الفصل5

الفصل 5

كان "قاسم" ينظر إلى أخيه بصدمة، قلبه لا يصدق وعقله ثائر، فهذا آخر شئ ممكن أن يفكر في حدوثه بينهم، لم يتوقع ان يفعلها في أسوء المواقف، فهل يفعلها الآن؟

نقل "قاسم" عينه بين كف "جاسم" المعلقة في الهواء، وبين وجهه الذي يظهر عليه مزيج من المشاعر والافكار.

في لحظة وجد اخوه يقبض أصابعه، ينزلها بجواره دون أن يفعل شيء، ورغم الغضب المكبوت على وجه "قاسم"، إلا انه همس بصوت كالفحيح، وهو يقول:

_ هل وصل الأمر إلى هذه الدرجة؟ هل تهمك إلى هذه الحد؟ حتى تخشى عليها وعلى سمعتها مني؟ من هي لتهتم لأمرها يا جاسم؟

_وما شأنك أنت؟

_ حقا هل تقول لي ذلك؟ ما شأني أنا! إذا الأمر كما أظن، هناك شيء بينكم، أو ربما هناك شيء تشعر به.

_ حتى لو ما الذي يزعجك في الأمر لم تضعه على عاتقك ليس لك شأن بها..

_ تقول أنك تحبها؟

_ أنا لم أقل شيء!

_ لكن تصرفاتك تقول، أن ما تفعله وتقوله وطريقة تفكيرك، يدك التي رفعتها علي لأول مرة بعد هذا العمر تقول شيء واحد، أنها تمكنت منك تلك الحية استطاعت ان تسلبك عقلك.

_ لست انا من يسلب عقله، لست أنا من أركض خلف النساء.

_ حسنا أخي لقد فهمت، اذا ماذا تريد منها؟

_لا شأن لك بما اريد منها يا قاسم، فانا لا اتدخل في حياتك، ولهوك خلف العارضات.

_انا لا أركض خلف أحد..

_ بالفعل أنت لا تركض خلفهن، أنت فقط تضغط عليهن حتى يملوا العمل، أو يخشين الفشل وقتها سوف يكون امامها مفترق طرق، أما ان تخضع لجلالتك، او تخرج من الشركة بتوصيه تجعلها لا تليق في شركة عالمية.

بهت وجهه "قاسم" وهو ينظر له، وهو يصارحة بحقيقته يخبره انه لا يخفى عليه شئ، في الشركة وخاصة تصرفاته المشينة..

بينما "جاسم" أكمل كلامه وهو يقول:

_ لمَ تنظر لي هكذا؟ هل تظن أن لعبتك غير مكشوفة؟ أنا توامك أعرف جيداً ما تفكر فيه، ولكن كل ما تفعله مع هؤلاء لا يعنيني، اذا كانوا يخضعن بارادتهن، يعجبوا بك أو بمالك الذي تنثره تحت اقدامهن، وكأنه ليس تعب وجهد بذله والدك ونحن معه !

_ أنا لا انفق على واحده منهن من مال والدي.

_ أعرف ذلك تنفق عليهن من مالك الخاص، الذي حصلت عليه من تلك البطولات المتتالية، تلك المكافات التي تراكمت بالإضافة إلى عملك في التصميم..

_ ها أنت تعلم أنني لم آخذ شى من مال الشركة.

_ المشكلة ليست في المال وانت تعلم ذلك، المشكلة انك لازلت تشعر بالوجع من تلك النقلة التي غيرت كل شئ.

_ لا تتكلم في هذا الأمر حتى لا...

_ لن اتكلم فهي لا تستحق، لكنك بسببها للأسف بدلت البطولات ببطولات أخرى، ولكن صولاتها وجولاتها لم تكن في حلبات المصارعه او الكيك بوكس، لقد حولتها لبطولات بين طيات الفراش، مع كل عارضة لا تزيد في تفكيرك عن أنها عاهرة لا تكتفي بعرض جسدها، بل تستطيع بيعه لك..

_ اخفض صوتك وأنت تتكلم معي

_ لمَ يا "قاسم" أليس أنت من بدأت هذا الهراء؟ اليس انت من ارتفع صوته أولا؟ هل تظن أنني سأتقبل ان تساوي بين لينا وبين لؤلؤ.

_ ماذا تقول ؟!

_ أقول ما سمعته هناك فرق بينهما لؤلؤ قضت معك بضغط اسابيع وكان ثمنها شقه فارهه لم تكن لتحلم ان تمر من امامها سيارة وبعض المال في البنك ومع ذلك القيت بها كأنها حشره لوثتك على طول ذراعك والآن تبحث خلف صيد جديد إياك ثم اياك أن تقترب من "لينا".

_ لمَ هذا التشدد وكأنها جزء من العائلة

_ ربما لاني احبها، شئ مختلف شعرت به ما أن رأيتها أعجبتني

_ هل ستسير على الدرب

نظر له بحده وهو يقول:

_ ماذا دهاك قاسم هل ستتعرف علي اليوم، أنا لا أسير على دربك، ولكن إن اردت امرأه اتزوجها أمام الله والناس وليس في الخفاء، ورقتين تستطيع تمزيقهما..

_ يا الهي هل تتكلم عن الزواج حقا هل تريد أن تتزوج من تلك الفتاه أنها لا ترتقي لمستواك

_ انا من أحدد من يرتقي لمستواي، انا من احدد ما هو المستوى الذي اريده، وان كنت اريد امرأه للفراش كنت بحثت عن شيء آخر، والان تستطيع ان تاخذ التقرير وتذهب واياك ان تعاملها بطريقه سيئة لانك تتعامل مع زوجتي المستقبلية.

ما أن نطق جاسم تلك الكلمة حتى أكفهر وجه قاسم، وهو ينظر له بصدمة، لم يتخيل ان يكون اخوه متورط في حبها، هل من الممكن ان يقع الاثنين في حب نفس المرأه؟

ولكن الاثنان يتصرفان بطريقة مختلفة، احدهما يضعها تحت ضغط لتظهر حقيقتها، والآخر يحتويها حتى لا تضطر للخضوع، ولكنه لم يزد حرفا وهو يخرج من الغرفة.

كأنه اعصار تحترق الأرض تحت قدميه، عينه التي التفتت لتنظر الى لينا، جعلتها ترتعد فما في عينه كان شيء لم تكن لتتخيله، مزيج من الكره الاستخفاف، ولكن هل لمحت في عينه نظرة اعجاب مستترة؟

لكنه في النهاية غلف وجهه بالبرود وهو يتحرك الى مكتبه، الذي يعد قريبا نسبيا من مكتب جاسم، كان يتحرك في الغرفة، وهو يفكر هل يتلاعب به القدر؟ هل يعاقبه على تلك النزوات؟ يعلق قلبك بها وقبل ان يبدا اختباره تذهب من بين يديه..

وليس هذا فقط بل تذهب، لمن لا يستطيع أن يقف امامه، أو يصرح بمشاعره له..

وكيف يعترف بمشاعر لاحد وهو لم يعترف لنفسه، الا الان، هو نفسه لا يعرف أن كان من الممكن أن تبادله ما يشعر به، بالطبع لا هو نفسه راى في عينها نظرة خوف ونفور...

وكانها ترى شخص دميم وكانه ليس على نفس شاكلة الشخص الذي كانت تضحك معه، وتتكلم وكانهم اصدقاء منذ زمن...

تحرك الى الشرفة، ينظر منها ويتذكر ذلك الاحساس الغريب، الذي غزا قلبه عندما راها أول مرة وهي تتحرك بخطوات قطة، كأنها تخطو على قلبه وروحه، وهي تقترب منه تهمس بصوت يحمل نغمة مميزة

_ مساء الخير قاسم بيك..

هز راسه دون أن يكلف نفسه عناء الرد ربما لانه كان يخشى أن يخرج صوته متحشرج ثقيل مشبع بالعاطفة..

أما هي وضعت امامه ذلك الملف الخاص بها والذي يحمل بين طياته صور لعدة تصاميم، قامت بعرضها وقتها شعر بأن الدنيا تدور به

كأن كل النساء التي مرت قبلها، تناثرو من حوله، كانهن فراشات ولا زمنهم، لتاتي تلك لتبدد كل شيء وتشعره بأن قلبه يخفق بطريقة مختلفة...

عينه تنظر لها بطريقه مختلفة هو يريد شيئا منها، لا يعرف ما هو ان كان يريد أن ينهض من مكتبه، يضمها بين ذراعيه، يزرعها داخل قلبه ام يمزق شفتيها بشفتيه، يعتصر شهدها

ولكنه في لحظه أدرك انه ليس هينا ان ينساق خلف أعجابه او مشاعره، التي اججتها امراه من نظره اولى..

لذا وجد نفسه يتعامل معها بحيادية وبرود، تركها تتكلم عن نفسها استمع الى الطموح في نبرتها...

عينه التي كانت تنظر لصورها في التقرير التفتت لتقارن ما تراه في الحقيقة ليجزم ان الصور لم توفيها حقها...
قاسم: انسة . ...
لينا: لينا
قاسم: انهضي
نظرت له باستفسار
قاسم: أريد أن أرى جسدك

_ ماذا ؟
ضحك بتسلية لمَ ظهر على وجهها وهو يمني نفسه بتلك اللحظة التي لا يكتفي فيها برؤية جسدها المهلك بل لأمتلاكه، ورغم انه لاحظ ان جسدها ممتلئ بطريقة مثيرة، قد لا تناسب بعض التصميم..
الا انه قال
_ لأرى أي تصميم قد يناسبك .
_حسنا اعتذر لم اقصد شى
ابتسم لها لاول مرة وهو يشير لها لتتحرك بينماهو رجع إلى مكتبه

بعدها تركها تعمل معه بضعه أيام، ثم اتى ذلك الاختبار كانت في احد العروض لتعرض ثوب سهرة مخملي يشع بريق بلون فريد شعرها الأسود وعينها بلون العسل كانت لوحة...

حركت فيه ذلك الاحساس بالتملك ستكون له وبعدها بعدة أيام كان الإختبار القاسي، عليها ان تتنازل، ان تخضع أن تركع فإن اتت بما سيفعله من اجل الشهرة.

لن يتعب نفسه ويكمل المشوار معها ولكن في النهايه لن يستطيعوا اكمال ذلك الاختبار..

فلم تتعرض للضغط الكافي لم تمتنع عن العمل ووجدت شرط جزائي يجعلها بين المطرقة والسندال؟

فقط طردها من المكتب ربما لأنه لم يستطع أن يرى الدموع في عينها، طردها من امامه حتى لا ينهض امام الجميع ليقبلها بشغف وعشق

كل هذا يدور في عقله، ولكن كلمة واحدة من جاسم جعلته يشعر كأن هناك دلو من الماء البارد سكب فوقه وهو في وسط الطريق، لقد قال اخوه التوام

«انها زوجته المستقبلية»

همس بصوت يحمل الرفض:

_ هل يعني ما يقولها أم هو فقط يحاول مناكفتي، ولكن جاسم ماذا علي أن أفعل هل سأتركها

رد عليه عقله: وهل كانت لك من الأساس.

أما هناك كانت قمر تقف أمامك تلك اللوحة التي ترسم عليها أحد التصاميم، لكنها في لحظه تركت كل شيء، التفتت بعينها تبحث عن خالد، الذي يحتسي فنجان من القهوه رغم أنه ممنوع من ارتشافها..

اقتربت منه بدلال تضع يدها على كتفه وابتسامه تشع من وجهها، وهي تقول:

_هل أستطيع أن استشيرك في أمر

_ بالطبع حبيبتي كل ما تريدي أمر واجب التنفيذ

_حتى لو كان الأمر قد يغضبك

_وما الذي سيغضبني؟

_ أريد منك استشاره

نظر لها باستفسار، فامسكت يده تجبره على السير خلفها، ورغم أنه يدرك إلى أين تخطو قدماه، إلا أنه لم يتوقف.

وقفت أمام ذلك التصميم الذي يعد رائعا بكل المقاييس، وهي تقول:

_ اشعر أن هناك شيء ناقص؟

_ولمَ أغضب أن تطلبي رأيي في تصميم لك يا قمر..

_ الذي سيغضبك أنني لا أريد رأيك فيه

_ممم! اذا ماذا تريدين؟!

_ أريدك أن تكمله، أو تعدله؛ لأني سأمت من كثرة المحاولة، ربما هناك شيء زائد أو نقص.

_لا يوجد به شيء قمر أنه قمة في الإبداع

_لكن لمسة من يدك ستجعله أروع

_ هذا ما تريه أنتِ، رغم أنك تعرفي السبب وراء توقفي عن التصميم ومحاولة اولادنا لتدارك الأمر، ليس هين يا قمر أن أعود إلى التصميم مرة أخرى.

_لمَ يا قلبي؟

_ هل تدرك ما حدث؟ لقد غزوا بالتصاميم الخاصة بي الأسواق قبل أن أقوم بعرضها، ولو أنني قمت بعرضها، كنت سأتهم بالسرقة والغش التجاري!

_ اذا عليك أن تحذر في المرة القادمة ولكن لا تتوقف عن ما حلمت به وما سعيت من أجله، لن تتوقف عن ما سافرت من أجله خالد، ذلك الأمر كان مدبرا، سرقة التصاميم، الصبغة التي تبدلت، مثبتات الألوان التي تم التلاعب بها، الأقمشة التي تعد منافية المقاييس، كل هذا يقول شيء واحد أننا أمام انتقام شرس.

_ أعلم ذلك حبيبتي

_ ولأنني أعلم أنك تعلم عليك أن تكمل، لن تتوقف.

_هل هذا أمر يا قمر؟

_هل تظن ذلك؟

اقتربت لتضع يديها على كتفه، تقترب لتضم نفسها إليه، ترفع عينها لتنظر في عمق عينه، وهي تقول بدلال، لا يخرج إلا له هو فقط :

_ الا يحق لي بعد كل هذه السنين ان أأمر وأتدلل؟

ابتسامة شقت شفتيه، جعلتها تقترب تقبله بشغف، اشتاقت لقربه حرك يده ليقربها أكثر وهو يأخذ ما تقدمه بشوق ولهفة.

تعمق في قبلته، في اللحظة التي كاد فيها "آسر" أن يدخل المرسم، لكنه تراجع في آخر لحظة، وهو يجذب يد أخته التوأم أروى، يطالبها بأن تذهب معه إلى غرفته..

_ ماذا هناك؟ ماذا حدث؟!

_لا شيء، عن اي شيء تسألينني "اروى"، لماذا كنتِ ذاهبة إلى المرسم؟

_ اردت أن أتحدث مع أمي في موضوع.

_ حسنا ليس الآن، أنا أريد أن اتكلم معك في موضوع هام

_ اي موضوع تريد ان تتكلم معي فيه يا "آسر"؟

_ لا أذكر!

_ اذا دعني اذهب إلى أمي اريد منها الموافقه واقناع ابي، أن اذهب إلى تلك الرحلة.

_ هل تظني أنه سيتركك لتذهبي إلى اوروبا أيتها الحمقاء، بالطبع لن يوافق أحد واولهم أنا...

_ لمَ انا لن اسافر بمفردي سنكون مجموعة والرحلة خاصة بالجامعة.

_ ومع ذلك لن تذهبي، هل نسيتي ما حدث لوالدك؟

_ لكنه تجاوز الأمر

_ هل هذا ما تظنينه؟ تجاوز أبي الأمر، أن الأمر لم يصل اليك من الأساس، لقد تعرضنا لمؤامرة كبيرة محاولة لتحطيم اسم خالد قاسم، وانت نقطة ضعفنا لو حدث لكي أي مكروه.

_ لن يحدث شئ ولكن حاول معي إقناع والدنا.

_لن نتركك لتسافري بمفردك.

_ أنت تكبر الموضوع "آسر" جميع أصدقائي مسافرون ولست أنا بمفردي.

_ لن يوافق أحد فلا تتعبي نفسك.

_ لمَ تعقد الأمور، لقد سافرت أمنا وهي في نفس سني تقريباً.

_ لقد سافرت أمي بعد أن أنهت دراساتها، لتدرس وليس لتتجول في أرجاء اوروبا، وتقضي بعض الوقت مع اصدقائها

_لمَ لا تذهب معي؟

توقف الكلام عندما استمعوا لصوته الصارم وهو يقول:

يتبع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي