9

وصل إلى ذلك البناء الفخم الذي اعتاد السيد ستيف
الجلوس والإجتماع فيه، المكان عالمٍ آخر من شدة
بذاخته والترف الذي يكسيه في كل ركنٍ من أركانه
ترجل من السيارة ببذلته الرسميه، ليقترب منه أحد
الحراس بنية أخذ السيارة وصفها في المكان المناسب لها، قدم له أوم المفاتيح وتقدم بالدخول.

ما إن أصبح بداخلها أخذ يبحث بعينيه على الطاولة
التي يقبع عليها السيد ستيف، حتى وجده يشير له
من مكانٍ ما إبتسامةٌ جانبيةٌ حطت على ثغره ليعدل
من سترته ويتجه نحوه ولكن صوتاً ما استوقفه
مكانه.



"أرى أن والدي لا يستطيع الإستغناء عن كلبه!"


"موكيش؟! مالذي تفعله هنا؟!"


"ماذا، هل ياترى علي أخذ إذنك في ذهابي إلى أي
مكانٍ ياترى؟ لا تنسى أنني إبن ذاك العجوز الذي
يعتني بك بمعنى آخر أنا أيضاً سيدك لذلك
ستمشي خلفي حسب مكانتك الحقيقية!" .


"أصبحت تتصرف هذه المرة كالفتيات المراهقات
الغيورات موكيش!"


"ألفاظك يا صاح لا تنسى من أكون ومن تكون "



"صدقني لم أنسى ولكن لتعلم أنا هنا من أجل والدك
لذا تنحى جانباً ولا تزعجني"



تجاهله وتقدم ناحية الطاولة التي يقبع عليها سيده
ما إن وصل حتى صُدم بالضيف الآخر، يبدو أن الأمور لا تسير كما يريد ومازاد الأمر تعقيداً عندما شعر بأحدهم يسحب كرسيا ويتربع بها، ولم يكن
سوى موكيش.


"مالأمر أوم لما تصنمت هكذا هيا اقترب واجلس"


"عفواً سيدي وأهلاً بك سيد روتشيلد لقد استغربت
فقط من حضورك أنت وموكيش لأنني طلبت مقابلة
السيد ستيڤن لوحده!"


"لا بأس بني روبن شريكي وظلي في كل شيء
لذلك خذ راحتك وتحدث أما موكيش فقد حضر
من نفسه، وقد صدمني ذلك منذ متى وهو يحب
الجلوس على نفس الطاولة معي ونتناول الطعام
ذاته!"


ابتسم موكيش بجانبيةٍ عندما توجهة أنظار صديقه
نحوه ينظر ناحيته باستنكار، علم هنا أن مجيئه له
مغزاٌ آخر هنا تأكد أن مراقبٌ تماما من قبله
ولا بد أنه يراقب اتصالاته أيضاً، لذا عزم على
كشف ذلك الخائن وتلقينه درساٌ لن ينساه.


"مابك هيا اجلس لما كل هذا القلق والإحراج"


"لا بأس سيدي أنا بخيرٍ تماماً ولكن يبدو أنها فرصةٌ
جيده لإجتماعكم جميعاً هنا، لأن الأمر بات مزعجاً
وسيعود بالأذية على أحدنا إذا استمر هذا الوضع!"


ابتسم أوم بخبثٍ ناحية موكيش الذي تبدلت
ملامحه تماماً لمعرفته بما ينويه ذاك الخبيث،
جلس بهدوءٍ جانب صديقه فأصبح هو و موكيش
يتواجهان الاكبر منهما على هذه الطاولة، مرر
لسانه على شفتيه وهو مازال يبتسم مخفضاٌ رأسه
لم ينتبه عليه سوى القابع بجانبه.


"حسناً لنتناول وجبتنا أولاً ونستمتع بعدها نتحدث
لا أريد شيئاً يفسد شهيتي على الطعام!"


"ما الأمر ستيڤ؟ هل هناك أخبارٌ  ستفسد عليك جوك
قبل الطعام؟!"


"من يدري ربما، ما رأيكما أيها الشابان؟!"


"معك حق سيد ستيڤ لن نفسد جمال هذه اللحظه بالتفاهات، لنستمتع أولاً وبعدها نتحدث"


"مالذي تحاول الوصول إليه أوم؟!"



همس له موكيش بجانب أذنه بينما والده منشغل
بالتحدث مع موظف المطعم، أما روبن فقد إنشغل
هو الآخر بالحديث على هاتفه، ابتسم له أوم وهو
يربت على فخذ الآخر دون أن يتكلم وولى إنتباه
لسيده الأكبر، إنتاب الغيض موكيش لتصرف
من يجلس بجانبه لا يعلم لما أن حضوره هنا
ستتسبب بمشاكل معقدةٍ له.

دقائق معدودةٍ ووصل طلبهم وشرعوا بتناوله
أشار روبن للنادل بيده ففهمه الآخر، ليذهب وبعود
بطاولةٍ متحركةٍ تصطف فوقها أفخر وأجود أنواع
النبيذ، أعرب ستيڤن عن دهشته وإمتنانه لصنعه
حتى بدأ النادل بسكب النبيذ لهم، وشرعوا بتناول
طعامهم الذي لم يخلو من أحاديث جانبية.



(في مكانٍ آخر)



"ڤيكي توقفي عندك دعينا نتحدث!"


تأففت المعنية وهي مازالت تعطيها ظهرها لتلتفت لها
وملامح الغيض والضيق تعلو محياها، حتى اقتربت
منها زيلدوڤيا وهي تتنهد وتطلق أنفاسها بسبب
لحاقها لها من هنا لهناك.



"ماذا الآن؟ مالذي تريدينه علي الذهاب للمكتبة
والدراسة"


"لا أحد يعرفك من ناحية الدراسة غيري ڤيك!
لذا دعينا نذهب للمقهى ونتحدث بهدوء"


زمت ڤيكي شفتيها بقهر فلقد أحرجتها وقصفتها
بكلامها، لذلك بفمٍ مغلق توجهة تسبقها تتظاهر
وكأن شيئاً لم يكن تحت ابتسامة الآخرى المكتوبه
لتلحق بها.


"هاقد وصلنا ماذا تريدين؟! وقتي ضيق لا أريد تفويت محاضرتي القادمة!!"



"نعم، نعم فهمت دعينا نتناول الإفطار أولاً لأنني أشعر بأنني سأعود للمشفى مرةً أخرى لم أتناول شيئا
من البارحة والفضل يعود لأحدهم!"



"لا تضعي لومك علي فانا لم أجبرك على الصيام
كبرياءك غريب يا هذه، أنا أضعه جانباً أمام الطعام
والتسوق"



"أفهم من كلامك أننا تصالحنا؟!"



"لا!! اعتذري لوالدتك اولاً وبعدها أفكر، لا تستعطفيني كالعادة فأنتِ إستغلاليةٌ من دون منطق"



"لقد جرحتني! لا يهم حالياً دعينا نتفاهم بشأن والدتي ولتفهميني أرجوكِ!"


"حسناً أسمعك تكلمي، ولكن تأكدي لن أبرر لك أفعالك معها أبداً إتفقنا؟!"



"لكِ ذلك، ڤيكي اسمعيني رجاءاً وافهميني أنا لا أكره
والدتي أبداً، على العكس لطالما أتألم على حالها مع
المرض، لكن أنا نفسي لا أعلم لما يتغير كل هذا
بمجرد ما تتلاقى أعيننا وتصطدم أرواحنا.

هناك حالة نفور غريب لا أعرف سببه أبداً ليتكِ تعلمين عدد الليالي التي أعود إليها إلى فراشي وأنا
باكيةٌ بعد كل شجار يحدث، عدا ذلك الكوابيس التي
ترافقني منذ عودتي للحياة بعد مرضي السابق!!"




"أتقصدين تلك المناظر والأشخاص المجهولة التي
تظهر لك وتتحدث معك؟!"



"بالضبط ليس هذا فقط الأستاذ بابلو استاذ
الأدب الإنجليزي، وعمة هاري دوللي هما أيضاً لهما
يدٌ فيما أعاني وكذلك الشخص المجهول الذي
انقذني من الحريق أتذكرينه!"



"مهلاً ما علاقة كل هؤلاء بما يحدث معك لم أفهم
بدأت أضيع!!"




هنا زيلدوڤيا أخذت نفسها بعمق لتنظف حلقها وتروي
لها ما حدث معها مع كل واحدٍ منهم، والمشاهد التي
تظهر وتتوارى لها عندما تحتك بهم وسط دهشة
ڤيكي وعدم استيعابها لهذا الكم الهائل من الصدمات.



(العودة إلى المطعم)



"وبعد أن إمتلئت البطون وبُلَّت الحلوق حان وقت
الإستماع لما تتفوه به الثغور!"


"لما تتكلم وكأنك ثملت من أول كأس، أصبحت
شاعراً مؤخراً!!"

يمكنني أن أصبح طبيباً وأنا ثمل، ولعلمك لست
ثملاً مازلت بوعي أتظنني فتاةً يا هذا؟!"

"أوم مالذي أردته إخبارنا به؟"


ابتسم هنا أوم بجانبيه يلعق شفتيه بخفةٍ يتقدم بجذعه على الطاولة، يضم كفيه على سطح الطاولة بعدما ألقى نظرةً خاطفةً على جاره موكيش المنشغل
بكأسه.



"سيد ستيڤ هناك جرذ حقيرٍ مرسولٌ من أحدهم
يراقبني في كل تحركاتي، المشكلة تكمن بأنه
يعرف تماماً أين أكون وماذا أفعل!"





قبل أن ينهي أوم حديثه غص موكيش بشرابه جعله
يبصق ما بفمه على نفسه وملابسه، أخذ يعطي
أوم نظراتٍ حادةٍ مهددةٍ عن إكمال ما بدأه
والأخر اتسعت ابتسامته ما إن راقه الأمر كثيراً
والموقف الذي سيصبح به بعد هذا الحديث.



"ماذا تقصد بأنه يتتبعك، لا تقل لي بأنه قد تخطى
الأمر المحظور!!"


"هو كذلك سيدي ولهذا أخبرك قبل ان تتفاقم الأمور
وتخرج عن سيطرتها"


"ممن هو مرسولٌ أوم، تحدث!!"




نظر أوم نحو موكيش الذي بدوره تلاقت عينيه معه
ليفصلها الآخر ويتنهد بإنزعاج، هو مضطر أن يخبر
ستيف بكل شيء حتى لا تتطور الأمور ويقع صديقه
بالمشاكل، شعر الآخر به لينهض من فوره من مكانه
ويغادر المكان تحت استغراب والده وصديقه.



"أوم لا تقل أن موكيش هو وراء ذاك الجاسوس؟!"



"أعتذر سيدي هو كذلك، لكن لتعلم سيدي موكيش
لم يكن بنيته أن يتدخل في أمور المنظمه كل ما
آراده هو أن أبتعد عن مراقبته وتقيده عن أفعاله
الطائشة فقط، صدقني هو أجبن من أن يقحم
نفسه بهذه الأمور!"



"هذا ما ينقصنا الآن!"



تقهقه روبن ساخراً بعد هذا الحوار وهو يراقب حال
شريكه وهو ينقر الأرض بعصاه يفكر بالأمر، أسند
جذعه على مقعده وعقد ذراعيه نحو صدره ينتظر
إكمال هذا النقاش العقيم.










يتبع......
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي