11

أخذ تنفسها يضطرب بسبب المشاهد من حياتها
الماضية تعاد أمامها، الآن وبظهور المجرم انكشف
الستار وبانت الحقيقة زيلدوڤيا تذكرت في هذه
اللحظة كل شيء المنزل، الحريق، والديها أصدقاءها
وجوه القتلة وهاهم أمامها يجلسون ويمرحون
ويعيشون حياتهم بشكلٍ طبيعي و كأن شيئاً
لم يكن.

عيناها لم تزح على موكيش بالذات لما تجرعت بسببه
قبل موتها، الإهانة والذل والعار وبعدها حرقها وهي
حية حتى بالكاد أنقذها والدها لتكون الشاهد لما حدث لهم، والمنتقم دمعةٌ يتيمة وهي تتذكر كيف
تم قتل والدتها بشكلٍ شنيع ووالدها ذل وهان
وفقعت إحدى عينيه بيد روبن القابع أمامها.


"ابنتي!! مالأمر لما تتصرفين بهذا الشكل؟!"

"بيري توقفي هذا محرج لقد أكلتي الرجل بنظراتك
نحوه هل أعجبتي به يا ترى!!"

عادت لوعيها في هذه اللحظة بعدما قالته ڤيكي
لتوجه نظرها إليها، هنا شعرت ڤيكي بالرهبة والخوف لنظرات صديقتها فقد تبدل لون عينيها
وأصبحت مظلمةٌ مخيفةٌ وحادة، ملامح وجهها
أصبحت أكثر قسوة وكأنها ارتدت قناع شر
إبليس فجأه، جعل هذا ڤيكي تبتلع ماءها
بصمت.

فصلت نظرها ناحية صديقتها لتعيده إلى موكيش
الذي شعر بالإحراج الشديد لنظراتها نحوه، وهو
كعادته فسر الأمر على أنه اعجاب وانجذابٍ نحوه
لهذا حاول كسر هذا الإحراج بالإبتسام لها، ما إن
ابتسم حتى اشتعلت نيران الانتقام بها.

ولم تتمالك نفسها لتلتقط تلك المزهرية الثقيله
وتركض نحوه كالمجنونه وسط دهشته ودهشة
الآخرين لتسددها بكل قوتها على رأسه، جعله
يصرخ بألم وهو يمسك برأسه ولحظات شعر
بسائلٍ دافئ يتدفق منه بغزارة ليتبين أنها
دماءه.


"يا إلهي ابني مالذي فعلته يا مجنونه؟!!"

"زيلدوڤيا هل جننتي ماهذا التصرف!!"

"روبن اتركها لابد من سببٍ لفعلتها أنقذ الرجل
اولا وبعدها نتحدث!"

تدخلت بيلا في لحظتها حتى لا يؤذي روبن ابنته
بسبب غضبه الأعمى، هي تعلم أن تصرفات ابنتها
لا تخرج منها دون تبرير لذا تقدمت تسحبها من
يدها من وسط هذه الساحة الدامية، ما أرعبها
تلك الإبتسامة والنظرات المخيفة التي ارتسمت
على وجه ابنتها وكأنها ملبوسه.

"زيلدوڤيا!! هل تعين ما فعليته!!"

"أدعى ساندي أيتها اللعينة ادعى ساندي وما فعلته
به لا يساوي شيئاً ما فعله بي وبعائلتي!!"

ارتعبت بيلا فقد تبدلت ابنتها تماما تتحدث بصوتٍ
ليس صوتها أبداً وتتكلم بأمورٍ لم تفهمها والإسم
الجديد الذي نطقته من تكون ساندي هذه.

"أولاً بريا والآن ساندي! توقفي عن هذا زيلدوڤيا
من أين أتيتي بهذه الأسماء الغريبه، والدك لن يمررها
لك وكفي عن تمثيلك فلن يشفع لك أمام هذه الأسماء
اللعينه!!"

هنا انقضت زيلدوڤيا عليها تقبضها من عنقها تخنقها
دون رحمة، تحت محاولات بيلا اليائسة بإنقاذ
نفسها، لكنها أمام شخص بقوةٍ ثلاثة أشخاص
لمحت طيفهم خلف ابنتها من تحت دموعها
ولحسن حظها اقتحم الغرفة ڤيكي ووالدتها
الخادمة روز ليهرعوا لإنقاذها.

"بيري توقفي إنها والدتك! ماذا تفعلين أتركيها!!"

"بريا هي والدتي فقط وليس هذه العاهره زوجة
العاهر، أنا ساندي!!"

بغضبٍ ألقت كلامها تترك عنق بيلا وتدفع صديقتها
تجعلها ترتطم بظهرها بالحائط، استغلت جوان الوضع
لتنتهز فرصة سحب بيلا للخارج ولكن قلبها به
لهفة قلق على ابنتها، لكن الأخرى كانت أذكى من ذلك
تحملت ألمها وركضت خارج الغرفه وتقفلها خلفها.

"مالذي يجري معها لما تتصرف بهذا الشكل!!"

"بيلا اهدئي سنعرف ذلك حالما تهدأ الأمور، لكن
لابد من أن ذاك الرجل له يدٌ في الموضوع لقد
هاجت حال رؤيتها له، إنها ذات طبع هادئ لا تتصرف
هكذا أبداً!!"

"أمي هل سنتركها هكذا؟!"

"ڤيكي لا تفتحي الباب!! دعيها حتى تهدأ لا تتهوري
رجاءً!!"

تراجعت ڤيكي كارهةٌ وهي تسمع صراخ صديقتها
الوحيدة، تضرب الباب بيديها تطالبهم بخروجها
تقف أمامها الأخرى بلا حولٍ ولا قوة، عاجزةٍ عن
تقديم المساعدة لها ولأول مرةٍ منذ تعارفهما
تتخلى عن مساعدتها وتبتعد بجبنٍ عنها.


(في المشفى)

"روبن لن أنفعل ولن أتجادل فيما فعلته ابنتك بموكيش، لأنني أعرف طباعه هذا النذل فالفتاة
لن تتصرف هكذا دون دافع لذا حاول أن تفهم
منها مالذي فعله معها، وصدقني سأسلمه بيدي
لك!"

هذا الحديث لم يعجب ماتيلدا أبدا دائماً ما يتصرف
زوجها بحقارةٍ تجاه ابنه، وهاهو يسلم رقبته بكل
برودٍ لصديقه من أجل ابنته لتتقدم بخطواتٍ
غاضبةٍ نحوهما تفصل حديثهما الحاقد على ابنها.



"ماهذا الكلام ستيڤ؟ أنت تتكلم عن ابنك وليس
عدوك، كيف تقول عنه هكذا ألم يلن قلبك لما
فعلته تلك المجنونة بابنك؟!"



"إخرسي يا إمرأة!! ألا تعرفين إبنك ومصائبه لا
تنسي قضايا الإعتداء والإغتصاب التي أخرجتها
منه، إبنك شهوانيٍّ نجس مع القاصرات بالذات
لكن لن أفسد علاقتي بصديق طفولتي من أجل
ابنك الحيوان هل فهمتي!!"



صرخ بأخر حديثه عليها ومازالا يتجادلان ويتعاركان
أما روبن فدخل فدوامة تفكيرٍ آخر، بعد كلام صديقه
ستيڤ هل يعقل أنه اعتدى على ابنته؟ مجرد التفكير
بالأمر جعلت بركان غضبه يثور ليتقدم بهدوء نحو
صديقه.

"ستيڤ اسمعني جيداً إن كان حقاً ما يدور برأسي
إتجاه ابنك مع ابنتي صحيحاً، فتأكد وأنا آسفٌ لما أقوله لك سأنتزع أحشاءه بيدي وأفصل رأسه ولن ترى جثته أبداً، أنت تعلم عائلتي خطٌ أحمر ولو
كنت أقرب الأشخاص إلي!!" 

استدار ليعطيه ظهره ويرحل بعدما ألقى بتهديده
بوجه صديقه والذي بدوره لم يجد رداً على ذلك،
سوى أن استدار بغةً ناحية زوجته ويصفعها على
وجهها تقع أرضاً وهي تتألم، تنظر نحو بجمود
تمسك وجهها ناحية صفعه لها وبعدها يرحل
هو الآخر بصمت.



(في قصر روتشيلد)


" مالأخبار ڤيكي هل هدأت؟!"

"أظن ذلك خالتي لا أسمع لها صوتاً سوى بكاءها،
خالتي بيلا أرجوكِ دعيني أدخل وأطمئن عليها
على الأقل إنها هادئةٌ تماماً لن تفعل لنا شيء!"

"كلا ڤيكي لا تدخلي أنت أنا هي من ستدخل إليها"

"بيلا هل فقدتِ عقلك أنسيتِ ما فعلته بكِ؟!"


"لا يهمني جوان فهي بنهاية الأمر ابنتي أنا"


"خالتي لا تفعلي أتفهم مشاعرك الآن لكن زيلدوڤيا
لن تتقبلك في هذه الحالة، أعتذر حقاً لقول ذلك
ولكن هذه هي الحقيقة فدعيني أحاول انا أعرفها
أكثر من نفسي!"



لم تتلقى رداً منهما لذا هرولت ناحية السلالم تصعدها
حتى أخذت خطواتها بالتباطئ، عند اقتراب وصولها
لغرفة صديقتها أمسكت بالمفتاح أدارته بتردد حتى
صدر صوت انفتاحه، أخذت نفساً قبل أن تدير مقبض
الباب وتفتحه قليلاً أطلت برأسها أولاً تبحث عنها
بعينيها حتى وجدتها مستلقيةً على سريرها.


ظهرها مواجهاً لها دخلت الغرفة بهدوء لتقفل الباب
وتقترب من سرير الأخرى بحذر، ما إن اقتربت
منها حتى آلمها منظرها وهي تشهق وتبكي
بصمت، كان منظرها يرثى لها حقاً غرفتها في
فوضى عارمة، تنهدت ڤيكي بيأس لتقرر التشجع
والتحدث إليها.



"بيري!! أو بماذا تريدين أن أناديك، أنا معك دوماً
ولن أتخلى عنك مهما فعلتِ العلاقة بيننا ليست
صداقةٌ وحسب أنتِ اختي أيضاً"


لاحظت ڤيكي سكون الأخرى فقد توقفت عن البكاء
ولكن مازالت في وضعيتها لم تستدر ناحيتها، هنا
تأكدت ڤيكي أن الأخرى تنصت لها بهدوء لذا
قررت أن تتابع حديثها لعلها تستجيب لها.



"ما حدث سابقاً له علاقةٌ بما حكيتي لي بالجامعة؟
هل زال الضباب عن الوجوه الغامضه وكشف الستار،
هل بانت لك الحقيقة أيضاً؟! بأنك ساندي وبريا
هي والدتك من حياتك السابقة؟!"



التفتت زيلدوڤيا إليها تنظر لها بجمود وحيرة كيف
استطاعت أن تحلل كل هذا، اعتدلت بجلستها تنظر
لها بفراغ لتقترب الأخرى منها وتجلس بجانبها
تمسك بكفها وتقبض عليها مواسيه.



"نادني بزيلدوڤيا لقد كرهت كل شيء بعد معرفتي
للحقيقة، ليس هذا فقط أكره الأشخاص الذين
حولي خاصة المدعو بوالدي فهو السبب الأول لما
أعانيه الآن!"




"لا بأس إن لم ترغبي بالإكمال، سأنتظرك وسأستمع
لك وأصدقك لأنني أثق بك"




"لا دعيني أكمل ڤيكي، حالما اتضحت الصورة لا
أعلم لما شعرت بأن كياناً أخر يتحكم بي في تلك
اللحظه، ذاك الكيان ربما تكون نفس الفتاة التي
احمل ذاكرتها حيث ذاك الرجل هو نفسه من اغتصبها
وقتلها هي وعائلتها، والمحزن في الأمر والدي
روبن هو رأس الحية في هذه الجريمة"




"يا إلهي، بيري، أقصد زيدي لا تتكلمي أمام والدك بهذا الموضوع! إياكِ والتفكير في هذا حتى والدتك
سنفكر بموضوع نخرج به لكن أبقي الأمر سراً هذا
خطير!!"




"أعلم ڤيكي هذا يدل أنني الشاهد على جريمة والدي
وصديقه وابنه، جريمة طمسوها وأخفوا ادلتها سنين
طويله، لكن اتعلمين هناك صدماتٍ أخرى"



"صدمات؟! ماهي؟"



"السيد بابلو ودوللي لهم رابطٌ بالفتاة التي ارتبط بها
بابلو يكون الصديق المعجب بها، و دوللي صديقتها
المقربه أما ذاك المجهول فإلى الآن لم يتضح دوره
في هذه القصه"



"الأمر أشبه بالخيال زيدي ومرعبٌ أيضاً، علينا أن نجد حلاً في المصيبة التي حدثت لقد فجرتي
رأس الرجل يا فتاة من الجيد انه لم يمت!"



"يستحق ذلك الخنزير النجس، مهلاً عرفت كيف
أخرج نفسي من هذه الورطه!"



"وكيف هذا؟"



"سترين عندما يأتي والدي ويتحقق معي مهما قلت
أيديني ووافقيني مهما قلت، كوني بصفي فقط
اتفقنا؟"



"أنا معك بأي وقت ومهما فعلت أنا سأبقى معك!"



"شكراً لكِ ڤيكي وسامحيني لأذيتي لك سابقاً
لم أكن بوعي أبداً!"




"أعلم ولا بأس لم اتأذى أصلاً أنا بخير إطمئني"




اندمجت الفتاتان بالأحاديث ولم ينتبهى لصوت عجلات السيارة التي وقفت أمام باب القصر،
ولم يكن سوى روبن وهو أعلى مراتب غضبه ولكنه
يحاول أن يكون هادئاً بقدر المستطاع، توغل إلى
داخل القصر والتقى بزوجته التي كانت تذهب
وتأتي إيابا أسفل السلالم تترقب ڤيكي بفارغ
الصبر.



ما إن رأت زوجها عرفت أنه في قمة غضبه وقد
يرتكب حماقةً بسبب ذلك يجعله يندم طوال
حياته، ما أرعبها أنها رأته وهو يتوجه للصعود
للأعلى حيث غرفة طفلتها لتتقدم نحوه بسرعة
تصده عن مواصلة سيره.





"بيلا ابتعدي عن طريقي!!"



"لا لن أفعل حتى تعدني أن لا تؤذيها، لا تنسى
انها لا تفعل شيء دون عبثٍ روبن"



"ابتعدي عن طريقي لا ينقصني إلا محاضراتك
الآن!!"


"روبن!!"



دفعها على الأرض بقوةٍ يبعدها عن طريقه، لتهرع
إليها صديقتها جوان وخادمتها الخاصة لمساندتها
تحت صرخاتها بإسمه تناديه وتمنعه عن التفكير
بأذية ابنته، هنا سمعت الفتاتان الضجة بالأسفل
لتتيقن زيلدوڤيا بأنه والدها، لأول مرةٍ تشعر
بالرهبة والرعب لوجوده.


انتفضت حالما وجدته اقتحم غرفتها واخذ يقترب
منها بهدوء، لم تجرؤ على النظر إلى عينيه حتى
بالكاد تتحكم بالرعشة التي أصابتها الآن لهول الموقف الذي تمر به، لكن ما صدمها هو سحبه لها
يدفنها بين أحضانه يضمها لصدره بقوةٍ يمسح
على راسها بحنان.













يتبع....
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي