الفصل التاسع عشر خطة بديلة

حركت أيجى رأسها نافية مبعدة يده الممسكة بالكأس:
  -كمل علشان معنديش وقت.

أومأ حبيب قائل:
  -زي ما تحبي، لما نشوفك مع رائد وأنتِ بتشتغلي في اللي بنشتغل فيه، يبقى تسميها أيه؟!

استمرت أيجى في مطالعته وقد فهمت قصده، لتتحدث قائلة:
  -ااااه فهمتك، أنور جوزي، بس ميعرفش حاجة عن شغلي، وأياك يعرف.

رفع حبيب حاجبيه قائل:
  -أمم جوزك! وأيه يضمنلي كده ومتكونيش بتشتغلي لصالحه؟

اجابته أيجى بقوة تعتاد التعامل بها أثناء العمل:
  -أنا في الشغلانة دي من قبل ما جي هنا ونتجوز، لو شاكك اسأل أيفا.

استمر حبيب في تصويب حدقتاه العسليتان صوبها، ليقل بقلب بات حامل مشاعر كثيرة لها:
  -أنتِ متجوزاه ليه؟

ضحكت أيجى ساخرة لسؤاله، قائلة:
  -ده تبع الشغل برد؟!

حرك حبيب رأسه نافي، ليقل وعيناه لم تبتعد عنها، بل تتفقد تفاصيلها الفاتنة:
  -لا، بس يهمني اعرفه.

اقتربت أيجى أكثر برأسها من وجهه لتقل بقوة تجعله يزداد عشقًا بها:
  -بحبه، عندك اعتراض؟!

تطلع حبيب إلى شفتاها التي تذيبه كلما نظر لها، لتبتعد فجأة ناهضة، فكم هي محتالة في التعامل معه:
  -أنت خلصت كلامك أكيد، أقدر اقولك مع السلامة.

نهض حبيب الذي تحدث واقف امامها قائل:
  -تشتغلي معايا؟

طالعته أيجى أثناء ارتدائها لمعطفها التي كانت تمسك به، لتقل متعجبة:
  -أمال أنا بعمل أيه؟!

اجابها حبيب مفسر ما ود قوله:
  -تشتغلي سكرتيرتي الخاصة، تمسكيلي شغلي وتكوني دراعي اليمين.

طالعته أيجى وقد كانت تفكر بحديثه، لتحرك رأسها نافية قائلة:
  -أنا شغلي كده كفاية، وزي ما قولتلك أنور ميعرفش حاجة عن شغلي، يعني ميعرفش إني بخرج أصلًا، فمش هينفع اشتغل شغل لوقت طويل.

اجابها حبيب مقترح عليها:
  -وليه متقولوش؟ أنا قدام الناس مالك لشركة كبيرة يعني شغل قانوني، شوفيه وتعالي اشتغلي معايا.

اجابته أيجى نافية:
  -لا، أيجى متشتغلش سكرتيرة عند حد، البضاعة هيعدي موستي ياخدها منك.

تركته وذهبت أسفل نظراته لها، فكم يعشق وجوده بجانبها، لم يأبى لأسمها الذي يرتبط بإسم أنور، فما يريده فقط وسحقًا لما تبقى.

ما إن عادت للمنزل.

تحدثت بصوت مرتفع فور دخولها، قائلة:
  -يا أهلًا.

تحدث فريد بصوت مرتفع قائل:
  -أيجى تعالي يا بنتي، اهيه جات.

ذهبت أيجى لغرفة الاستقبال والذي يحب الجلوس بها، لتطالع أنور الذي تعجبت لرؤيته:
  -أنور!

نهض أنور الذي وقف امامها سائل في تعجب ويبدو أن مزاجه ليس جيد:
  -كنتي فين؟

طالعته أيجى التي توترت من نبرته الغاضبة:
  -كنت، كنت بقابل صاحبتي.

تحدث أنور بذات عصبيته الذي يعلم تمامًا سببها، قائل:
  -وأنتِ ملكيش حد تقوليله ولا أيه؟

استمرت أيجى في مطالعته لتقل أثناء تعجبها من عصبيته:
  -أنا قلت لماما شمس.

ازدادت عصبية أنور الذي قال بها:
  -بس متنيلتيش قلتيلي، ولو قلتي مكنتش هوافق.

استمرت أيجى في مطالعته لتطالع فريد الذي نهض متحدث في تعجب لعصبيته:
  -أنور أنت بتزعقلها ليه؟ أيه يعني خرجت تقابل صاحبتها؟ خدت الأذن ووافقنا وخرجت.

صرخ أنور به هو الأخر، ليقل:
  -بدل ما بتاخد الأذن وأنتوا وافقتوا، يبقى ملهاش لازمة بقى الجوازة دي ونتطلق أحسن.

شعرت أيجى أن هناك خنجر اخترق قلبها، فلا تعلم لما هذا الغضب ولكن كلمته المتها، كلمة يهدد بالأبتعاد عنها تجعلها تنهار.

تحدث فريد بغضب هو الأخر لحديثه:
  -أنت بتقول أيه، ليه كل ده؟! مش معنى أنك متضايق من حاجة تطلع عصبيتك عليها.

تحدثت أيجى مطالعاه، وكأنها تعلم تمامًا كيفية التعامل معه:
  -أنا أسفة، مش هخرج تاني من غير ما اقولك.

التفت أنور مطالعها، فكلمتها هذه اوقفت حديثه، بل امتصت جميع غضبه، برغم أنها خرجت عن غير رضى منها، ولكنها تعلم تمامًا أن الأمر ليس ذهابها دون اخباره.

تركهم وذهب إلى غرفته دون كلمة أخرى.

لتطالع أيجى ذهابه مستمعة لحديث فريد الذي يقول به:
  -متزعليش منه، هو اعصابه تعبانة من الشغل، يهدى وهعاتبه على اللي عمله.

حركت أيجى رأسها نافية، لتقل:
  -لا يا جدي، أنا وأنور هنتفاهم، مش حابة حد يتدخل بينا.

تبسم فريد الذي قال بحب لهذه الفتاة:
  -ربنا يكملك بعقلك، تعالي اقعدي عايز اقولك حاجة.

جلست أيجى ليخرج ورقة حتى يعطيها لها.

طالعت الورقة متعجبة، لتعيد مطالعته بنظرات متسائلة:
  -دي أيه؟

اجابها فريد قائل:
  -ورقة كاتبلك فيها نص املاكِ، زي منا كاتب لأنور نصها.

تبدلت ملامح أيجى إلى الصدمة، فمؤكد إذا علم مفيد وسهر بهذا لتناولوها حية، كما أنها لم تتخيل أن يكتب كل هذا لها!

تحدث فريد بأسف واعتذار نابع من قلبه:
  -عارف إنك بعدتي عني من وأنتِ طفلة، واتحرمتي من حنان العيلة، بس اسمحيلي اعوضك عن كل ده.

استمرت أيجى في مطالعته وقد شعرت أن قلبها يتألم؛ فليست هذه الحفيدة الجيدة التي يكافئها بشيء كهذا، فكيف يقارنها بأنور وهي بعيدة كل البعد عن هذه المقارنة.

تحدثت وقد كانت الكلمات تخرج بصعوبة بالغة:
  -أنا مش هقدر أقبل حاجة زي كده، أسفة يا جدي بس أنا مش عايزة فلوس.

وضعت الورقة امامه، ليمسك يدها واضعها بها من جديد قائل:
  -مش بمزاجك، اعتبريها هدية من جدك.

استمرت أيجى في مطالعته ولا تدري ما الذي تقوله، فهناك من الاحمال ما تضاعفت على قلبها.

فتح ذراعيه لها قائل ببسمة ترتسم فوق ثغره:
  -فين الحضن بتاع جده.

تبسمت أيجى رغم التخبطات والحزن الذي تملك قلبها، لتقترب محتضناه وللمرة الأولى تشعر بهذا الشعور الغريب التي لم تستطيع تفسيره، فكم كان حضن يساوي العائلة بأكملها.

بفلة حبيب.

جلس شاكر امامه والذي كان يرتدي قبعة وقناع على منتصف وجهه حتى لا يتعرف أحد عليه.

تحدث إليه سائل:
  -أنا أخرت سفريتي لما عرفت أنك راجع، ها أيه الأخبار؟

اجابه حبيب ليخبره بكل ما هو جديد:
  -البضاعة لقيت بنت كويسة تسوقهالي، هتبيعها للتجار وهي كانت بتتعامل مع كذه تاجر هنا فمفيش مشكلة، متقلقش حاسس أن البضاعة كلها هتتباع بسرعة، وهتاخد نصيبك وقتها تقدر تسافر، بس في مشكلة صغيرة هي اللي مقلقاني.

عقد شاكر حاجبيه في تسائل وتعجب:
  -مشكلة أيه؟!

اجابه حبيب متذكر حديث أيجى الذي كان يقلق لشأنه:
  -البنت دي تبقى مرات الرائد أنور، بس هي بتقول أنه ميعرفش أي حاجة عن شغلها، أنا صدقتها، بس لازم ناخد احتياطاتنا، علشان كده محدش مننا هيظهر مع أي بضاعة.

تحدث شاكر بعصبية وضيق:
  -وأنت مش لاقي غير دي؟ مراته أكيد تبقى معاه وبتقوله كل حاجة.

اجابه حبيب قائل:
  -لا، البنت تبع أيفا وبتشتغل في المجال من قبل متتجوزه، ومنبهة عليا ميعرفش حاجة، بس بردو بنعمل احتياطاتنا.

اجابه شاكر شارد الذهن، ليقل:
  -هي هتيجي تستلم البضاعة؟

اجابه حبيب نافي، فقد تذكر أنها لن تذهب خصيصًا لتسلم البضاعة:
  -لا، هتبعت واحد تبعها، بتسأل ليه؟

اجابه شاكر ليقل ما يفكر به، فليس من السهل عليه الثقة بأحد:
  -عايز اشوفها، يمكن نقدر نلعب بورقة تانيه، وبدل ما اهاجر هجرة غير شرعية أو يكون في قلق من سفري، وقتها اسافر بكل راحة، هي مش مرات أنور؟

تحدث حبيب ما إن فهم قصده:
  -لا أنا محتاجها معايا في العمليات بتاعتي، أبعد أنت عن الحوار ده كل اللي عليك تاخد فلوسك اللي مشارك بيها في البضاعة.

اجابه شاكر بضيق من نفيه:
  -حبيب أنت الخطر عليك زي عليا بالظبط، أنور مش سهل وأنت كنت هتتلدع من قرصته لو فاكر، فعلشان نأمن نفسنا لازم نبقى معانا ورقة نلعب بيها في الوقت الضايع زي مبيقولوا، البنت دي بتبيع بس ولا مدمنة؟ أصل لو شغالة بالجبروت ده في الحوار، تبقى بتتعاطى.

تحدث حبيب بجهل من الأمر، قائل:
  -معرفش، ومش عايزك تتصرف أي تصرف يخلينا نخسرها.

اجابه شاكر وهناك من الأمور ما تدور بعقله، ليقل:
  -عرفني بس عليها وملكش دعوة بالباقي، خليها تيجي.

اجابه حبيب نافي:
  -مش هترضى.

تحدث شاكر بضيق من تقفيله لكل شيء بهذه الطريقة:
  -أنت بتقفلها من كل النواحي ليه؟! طيب كلمها عني وهات رقمها هكلمها أنا واقابلها.

تنهد حبيب في ضيق من اصراره على الأمر، ليقل:
  -هرتب معاها معاد تقابلنا فيه بكرا، خلاص كده؟

أومأ شاكر برضى محذره:
  -لو مقابلتهاش بكرا يبقى هتبعد أنت عن الموضوع.

نهض ليذهب عقب ارتدائه لكل ما أتى به، حتى لا يعرفه أحد.

عاد إلى المنزل الذي يسكنه هو وليل، ولكن ما تعجبه هو أنه لم يجدها!

تحدث وقد كان يبحث بالمنزل بأكمله، قائل:
  -ليل، ليل أنتِ فين؟

استمر في البحث لينقبض قلبه ما إن تأكد بأنها ليست بالمنزل.

خرج من المنزل واستمر في البحث كالمجنون، فليست من عادتها الرحيل خاصة دون اخباره.

أخذ هاتفه ليتصل بها وهو يبحث من حول المنزل وقلبه تزداد دقاته خوفًا عليها.

ما إن اجابته تحدث بتسرع والقلق يجتاحه:
  -ليل أنتِ فين؟

اجابته ليل بصوت حاني:
  -أنا جاية على البيت أهو.

عقد شاكر حاجبيه في تسائل وضيق تزامنًا مع قلقه عليها، قائل:
  -جاية منين وأيه اللي يخرجك من البيت؟

تحدثت ليل التي أتت من خلفه واضعة يدها فوق كتفه قائلة:
  -كنت بشتري حاجات.

التفت شاكر الذي أنزل الهاتف من فوق أذنه مطالع هذه الرقيقة التي كادت تقتله بغيابها، احتضنها بقوة وخوف عليها، قائل:
  -كنتي بتجيبي أيه؟ وليه متقوليش على الحاجة اللي عيزاها اجبهالك أنا؟ أزاي تخرجي من غير متقوليلي، انتِ متعرفيش إنك ممكن تقعي في مشكلة ووقتها هعمل أنا أيه ولا هعرف أنتِ فين أزاي؟

ابتعدت ليل قليلًا عنه مملكة وجهه بين يديها، لتقل بحنو وبسمة لخوفه عليها، قائلة:
  -أيه كل ده، أنا كنت عايزة أحس إني مراتك بجد وفضلت أمشي لحد ما طلعت على الشارع وروحت السوق كمان وجبت كل الحاجات دي، أنت كنت سايب معايا فلوس علشان لو حصلت حاجة جبت بيها الحاجة.

استمر شاكر في مطالعتها، ليملك وجهها بين يده بحنو، ليقبل وجنتها قائل:
  -أنتِ مراتي وكل دنيتي بس بلاش تكرريها تاني، لو بتحبيني بلاش تقلقيني عليكِ كده تاني، هنسافر وروحي مترح منتي عايزة بس قوليلي على اللي أنتِ عيزاه وأنا هجيبهولك.

أومأت ليل حينما لاحظت خوفه الشديد عليها:
  -حاضر.

تبسم شاكر مقبل جبينها، ليقل بمزاح يخرجها به من هذه الأجواء المتوترة:
  -يلا بقى يا مدام ليل ندخل البيت وتوريني جيبتي أيه.

تبسمت ليل بحماس لتحرك رأسها قائلة:
  -يلا.

حيث عمل أنور والباقية.

تحدث فيروز عقب استعداده للرحيل:
  -عايزين حاجة يا شباب؟

اجابه الجميع بالنفي، ليتحدث علي قائل:
  -فيروز بيه بلغ أنور بأللي قلناهولك لأنه مبيردش على تليفونه من الصبح.

أومأ فيروز قائل:
  -بأذن الله هيرجع بكرا الشغل كفاية اهمال لحد كده.

ذهب من العمل، لتتحدث ملاك التي تجمع اشيائها قائلة:
  -أنا كمان همشي يا شباب، سلام.

تحدث علي قائل:
  -استنتي هاجي اوصلك.

طالعته ملاك نافية، فقد تذكرت موعد سيف:
  -سيف هيعدي عليا كان عايز نشرب حاجة سوا وخليناها بعد الشغل.

تبدلت ملامح علي الذي تملكه الغضب والضيق، ليقل محاول أن يغير رأيها في الذهاب:
  -طب ما تقوليله وقت تاني، أحنا أصلًا لسه مخلصين شغل وتعبانين.

اجابته ملاك نافية، فقد لاحظ ارادتها في مقابلته:
  -بس أنا مش تعبانة، سلام.

تركتهم وذهبت أسفل نظرات علي الغاضبة، والذي كان يلاحظها مليح، فهو يعلم مشاعر صديقه الذي لا يعترف بها.

ما إن ترجلت من المبنى وجدت سيف ينتظرها بالأسفل، لترتسم البسمة فوق ثغره ما إن رأها، ليفتح لها باب السيارة أسفل ضحكاتها على حركته، فيبدو هكذا أنها بداية جديدة لأمر ما!

بفلة فيروز.

قامت أيجى بطرق باب غرفة أنور، الذي قال:
  -أدخل.

كانت ترتدي شورت مريح يصل لأعلى فخذها، يعلوه تيشيرت طويل بعض الشيء، يصل لفخذها كذلك، فبرغم برودة الجو إلا أنها تعتاد هذه السياب كما كانت تعتادها في لندن.

تقدمت للدخول مطالعاه كما فعل هو الأخر، لتقترب دون كلمة مما دفعه للتحدث سائل رغم راحته بعودتها لغرفته رغم صراخة عليها صباحًا، ليقل:
  -عايزة أيه؟

تحدثت أيجى مطالعاه وخصلاتها الحمراء تنسدل فوق كتفها وظهرها مما يعطيها لطفًا وجازبية أكثر، لتقل:
  -عايزة أنام.

تحدث أنور بجفاء لا يود التعامل معها به، ولكن هناك غضة تؤلمه بقلبه تجعله يود البوح بها بأي طريقة:
  -المرة اللي فاتت قلتي أنها أخر مرة، روحي نامي في اوضتك.

طالعته أيجى بضع ثواني لتومأ بحزن، فرفضه لبقائها جعلها تشعر أنه عاد في كرهها من جديد.

التفتت لتقدم على الذهاب، ولكن كلمته جعلتها تتوقف بل وتسعدها كذلك:
  -تعالي.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي