الفصل الرابع فشل الخطة

تلقى شاكر اتصال من الطبيب المسؤول عن حالة ليل، ليجيب قائل:
-الو يا دكتور، أيه الاخبار؟ عملت زي ما قلتلك؟

اجابه الطبيب بصوت يظهر توتر الأمر:
-شاكر بيه الأنسة ليل خرجت من الأوضة ومش راضية تدخل ومصرة تشوفك.

عقد شاكر حاجبيه في تعجب، سائل:
-ليه في حاجة حصلت معاها؟

اجابه الطبيب نافي:
-مفيش أي حاجة حصلت، مجرد ما قابلها الشاب اللي كنت باعته، بعدها خرجت ومصرة تشوفك.

عقد شاكر حاجبيه في تسائل وتعجب:
-شاب مين؟! أنا مبعتش حد.

تبدلت ملامح الطبيب إلى التعجب ليقول:
-أزاي، في شاب قال أنك باعته ودخل أطمن عليها.

أغمض شاكر عيناه في ضيق، ليتحدث في قلق قائل:
-طيب دكتور اديها مهديء وخليها في الأوضة، متخليش أي حد يزورها حتى لو قالك أنه تبعي غير لما أجي، ولما المستشفى تهدى ممكن تخرجها زي ما اتفقنا وتقول أنها رايحة تعمل عملية في مستشفى تانيه، بس مش عايز حد يعرف أي حاجة عنها، أو عني.

أومأ الطبيب قائل:
-طيب بس لو في أي مشكلة ممكن اساعدك، يعني لو في حد عايز يضرك.

اجابه شاكر نافي:
-شكرًا يا دكتور، أهم حاجة بس تعمل زي ما قلت.

أومأ الطبيب بتفهم:
-اعتبره حصل.

أغلق الخط وبالفعل أشار إلى إحدى الممرضات التي تقدمت إليه دون ملاحظة ليل، ليهمس لها بإحدى الكلمات التي تحسها على تنفيذ ما قاله شاكر.

وكما اخبرها، ذهبت محضرة هذه القبرة، لتقترب من ليل حتى تعطيها لها بذراعها، أسفل تكتيفها لها، وكأنها بمشفى علاج نفسي لتتعامل معها على هذا الأساس!

اخذتها إلى الغرفة بمساعدة الطبيب، أسفل مقاومة ليل في بداية الأمر حتى غابت عن وعيها وهي تردد أسم شاكر.

عقد سيف حاجبيه متعجب لما يحدث، وقد كان علي يشاهد كذلك عن بعد.

قام سيف بمحادثة أيلان قائل:
-في حاجة غريبة أوي حصلت.

في الليل.

ما إن وصل أنور إلى المنزل، وجد شمس في انتظاره، لتقول ببسمة هادئة:
-حبيبي عامل أيه؟ اتأخرت لسه كده النهاردة؟

اجابها أنور ببعض الأسف، قائل:
-كنا قربنا نقبض على شاكر، بس اختفى مرة واحدة، كان عندي أمل تحصل حاجة مختلفة النهارده.

طالعته شمس في أسف لحزنه، قائلة:
-أنتوا لسه بتدوروا عليه!

أومأ أنور قائل:
-ومش همل لحد ما مسكه ويوصلنا لكبيره، بس كلها مسألة وقت، أنا هطلع أنام.

أومأت شمس، التي تذكرت أمر تواجد أيجى وعائلتها معهم، قائلة:
-صح، عمك ومراته بيتين عندنا لحد مايخلصوا تنضيف شقتهم.

التفت أنور مطالعها في تعجب عقب عقده لحاجبيه، قائل:
-ومين اللي قالهم يباتوا؟ جدي مش كده؟ طب مكان ياخدهم عنده.

تحدثت شمس في حذر:
-مينفعش تقول حاجة زي كده وإلا جدك هيزعل منك، المهم أنا عرفتك علشان ما تدخلش الأوض اللي كانت فاضية.

أغمض أنور عيناه بضيق ليكمل طريقه إلى غرفته أسفل امتعاضه؛ فليس فقط عليه أن يتزوج من قريبته، بل أيضًا يتواجدوا بمنزلهم ليراهم طوال الوقت!

استمعت أيجى لباب غرفته يغلق، مما دفعها للشعور بقدومه.

نهضت بهذا الفستان القصير التي ترتدي، والذي يشبه قميص نوم يصل لمنتصف فخذها!

خرجت من الشرفة تتطلع إلى شرفة أنور الملتصقة بشرفتها.

استمعت لبعض التخبطات بغرفته، مما أكد لها وجوده بالفعل، هذا مادفعها لإستمرار الوقوف على أمل منها أن يخرج لتحادثه.

استمعت لصوت محادثته الهاتفية رفقة أحد ما، لتنصت له بإهتمام مستمعة لحديثه:
-مخنوق بس شوية.

تحدثت هلال في تسائل:
-أيه اللي خانقك؟ في حاجة حصلت مع عيلتك؟

اجابها أنور الذي يتجول بالغرفة، ولا يدري ماذا يقل لها، هل عليه أن بخبرها الأن بما هو قادم على حياته؟

أتخذ قرار بأنه لن يفعل ليقل محاول في اظهار نبرته صادقة:
-يعني ضغط شغل، هنام وهبقى كويس متقلقيش عليا.

اجابته هلال قائلة:
-طيب هسيبك تريح، بس افتكر أنك بكرا معزوم عندنا، أنت عارف ماما مش هتسيبك في حالك.

تبسم أنور بخفوت وهناك من الأسى ما يتملك قلبه؛ فلا يود أن بكسر قلبها الرقيق، وبذات الوقت لن يستطيع الابتعاد عنها، فهي الحياة بالنسبة له.

أومأ قائل:
-بأذن الله هاجي.

تبسمت هلال التي اشتاقت لرؤيته:
-وأنا هاخد اجازة بكرا علشان احضرلك الأكل من أيدي.

ازدادت بسمة أنور، قائل:
-أحسن حاجة.

استمع لصوت ضحكاتها على ما قال، ما إن اغلقوا الخط خرج للشرفة أسفل اشعاله للسيجارة خاصته، يرتشفها في شرود منه.

استمع لصوت المستندة بظهرها اتجاه سور الشرفة، تقول:
-أنت متعود تتأخر في شغلك كده؟

ما إن طالعها، تبدلت ملامحه بالكامل، من ملامح ثابتة، إلى صدمة وتوتر كابح، ليقل أسفل عقده لحاجبيه وانفعاله رغم الخجل الذي تملكه:
-أنتِ أيه اللي لبساه ده؟! أزاي تطلعي بحاجة زي كده؟ أزاي تقفي قدامي بحاجة زي كده أصلا؟!

اجابته أيجى ببساطة، قائلة:
-مالي؟ أنت شايفني عريانة؟

اجابها أنور بذات انفعاله وضيقه:
-أمال ده أسمه لبس؟ روحي غيري القرف ده، ومتطلعيش بحاجة زي دي تاني، واقفة في البلاكونة ولا كأنها في أوضة نومها.

استمرت أيجى في مطالعته وقد كان يراوضها شعور مختلف؛ فهذه المرة الأولى التي يعلق أحد على ملابسها، بل ولا يود أن تقف امامه هكذا!

ازدادت عصبية أنور من وقوفها رغم حديثه بعد، ليقول بغضب كابح:
-أنتِ مش سامعة أنا قلت أيه؟!

افاقت أيجى من شرودها، لتقول في عند منها:
-ولو مسمعتش الكلام؟ هتعمل أيه؟

اجابها أنور بغضب من عنادها:
-هصورك كده بقميص النوم الحلو ده، وهبعته لجدي يشوف حفيدته وهي واقفة قدامي، وفي البلاكونة علشان أمة لا إله إلا الله تشوفها.

تبدلت ملامح أيجى التي تملكها الضيق من تهديده لها، فقد أصاب التهديد بالفعل.

تركته وقامت بالدخول إلى الشرفة، ليعود في التطلع امامه وصورتها لا تفارق عقله، فبرغم ضيقه من رؤيته لها بتلك الهيئة، إلا أنها كانت مثيرة واخجلته لحد لا ينسى.

لم تمر سوى بضع ثواني، لتعود أثناء ارتدائها للروب من فوقه، فقد كان أفضل بكثير من خروجها بهيئة كتلك.

تحدثت ما إن خرجت قائلة:
-خلاص كده؟

صوب أنور نظراته اتجاهها ببرود وهو يدخن السيجارة خاصته، ليعاود التطلع امامه، مستمع لما تقول:
-أنت بتغير عليا؟

رفع أنور حاجبيه في دهشة من كلمتها، ليعيد مطالعتها، قائل في سخرية:
-بغير عليكِ حتة واحدة! في فرق بين الغيرة وقلة الأدب والأصول.

رفعت أيجى حاجبيها بتبادل، قائلة:
-قلة الأدب! يعني أنا بالنسبالك قليلة الأدب؟

عاد أنور في التطلع امامه صامت مكمل سيجارته، ساد الصمت دقيقة تقريبًا، ليعيد التحدث عقب نظره لها:
-ليه وافقتي على الجواز؟

اجابته أيجى ببسمة شقية مطالعاه:
-يعني، قولت أجرب.

ضحك أنور ضحكة ساخرة، قائل:
-تجربي؟! أنتِ فاكرة الجواز لعبة؟ ده مستقبل، غير إنك مش هتكوني أول واحدة في حياتي، ولا هديكِ الأولويات في أي حاجة، عارفة ليه؟ علشان أنا بحب واحدة وعمري مهبعد عنها ولا هيتغير حبها في قلبي.

استمرت أيجى في مطالعته ولا تدري لما تملك الغضب قلبها من كلماته، برغم أنه اليوم الأول التي تراه به، إلا أنها شعرت بغضب وغيرة وكأنه ملكها هي!

أومأت محاولة أن لا تظهر غضبها، قائلة:
-عادي، أنا متعودة مكونش الأولى في حياة حد، غير إني مش هكسر كلمة جدي فريد.

استمر أنور في مطالعتها والغضب يجتاح قلبه، ليلقي ما تبقى من السيجارة من النافذة، قائل:
-أنا داخل أنام.

تركها ودخل إلى الغرفة أسفل مطالعتها له وضيقها من تركه لها.

في اليوم التالي.

تحدث فريد عقب تجمع الجميع حول مائدة الطعام قائل عقب مطالعته للجميع:
-فين أنور؟

طالعته أيجى كحال شمس التي قالت:
-أنور صحي بدري راح على شغله.

عقد فريد حاجبيه ليقول:
-أزاي مستناش لما يفطر معانا أو يقولنا حتى أنه ماشي؟

اجابته شمس قائلة:
-يعني هو جاله اتصال مهم ومشي.

استمرت أيجى في مطالعتها شاردة الذهن؛ فهي تعلم تمامًا أين سيذهب الليلة كما سمعته يتحدث بالهاتف.

بإحدى المنازل المتهالكة، والتي تعد في جزء شبه مهجور من المدينة.

استفاقت ليل التي اعطوها منوم بالمشفى حتى لا تستفيق ليلة أمس.

اصبحت تنطق كلمات ثقيلة عقب استفاقتها من النوم قائلة:
-ل ل لا.

ملس شاكر فوق خصلاتها ببسمة هادئة قائل:
-أهدي يا روحي أنا معاكِ.

قامت بفتح عيناها لتطالعه بنظرات تائهة، اتضحت الرؤية لديها عقب وقت ليس بكبير، لتجلس في سرعة وتعجب قائلة:
-اا أنا أنا فين؟!

اجابها شاكر بهدوء يهدئها به:
-يا روحي أنتِ معايا، أنا خرجتك من المستشفى خلاص.

استمرت ليل في مطالعته وقد بدأت بأستيعاب ما يحدث حولها، فيبدو هكذا أنه قام بتهريبها من المشفى!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي