري؟

_ السيد بيتر يريدك

_ حسنا سوف أستعد وأتي خلفك.

_ لا يوجد شيء أسمه تأتي خلفي، عليك أن تستعد لتأتي معي.

_عليك أن تنتظر لن أتاخر.

_ سيكون هذا جيد، وإلا سوف يغضب سيد بيتر، هو لا يحب أن ينتظر أحد، وأنت أدرى الناس به، فكما جمعنا معلومات عنك جمعت معلومات عنا، وإلا ما كنت عرفت إسمي

_ لمَ هنري هل أسمك سر القنبلة الهيدروجينية

ضحك هنري بصخب وهو يقول:

_لا يا سيد ألبرت إسمي ليس سر حربي، ربما اسمك أنت يعد سراً

نظر له ألبرت وهو يقول:

_ بما إنك تعلم أن إسمي الحقيقي ألبرت، لمَ تشدقت وأنت تقول چوزيف بالأمس؟

_ هكذا تحب أن ينادونك الآن.

_ ألن ننهي تلك الصفحة لنبدأ أخرى

_ ما كنت لاتبجح وأخبرك بأنني أعرف حقيقتك، أو أعرف كل شيء عنك، إلا حينما تبجحت أنت، فأنا أعرف حدود نفسي جيداً سيد ألبرت، أن لدي عمل أقوم به وأنهيها على أكمل وجه، كما كنت تفعل أنت سابقاً..

نظر له ألبرت بدهشة ممزوجة بالإعجاب

هنري: عليك أن تدرك أنا لا شيء أحمله عليك، ولكن هناك أوامر بأن أتبعك كظلمك لذا عليك أن تحذر فأنت تحت عيني..

أبتسم له بهدوء وهو يصفف شعره ينثر عطره، يتحرك خلفه وهو يقول:

_ شيء جيد أن أكون تحت عينك، لكن أحذر على عينك مني

_ لمَ هل سأفتن بك؟

ضحك ألبرت بصوت مرتفع وهو يقول:

_حتى لو فتنت بي، أنا لا أحبذ هذا النوع من العلاقات، ة مع شخص مثلك

_ ماذا تقول أيها الأرعن، لم أكن لأفتن بك أنا فقط أسخر من كلامك السمج، الذي لا معنى له، والآن أغلق فمك حتى نصل..

_ لمَ غضبت أيها الوسيم؟ لم أكن أقصد شيء يزعجك.

_حقاً؟

_ ألا تصدقني؟

_ قد أصدق الشيطان، لكن من مثلك لا يصدق، أنا أعرف خلفيتك جيداً، أعرف لماذا طردت من عملك، فلا تتبجح في كلامك معي مرة أخرى، حتى لا أريك وجها تندم إنك رأيته..

_ أليس أنا وأنت على نفس الشاكلة

_ ما الذي تقوله؟

_ هل تظن أنني لم أعرفك ماركوس، ولكن هنري جيد، يبدوا أسم متداول.

_ ما الذي تقوله أيها اللعين؟

_ أقول أني عرفتك ماركوس، أقول أنني عرفتك لم أكن لاتخيل انك تعمل في مافيا بعد أن كنت تعمل..

ألتفت ماركوس لينظر له بغضب، عين تقدح شرر وهو يضغط بأصابعه حول عنق ألبرت، يضغط بالسبابة والوسطى على حبل الوريد في رقبته، ليمنع تدفق الدم إلى رأسه

كأنه يقوم بقتله، بطريقة مختلفة، هنا همس ألبرت دون صوت، ولكن بكلمات يستطيع أن يقراها ماركوس، وهو يقول:

_أن كنت تريد أن تبقى رجل، كما تتبجح أنظر إلى أسفل يا هنري، لن أقول ماركوس إن كنت تكره الإسم إلى هذه الدرجة..

كاد هنري أن لا يهتم بكلامه، ولكنه شعر بشيء يضغط على الجزء السفلي من جسده، رفع عينه عن وجه ألبرت، لينظر إلى تلك الميدالية، التي تهدد بان تبتر ذلك الجزء من جسده، همس ألبرت بصوت كالفحيح:

_ أرفع أصبعك عن اوريدتي، قبل أن أقطع تلك المنطقة من جذرها، أيها المخنث.

ورغم الغضب الذي يموج فيه عقل هنري، ويدق فيه شرايينه، إلا أنه ترك ألبرت يرتطم بذلك الحائط خلفه..

بينما هنري يرجع خطوة، ينظر إلى ذلك الثقب في سرواله، والذي يقول إن ذلك اللعين لم يكن يمزح..

من تلك الإبتسامة على وجهه، التي تظهر شيئا واحد، يخبره أنه لن يتوانى عن أن يمزقه، إن تعامل معه بتلك الطريقة، وكأن هنري قد يتركه ليفعل، أو حتى إن تركه هنري

هل سيتركه بيتر نفسه؟ ولكن سؤال كيف عرفه من الأساس؟ كيف أستطاع أن يعرف إن ذلك الإنسان؟ الذي أمامه هو شخص من ذلك العمل الذي كان فيه من قبل؟!

هناك ثغرة أستطاع ألبرت أن يصل إليها، ويحلها وأستطاع أن يعرف شخصيته الحقيقية، رغم كل العمليات التي أجراها ماركوس ليغير من شكله ويصب هنري.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي