الفصل السادس الاستعداد لعقد القران

ما إن ذهب أنور رفقة والده إلى الفلة خاصتهم.

تحدث أنور فور دخوله قائل:
  -جدي كويس؟

اجابته شمس في تعجب قائلة:
  -أه كويس، أنت اللي مالك في أيه؟

تحدث أنور سائل:
  -هو فين؟

اجابته شمس:
  -في الصالون.

ذهب أنور لرؤيته، ولكن بقى فيروز كما هو، ليتحدث في ضيق وقد علم ما سبب حديث والده رفقة أنور:
  -خوفه عليه علشان يجيله أكيد.

طالعته شمس سائلة:
  -هو كلمه؟

أومأ فيروز لتتنهد بضيق:
  -هو مصر يجوزه البنت دي، وأنور بيوافق علشانا وعلشانه، أنا مش حابة يعمل حاجة غصب عنه هيندم عليها بعدين.

بالصالون.

تحدث فريد إلى أنور قائل:
  -أنا مقولتلكش إني تعبان.

رفع أنور حاجبيه في سرخية من حديثه:
  -يعني أنا اللي غلطان، طب طلبت تشوفني ليه؟

اجابه فريد مشير صوب المقعد امامه:
  -أقعد الأول.

جلس أنور منتظر قص عليه ما يريد.

بداء فريد بسرد ما رتب إليه رفقة أيجى، والتي لم تمانعه أبدًا:
  -هتخرج مع أيجى تجيبوا الحاجات اللي هتحتاجوها لأننا قررنا نكتب كتابكوا بكرا.

توسعت حدقتا أنور الذي صُدم من كلماته؛ فكيف يحدد شيء كهذا دون علمه، بل ويخبره به لا يخيره!

تحدث أنور بغضب كابح يتملك ما بداخله، وبسخرية قائل:
  -أنت بتعرفني يعني؟! مش فاهم بدل ما انتوا رتبتوا مع بعض طب ما تروحوا أنتوا كمان تشتروا الحاجة الناقصة.

اجابه فريد قائل:
  -عارف أنك هتقولي مشغول ومش فاضي، علشان كده...

قاطعه أنور قائل:
  -علشان كده بتحطني قدام الأمر الواقع، مش كده؟

اجابه فريد بضيق من تسرعه:
  -أنور أنت وافقت تتجوزها، فين المشكلة دلوقت؟ المفروض أني عارف أنك مش هترفض علشان كده قولتلك.

ازداد الغضب في تملك ملامحه، ليقل بغضب كابح:
  -أنا حقيقي مش فاهم وجهة نظرك، مش فاهم أزاي عايز ترضيهم على حسابي وعلى حساب هلال! عمتًا أنا هبقى عند كلمتي وهتجوزها، بس أنا متفقتش معاك لسه على اللي عايزه.

رفع فريد حاجبيه مستمع لما سيقول، ليكمل أنور حديثه:
  -هتكتب الفلة بأسم بابا، وكل املاكنا اللي المفروض أنها بتاعتنا هتكتبها بأسم حد من أهلي.

استمر فريد في مطالعته ببسمة هادئة؛ فهو يعلم تمامًا سبب طلبه، فتهديداته لهم جعلته يقلق من أخذ الأملاك من عائلته.

أومأ فريد بهدوء قائل:
  -أي طلب تاني؟

اجابه أنور وقد هداء قليلًا حينما وافق على طلبه، ليكمل قائل:
  -أنا مش هسيب هلال، مهما يحصل، وطبعًا أنت وافقت على حاجة زي كده.

أومأ فريد بتقبل لما يقول وهذا ما كان يثير ضيق أنور؛ فهو يتقبل ما يقول حتى لا يتحجج بالأمر وينهيه.

تحدث فريد متقبل الأمر:
  -معنديش مانع، قول لأيجى تجهز علشان تروحوا تشتروا الفستان والبدلة وكل اللي هتحتاجوه.

أبعد أنور نظراته عنه لينهض خارج من الصالون.

تحدث إلى سهر ما إن استمع لصوتها تقول فور رؤيتها له:
  -حبيبي عامل أيه؟ محدش شافك النهارده مننا.

اجابها أنور الذي تجاهل حديثها، قائل:
  -قولي لبنتك تجهز علشان هنروح نشتري حاجات، خمس دقايق لو ما جهزتش هاخد بعضي وأمشي.

خرج من الفلة، لترفع سهر حاجبيها في دهشة من ضيق خلقه أثناء الحديث معها.

وبالفعل ذهبت إلى غرفة أيجى التي كانت تتعاطى شيء ما.

لتتحدث عقب فتحها لباب الغرفة، ما إن رأتها تنزل كوب الماء من فوق فمها حاملة هذا الشريط من فوق الطاولة:
  -أنتِ بتعملي أيه؟ ده وقته؟ غيري هدومك وانزلي للسلطان اللي تحت، هتروحوا تجيبوا حاجات، قال أيه خمس دقايق لو ما نزلتش همشي.

طالعتها أيجى في برود لما يؤثر عليها ما تعاطته للتو:
  -أزاي جدي بيقدر يأثر عليه أوي كده؟! اخرجي علشان أغير.

تحدثت سهر في ضيق وقلق، قائلة:
  -وبالنسبة للزفت اللي جاية تاخديه دلوقت ده؟!

اجابتها أيجى في ضيق وملل من حديثها حول أمر تعاطيها هذه الممنوعات:
  -ممكن كفاية؟ اخرجي علشان أغير هدومي.

تحدثت سهر قائلة:
  -اختاري حاجات غالية وفخمة هو مش هيرفضلك طلب علشان جده، وأنتِ لازم تنتهزي فرصة زي دي.

تركتها وذهبت لتنهض أيجى حتى تخرج هذا الشورت القصير والتوب الذي يعلوه والذي يكشف جزء من بطنها.

قامت بالنزول لتخرج من الفلة، فلم يكن هناك أحد بالأسفل.

تحدثت فور رؤيتها لأنور يقف بظهره يتحدث عبر الهاتف:
  -أنا جيت.

التفت أنور الذي ارتفعت حرارة جسده من رؤيته لما ترتدي، ليقول والغضب قد اجتاحه:
  -هكلمك وقت تاني، سلام.

أغلق الخط ليتحدث بغضب تظهره ملامحه:
  -هو أنا مقولتش تبطلي لبسك ده؟ أنا مش ماشي معاكِ كده.

اجايته أيجى بضيق:
  -وهو لبسي ولا لبسك؟ وبعدين لبسي كله كده، أنا معنديش غيره.

أومأ أنور ببرود، قائل:
  -تمام، يبقى خليكِ بقى نبقى نبعت حد من الخدم يجيبلك هدوم، وقتها نبقى نخرج.

قدم على ركوب سيارته ليذهب هو، ولكن حديثها جعله يتوقف، حينما استمع لقولها الغاضب:
  -هدخل أغير.

طالعها بنظرات ثابتة حتى عادت للداخل من جديد.

بمنزل هلال.

تحدثت هلال بحزن قائلة:
-بقى كل ما يديني معاد نشوف بعض فيه يرجع يعتذر عنه!

اجابتها والدتها بحنو قائلة:
-تلاقيه بس الأيام دي مش فاضي علشان شغله، ربنا يكون في عونه، شغلانته مش سهله ومش دايمًا يكون فاضي.

أومأت هلال بهدوء رغم حزنها، لتقول:
-ربنا يعينه.

بمنزل تواجد شاكر..

يتحدث شاكر عبر الهاتف، يقول:
  -طيب ظبط كل حاجة على الأسبوع اللي جاي، مش هسافر من المطار هما أكيد مستنيين حاجة زي كده ومش هيسكتوا إلا لما يوقعوني.

تطالعه ليل التي تتناول طعامها بهدوء تام، حتى انتهى من التحدث عبر الهاتف.

التفت جالس امامها فوق السرير الصغير والذي يحوي شخص واحد فقط، تحدث عقب ارتسام البسمة الحانية فوق ثغره قائل:
  -عجبك الأكل؟

أومأت ليل بهدوء، لتقول:
  -هو أنت مينفعش تقول للشرطة أنك معملتش حاجة وتثبتلهم ده، ونفضل عايشين هنا من غير منسافر؟ أو حتى نسافر بعدها، بس أنا خايفة وحاسة أن ممكن تحصل حاجة وحشة.

استمر شاكر في مطالعتها، ليقول بذات بسمته الهادئة برغم القلق الذي يتملك قلبه، لكنه لم يرد أن يقلقها:
  -وهو أنا لو قولتلهم هيصدقوني؟ في حاجات كتير هتتغير لو عملت كده، وبالعكس هيكون في خطر أكبر من ناس تانيه، المهم إني أبعد عن هنا خالص، لأني مش متوقع أي حاجة ممكن يعملوها، ومش عايزهم يدخلوكِ في حاجة زي كده.

استمرت ليل في مطالعته شاردة الذهن، لتكمل تناول طعامها بهدوء، فوجودهم سويًا يجعلها تترقب لما يمكنه الحدوث حتى يفرقهم.

تحدث شاكر لما يعلم تمامًا بشأن ما يدور برأسها، قائل:
  -أنا مقتلتش حد، يمكن ساعدتهم يهربوا حاجات بس كان بضغط منهم، وخوفي عليكِ خلاني أعمل كده، بس أنتِ عارفة إني مش وحش.

أومأت ليل ممسكة بيده، لتقل:
  -عارفة، أنا قلقانة عليك بس.

تبسم شاكر الذي قبل يدها، قائل:
  -متقلقيش، مش هسمح لحد يبعدني عنك.

تبسمت ليل التي يطمأن قلبها دائمًا بوجوده جانبها.

بمنزل علي..

يتطلع إلى ملف ليل الموضوع امامه، تحديدًا إلى صورتها التي تدفعه لتذكر نظراتها البريئة له.

القى الملف امامه في تعجرف قائل:
  -خسارة في مجرم زيه، مش فاهم أزاي بتحبه؟!

اجابه مليح الذي اقترب للجلوس امامه فوق المقعد حامل كوبان من القهوة:
  -وأنت مالك بيها؟! ما تحبه ولا تكرهه، بتاكل في نفسك ليه؟!

أخذ شاكر كوب القهوة، قائل:
  -ميخصكش.

أضمم مليح عيناه مطالعه بترقب:
  -استنى كده، لا أوعى تقول، البت دخلت مزاجك؟!

عقد علي حاجبيه ممتعض لكلمته تلك:
  -ما تتلم بقى، أيه دخلت مزاجك دي! أحنا بنشتغل مش بنلعب.

أومأ مليح بذات غموضه؛ لما شعر بداخله من أمر لا يريحه:
  -أمم منا عارف أننا في شغل، المهم بس أنت اللي تعرف كده.

طالعه علي الذي دفع الوسادة بوجهه، قائل:
  -طب اتكتم بقى، اتكلتم يا أما تخرج من هنا.

ضحك ملبح الذي قال بغموض:
  -يا عم ما تخدش الموضوع على اعصابك كده، صحتك تهمنا بردو.

نظر إليه علي بقرف مكمل احتساء قهوته.

بفلة فيروز.

خرجت ايجى عقب ارتدائها بنطال جينز و قميص أبيض اللون يُفتح اثنان من ازراره وتدخل منتصفه داخل البنطال، فقد كان يحوي حاملة رفيعة تدفع ذراعه في التساقط للكشف عن مقدمة ذراعها.

طالعها أنور مستمع لحديثها:
  -أظن كده ملكش حجة، مفيش أحسن من كده.

فتحت ذراعيها ببسمة تتملك ثغرها وبيدها حقيبة صغيرة.

توقفت امامه ليقترب مغلق أول ازراره قائل:
  -مش شباك بيتكوا هو.

توقفت نظراتها مصوبة اتجاه وجهه، فكم شعرت بدفء غير مبرر لتصرفه، بل ازدادت البسمة في التوسع لأهتمامه بها، أو هذا ما تعتقده.

ابتعد أنور ليقدم على ركوب السيارة، ولكن امساكها لذراعه وطبع قبلة بطريقة سريعة فوق وجنته، دفعه للصدمة من فعلتها.

تحدثت ببسمة وهي توجهه نظراتها صوبه:
  -شكرًا.

استمر في تصويب نظراته اتجاهها والصدمة تتملكه، حاول الفكاك من دهشته ليقوم بمسح خده بغضب تملك ملامحه، عكس ضربات قلبه المرتفعة، ليقل عقب امساكه لذراعها بعنف:
  -قولتلك ميت مرة بطلي طريقتك دي، مش معنى أن أهلك معرفوش يربوكِ يبقى تتعاملي بالطريقة دي مع أي حد، أنتِ عارفة إني مش هتجوزك حبًا فيكِ، وعارفة إني خاطب وبحب خطيبتي، يبقى الأحسن تتلمي.

ترك ذراعها بعنف والذي علمت يداه فوقه، ليركب السيارة قائل بغضب:
  -انجزي.

قامت بالصعود إلى جانبه وملامحها لا تظهر تأثرها بحديثه، لتمسك ذراعها بألم طفولي، قائلة:
  -على فكرة وجعتني، شوف إيدك علمت أزاي؟ ده كله علشان بشكرك؟

لم يأبى أنور لها بل أدار السيارة وأكمل ذهابه.

عقب وقت ليس بكثير من ذهابهم.

تحدثت أيجى قائلة:
  -شغل اغنية.

لم يبدي لها اهتمام، لتقدم على اشعال الموسيقى، ولكنه أبعد يدها، قائل:
  -أيدك ما تلمسش حاجة في العربية.

اجابته أيجى في ملل قائلة:
  -هو أيه ده؟ حتى الأغنية مش راضي تشغلها؟!

صمت أنور مجددًا لتطالع الطريق امامها في ضيق وملل، ما إن وصلوا إلى اتيليه كبير، قام بإيقاف السيارة لينزل منها دون كلمه.

فعلت مثله وتبعته، لتسير خلفه مارين إلى الداخل.

ارتسمت البسمة فوق ثغرها، وقد توسعت حدقتاها من جمال ما رأت من حولها، قائلة:
  -واو، دي فساتين زي اللي بتلبسها العرايس.

طالعها أنور شبه مطالعة، فهو لا يصدق انبهارها وتلقائيتها في التعامل، بل يقسم على وجود شر وخبث خلف تلك الطريقة التي تحاول اظهارها طبيعية، من وجهة نظره.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي