الفصل الخامس عشر الغاء الزفاف

ما إن خرجت أيجى رفقة موستي من فلة حبيب.

تحدثت أيجى قائلة:
  -هرجع للهايبر اللي كنت فيه، وأشوف السواق ده.

تلقت اتصال هاتفي دفعها للتحدث بضيق قائلة:
  -أهو الغتت بيتصل، روح أنت بقى وأنا هرجع معاه.

أومأ موستي قائل:
  -هوصلك لهناك وبعدها روحيله أنتِ.

أومأت أيجى وبالفعل ذهبوا لتقوم بدخول الهايبر كما خرجت منه حتى لا تثير شكوكه.

وبالفعل قامت بالخروج من الهايبر لتذهب له.

تحدثت إلى السائق ما إن وصلت له قائلة:
  -اتأخرت عليك مش كده؟

اجابها السائق نافي، ليقل برسمية يعتاد التعامل بها مع من يعمل لديهم:
  -ولا يهمك يا أيجى هانم.

قام بفتح باب السيارة لها حتى تركب، ما إن صعدت للسيارة انطلقوا نحو فلة فيروز.

في الليل.

حينما عاد أنور من عمله.

فور دخوله إلى الفلة تحدث إلى الخادمة التي قامت بفتح الباب له، سائل:
  -فين أيجى؟

اجابته الخادمة بإحترام قائلة:
  -في البلاكونة مع السيد موستي.

طالعها أنور وقد تملك الغضب معالم وجهه.

ذهب إلى الشرفة فور دخوله طالع أيجى الجالسة واضعة قدم فوق الأخرى كعادتها، فكانت قدماها عاريتان لإرتدائها شورت قصير يصل لمنتصف فخذها ذات اللون الأحمر ويعلوه قميص أحمر اللون كذلك لكنه يظهر اكتافها بل كان عاري هو الأخر.

ترفع خصلاتها الحمراء إلى الأعلى واضعة أحمر شفاه ذات اللون الأحمر القوي، فلما تجلس بهذا اللون المثير وأمام أي أحد؟!

هذا ما كان يدور بعقله في أقل من ثواني معدودة، ليقترب تزامنًا مع نهوضها واحتضانها له بدلع ظاهر، قائلة عقب طبع قبلة فوق وجنته:
  -وحشتني يا نوري.

طالعها أنور بنظرات تفهمها جيدًا ليمسك يدها ساحبها خلفه إلى غرفته.

تحدثت أيجى رغم علمها التام بما فعلت، لتقل:
  -أنور بالراحة.

فقد كانت خطواته سريعة وهي ترتدي هيلز.

ما إن وصلوا للأعلى قام بإغلاق باب الغرفة ليسحبها له كالمعتاد حتى تصطدم بصدره العريض، كأنها حركته المفضلة!

تحدث بغضب مطالعها بحدة:
  -أيه اللي أنتِ قاعدة بيه قدامه ده؟! وليه تنزلي قدام حد كده؟!

تطالعه أيجى بتعجب مصطنع قائلة:
  -ومالي بقى؟!

وضع أنور يده فوق قدمها العارية ليقل بغضب ومازالت عيناه تتصوب نحو عيناها:
  -في هدوم مش مغطية حاجة.

طالعته أيجى من جديد وقد ازدادت ضربات قلبها من لمسته لها، ليكمل ممرر اصبعه على طول شفتاها يتعمد مسح أحمر الشفاه لكنه لم ينجح، ليقل:
  -في لون زي ده ميتحطش قدام راجل.

استمرت أيجى في مطالعته وضربات قلبها تزداد، ليتحدث بضيق غير مكترث لمن يشتعل قلبها امامه:
  -أكمل؟ امسحي القرف ده وغيري هدومك وتعالي عايزك.

ملكت أيجى وجهه بين يدها لتقبله مما أثار صدمته، بل شعر أن جسده بأكمله يحترق.

رفع يده ليقدم على ابعادها عنه، ولكنه لم يستطيع، فقد وضع يده فوق هذا الجزء المكشوف من بطنها، كأنها سحر جزبها إليه!

فقد استمرت قبلتها الحارة بعض من الوقت، لتبتعد مطالعاه وقد شعر أن جسده بأكمله شل، فقد كانت الخطة أن يبعدها عنه، ولكن الحقيقة أنه لم يستطيع فعل شيء!

تحدثت أسفل انفاسهم المتسارعة، لتزيل بأصبعها أحمر الشفاه من فوق شفاهه قائلة:
  -بيتمسح كده.

يصوب أنور نظراته اتجاهها وقلبه يحترق، أهذا حب أم بما ينعتوا هذا الأحتراق الذي ينتاب جسده الأن؟!

تركته وذهبت إلى غرفتها كأنها تتعمد احراق قلبه برغم احتراق قلبها معه!

أغمض أنور عيناه ولا يدري كيف يتحكم بأنفاسه المرتفعة، اصغيرة كتلك تعطيه دروس قاسية دون رحمته حتى!

فلم يشعر بهذا الكم من الخضوع يومًا، سوى معها!

بغرفة أيجى.

كانت على وشك الطيران من السعادة؛ فهذه هي المرة الأولى التي لا يبغضها، بل شعرت أنه تأثر بقربها، وهذا بحد ذاته انتصار عظيم لها.

وقفت أمام المرأة التي تعكس صورة سعادتها وبسمتها العاشقة، فكم ارادت قربه إلى مالا نهاية، فقط هذا كل ما تريده.

اخرجت ملابس عبارة عن بنطال اسود اللون فتفاضي، يعلوه سترة ضيقة بيضاء اللون بها بعض الأكسسوار تناسبها.

لتفرد خصلاتها الحمراء، ازالت أحمر الشفاه خاصتها، لتضع أحمر شفاه ذات لون هاديئ لامع، فقد كانت أكثر لطفًا وجازبية!

قامت بالخروج من غرفتها وقد كان يتجمع الجميع حول مائدة الطعام، ليعلوا صوتهم بمناديتها.

هذا ما دفعها للنزول إلى الأسفل حتى تجلس فوق الكرسي بجانب أنور الذي طالعها بتفقد، فلا يدري كيف تصبح بهذه الجازبية بكل شيء ترتديه!

طالعته أيجى هي الأخرى، لترتسم البسمة الغامضة فوق ثغرها مبعدة نظراتها عنه، فهي تعلم بماذا يفكر.

بداء الجميع في تناول فطوره.

ليتحدث أنور عقب انتهائهم من تناول الطعام، قائل:
  -أنا قررت حاجة.

طالعته أيجى كما فعل الجميع.

ليقل مطالعهم دون أيجى؛ فهو يعلم أن الحديث لن يعجبها:
  -أنا مش هعمل فرح.

تبدلت ملاح أيجى إلى الصدمة كحال البعض.

لتقل في تسائل وعفوية:
  -ليه؟

تحدث فريد بذات تعجبه:
  -أيه السبب اللي يخليك متعملش فرح؟

اجابه أنور كأنه ينفي لأيجى ما تأملت لأجله:
  -علشان أنا وعدت هلال إني مش هعمل فرح على حد غيرها.

تبدلت ملامح أيجى التي تملكها الغضب والسخرية من حديثه حولها أمام الجميع، دون اكتراث لمشاعرها.

تحدث فريد في غضب، قائل:
  -أنور..

قاطعه أنور ناهض، يعلن رفضه لماع شيء أخر:
  -لو مش عايزين فأنا مستعد الغي الجوازة، لأني زي ما عملت اللي عايزينه أنتوا كمان تعملوا اللي عايزه، وكده كده الناس اللي حضرت كتب الكتاب مش قليلين، يعني اتعرف أننا اتجوزنا.

تحدثت سهر حديث صدم أيجى من جديد، حينما قالت:
  -أحنا موافقين، أنا أصلًا بشوف الفرح مضيعة للفلوس والوقت، قرارك ده أحسن.

طالعتها أيجى بصدمة ودموع ولم تستطيع التفوه بكلمة، فقد نهضت ذاهبة إلى غرفتها أسفل ضيق فريد، الذي قال:
  -بس أيجى عايزة فرح.

كان أنور يطالع أثر ذهابها، كأن ما يهمه هو أن يرى رد فعلها.

تحدث مفيد مؤيد قرارهم:
  -أنور قرر صح، الفلوس دي هما أولى بيها، بعيدًا عن موضوع خطيبته القديمه، بس ده قرار صح.

طالعه أنور فقد تعجب من وقوفهم بصفه، رغم أن من المفترض أن الوالدة تود أن تفرح بأبنتها في العادة!

كانت تطالعهم شمس وما بداخلها يسخر لحديثهم، فكيف لم يهتموا لأبنتهم بتلك الطريقة؟!

قدم موستي على الصعود لغرفة أيجى ولكن حديث أنور اوقفه، حين قال:
  -اوضتها متقربلهاش، مش من بقيت أهلك علشان تخرج وتدخل براحتك.

طالعه موستي بغضب، ليصعد أنور إلى غرفته ولا يدري ما سبب الضيق الذي يتملكه؟!

كانت تستشيط غضبًا، بل تبكي وتتحدث إلى نفسها وكأنها تناجيها.

حتى صعدت سهر ومفيد ليتحدثوا اليها.

ليقل مفيد بغضب كان يتملكه منذ الصباح، قائل:
  -كنتي المفروض تطاوعيه وتقولي حاضر ونعم علشان ناخد اللي عايزينه منه، أيه الفلم اللي عمليه تحت ده؟!

تحدثت أيجى بصراخ باكية، لتقل:
  -أنتوا وافقتوا على اللي قاله علشان مصلحتكوا، بس أنا في داهية.

تحدث مفيد بغضب لحديثها المنافي لما يريدوا:
  -مصلحتنا هي مصلحتك يا غبية، أنتِ عايزة تقوليلي أن الفرح أهم من الفلوس عندك؟

أومأت أيجى قائلة:
  -أه أهم، أنا بعرف أجيب الفلوس أزاي بس دي حاجة مش هتتكرر تاني، ده غير إني مش هطلب من حد جنيه، أنتوا عايزين تطلبوا اعملوا كده.

رفع مفيد حاجبيه ساخر، ليمسك بخصلاتها بعنف، قائل:
  -أنتِ بتهبلي تقولي أيه؟! لولانه مكنتيش وصلتي للي وصلاله ده.

حاولت أيجى دفع يده بغضب قائلة:
  -أبعد أيدك عني.

تحدث مفيد بغضب وبذات امساكه بخصلاتها:
  -هتعملي اللي نقول عليه وإلا صدقيني هتندمي.

دفعته أيجى بعنف وغضب قائلة:
   -متقدرش تعمل حاجة، أنت عارف كويس ممكن أعمل فيك أيه، خصوصًا لو عرفوا الكلام الحلو اللي أنت كنت بترتبله.

صوب نظراته بغضب كابح اتجاهها ليرفع إحدى الكراسي وبدون انذار قام بضربها به مما دفعها للصراخ.

نهض أنور بتسرع في تعجب وقلق؛ فصوت صراخها وهذا الصوت القوي وهو كسر الكرسي دفعه للقلق والتعجب.

تطلع إلى باب الغرفة فهناك ما يقل له أن يذهب ليرى ما الذي حدث معها.

تحدثت سهر محاولة أن تهدئه، قائلة:
  -مفيد بلاش ضرب كده جسمها هيعلم.

أومأ مفيد الذي أمسك بخصلاتها بعنف، قائل:
  -يعلم، مش هاممني، المهم أكسر رقبتها اللي رفعاها للسما دي.

كانت انفها وفمها ينزفوا دماء وذراعها الأيمن لم تستطيع تحريكه؛ فهو من تفادت به الكرسي.

قامت بإخراج المطوة من جيبها، لتصوبها اتجاهه قائلة:
  -أبعد.

طالعتها سهر بصدمة ودهشة لما فعلت، قائلة:
  -أنتِ بترفعي المطوة على أبوكِ؟

أومأ مفيد الذي ابتعد بالفعل؛ فعلمه التام بجنونها يدفعه للتأكد من فعلها أي شيء، تزامنًا مع استماعهم لصوت أنور الذي طرق باب الغرفة، قائل:
  -أيجى.

طالعت أيجى باب الغرفة ودموعها تنهمر بهدوء تام، لتقل:
-ب بغير هدومي.

استمر أنور بمطالعة الباب بضع ثواني؛ فهي لم تغلق الباب في المعتاد هكذا.

تحدث مفيد بصوت منخفض وتحذير قائل:
  -لو معملتيش زي ما تفقنا، هفضحك قدام الكل، وهقول بتشتغلي أيه وأيه اللي بتاخديه، فقصري وبلاش عندك علشان حاليًا مش هيفيدك، وقتها هتخسري كل حاجة، حتى حياتك.

استمرت أيجى في مطالعته بغضب ودموعها لا تتوقف برغم صمود نظراتها.

ليرحلوا من الغرفة أسفل مرأى أنور الذي كان يراقب الأوضاع من خلف باب غرفته، فضابط مثله ليس من السهل تصديق كل شيء.

ولكن ما فكر به عقله هو أن الامر متعلق بالزفاف، بالكاد هكذا.

مر بعض الوقت الذي لم تخرج به من غرفتها، مما دفعه للذهاب من جديد وطرق باب غرفتها، قائل:
  -عايز اتكلم معاكي.

طالعت أيجى باب الغرفة وقد كانت تجفف الدماء من فمها، فهي لا تتوقف عن النذيف، لتقل:
  -أدخل.

قام بالدخول وقد طالعها مقترب ليجلس امامها بتعجب وقلق داخلي، قائل:
  -أيه الدم ده؟

حركت أيجى رأسها نافية ونظراتها لا تتصوب نحوه، لتقل:
  -وقعت بس، كنت عايز أيه؟

استمر أنور في مطالعتها وبالكاد لم يصدق ما قالت، فخروج اهلها عقب سماعه لصراخها وصوت كسر الكرسي، دفعه لتكذيب حديثها، ليضع يده فوق ذقنها حتى يجعلها تنظر له، ليقل:
  -قولي الحقيقة، أيه اللي حصل؟ حد من أهلك عملك حاجة؟

صوبت نظراتها اتجاهه والدموع عادت في تملك عيناها، لتقل أسفل تساقط دموعها:
  -مش هتفرق معاك، أنا مش هلال علشان تهتملي، ولا تهتم لمشاعري، مش فارقة.

استمر في مطالعتها بعض الوقت وهي تجفف دموعها التي لا تتوقف، فلا يدري ما الذي يحدث له، ولكن رؤيته لها تبكِ تصيبه بالجنون.

أومأ بغضب وقد أكدت معلومته، قائل:
  -لو مش حابة تقولي، أنا هعرف ليه.

نهض لتمسك بيده ناهضة هي الأخرى، قائلة بنفي تظهر به رفضها لما سيفعل:
  -محدش عملي حاجة.

تحدث أنور بضيق من كذبها، فلما الكدمات بذراعها ورقبتها، والدماء إذن:
  -يعني أنتِ شيفاني عبيط هصدق أي حاجة وخلاص؟!

بكت أيجى وكأنها امامه فقط تظهر مشاعرها الحقيقية أسفل أي ظروف.

ملك أنور وجهها بين يده وقد انتابه القلق أكثر لبكائها، محاول أن يهديئ من روعها، قائل:
  -في أيه يا أيجى؟ أيه اللي حصل؟

تحدثت أيجى أسفل بكائها ومطالعتها له:
  -هما كانوا عايزين الفرح يتلغي ولما عارضت ب، بابا، ضربني، ده اللي حصل.

استمر أنور في مطالعتها وقد استشاط غضبًا؛ فسماعه لصوت الهدم القوي، وصراخها بتلك الطريقة من الغرفة والذي لم يستمع لها أحد لتواجدهم بغرفة الطعام، فكيف يمسوها بضرر هكذا أسفل أي ظرف، فليست المرة الأولى التي يفعلوا بها هذا لا محال!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي