8

ارتمى أوم فوق أقرب أريكةٍ حال دخوله شقته وأخذ
يفكر بصديقه، لتوه استوعب أنه لم يسأله كيف
علم بالأمر، لكنه تذكر عندما قال له وصلتني كامل
معلوماتك هذا يعني أن هناك جاسوسٌ يتتبعه، الخطير في الأمر أن هذا الجاسوس يتتبعه إلى داخل
المنظمة وهو بحد ذاته خطير عليه محادثة سيده
في الحال.

"مرحبا سيد ستيف هل تسمح لي بلقاءك والأفضل
أن نكون لوحدنا"

"مالذي حدث معك؟ لا بأس تعال في المطعم المعتاد
لنتناول العشاء معاً ونتحدث"

"إتفقنا سيدي سأوافيك هناك في الوقت المحدد"

(العودة للفتاتين)

"صباح الخير! كيف تشعرين؟!"

"لابأس أنا بخير"

هنا ڤيكي وسعت عينيها فرحاً لتهم وتقفز فوق
الأخرى تحتضنها، تهورها هذا اوقعهما من على
السرير ولكنها المتهورة لم تهتم بقدر فرحتها
بعودة رفيقة دربها إلى طبيعتها السابقة.

"ڤيكي هل هذا أسلوبك مع مريضٍ في فترة
نقاهته لقد سحقتِ ظهري، ابتعدي حالاً!"

"تباً لكِ وأخيراً عاد صوتك، اشتميني وإلعنيني لا
مانع لدي لقد شعرت باليتم عندما فقدتِ كنت
بكماء!!"

"عفواً؟! أنا لست بكماء لقد تعمدت عدم الحديث
بسببهما، ثم ما علاقة يتمك بصوتي أنا لم أجد
حتى الرابط بينهما!"

"لا يهم اعتبريه تعبيراً مجازياً"

"لقد اغتصبتي التعبير أصلاً أيتها الحمقاء!"

"أسمعيني المزيد، أتحفيني هيا"

هنا دحرجت زيلدوڤيا عينيها لسخافة التي أمامها
والوجه الغبي الذي تقابلها به، لتصفعها بالوسادة التي
بجانبها تجعلها تحتضن الأرض وتنهض لتستحم
وتغير ملابسها.

"يا فتيات إنزلن للأسفل ضيفةٌ جاءت لتزورك زيلدوڤيا، إنها بغرفة الإستقبال"

تلك كانت شقيقة ڤيكي الكبرى التي اقتحمت الغرفة
كالثور الهائج، وتعلمهما بامر ضيفةً ما قَدمت للزيارة
مما جعل الصديقتين تتظران لبعضهما باستغرابٍ
شديد، هنا توترت زيلدوڤيا وتهجمت ملامحها
لظنها أن الزائر لابد من أنه شخصٌ غير مرغوبٍ
به ولا تريد رؤيتها الآن ولبعض الوقت.

"لو كانت والدتي فقولي لها ارحلي ولا تتعب نفسها
لا اريد حتى سماع صوتها!"

"رويدك يا فتاة لم اقل والدتك قلت ضيفةٌ لا أعرفها
حتى، كل ما اخبرتني به أنها من الحفله التي كنتي فيها مع هذه القبيحه"

"أنا؟! اذا أنا قبيحة وانتي خنزيره بلا أخلاق لم
أحاسبك على دخولك غرفتي بهذه الطريقة!"

"خنزيرة ها؟!"

"كما سمعتي"

"لكِ ذلك، أمي!!! ڤيك.."

قبل أن تكمل الأخرى كلامها قفزت كالقرد، تتوجه نحوها تغلق ثغرها بيديها تمنعها عن مواصلة حديثها
فوالدتها وحدها شيءٌ ما.

"أسفه، أعتذر أسحب كلامي لا تتصرفي هكذا!"

"تباً أبعدي يدك القذرة عني، لا أعلم حتى فيما تستخدمينها واين تضعينها المهم لا تتأخرا بالنزول
فهي بدت تزعج أمك"

خرجت من الغرفة تاركة الفتاتين بحالة الذهول
فزيلدوڤيا تفكر بأمر الضيفة الغريبه وبكلام شقيقة
صديقتها الوقح، أما ڤيكي المسكينة فظلت تفكر
بكلام أختها الأخير وتنظر ليديها، هل ما تفكر به
صحيح؟! أعادت أنظارها بصمت ناحية صديقتها
لتزم شفتيها وترفع كتفيها بمعنى لا دخل لي
بكما وتتوجه للأسفل، ثواني لتعود الأخرى لوعيها
وتلحق بها.

"بيري هل تسمعين ألا يبدوا الصوت مألوفاً؟!"

عند نزولها سمعا صوت حديثٍ وقهقهاتٍ بين سيدين
وقد خمنت ڤيكي أن الصوت ليس غريباً عليها، وحتى الأخرى ففعلاً الصوت بدا مألوفاً جداً ما إن
اقتربتا من غرفة الإستقبال زاد توتر زيلدوڤيا أكثر،
لكن بدخولهما تبدل ذاك التوتر إلى دهشةٍ والصدمة
أتت بعد نهوض الضيفة حال رؤيتها لتأخذها بالأحضان والأخرى مازالت في حالة صدمة.

"وأخيراً التقيت بك، أتعلمين ذاك الوقح رفض
رؤيتي لكِ ولكنني تجاهلته وذهبت إلى منزلك لكن
للأسف الخادمة أخبرتني أنك لم تعودي للبيت وبقيتِ
لدى صديقتك، ياإلهي إنني أتحدث كثيراً المهم كيف
حالك صغيرتي وحمدلله على سلامتك!"

"سيدة دوللي؟!"

كانت تلك ڤيكي التي تكلمت أما الأخرى فمرةً أخرى
ذهبت للا وعي بمجرد ذاك العناق، ذاك الصوت وتلك
الإبتسامة وهذا العناق الدافئ مؤكد هي تعرفها
لا بل معرفةً قويةً وقريبه، تراها تتحدث معها ولكنها
لا تستوعب شيئاً فقد مشاهد مضللةٍ تراها بين فتاتين
تقفزان وتمرحان في عدة مناظر، المدرسة ،الحديقة
لكن لا تتضح الوجوه.

من تكونان هتان الفتاتان ولما تشاهد كل هذا؟!
ولما بالذات مع هذه السيدة حتى أنها لم تشعر بتلك
الدموع التي خرجت منها وهي تنظر بتمعن لوجه
دوللي لتتفوه دون وعيٍ منها.

"اشتقت لكِ كثيراً دوانا، أسفه لرحيلي وتركك وحيدةً في هذا العالم أنا حقاً آسفه!!"

"ما ال.. ماذا؟ ماذا قلتي؟! ولكن كيف عرفتي باسمي
الحقيقي؟!  ماالذي تتحدثين عنه؟!"

هنا عادت زيلدوڤيا لوعيها واندهشت بسبب ما تفوهت به، أخذت تتلفت من حولها لتراهم هم أيضاً
بحالة ذهول مما حصل الآن، شعرت زيلدوڤيا بالإرتباك والتوتر لتعتذر وتغادر المكان قبل أن
تتأذى بأسئلتهم.


"مابها هل هي بخير؟! ڤيكي ما بها صديقتك؟"

"سأطمئن عليها أمي، لكن قبل ذلك سيدة دوللي
شكراً لزيارتك أعتذر عن تصرفها فلقد خرجت
لتوها من المشفى سنلتقي مجدداً أما الآن اعذريني
من فضلك"


"لا بأس لا عليك، إذهبي واطمئني عليها سنلتقي
بظروفٍ أحسن قريباً"


أومئت لها لتركض سريعاً ناحية غرفتها حيث تتواجد
الأخرى فيها، ترددت في فتحه لكنها سمعت شهقات
بكاءٍ علمت فيها أنه يجب أن تتركها لوحدها قليلاً
وتؤجل الأسئلة أو الأفضل أن تتجاهل الأمر فقد بات
الوضع مزرياً معها، لكنها ترغب بشدةٍ أن تعرف ما
مدى معرفتها بدوللي رغم عدم رؤيتها معها أبداً.






(قصر روتشيلد)


ما إن دلف إلى قصره أسرع بخطواته للأعلى حيث
غرفته الخاصة ومكتبه، أراد أن يتجاهل تلك التي
تقبع على الكرسي بانتظاره ما إن لمحته وعرفت
مبتغاه، نهضت فوراً من مكانها تمنعه من الصعود
للأعلى .





"روبن عندك!!"


"أففف، ماذا الآن؟!


" إلى متى سيستمر هذا الحال؟! ألن تتحرك و تفعل
شيئاً؟!"


"ماذا تقصدين؟!"


"روبن لما تتصرف على هذا النحو؟! قصدت ابنتك
إلى متى ستبقى ببيت صديقتها ألست والدها،
عليك إجبارها بالعودةرغماً عنها لا يجوز أن تتصرف
على هذا النحو!"


"أسلوبك المتسلط هذا ما جعلها تتصرف بهذه الطريقة وتنفر التواجد معك!! الفتاة بالغةٌ واعية
كفي عن معاملتها كطفلةٍ في السادسة من عمرها!!"



صرخ بوجهها نهاية حديثه وأخذ يدلك مقدمة رأسه
وهو يتأوه بخفةٍ، اصبح يعاني مؤخراً من الضغط
في عمله الأصلي والمنظمة وكذلك مشاكله مع زوجته
بالذات، إتصالٌ هاتفي أنقذ الموقف ليتجاهلها و
يصعد إلى غرفته أرادت أن توقفه ولكنه أشار لها
بيده أن تصمت وصعد وتركها.




"دائماً ما تتهرب من حديثنا روبن، أنا لا أقيدها أتسمعني بل أحرص عليها، إنها تكاد نضيع بسبب
دلالك الزائد أنت تفسدها وفوق هذا سأذهب
بنفسي لأحضرها لقد طفح كيلي منكما، أنت
تريد موتي سريعاً وأنا أعلم بنواياك روبن
أتسمعني أعلم بنواياك تماماً"



لم تسمع سوى صفق الباب وإقفاله على نفسه ينهي
الجدال العقيم معها، اقتربت خادمتها المقربة
إليها لتمسح على ظهرها تحاول تهدأت الأخرى
التي بالكاد تتنفس والدموع تسبق ألمها.




"سيدتي يكفي هذا ليس جيداً لكِ"


"وماذا عساي أن أفعل روز قولي لي، لا أحد يشعر
بوجعي إذا كانوا يظنون خوفي عليهم وحرصي
الشديد تسلط فلهم هذا لن أتدخل بهم بعد الأن
ليفعلوا ما يحلوا لهم!"




هل فعلاً بيلا ستحقق ما قالته؟ إنها ثبت على نفسها
مقولة كلام الليل يمحيه النهار، وهاهي بالفعل برفقة
السائق إلى منزل عائلة ڤيكي لتأخذ ابنتها معها قبل
دوامها الجامعي، وصلت لعتبة البيت وترددت في
قرع جرس الباب ولكنها فعلتها أخيراً لتفتح لها
خادمة البيت.




"مرحباً أنا السيدة روتشيلد هل بإمكاني مقابلة
السيدة جوان؟!"



"تفضلي من هنا سيدتي"



قادتها إلى غرفة الإستقبال وطلبت منها الإنتظار
حتى تعلم سيدتها، خمس دقائق وهاهي تسمع قرع
حذائها على الدرج وهي تنزل وتتوجه نحو ضيفتها.




"أهلاً بكِ بيلا أم علي القول صباح الخير!
ما سبب زيارتك المفاجئة؟!"




"أهلا بك، أعتذر على هذا الإزعاج لكن تعلمين ابنتي
لم تدخل المنزل منذ خروجها من المشفى، حتى
أنها لم تتواصل معي وتطمئنني عنها لذا أتيت
لأصطحبها بنفسي إلى الجامعة هي وڤيكي وأطمئن
عليها"




"لا أعلم مالذي أقوله لك ولكنني تحدثت إليها بهذا
الموضوع وكذلك ڤيكي، لكن أنتِ أدرى بطباع ابنتك
بيلا"




"لا أعرف كيف أصارحك حتى هذه الفتاة تعاملني
وكأنني زوجة أبيها أنافسها في البيت، لا والدتها
التي خرجت من رحمها ورضعت من صدرها لا
أفهم سبب جفاءها هذا؟"



اقتربت منها جوان تمسد على يديها المحتنضة إياهما
في حجرها والعبرة تخنقها تنذر بخيانة دموعها لها
والخروج وإظهار ضعفها أمام غيرها.



"لا بأس إهدئي ستصبح الأمور على ما يرام قريباً
فقط عليكي التحدث معها بهدوء، وافهمي منها سبب
تصرفاتها هذه"




"سأحاول جوان، سأحاول والآن من بعد إذنك هلاَّ
أخبرتها عن وجودي وأنني من سيوصلها لجامعتها
هي وصديقتها!"





"حسناً سأنا.."




"ومن قال أنني سأركب معك بنفس السيارة
وأتنفس نفس الهواء معك في نفس المكان،
ولا أريد أحداً من الجامعة أن يراك او يعرف أنكِ
تقربينني فقد أخبرت الجميع وأعلمتهم عن يتمي!!"




"بريا هذه والدتك! لا يجوز أن تتصرفي وتتحدثي
معها هكذا ياابنتي!"




"أعتذر منكِ خالتي جوان ولكنني لا أعتبرها أبداً
والدتي!! أشعر بالضيق والإختناق كلما رأيتها أو
أصبحت بمقربةٍ منها، حتى أنني أشعر بالغثيان
كلما اصطدمت أنفاسنا معاّ"




"زبلدوڤيا يكفي!!"



"اغربي عن وجهي ولا اريد رأيتك سأعود للمنزل
بإرادتي أنا لا كما تريدين والآن وداعاً سيدة روتشيلد
سأتأخر عن دوامي!!"




"بيري توقفي!!"



تجاهلت زيلدوڤيا صديقتها وكذلك والدتها وداست
على مشاعرها دون رأفةٍ، وتخرج تركب برفقة سائقها
أما ڤيكي فشعرت بالحزن اتجاه تلك السيدة المغلوبة
على أمرها، لتعتذر لها وتهرع ناحية سيارة صديقتها
وينطلقا نحو جامعته.


استاءت ڤيكي كثيراً من تصرف الأخرى تجاه أمها،
أخذت تراقب الآخرى التي كانت شاردةً بما يقبع
خلف زجاج النافذة، دون ذرة ندمٍ باديٍ عليها.






"بريا!! لما تتصرفين هكذا مع والدتك ألا تشفقين
على حالها كيف تهرول للإطمئنان عليكِ، متجاهلةً
مرضها وتعبها؟! ألا تملكين ذرة ٱحساسٍ ولو القليل
ناحيتها!"



"ڤيكي توقفي لست في مزاجٍ لكِ ولها دعيني وشأني"


" كم أنتي جحود وناكرة الجميل بيري لم أتوقع منك
ذلك، ليتك رأيتِ حالتها وانتِ في المشفى لقد تعاركت مع والدك وركضت نحوك تترجى الأطباء
في مساعدتك وانتِ تقابلينها هكذا!، صحيحٌ أن والدتي صارمةٌ معي بعض الشيء لكن أقسم
أنني أحبها وارغب في اسعادها ليس مثلك!"




"ڤيكي توقفي رجاءاً، يكفي!!"



"حسناً لكِ ذلك! أوقف السيارة عندك!!!"



"مالذي تفعلينه الآن؟!"



"لا شأن لكِ ولعلمك بعد الجامعة عودي لمنزلك لا
أريدك عندي، وإن أصريتي يمكنك اخذ شقةٍ
صغيرة تمكثين به وحدك، ولا تتواصلي معي
حتى تعرفين خطأك!!"




أقفلت باب السيارة في وجه الأخرى بعنف وابتعدت
لتوقف سيارة أجرة، وتنطلق نحو وجهتها والأخرى
تراقبها بصمت إلى أن أعطت السائق إشارة بأن ينطلق هو الآخر يأخذها لوجهتها هي الأخرى.










يتبع.....
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي