23

"كيف حالك موكيش؟"

"وأخيراً تذكرتني أيها الكاذب لقد قلت أنك ستأتي
مباشرةً بعد عودتك ولكن ذهبت إلى الحانة لوحدك!"

"موكيش ماذا قلنا عن الجواسيس الذين ترسلهم لي
يتتبعوني، ألم تتعض من المرة الماضيه؟"

تحدث أوم نحوه بانزعاج بعدما أوضح أنه عاد إلى
نفس العادات التي كادت أن تفقده حياته أمام روبن
بالذات، لولا تدخل أوم وقتها وإنقاذه من تلك الورطة
بعد تسليمه للوغد أمام ستيڤن، ابتسم موكيش لما
ظنه به أوم ليأخذ كأساً يملأه بأجود ما لديه من الشراب ويدفعه نحو الآخر ولم يتردد ابداً
بٱلتقاطه والإرتشاف منه.

"أحمق لما تظن أنني سأقع في الخطأ مرتين، لقد
ذهبت إليه وحدي وصادف أن لمحتك تدخل إليه
ولكنك لم تنتبه لوجودي، لم أشأ أن أفسد عليك
خلوتك عندما رأيت ملامح الضيق والحزن قد استولت على كيانك، لذا قررت أن اترك لك مساحتك
الشخصيه!"

تحدث موكيش وهو يرتشف من كأسه هو الآخر تحت
نظرات أوم الحائرة التي لم يفهمها موكيش، ليفصله
أوم وينظر إلى الفراغ بشرود وهو يداعب قمة
كأسه بسبباته.

"لكن مع هذا لم يكن عليك الذهاب لوحدك، لا تنسى
وعدك لوالدك بالكاد استطعنا إقناعه ومسامحته لك
ماذا لو وكل أحد رجاله ليراقبك، ستقع وقتها في
مشكلةٍ كبيرة عليك أن تضبط نفسك وتصبر حتى
تتمكن من حصتك من أموال والدك!"

"لا تقلق لم أتجاوز حدودي ولم افقد حتى حواسي
فقط اردت قتل الملل والوحدة التي أشعر بهما،
حتى أنني ذهبت لمكانٍ غير معروف لأبعد الأنظار عني قليلاً"

"مع هذا كان عليك انتظاري أو حتى الإقتراب
مني والتحدث إلي وإن كنت منزعجاً فلن أبخل
عليك بصحبتي معك!"

"لا تقلق أنا بخير لا بأس بأن يختلي المرء لوحده
قليلاً ليتحاسب مع ذاته، ويزن أفعاله التي قام
بها مؤخراً"

تنهد أوم بضيقٍ ليس لأجل من يقبع أمامه يمثل امامه
الصداقة، بل بسبب طول تحمله وصبره طوال عشر
سنواتٍ ماضيه، لكنه الآن مجبور أن يزيد من جرعة
صبره حتى لا يضيع ما تعبوا لأجله هو وأخته و
صديقيه.


"انهض موكيش سأخذك لمكانٍ ما تعويضاً عن ليلة البارحة، لا تقلق هناك مفاجأةٌ أيضاً بانتظارك"


لم يتكلم موكيش ولم يعترض ولا حتى سأل عن
مفاجأة أوم فهو قد سلمه ثقته بالكامل، ومطمئنٌ
من ناحيته لم ولن يشك به ولو لمرةٍ منذ لقاءهما
الأول قبل عشر سنوات، فهاهو ينهض بصمت
يتبع الآخر للخارج حيث السيارة التي ستقلهما
إلى وجهتهما.



(من جهةٍ أخرى)


"أهلاً بك آنستي هل من حجزٌ مسبق؟"


"بإسم أوم كالڤن"

"تفضلي من هنا آنستي"

أخذت تتبع خطوات الموظف حيث سيقودها للمكان
الذي تم حجزه لها، مشيتها تفوح منها الغرور والثقة
وقوة شخصيتها وجرئتها بلباسها الشبه فاضح، و
حذاءها الذي يضرب الأرض ويجذب انتباه من حولها
ناهيك عن عطرها الذي ينجذب إليها كل من يقبع
حول الطاولة التي تتوجه نحوها يتفحصها من
أسفلها لأعلاها بعيونٍ قذرة.


"تفضلي آنستي، ولتأمريني على شيءٍ تطلبينه حتى
حضور من تنتظرين له"


"أحضر لي أجود ما تمتلكه البار الخاص بكم"

"دقائق وطلبك سيكون أمامك آنستي، أرجو أن تستمتعي بالمكان"

تركها الموظف وغادر حيث سينفذ لها طلبها،
وفعلاً لم تمر سوى عدة دقائق ليكون طلبها منتصباً
فوق الطاولة أمامها، أخذت ترتشف منه وقد زمت
شفتيها إنبهاراً بسبب ما تحتسيه، هاهي قد
استساغت لطعمه واستلذت به لتردف مدحاً للمكان.

"يبدو أنني سأضيف هذا المكان ضمن اللائحة
المفضلة لدي!"


أخذت ترتشف من كأسها وتتمعن بالمكان من حولها
تجاهلت الأنظار التي تحوم حولها، رغم فخامة المكان ورقيه هاهو يحتضن بين جدرانه الوحوش
المتعطشة للمال والدماء والشهوة والجنس، لكنها
هنا لم تلقي لهم بالاً بل امتثلت لرزانتها وقوة
شخصيتها وكذلك جرأتها المعهود عليها.

"ياللهول لقد مضى وقتٌ طويلٌ منذ أن وطئت أقدامي هذا المكان، لقد تغير كثيراً للأفضل أحسنت
الإختيار يا صاح!"

"أخبرتك أن تثق بي موكيش فأنت أكثر شخصٍ
تعرفني جيداً قد اضر نفسي قبل أن أعرضك
لضررٍ ما"

ربت موكيش على كتف أوم قائلاً.


"دون أن تنطق أوم أنا أثق بك تماماً، والآن أين هي
مفاجأتك يا رجل!"

"إنها هناك تجلس على تلك الطاولة صاحبة الثوب
الأسود اللامع!"

نظر موكيش إلى حيث يشير أوم واندهش لوجود
فتاةٍ ما لم يتعرف عليها، بسبب ظهرها الذي تقابله
أعاد نظره لأوم لوهلةٍ بملامح الإستغراب ثم أعاد
بصره نحو الفتاة ولم ينتبه لنظرات وابتسامة
صديقه الخبيثه، حتى أن أوم مسح طرف شفته
بإبهامه مع تلك الإبتسامة المتوعدة ويتبع خطى
الآخر.

"مرحباً يا آنسة!"

تحدث إليها موكيش حالما وصل إلى مكان جلوسها
لكن الصدمة ألجمت لسانه عن الحديث عندما استدارت له، واتضح له من تكون والأخرى
بادلته النظرات بأخرى حاده وبإبتسامةٍ واثقةٍ
جريئة.

"مرحباً سيد موكيش!"

"آنسة روتشيلد؟!"

"جيد أنك مازلت تتذكرني فقد مللت لنكرانك
ذاتي كلما التقينا سابقاً!"


"أتمنى أن تكون مفاجئتي قد نالت استحسانك
موكيش!"

همس أوم بجانب أذن موكيش لينظر الآخر نحوه
بدهشةٌ واستغراب، ليطلب الإذن منها ليسحب
اوم يتحدث معه على انفراد.


"أوم هل جننت لتجمعني بموعدٍ مدبر رفقة إبنة
روتشيلد؟!"

"لما ألم تقل لي انها فرصتك للتقرب منها والإستمتاع
بالأمر ونيل رضا والدها السيد روبن!"


تحدث أوم بثقلٍ كاره غير راضٍ بما تقوم به أخته
إنها تعرض نفسها للخطر رفقة هذا الحقير
قاتلها سابقاً، ولكن لأجلها وألا تضيع دماءها هدراً
قرر أن يكتم غضبه وغيضه ويجاريها في خطتها.

"أنت أحمق ألا تعلم بشيءٍ يدعى المزاح أنت أكثر
شخصٍ تعلمه أنني أخشى روبن والدها هذا أكثر
من والدي نفسه!!"

"لا تقلق فقط سايرها بما تريده دون أن تتخطى حدودك معها، لقد تحدثت إليها وأخبرتني أنها
أصلحت العلاقة بين والديكما لذا انتهز الفرصة
موكيش يبدو أن هناك أخيراً امرأةً تلتفت لك"

"تباً لك ليس إلى هذا الحد أوم!! ألا ترى فارق السن
الكبير بيننا أنا بعمر والدتها تماماً، وهل رايتني
ذات مرةٍ أعاشر القواصر وأتسلى بهن هذا مقززٌ
يا رجل افهم لا يمكنني أن ألبي ما تريده هي
جد حلاً!"


لم يرد أوم ولكنه شرد بما تفوه به اللعين موكيش
لقد نسي الوغد أنه سابقاً اعتدى على أخته القاصر
كانت مازالت في الربيع الأول من عمرها، وهاقد
سلبه منها رغماً عنها، دون وعيٍ من أوم بسبب
تلك الذكريات التي مرت على مخيلته بغتةً.

إنقض مالأسد الجائر على موكيش يخنقه من
تلابيبه فقد أعمى الغضب بصيرته والآخر
مصدمٌ مصعوق يكاد أن يموت خنقاً بين يدي
صديقه.


"أووم مالذي دهاك ياهذا هل فقدت عقلك؟ أوم أنت
تخنقني عد إلى رشدك! توقف!!"


هنا اوم استعاد وعيه ووسعت عينيه لدهشة ما
قام به، فأبعد يديه عنه، وهاهو يحاول أن يجد
له عذراً لما قام به بسبب خوفه على أخته منه.


"موكيش أعتذر يا صديقي هل أنت بخير لقد
اضطررت لفعل ذلك، سامحني!"

أمعن موكيش النظر بأوم وهو يتمسك بعنقه يسعل
يحاول التقاط أنفاسه، اضطرب أوم لحدٍ كبير بألا
يكون قد شك بأمره، عندها ستكون مصيبةٌ لا حل
لها حاول بقدر الإمكان أن يتظاهر بالندم والأسى
لم فعله له.


"لكن لما.. لما أنت مجبرٌ على فعل ذلك؟!"


"أحدهم كان يراقبني وكدت أن تلفت له ليلتقط لك
صورةٌ لم أستطع أن افهم سبب ذلك، لذا تظاهرت
أننا نتشاجر وانقضضت عليك قبل أن تلتفت بوجهك
إليه!"


"يارجل لقد كنت جاداً قبضتك لا تستهان بها، شعرت
أنك تنوي الغدر بي، أراهن أن هناك علامات باتت
على عنقي بسبب قبضتيك!!"



"آسف كان علي فعل ذلك حتى تتصرف بطبيعيةٍ
تبعد الشك عنك"



"على الأقل أعطني إشارةٌ كي أفهم وأجاريك أيها
المتوحش لقد بت أخشى على نفسي منك، والأن
حرك مؤخرتك المسطحة تلك وهيا الفتاة ملت
من الإنتظار!"




"أعتذر على هذا التأخير آنسة روتشيلد روادنا إتصالٌ
مهم لم أستطع أن أؤجله!"



"لا عليك سيد موكيش يمكنني أن انتظرك حتى النهاية، لا باس عليك سيدي!"



تعجب منها  موكيش ومن تصرفاتها الجريئة معه
لكن نوعاً ما بدأت تعجبه، ومع هذا عليه ألا يعاملها
كباقي النساء اللواتي مررن في حياته، فهي من
نوعٍ خاص جداً وأي خطأ قد يودي بحياته ثمناً
لها.



"آنسة روتشيلد من فضلك أريد أن أكون واضحاً معك
هل والدك على علمٍ بما تقومين به؟!"


"وما دخل والدي فيما أفعله؟!"




"اسمعيني أرجوك هل أنتِ على درايةٍ بفارق
السن الكبير الذي بيننا، أنا أعد تقريباً في سن والدك
أنتِ حتى مازلتي شابةٌ في مرحلة المراهقة، اما أنا
فقد تخطيت الثلاثين وها انا اربعيني الآن هل تعلمين
مدى الإختلاف الكبير الذي بيننا!"





"سيد موكيش والدي لا يتدخل في شئوني أنا أيضاً
لي يد في إصلاح العلاقة بين والدينا لذا لست خائفةً
بما أقوم به، فلتعترف أنت الآخر لا تقل لي أنني لم
ألفت إنتباهك ولم أجذب رجولتك!"




هنا ابتلع موكيش ريقه وهو ينظر إليها بصمت،
وابتسامتها الخبيثة شيءٌ أخر جعل أفكاره تذهب
وتفسر معناً آخر شعر أن هذه الفتاة كما أبيها
تماماً متملكةٌ متسلطة، لا يمكن أن تتفق معها مادامت
أصرت على شيءٍ أرادته هي بنفسها.





"وإن رفضت عرضك؟"




"لا أنصحك بالتفكير بذلك، لما لا تجربني قد أعجبك
بل أنا متأكدةٌ من أنك لن تفكر حتى بالإبتعاد عن
طيفي!!"




تغيرت هنا ملامح موكيش لم يتوقعها من النوع الذي
يجذبه فعلاً، ابتسم بوجهها يقترب منها أكثر يكاد
يلصق وجهه بوجهها دون أن تتأثر زيلدوڤيا بل
بادلته ابتسامتها وتحدته بنظراتها داخل عينيه لم
ترمش خجلاً حتى هنا منه.





"آنسة روتشيلد تعجبني جرأتك وثقتك بنفسك
لكن لأخبرك بشيءٍ مهم، عندما يعجبني شيء
أسعى خلفه للحصول عليه وإن كان باقذر
واخبث الأساليب المهم أحصل عليه وربما أتخلص
منه نهائياً ما إن أصابني الملل منه وبات عتيقاً
لا فائدة ترجو منه!"





"أعلم أسلوبك تماماً سيد موكيش أعرفك تماماً
أنت حتى لا تحسب للنار التي تلهو بها حساباً
ولا تهتم إذا كانت هذه النار التي تلعب بك،
وستحرقكك كما كنت تحرق غيرك بها"




موكيش لوهلةٍ تغيرت ملامحه وكأن كلامها أعاد
لذاكرته حادثةٌ قد نساها تماماً، سرت القشعريرة
بجسده عندما تهيأ له أن عيني زيلدوڤيا تغيرت
ملامحها ولونها تماماً عن هيأتها الأصلية، جعلته
يرتبك ويرمش عدة مرات يحاول التأكد مما رأته
عيناه بها.





"مالأمر سيد موكيش هل أنت بخير لما أرى بك هذا
التوتر، لدرجة نزول العرق من جبهتك هل أخفتك
بكلامي؟!"



سألته زيلدوڤيا بكل ثقةٍ لم تزح عينيها عنه ولم تخف
إبتسامتها التي باتت تقلقه بل تخيفه، شعر أنه يرى
من خلالها شخصٌ يعرفه تماماً ولكنه لا يريد
الإقرار بذلك ولا يريد أن يثبت الخوف الذي
يكاد يظهر عليه.






"لما حديثكِ ملغمٌ بالألغاز وكأنك تحاولين الوصول
لشيءٍ ما!"




"أنا؟! مثل ماذا سيد موكيش هل لديك سرٌ خطيرٌ
تخشى أن تبوحه خطأً؟ أنا لم أقل شيئاً يدعي
كل هذا التوتر فقط وصفت شخصيتك من
خلال تعارفنا، كل ما أردت أن أوصله لك أن صفاتك
هذه أعجبتني لديك قوة شخصيةٍ فريدة ،وكذلك
فرض السيطرة لديك رهيب وهذا هو نوعي المفضل
من الرجال"




"أنا لدي كل هذه الصفات من أخبرك بهذا آنسة
روتشيلد!"



"زيلدوڤيا يا موكيش لنسقط الرسميات بيننا يمكنك
سؤال حارسك الأمين الذي مدحك أمامي وهو السبب
في تعلقي بك لحد التملك، موكيش عزيزي شئت
أم أبيت أنت ملكي أنا وصدقني بقاءك معي هو
النعيم بحد ذاته، حتى والدك الذي تعاني معه
سيحسب لك الف حساب مادمت معي أنا، والآن
اراك لاحقاٌ!"





نهضت من مكانها نهاية كلامها واقتربت منه تفاجأئه
بقبلتها على خده، ألجمت لسانه عن الكلام بل
بعثرت مشاعره وشعر بتخبط أحشاءه داخل جسده
حتى تنفسه لم يعد يستطيع أن يلتقطها، وما جعله
يفقد صوابه حرفياً غمزها له قبل تفارقه مع ابتسامتها
أقل ما يقال عنها أنها من جنس إبليس لا حواء.






"موكيش!!!"



"تباً لك لما تصرخ هكذا لقد أفجعتني يا لئيم!"




"الفتاة رحلت منذ عشر دقائق وأنت ما زلت هائمٌ
بطيفها يبدو أنك وقعت لها فعلاً أيها الخروف!"




"نعم أنا خروف من أجلها سأكون خروف!!"




"عفواً ماذا تقول؟!"



سؤال أوم أعاد موكيش إلى وعيه لقد أدرك ما نطقه
لسانه، ليتحمحم وينظف حلقه يصلح ما تفوه به
أمام صديقه.



"لم اقل شيئاً سوى أن تلك الفتاة خطيرةٌ وكثيراً
بالذات على قلبي، لديها أسلوبٌ مميزٌ في الإقناع
كما يعجبني جانبها الغامض"




"جانبها الغامض كيف هذا موكيش؟"



"تباً لها لقد فتحت باباً قد أغلقته منذ سنوات
حتى أنني كدت أشك بها، لكن اتضح أنك السبب
وراء كل ذلك لما مدحتني أمامها وكذباً أيضاً؟!"















يتبع......
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي