قرين ميّت البارت السادس عشر

"قرين ميّت" "البارت السادس عشر"

اتجه القاتل نحو غرفة مريم ودفع الباب بقوة عدة مرات حتى تمكن من فتحه.
صاحت مريم بهلع وسقط هاتفها من بين يديها.
قالت مريم ببكاء وتوسل:
_أرجوك دعني وشأني، ماذا تريد؟

ظل القاتل صامتاً ويتحرك ببطء نحو مريم بينما كانت هي تتحرك بالبطء ذاته.
زحف نظر مريم نحو باب الغرفة وصارت تسير نحوه.
تمكن القاتل من ملاحظة ذلك لكنه ظل على ما هو عليه.

جمعت مريم رباطة جأشها ثم اندفعت نحو باب الغرفة، لكن قبل أن تطأ قدمها في الخارج انقض عليها القاتل وأمسك رأسها بقوة وصار يضرب بها عرض الحائط إلى أن غابت عن الوعي.

قام القاتل بترتيب المنزل كما لو أنه لم تحدث مطاردة فيه قبل قليل، ثم حمل مريم فوق كتفه وغادر المنزل ثم وضعها في السيارة وغادر.
توقفت القاتل على قارعة الطريق، مكان مظلم موحش لا يمر فيه أحد، تحيط بالطريق الأشجار من كلا الجانبين.

ترجل القاتل من السيارة ثم حمل مريم فوق كتفه وطرحها أرضاً.
عاد القاتل ثانيةً نحو السيارة وأخرج منها سلاح أبيض.
وقف قليلاً بجانب مريم قبل أن يجثو على ركبتيه بجانبها.

كان القاتل شارد إلى أن بدأت مريم أن تستعيد وعيها، فسرعان ما وضع يده فوق فمها بقوة ومن ثَم شق عنقها فتناثرت دماؤها على الوشاح الذي يحيط برأسه ونصف وجهه وعلى ثيابه.
زفر القاتل بقوة ثم كشف عن خصرها ودوّن عليه بواسطة السلاح الأبيض كلمة "عاقبة".

نهض القاتل مسرعاً بينما كانت الدماء تنسال من جسد مريم، فانتظر حتى تملأ الدماء بقعة لا بأس بها ثم وطأ بقدميه عليها، وبعد عدة ثوانٍ أخرج قدميه من ذلك الحذاء ثم وضعه في حقيبة بلاستيكية، وسار حافي القدمين نحو السيارة وضع بداخلها تلك الحقيبة وأخرج حذاء آخر.

تنهد القاتل ثم سار نحو الغابة بعدما جلب من السيارة معطف بدلاً من الذي تلوث بالدماء و مصباح أيضاً بينما كان ممسكاً بالحذاء بين يديه.
توغل القاتل بين الأشجار ثم أشعل المصباح ووضعه بجانب إحدى الأشجار.

نزع القاتل قناعه وسار نحو المصباح فظهرت معالم وجه آدم!.
تبسم آدم ثم بدّل معطفه وأحرق القناع والقفازات بالإضافة إلى المعطف الذي تلوث بدماء مريم.
بعد قليل خرج آدم من الغابة وألقى خاتم خطبة يشبه خاتم مُهاب بجانب مريم.

قهقه آدم بسخرية ثم همس قائلاً:
_هنيئاً لك يا مُهاب.
ألقى آدم نظرة أخيرة على مريم ثم صعد إلى سيارته وأدار محركها.
بعد مرور عشرون دقيقة توقفت سيارة آدم أمام منزل مُهاب.

ترجل آدم من السيارة بعدما التقط منها الحذاء والسلاح الأبيض، ذهب في جولة حول المنزل ليتفقد نوافذه وبالفعل وجد نافذة ليست محكمة الإغلاق فسرعان ما دلف من خلالها، سار على أطراف أصابعه لكي لا يصدر أي صوت، دلف إلى غرفة المؤن ودس فيها الحذاء والسلاح الأبيض ومن ثَم غادر.

توقفت سيارة آدم أمام منزل ما، فترجل من السيارة ثم اتجه نحو المنزل وطرق عدة طرقات وانتظر.
بعد مرور دقيقتان قامت فتاة بفتح باب المنزل وما إن رأت آدم حتى احتضنته بقوة وهمست إليه بهيام:
_آدم لقد اشتقت إليك كثيراً.

تبسم آدم وربت فوق رأسها ثم قال:
_لقد اشتقت إليكِ أيضاً.
ابتعدت الفتاة عن آدم ثم دلفا سوياً إلى المنزل.
بعدما قضى آدم بعض الوقت برفقة الفتاة قال بينما كان يرتدي معطفه:
_شروق، تعلمين كم أحب قضاء الوقت معكِ أليس كذلك؟ فأنا أحبكِ.

تبسمت شروق واتجهت نحوه واحتضنته بقوة وقال:
_أعلم، لكنني أحبك حباً جما يا آدم، أنا على أهبة الإستعداد لأفعل أي شيء، يمكنني إشعال الحريق في العالم بأسره من أجلك.
لاحت ابتسامة يملؤها الخبث أعلى شفتي آدم فالتفت إليها وقال:
_أي شيء!! هل أنتِ جادة؟

فسرعان ما قالت شروق:
_بكل تأكيد.
تنهد آدم ثم جذب شروق من يديها وجلسا فوق الأريكة.
تنهد آدم ثم قال بينما كان يعبث في خصيلات شعرها:
_هل يمكنكِ أن تسدي لي معروفاً؟

فسرعان ما قالت شروق:
_بالطبع يا عزيزي، يمكنني فعل أي شيء من أجلك فقط أخبرني.
تنهد آدم ثم قال:
_أريدكِ أن تذهبي إلى الشرطة..
فسرعان ما اقتضبت شروق حديثها ونهضت قائلة بفزع:
_ماذا؟

فنهض آدم أيضاً وكاد أن يتحدث لولا أن قالت شروق:
_أنت لن تقوم بتليمي للشرطة من أجل إدماني للممنوعات أليس كذلك؟
تعالت قهقهات آدم قائلاً:
_ستظلين طفلة يا شروق، مهما تقدم بكِ العمر ستظلين على ما أنتِ عليه.

أمسك آدم بيد شروق وجعلها تجلس.
زفر آدم بقوة وقال بعدما جلسا سوياً:
_كل ما ستفعلينه في قسم الشرطة أنكِ ستخبريهم باختفاء صديقتكِ.
ضمت شروق حاجبيها وقالت:
_أي صديقة تقصد؟

زفر آدم بنفاذ صبر وقال:
_الأمر ليس كذلك، هناك فتاة متغيبة عن مزلها ستدّعين أنها صديقتكِ.
زفرت شروق وقالت:
_ماذا بعد؟

فقال آدم:
_بالطبع سيطرحون عليكِ بعض الأسئلة مثل كيف علمتِ أنها متغيبة وما الذي دفعكِ للقلق بشأنها ومتى التقيتِ بها آخر مرة.
فقالت شروق:
_ماذا سأقول حينها؟

اتسعت ابتسامة آدم وقال بنبرة حادة بعض الشيء لكي يرسخ تلك المعلومة داخل عقل شروق:
_كل ما عليكِ قوله حينها أنها كانت تشعر بالضجر في الوهلة الأخيرة خاصةً حينما التقت بخليلها السابق وهددها بالقتل!

جحظت عيني شروق وقالت:
_ما هذه القصة التي تلقيها على مسامعي!!
حاول أدم أن يضمر غضبه ثم قال:
_حينها ستثيرين فضولهم وستجعلين الشكوك تحوم حول خليلها السابق هذا، لذا سيكونون بحاجة إلى المزيد من المعلومات.

فقالت شروق بملل:
_وماذا بعد؟
تنهد آدم وقال بنبرة يملؤها الخبث:
_ستقولين لهم أن صديقتكِ تلك كانت لا تزال تحب خليلها السابق حد الجنون لذا ذهبت إلى حفل خطبته ولكنه ما إن رآها حتى صاح بها وقام بتهديدها بأنها إن اقتربت منه أو من الفتاة التي سيتزوج منها سيقوم بقتلها.

صمت آدم لبرهة ثم أخرج هاتفه وقال:
_سيطرحون عليكِ سؤالاً هام جداً ألا وهو كيف علمتِ بكل ذلك؟
فسرعان ما قالت شروق:
_صحيح، ماذا سأخبرهم حينها؟

تبسم آدم ثم قام بتشغيل مقطع فيديو ثم أوقف تشغيله ونظر نحو شروق قائلاً:
_لا أعلم إن كان هذا من حسن حظي أم من سوء حظ تلك الفتاة التي تدعى مريم.
ضمت شروق حاجبيها وقالت بعدم فهم:
_ماذا تقصد لا أفهم؟!

التفت آدم نحو شروق وقال:
_تلك الفتاة التي تدعى مريم مولعة بوسائل التواصل الإجتماعي، لديها العديد من مقاطع الفيديو عبر الإنترنت بصوتها.
فقالت شروق بتساؤل:
_وما الحاجة لصوتها؟

فقال آدم بنبرة يملؤها الخبث:
_إنه كل ما لدينا لكي نُدين خليلها السابق.
ضمت شروق حاجبيها وقالت بتساؤل:
_كيف؟
فسرعان ما قال آدم:
_عزيزتي، يبدو أنكِ نسيتِ أنني أدير مؤسسة برمجيات.

تجلى حاجبي شروق وقالت بدهشة:
_لا تقُل أنك ستبرمج صوتها!؟.
فقال آدم وهو يختال نفسه:
_سعيد أنكِ بدأتِ تدركين ما أسعى إليه.

تنهد آدم بسعادة وقال بخبث:
_سأقوم ببرمجة صوتها وأدع الروبوت يقُل كل ما أريد في تسجيل صوتي عبر أي وسيلة من وسائل التواصل الإجتماعي لكي نثبت صحة ما تقولين، وحينها يا عزيزتي سيتم إلقاء القبض على كبش الفداء.

تبسمت شروق وقالت:
_لمَ تفعل ذلك؟ ما الذي سيعود عليك بالنفع من وراء ذلك؟
رمقها آدم بغضب ثم بتسم رغماً عنه وقال بعدما وضع يده فوق وجنة شروق:
_ألم أخبركِ من قبل أن طرح المثير من الأسئلة لا يروقني؟

شعرت شروق بالحرج ولكنها تفادت ذلك وقالت بعدما ابتعدت عنه:
_متى تريدني أن أقوم بذلك؟
فقال آدم:
_كنت أود أن تقومين بذلك الليلة لكن الروبوت به بعض الأعطال لذا سننتظر حتى يأتي الغد أو بعد الغد.

صمت آدم لبرهة ثم تذكر أمر هام فقال:
_لا بد أنهم سيسألونكِ إن كنتِ تعرفين هذا الرجل، ما إن أنتهي من برمجة الصوت سأبعث لكِ عنوان منزله، ستخبرينهم أن صديقتكِ مريم أخبرتكِ بالعنوان ذات مرة.

بعد قليل غادر آدم منزل شروق وصار عاكف العمل على الروبوت الذي صنعه دون علم السيد عثمان، وقد انتهى منه بعد مرور يومين كاملين.

في نهاية اليوم الثاني غادر آدم المؤسسة وقبل أن يستقل هاتَف شروق قائلاً:
_يمكنكِ الءهاب الآن.
استقل آدم سيارته وقادها ذهاباً إلى مكان قريب من جثة مريم ثم التقى هناك برجل يدعى عبدالله يعمل في المشفى العام.

ترجل آدم من السيارة واتجه نحو الرجل الذي يدعى عبدالله.
كان آدم ينظر إلى عبدالله بعينين حادتين مما أثار زعر عبدالله.
تبسم آدم بخبث قائلاً:
_هل أنت خائف؟

فسرعان ما قال عبدالله يتلعثم:
_لا يا سيدي، لست خائفاً.
تنهد آدم وقال:
_إذاً لا بد أنك تعلم أنه عليك أن تذهب من هذا الطريق.

أشار آدم بسبابته نحو الطريق، فالتفت عبدالله نحو ذلك الطريق، فتسلل الرعب إلى أواصره وقال:
_هل سأذهب بمفردي؟
ضغط آدم على نواجزه بقوة وقال بنبرة يملؤها الغضب:
_كيف وقع إختيار أكرم عليك؟ هل يمكنك أن تصمد أمام الشرطة وتخبرهم بما لقنتك إياه؟

فقال عبدالله بينما كانت أطرافه ترتعد:
_أجل يا سيدي سأفعل ذلك، لكن أنا فقط أخشى السير في ذلك الطريق المظلم، ماذا سأفعل إن دوهمت من قِبل شبح تلك الفتاة؟!

قهقه آدم بسخرية ثم اجتاح الجمود وجهه وأخرج سلاحه من خلف ظهره ووجّهه نحو رأس عبدالله وقال بصوت جهوري:
_إن لم تكف عن هدر الوقت بهذه الطريقة سوف أصيبك برصاصة تستقر في رأسك وربما تخرج من الجهة الأخرى.

ارتعد جسد عبدالله وقال بعدما همّ بتقبيل يد آدم:
_أنا آسف يا سيدي سوف أفعل كل ما أُمرت به.
أمسك آدم بياقة ثوب عبدالله وجذبه نحوه ثم رمقه بنظرة يبعث من خلالها تهديد واضح وصريح ثم دفعه بعيداً عنه.

فعل عبدالله ما أُمر به بكل حزق وسرعان ما أتت الشرطة والطبيب الشرعي برفقة سيارة الإسعاف وكذلك الصحافة وقد تم تنفيذ نصف مخطط آدم.
كان آدم يراقب كل شيء عن كثب دون أن يراه أحد.

بعد قليل تلقى آدم مكالمة من شروق فسرعان ما أجاب المكالمة وقال:
_كيف سارت الأمور؟
فقالت شروق بهلع:
_انتظر قليلاً، أكاد أفقد توازني من شدة ارتعاد جسدي.

فقال آدم بنبرة حادة لكنها خافتة:
_هيا أخبريني ما الذي حدث، هل غادرتِ قسم الشرطة؟
فصاحت شروق قائلةً:
_بالطبع غادرت.
حاولت شروق أن تُهدّيء من روعها ثم قالت:
_لقد سار كل شيء على ما يرام، هم الآن في طريقهم إلى منزله.

تنهد آدم وقال:
_حسناً، عودي إلى المنزل.
فقالت شروق:
_في طريقي إلى هناك، هل ستأتي الليلة؟
فقال آدم:
_لا أعلم، لا تنسي أنهم لا بد أن يستدعونكِ عندما يعثروا على جثمان الفتاة..

اقتضب آدم حديثه حينما هاتفه أكرم فسرعان ما قال:
_حسناً يا شروق لنتحدث لاحقاً.
أنهى آدم مكالمة شروق وتلقى مكالمة أكرم قائلاً:
_هل تراقبه؟
فقال أكرم:
_أجل، لقد غادر منزله للتو يبدو أنه ذاهب للقاء وهج.

فكر آدم قليلاً ثم قال:
_حسناً اتبعه وأخبرني إلى أين سيذهب لا تدعه يغيب عن ناظريك.
فقال أكرم:
_حسناً يا سيدي.

بعد قليل انتبه آدم من شروده حينما هاتفه أكرم فسرعان ما أجاب المكالمة قائلاً:
_ما الأمر؟
فقال أكرم:
_لقد التقى بوهج كما أخبرتك يا سيدي.

امتعض آدم ولكن قال:
_كيف تجري الأمور بينهما؟
فقال أكرم:
_لم أتمكن من الإقتراب منهما لكن يبدو أنهما يتشاجران.
تبسم آدم وقال:
_إذاً أرسل لي الموقع في الحال.

أنهى آدم المكالمة بينما أرسل إليه أكرم الموقع فسرعان ما أدار محرك السيارة وذهب إلى حيث كانا مُهاب ووهج.
التقى آدم بأكرم ولكنهما كانا يمكثان بعيداً عن مُهاب ووهج لكي لا يتمكنا من رؤيتهما، بينما كان هناك شرطي يراقب مُهاب.

أخرج الشرطي هاتفه وقام بالإتصال بشرطي زميل له قائلاً:
_إنه هنا يتحدث إلى فتاة ما، ماذا عنكم؟
فقال الشارطي الآخر:
_لقد عثرنا على بعض الأدلة.

ضم الشرطي حاجبيه وقال بتعجب:
_حقاً؟ وما هي؟
تنهد الشرطي الآخر وقال:
_لقد عثرنا على سلاح أبيض وحذاء ملوث بالدماء، سنحصل على أمر بإلقاء القبض عليه ثم نأتي، لا تدعه يلوذ بالفرار، إنه قاتل ويجب أن ينال العقاب.

فقال الشرطي بنبرة رسمية:
_حسناً، أنا في إنتظاركم.
أنهى الشرطي المكالمة ثم أكمل عملية المراقبة بحذق، كان يضع يده فوق سلاحه لأنه خشي أن يمس مُهاب تلك الفتاة التي برفقته بأي أذى.

انتظر آدم قليلاً ثم هاتف عمه السيد عثمان وحثّه على المجيء.
بعد مرور بعض الوقت دوهم مُهاب من قِبل الشرطة بينما كان يصيح بأنه لم يفعل ذلك لكن خطة آدم كانت محكمة للحد الذي لم يترك مجالاً لوهج بأن تصدق!.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي