24

ما إن وصلت بيتها مشت بخطواتٍ متسارعةٍ نحو
سلالم غرفتها وصعدته حتى أنها تجاهلت نداء
والدتها لها، اقتحمت غرفتها بسرعه ألقت بحقيبتها
أرضاً وتوجهت للحمام وإتكأت على المرحاض تستفرغ ما بجوفها، فمنذ إقترابها من موكيش
أصبحت تشعر بالدواروالغثيان.

ومازاد رغبتها في ذلك عندما قبلته وتلامست شفتيها
بجلده القذر أخذت تستفرغ لدرجة شعورها بأن
إحشاءها تكاد تخرج من فمها، ما إن انتهت أخذت
تلتقط أنفاسها وبدات بنزع ثيابها تنظف نفسها
من قذارة ظله الذي التصق بها.

"زيلدوڤيا هل أنتِ بخير؟ سمعتك تتقيأين أردت
الدخول فوراً والإطمئنان عليك، لكن صوت المياه
الجارية استوقفتني علمت أنك تستحمين وقتها!"

"أمي أنا بخير فقط شربت شراباً لم أستسغ طعمه
لذلك فضلت إخراجه من معدتي"

تحدثت زيلدوڤيا إلى والدتها دون أن تنظر ناحيتها
فقد أخذت تجفف نفسها، وتدخل إلى خزانتها لترتدي
شيئاً مريحاً ما إن انتهت وخرجت وجدت أن والدتها
مازالت بغرفتها تنظرها أمام كرسي تسرحيتها تبتسم
لها بحنان تؤشر لها بالجلوس أمامها.


"أمي لا داعي للمجفف الذي بيدك لقد اعتدت تركه هكذا حتى الصباح وسيجف بنفسه، أريد النوم
تعلمين علي أن أعود للدراسة غداً"

"لهذا السبب تمرضين لا تقلقي لن يأخذ من الوقت
كثيراً تعالي واجلسي وأنا سأسرحه لك بسرعه"

تنهدت زيلدوڤيا لم تشأ أيضاً أن تخوض نقاشاً طويلاً
معها فهي أعلم بعنادها وإصرارها على تنفيذ ما تريده، لذا استسلمت وجلست أمامها تنظر لإنعكاسها
على المرآة والسعادة تغمر قلبها لما ستقوم به،
وهاهي تقوم بتسريح وتجفيف شعرها لها.

"مضى وقتٌ طويلٌ جداً منذ آخر مرةٍ سرحت لك
شعرك، وكم كنت أريد فعل ذلك كثيراً ولكنك ترفضين
بحجة أنك قد كبرتِ، ومع هذا أصبحتِ تهملين نفسك
كثيراً وهذا ما يضايقني صغيرتي"

"أمي تعلمين طبعي لا أحد أن يتدخل أحدٌ في شؤوني منذ بلوغي، لم أعد تلك الطفلة التي تستغيث
من أجل تمشيط شعرها عليك أن تكوني سعيده لأن
حملاً ثقيلاً وانزاح من طريقك"

لم تكد تنهي كلامها زيلدوڤيا حتى اندهشت عندما
انحنت والدتها تقبل لها فروة رأسها وتمسح عليها
بحنان، تنظر لإنعكاسها على المرآة ومازالت تلك
البسمة مرسومةٌ على ملامحها لكن هنا زيلدوڤيا
انتابها شعورٌ غريب لم تستطع فهمه هنا.

"مهما كبرتي ومهما بلغتي من العمر عتياً ستبقين
طفلتي ومدللتي وأميرة حياتي وسكون روحي
أنتِ، شكراً فقط لأنك سمحتي لي بتحقيق هذه
الأمنية الأخيرة بالاقتراب منك ولمسك فلا أعلم
إن كانت ستسنح لي فرصةٌ أخرى لفعل ذلك
مجدداً"

"أمي ما بالك اليوم لما تتحدثين هكذا أنت دائماً بقربي وترينني كل يوم، مالجديد في ذلك؟!"

"لا عليك طفلتي لا تهتمي لكن كوني واثقةٌ أنني
بصفك دائماً مهما كانت الظروف ومهما صدرت
الأحكام، سأظل دائما معك وبحانبك وإن كانت
هناك مسافةٍ بيننا لكنك ستكونين دائماً الأقرب
إلى قلبي وحياتي أنتِ هي بلسم جراحي،
وداء آلامي أنتِ هي فقط"


شردت زيلدوڤيا في حديث والدتها تحاول أن تفهم
شيئاً أو تدرك مما تقوله لها، لكن عقلها لا يريد
أن يستوعب شيئاً بسبب الإرهاق الذي تملكها تريد
أن تغمض عينيها وترتاح قليلاً قبل بدء دوامها
الجامعي.

"انتهيت والآن يمكنني أن أغمض عيني بهدوء
واطمئنان عليكِ والآن تصبحين على خير بنيتي
وأحلاماً سعيده"

استدارت بيلا لتتوجه ناحية الباب حتى تخرج وتتركها لترتاح وتنام ولكن نداءها استوقفها، لتستدير
لها حتى صُدمت بعناق صغيرتها لها هذا العناق الذي
لا طالما تمنته بعد غياب سنين طويلة، بادلتها فوراً
تعتصرها بين ضلوعها توزع قبلاتها على راسها بين
كل لحظةٍ وأخرى حتى تحدثت زيلدوڤيا وهي داخل
حضنها.

"شكراً أمي على كل شيءٍ جميل قدمته لي، وآسفة
لأنني لم أكن بنتاً جيدةً ومثاليةً كما كنتي ترغبين
لكن أعدك أن أحاول تحقيق ما كنتِ تتمنينه أن ترينني فيه وهذا وعدِ لكِ"

لم تقل شيئاً هنا بيلا لكن دموعها تحدثت وقالت
الكثير، حضنها الدافئ ورائحتها المسكنة للقلب
والروح كانت كفيلةً بردها، فصلت بيلا هذا العناق
وهي كارهةٌ لذلك تود لو تبقى هكذا للأبد ولكن
هذا مستحيلٌ لها بالذات قبلت إبنتها أخيراً
وأخذت تنظر لوجهها كما لو أنها تحاول أن تحفظه
جيداً وبعدها غادرت بصمتٍ من الغرفة.

(صباح اليوم الموالي)

"روز لما لا أحد على طاولة الإفطار أين هي والدتي؟!"

"مازالت نائمةٌ آنستي البارحة كانت متعبةٌ قليلاً
ولم تستطع النوم إلا بعد أخذها لأدويتها في وقتٍ
متأخر، لذا لم أشأ إزعاجها عندما وجدتها مستغرقةٌ
في نومها"

"لما لم تتصلي بطبيبها إن كانت متعبةً هكذا؟"

"لقد منعتني تقول أن الأمر لم يعد يحتاج إلى طبيب
تحتاج إلى الراحة فقط، لهذا لم ألح عليها وتركتها على راحتها"

"لا بأس سأذهب الآن لكن مع هذا قومي بمراقبتها
كل فترة أيقضيها لتتناول إفطارها وعلاجها، هل
هذا واضحٌ روز؟"

"لا تقلقي سأهتم بها جيداً"

نظرت زيلدوڤيا خلفها ناحية السلالم حيث الجهة التي تقبع بها غرفة والدتها، رغبت بقوةٍ أن تصعد
وتطمئن عليها لكنها تكاسلت وقررت أن تفعلها
بعد دوامها من الجامعة، لذا غادرت بسيارتها
نحو وجهتها المقصودة.

"صباح الخير ڤيكي!"

لم ترد عليها المعنية كانت برفقةٌ إحدى الفتيات يدردشن بموضوعٍ ما، نظرت نحوها لثانية وتقلب
عينيها لثانية تعود إلى ما كانت تفعله بل كانت
تتقهقه وتضحك برفقة صديقتها الجديدة.

"ڤيكي أنا أتحدث إليكِ على ما أظن؟!"

عقدت زيلدوڤيا ذراعيها نحو صدرها وبملامحها المنزعجة تتحدث إلى تلك التي تستمر في
تجاهلها، نظرت نحوها مرةً أخرى ڤيكي لتأخذ
الفتاة تتعلق بذراعها وتسحبها مبتعدةٌ عن المكان
تحت حالة الذهول التي اعترت زيلدوڤيا.

"فلتذهبي للجحيم لست أنا من يركض خلفك
يا سافلة!!"

خطت خطوتين باتجاه قاعتها لكن فجأةً إبتسمت بجانبية تنظر حولها ما إن كان هناك من ينظر نحوها،
لتتسحب وتغير وجهتها نحو مبنى المدرسين ما إن
وصلت أخذت تنظر هنا وهناك وتهرول ناحية
مكتب أحدهم.

"مرحباً أيها البروفسور!!"

"ساندي؟!! ادخلي هيا"

لبت ما طلبه منها وتقدمت تجلس في المقعد الفارغ
أمام مكتبه، أستقام بابلو هو الآخر ليجلس مقابلها
وقد شعر بسعادةٍ غامرة عند قدومها إليه.

"كيف حالك ساندي لم نلتقي منذ تلك الرحلة،
كيف تسير الأمور معك؟"

"أنت من اختفى عن المحاضرات اما انا فقد التزمت بها ولم اتغيب ولقد بحثت عنك ولم اجدك خلالها"

"يبدو أن أحدهم نسي المهمة التي وكلني إياها!!"

"لا تقل أنك قد بدأت بالعمل؟!"

"ما رأيكِ أنتِ؟"

"بابلو أرجوك تكلم!"

أخذ بابلوا انفاسه واخرج هاتفه يظهر لها بعض
صور المكان الذي بدأ بالعمل، وقد اندهشت بسعادةٍ
للتطور الذي يحدث بالمكان.

"بابلو لم أتوقع أن تتحسن الأمور بهذا الشكل
الرائع، لم أخطئ أبداً عندما إخترتك لهذه المهمة!"

"لا تقلقي ساندي كل شيءٍ تحت السيطرة حتى
الأثاث فُصل كما هو وصفك أنت وأوم فقط علينا
إنتظار إنتهاء الترميم، صحيحٌ أنه سيأخذ بعض
الوقت بسبب الخراب الكبير، لكنهم أكدوا أنه سيعود
كما كان وافضل"

"لا يسعني الإنتظار أكثر لكن لا بأس، هل أخبرك أوم
بالتطورات التي حصلت رفقة موكيش؟"

هنا تغيرت معالم وجه بابلو وقد بان عليه وانتبهت
لذلك زيلدوڤيا، هي تعلم مدى تعلقه بساندي الراحلة
ولكن وضعهما الآن مختلفٌ تماماً ولا يمكنها أن تبادله
حتى فهو بالنهاية قلبه مع ساندي الراحله وليس
من روحٍ حبيسةٍ داخلها.


(في مكانٍ آخر)


يجلس في إحدى  الحانات الرخيصة حتى يبتعد عن
أعين رجال والده، منزوياً في إحدى الأركان لا يعطي
لهؤلاء المومسات بالاً هناك واحدةٌ فقط هي من استولت على عقله تماماً، لا أحد سواها هي
زيلدوڤيا.


"تباً تلك الفتاة لا تخرج من عقلي منذ آخر لقاءٍ بيننا
أين كلامك يا موكيش بأنك ستتسلى معها فقط،
لا أن تنجرف وراءها!"


كالمجنون يتحدث إلى نفسه ويبدوا أنه على وشك أن يثمل، لقد أخذ عهداً على نفسه آلا ينغمس في
الشرب كثيراً حتى لا يقع في المحظور لكنه بسبب
تفكيره بزيلدوڤيا لم يشعر بنفسه وهو يفرغ
زجاجةً خلف الأخرى، حتى فقد صوابه تماماً وأصبح
يهلوس.


"تباً مالذي اقترفته بحق نفسي؟!"


"ستجني ما كسبته يداك يا موكيش وهذا وعدٌ مني
لك، سترتشف نفس الكأس الذي أذقتموني منه أنا
وعائلتي!!"


إلتفت موكيش بثمالته نحو مصدر الهمس الذي
سمعه قبل لحظات، حاول أن يثبت رؤياه وبالكاد
بستطيع التركيز أخذ يتفحص بعينه الآخرين وهم
مندمجين داخل رقصهم وموسيقاهم القذر، يبحث
بعينيه عمن تكلم معه الآن.


"هل بدأت أهلوس حقاً؟! لا يعقل أن ما أراه أمامي
حقيقي!!"


صُعق موكيش لما رآه أو لما ما يزال يراه أمامه
إنها ساندي نفسها، بنفس ثيابها الممزقة والمضرجة
بدماءها منذ تلك الليلة،تنظر نحوه بأعينٍ مظلمةٍ
حالكةٍ لا نور فيها إلتفت حوله كالمخبول يتأكد إن
كان هناك أحدٌ يرى ما تراه عيناه، ولكنه صدم بان
الجميع يتصرف بشكلٍ طبيعي رغم قربها منهم و
بشكلٍ كبير.


"اللعنة عليكِ لا تقتربي مني!!"


انتفض من مكانه وقد فقد توازنه ووقع بسبب
ثمالته مما أدى إلى سقوطه فوق طاولةٍ زجاجيةٍ
أدت إلى كسرها، وجرحت جسده و بعضاً من وجهه
أدى ذلك إلى إلتفات الجميع من حوله، منهم من
وقف مذهولاً ومنهم من تقدم ليساعده وهو يصرخ
ويستنجد بهم يؤشر لهم على الفراغ على ما أرعبه.






(من جهةٍ أخرى)

"موكيش أين أنت لما لا تجيب على مكالماتي أيها
الأحمق والدك سيكون هنا صباح الغد!"


"عفواً سيدي لست موكيش اتصلت بك بما أن رقمك
في المقدمه، السيد في المشفى سأعطيك العنوان
حتى تحضر للإجراءات اللازمة"


إنفرجت عينا أوم على وسعها وانطلق بسرعةٍ نحو
العنوان الذي أرسل له، ما إن وصل حتى استعلم عن مكان من يبحث عنده وصل إلى الجناح الخاص فقابله شخصٌ غريب ومع الحديث معه إتضح أنه
مالك الحانة التي كان بها.



"عفواً أيها السيد مالذي حدث معه هل تعارك مع
أحدهم؟!"


"سيد أوم صديقك بسبب هلوسته تصرف دون وعي
وكان يردد كلاماً غير مفهوم، ويؤشر على شيءٍ ما
لم نستطع حتى أن نجد له أثر مما تسبب بسقوطه
بقوةٍ فوق إحدى طاولات الزجاج وتسبب بإصاباتٍ
خفيفه"


"لم أفهم مما أصابه الهلع ماذا رأى وبماذا كان يهذي؟!"

"كل ما أخبرني به الموظفين أنه كان يردد إسم فتاةٍ
تدعى س..ساندي نعم ساندي، وكان يقول لن أسمح
لكِ بالإقتراب مني ومن هذا الكلام وبعدها حصل
ما حصل"


"على العموم شكراً لك سيدي و سأعوضك عن الأضرار التي أحدثها في حانتك، تفضل هذه بطاقتي
اتصل بي وذكرني ما إن لم يصلك إتصالك"


"لا بأس سيدي وشكراً لك نتمنى له الشفاء العاجل"




بعد رحيل صاحب الحانة دخل أوم إلى غرفة موكيش فوجده مازال غائباً عن الوعي، والضماد يحيط بيده ووجه ابتسم أوم بشر وهو ينظر إليه
شامتاً لينطق بعدما دس قبضتيه داخل جيب بنطاله
يتوعده في القريب العاجل.





"لا تقلق أيها اللعين إنها البداية فقط لم ترا شيئاً
سأجعلك تتمنى الموت ولا تجده وهذا وعدي لك
سأفقدك عقلك تماماً"













يتبع....
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي