7

"روبن!! لما لم ترد على إتصالاتي لقد فوت إجتماعاً
مهما، لو لم أتصرف لخسرنا الملايين أين كنت؟!"

"ستيف أرجوك ليس وقتك يكفيني بيلا يكاد رأسي
ينفجر من البارحة"

تحدث روبن بعد دخوله مكتبه وهو في حالة إنهاكٍ
شديد، ليخلع سترته ويرمي بربطة عنقه ويحرر
صدره قليلاً ليتنفس براحةٍ بعدما إرتمى على كرسيه
بإهمال، تحت نظرات صديقه المقلقة منذ رؤيته
بهذه الحالة ولأول مرة.

"روبن مابك هل أنت بخير؟! لما كل هذا التعب البادي
عليك؟!"

"إبنتي تعرضت لحادثٍ وهي تقبع الآن بالمشفى
من البارحة ستيڤن!"

تكلم بتنهدٍ وهو مغمض العينين يدعك بيده المستندة
على المكتب مابين حاجبيه، لعل الصداع والإرهاق
الذي يشعر به يخف قليلاً.

"حادث!! لا تقل أنها كانت من ضمن المدعوين في
ذلك المنتجع الذي إندلعت فيه النيران ليلة
البارحة؟!"

"للاسف إنها كذلك"

"ياللهول هل تأذت؟ هل هي بخير؟!"

"إنها كذلك بسبب إنقاذها عن طريق شخصٍ مجهول
ضحى بنفسه ليندفع نحو تلك النيران ليخرجها سالمة
لأول مرةٍ أشعر بالإمتنان لشخصٍ ما، لقد أنقذ وحيدتي من الموت"

"هذا مريح أنها بخير، عليك بمكافئة هذا الشخص
جيداً لقد أحسن صنعاً!"

"دعني أجده أولاً بعدها أكافئه لقد اختفى فوراً بعدما
سلمها للأطباء، وأكد عليهم مساعدتها وفحصها حقاً
لهو شخص غريب!"

"هذا يعني أنه ليس من الطامعين مادياً، تباً لا يهم
المهم ان الصغيرة بخير"

"الأموال آخر همي أمام عائلتي ستيف، رغم جفاءي
أمامهم إلا أن سلامتهم من أولوياتي"

"أعلم يا صديقي، أعلم والآن لا تقلق لقد تكفلت بالإجتماع وقد شرحت لهم سبب تغيبك عن طريق
مرض زوجتك، لذا تم تأجيله للغد لا تقلق كل شيءٍ
على ما يرام"

"أنا حقاً سأضيع من دونك يا صديقي، ممتنٌ لذلك
فعلاً شكراً لك"

"نحن معاً منذ سنوات ياروبن وسنظل كذلك حتى
آخر رمق فطريقنا واحدٌ يا صديقي العزيز"

ربت ستيف على كتف صديقه وبعدها غادر المكتب
ليترك الآخر حتى يرتاح قليلاً، ويتولى بقية الأعمال
وروبن بالفعل أسند رأسه على كرسيه وأغمض
عينيه لعله ينال قسطاً من الراحة قبل أن يغادر،
لرؤية ابنته.

(في المستشفى)

"ساعديني أرجوكِ! إنه مؤلمٌ وبشدة، دعيه يدفع الثمن"

"لما بريا إنها والدتي أنظري هاهي تحترق، لا أستيطع
إنقاذها!!"

"ساندي هي من عانت لقد اغتصبها واحرقها وهما عاوناه على قتلها وقتل عائلتها"

"إنهم أحياء وسينتقمون، وأنتِ معهم ستسبحون
جميعكم في الجحيم، أسمعتني ستحترقون بالجحيم
النار التي لعبتم بها ستلعب بكم!!"

"المشاهد ستعاد، كل ساقٍ سيسقى بما سقى"

"ما أنتم إلا حيواناتٍ على أشباه البشر!!"

"فلتموتي!!!"

شهقت الموت أصدرتها زيلدوڤيا حال إستيقاظها جعلها تستقيم على فراشها، تتنفس بصورة سريعةٍ
وثقيلة انتبهت لها صديقتها لتحاول تهدأتها وعندما
لم يجدي نفعاً معها، هرعت تنادي على الطبيب
تاركةً إيها غارقةً بدموعها تعيد المشاهد من الكابوس
في مخيلتها.

"بيري هل أنتِ بخير؟! هل يؤلمك شيء أرجوكِ تكلمي معي!"

"أنسة ڤيكي هي مازالت اللاوعي فلتتفضلي خارجاً
ونحن سنقوم بعملنا لو سمحتِ"

"هل ستكون بخير؟!"

"إنها كذلك إطمئني انها في حالة ما بعد الصدمة ولكنها ستكون على أحسن ما يرام"

أومئت له لتخرج من الغرفة بتردد بعدما ألقت نظرتها
الأخيرة على صديقتها، وهي بين أيدي الممرضة
والطبيب وقد قررت الإتصال ببيلا لتعلمها عن استيقاظ زيلدوڤيا والحالة التي بها.


"مرحباً خالتي بيلا"

"ڤيكي!! مالأخبار بنيتي كيف هي زيلدوڤيا؟!"

"لقد استيقظت لتوها خالتي!"

"حقا!! هل هي بخير؟ هل تكلمتا؟!"

"إنها بخير خالتي اطمئني والطبيب معها ولكنها
ما زالت تحت تأثير الصدمه، لكن اطمئني الطبيب
قال أنها قوية وستتجاوز ذلك بسرعة"

"لا يمكنني أن أصدقك حتى أراها بأم عيني، لذا
أنا قادمةٌ الآن!"

"خالتي لا داعي لذلك ارتاحي اقسم أنها بخير حالما
تعود إلى وعيها ستحادثك، لا داعي لأن ترهقي نفسك!"

"لا يمكنني ڤيكي، لا يمكنني أن أرتاح حتى أطمئن عليها بنفسي أنا قادمة"

"حسناً بإنتظارك خالتي إلى اللقاء"

تنهدت بضيقٍ بسبب تهورها ما كان عليها الإتصال وإخبارها، مازالت تعاني من مرضها ولكنها تهمل نفسها من أجل ابنتها التي لا تهتم لها أساساً،
ما كان عليها إقلاقها من المفترض أن تتصل بوالد
زيلدوڤيا أولاً أليس كذلك؟! هنا لعنت ڤيكي
ذكاءها الخارق الذي أتعبتهم على حد مفهومها.

خرج الطبيب والممرضة من غرفة زيلدوڤيا كانت
مستيقظةً، ولكنها لا تقوى على الكلام بعد مازالت
في حالة ذهول وشرودٍ شديد ڤيكي مازالت في
الخارج ذهبت لتجلب لها شيئاً ريثما تحضر
والدة صديقتها، هنا قُطع هذا الهدوء فتح باب
الغرفة بهدوء.

أمالت زيلدوڤيا برأسها ناحية الباب لترى من الزائر
ليدلف شخصٌ بقناعٍ على وجهه، ويغطي رأسه
وبقية ملامحه بقبعة الهودي الذي يرتديه دب
الرعب في جسد القابعة على السرير فهي
عاجزةٌ عن الحركة والكلام.

"هششش، إهدئي لست ممن يفكرون بإذائك تنفسي
إنكِ بخير صغيرتي"

تحدث وهو أشار بسبابته على شفتيه بمعنى اسكتي
وهو يقترب منها ببطئ، يحاول إطمئنانها حتى وصل
إليها ليمسح دموعها بإبهامه ويمسح على رأسها
بحنان يحاول إدخال السكينة إلى روحها، وبالفعل
زيلدوڤيا هنا إطمئنت له لا تعلم لما تفعل ذلك
أوليس عليها الصراخ والنفور من هذا الغريب.

لا تعلم سبب شعورها أنها تعرفه قريبٌ من قلبها
وروحها، ينبعث منه تلك الهالة التي تخبرها ما هو
إلا ملاكها الحارس مستعدٌ لقتل من يفكر فقط المساس بها بسوء.

"أنتِ أخر من أفكر بأذيتها بريا لأنكِ مهمةٌ وعزيزةٌ
على قلبي، وإلا لما جازفت وأخرجتك من بين ألسنة
اللهب تأكدي أنك تحت ناظري في كل لحظةٍ أراقبك
وأعلم عنك مالا تعلمينه أنتِ عن نفسك، لا تتعجل
في معرفة من أكون فقريباً جداً سنجتمع لتحقيق
هدفٍ واحد.

بريا أنتِ لا تعلمين بأنك محاطةٌ بالوحوش ومن
ضمنهم أقرب الناس إليك، لذا نصيحتي لك لا
تثقي بمن حولك أبداً فقريبا سينكشف الستار
ويبدا صراع الإنتقام بريا، فأنتي تحملين في
داخلك طيف شخصين بريا وساندي، وستعرفين
من هم قربباً"

أنهى حديثه بأن إقترب منها ليضع راحة يده على عينيها وينزع قناعه ليطبع قبلة على جبهتها، وبعده
يعيد القناع ويبعد يده عن نظرها التي أعادتهما له
بهدوء، الإبتسامة التي كانت وجهه ذاك المجهول
واضحةٌ حتى من خلف القناع لذا راهنت أن ابتسامته
حنونه ودافئةٌ جداً.

توجه نحو الباب بسرعه ناوياً الخروج وهي قد تتبعته بعينيها، حتى إلتفت لها قبل ريحيله يلوح
لها مودعاً ويغادر، ثوانٍ معدودةٍ فقط فتح باب
الغرفة على مصرعيه ليظهر من خلفه والدتها
وصديقتها، لا تعلم لما اجتاحها الضيق بمجرد رؤيته لها.

"زيلدوڤيا حبيبتي وأخيراً استيقظتي!"

هرعت والدتها نحوها تحتضنها وتوزع قبلاتها الحانية
على رأس ابنتها، هنا شعرت الصغرى بالضيق والنفور
ولكنها لا تقوى على ابعادها أو حتى مبادلاتها لذلك
ظلت صامتةً بكره توجه أنظارها لصديقتها، والتي
بدورها فهمت عليها وأعطتها نظرةً بأن لا بأس
كوني بخيرٍ فقط.


"حبيبتي لما أنتِ صامته تكلمي، لا مانع لدي من أن
تصرخي علي كعادتك لا بأس أنا راضيةٌ تماما ولن
انزعج أبداً فقط أسمعيني صوتك لأطمئن عليك
صغيرتي"

"خالتي اطمئني كما أخبرتك الطبيب قال إنها بخير،
ويمكنها المغادرة اليوم إن شاءت ومع الوقت ستعود
إلى طبيعتها وأفضل"

"أتمنى ذلك ولكنها لن تغادر المشفى ستبقى حتى
نطمئن عليها أكثر، ما رأيك صغيرتي هذا لمصلحتك"




"مصلحتها أن تعود معنا إلى المنزل لأنها ليست
بحاجةٍ للمكوث هنا أكثر!"

"روبن؟!"

قاطع حديثهم بدخوله الغرفة وبإندماجهم معها لم يشعروا به وهو يدخل الغرفة.

"ماذا؟! وكأنك رأيتِ شيطاناً لا زوجك أنسيتي أنني
والدها ويمكنني الحضور متى ما شئت"

"لم أقصد هذا ولكن لم أتوقع مجيئك وترك أعمالك
فهي أهم من كل شيء"

"أظن أنه لا وقت لذلك الآن وابنتي بالذات أهم من أعمالي حتى أنني خسرت صفقةً مهمةً لأجلها، ولكن
لا يهمني بقدر سلامة طفلتي!"

"ومع هذا ستبقى بالمشفى حتى تستعيد عافيتها
بالكامل مازالت لا تستطيع التحدث"

"أعلم وقد تحدثت مع الطبيب وهي بخير مجرد
مسألة وقتٍ لا أكثر، لذا ستخرج معنا والآن"

سئمت زيلدوڤيا من روتين شجار والديها في كل
مرةٍ يجتمعان بها معاً، يدعيان الإهتمام أمامها
وهاهما يتشاجران ويزعجانها رغم تعبها بغضبٍ
دفعت طاولة الاجهزة التي كانت تتكأ عليها لتقع
أرضاً وترتطم بها، مما تسبب بذعر الحاضرين.


"مالذي فعلته أنتِ؟!"

نفضت الغطاء عنها لتنهض وتأخذ ملابسها لتدخل
الحمام صدتها والدتها بدايةً ولكنها دفعتها عنها
جعلتها تقع على السرير وتتجه داخل الحمام،
دقيقتين كانت جاهزة لتخرج مندفعة تأخذ أغراضها
وتمسك بيد صديقتها تجرها معها للخارج وسط نداء
وسخط والديها.


"بيري توقفي، على مهلك سأقع!"



استوقفتها ڤيكي لتقفا في الخارج نظرت نحوها لتراها عادت لشرودها ولكن هذه المرة تبتلع غصتها
بمرارة، اقتربت منها وسحبتها لتأخذها في حضنٍ
جعل الأخرى تبادلها وتجهش بالبكاء، أخذ ڤيكي
تمسح على ظهرها لعلها تهدأ.


"عزيزي لا بأس كل شيءٍ سيكون على ما يرام لا
تجهدي نفسك، اسمعيني تعالي معي للمبيت عندي
ولترتاحي ويمكنك العودة غداً عند بدء الدوام
الدراسي مارأيك؟ هكذا لن تحتكي بهما كثيراً"


فصلت عناقها عنها لتومأ لها موافقةً لتستقلان
سيارة أجرةٍ بعدها، تحت أنظار ذاك الشخص
المراقب للوضع بأكمله ليبتسم بعدها بخبث ينظر
للأعلى تحديدا نافذة الجناح التي كانت تمكث بها،
فقد كان روبن يراقب هو الأخر ابنته وصديقتها حتى
رحلا ولكنه لم يلحظ زوج الأعين التي كانت
تشمت به من بعيد.


(عند هاري)


"عمتي توقفي لن أخذك لأي مكان!!"



"أيها الخنزير عديم المشاعر أليست تلك نفس
الفتاة التي أنت معجبٌ بها؟!"


"هذا الأمر يخصني أنا ولا علاقة لك بالأمر مالذي
تريدينه من الذهاب لرؤيتها؟!"


"مابك، هل نسيت أن زيارة المريض واجبة؟ يا عديم
المسؤوليه!!"


"عمتي الجميلة أنا أعرفك أكثر من نفسي، المسألة
عندك ليست زيارة وحسب تريدين الإلتصاق بها
كالعلكة وتحرجيننا"


"أنا أحرجك يا قليل الحياء والتربية؟!"


"نعم تحرجينني ودائما مراهقتك المتأخرة هذه
تجعل من أصدقائي يسخرون مني، إلى متى
ستلتصقين بمن هم أصغر منكِ؟ هل تعلمين ماذا
يطلقون عليك، البيدولوفيه المسنه لا تظني أنهم
يضحكون معك مرحا بل سخريةً منك فانت بعمر
امهم أو جدتهم، لذا أغربي عن وجهي وعن حياتي!!"



خرج وصفع باب الغرفة لم يبالي كيف جرح مشاعر
عمته، لم يكن ببالها أبدا ما فكر به أرادت فقط الإطمئنان على الفتاة التي كادت أن تموت حرقاً
تجاهل طيبتها ورقة قلبها ولم يلتفت إلا لمساوئها،
لذلك قررت زيارتها رغماً عنه ولن تهتم له رغم الدموع
التي انسكبت بسببه إلا انها لن تبالي لكلامه.






(في مكانٍ آخر)


خرج أوم من مكتب السيد ستيڤ ليتوجه إلى سيارته
ما إن ركبها حتى ذعر ممن كان يجلس في الخلف
بهدوء.



"مُكيش؟! منذ متى وأنت هنا؟!"



"أهلا بكلب والدي الخائن!"


"اسمعني ليس وقتك الآن والدك كلفني بمهمةٍ وعلي
تنفيذها حالما أنتهي سنتحدث بالأمر"



"إذاً ما وصلني صحيح لقد اصبحت عضواً معهم في
تلك المنظمة الحقيرة!"



"ماذا تعني؟!"


"لا تستغبي علي أوم أنا على علمٍ بكل ما تقوم به أيها
الخائن، لقد تخليت عني من أجل حفنة الأموال التي
يعرضها عليك ذلك العجوز!"



"مُكيش الأمر ليس كما تعتقد لقد فعلت ذلك حتى
ابعدك عن هذا العالم الغريب، أريدك أن تعيش حياةً
طبيعية ،حتى لو ببعض الإنحرافات لكن الأهم دون
ذاك العالم المظلم أما انا فساجد طريقةً ما لأخرج
من عندهم"



"عالم المافيا قذرٌ يا صاح إنه أشبه بغابةٍ تعج
بالحيوانات المفترسة، لا فرصة للضعفاء فيها
إن خطوة خطوةً دون تخطيط فقد حكمت على
نفسك بالإعدام، المافيا عالم لا خروج منه الا
بكفنك حظاً موفقاً معهم"



خطى خارج السيارة ورحل بعدما انهى حديثه
ويترك الأخر، شارداً بما قاله إنه على حق لقد
جنى على نفسه عند دخوله لهذا العالم الخطير
لن يكذب على نفسه أن مجرد التفكير عن التنحي،
هي بمثابة الحرب معهم والخاسره هو لا محاله.











يتبع...
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي