الفصل الثاني والعشرين عملية كبيرة

ما إن أوصل علي ملاك إلى منزلها.

تحدث عقب نزولها من السيارة، فقد اوقفها أمام باب منزلها:
  -مش هتقوليلي أجي أشرب كباية سحلب؟

طالعته أيجى التي تحدثت ببسمة ولؤم ظاهر:
  -أمم مفيش عندي سحلب، يمشي حلبة؟

رفع علي حاجبيه ببسمة ومزاح عقب ترجله من السيارة:
  -زي بعضه.

تبسمت ملاك وبالفعل قاموا بالدخول إلى المنزل.

اضاءت المصباح لتقل عقب اتجاهها لغرفة الطهي:
  -تشرب عصير كيوي؟

عقد علي حاجبيه في تعجب أثناء جلوسه بأريحية، كأنه منزله:
  -كيوي! ده من قلة العصاير يعني؟ قصرت المانجه معاكي في أيه؟

اجابته ملاك بثقة واصرار على ما تقول:
  -على ضمنتي، هدوقهولك من أيدي وبعدها أبقى أحكم.

في هذا الوقت تلقى علي رسالة من إحدى القوات التي تراقب فلة حبيب.

قام بفتح رسالته الصوتيه، ليستمع لقوله:
   -أنا بعت مجموعة تراقب الأتنين اللي قابلوا حبيب، واحد منهم طلع شاكر وعرفنا مكان بيته، والتاني بردو عرفنا مكان بيته بس شكله جديد علينا.

نهض علي بتلقائية ليرسل له رسالة صوته قائل:
  -برافوا عليك، ابعتلي العنوان وصولي كل حاجة بتحصل، قولهم يبعتوا حد وراه مترح ما يروح يمكن نقدر نمسكه بالبضاعة، وكمان أبعت عنوان الواد التاني هروحله أنا.

بفلة أنور.

تذكر أنور حديث مفيد الذي شرد به دون اخبارها شيء.

تحدث مفيد قائل:
  -لو أنت متعرفش فأحنا هنرجع بيتنا النهارده، يعني أيجى اللي هتفضل معاك، أنا مش هقلك خلي بالك منها والكلام ده؛ لأني عارف بنتي كويس، أنا بس هقلك خلي بالك على نفسك؛ البنت دي مش طبيعية، أنا ابوها وبقلك كده، غير إن بابا فريد كتبلها نص املاكه أنت متخيل؟ واحدة مريضة يبقى معاها نص ثروة!

استمر أنور في مطالعته، ليعقد حاجبيه بتعجب، سائل:
  -أنا مش فاهم اللي بتقوله، يعني أيه مريضة؟!

اجابه مفيد قائل:
  -يعني محتاجة تروح مستشفى امراض نفسية، دي بنتي وبقولك كده.

استمر أنور في مطالعته وقد دهش لما قال؛ فمحادثته بتلك الطريقة عن ابنته، وأنها مريضة نفسيًا يدفعه في التعجب.

عودة للواقع.

أبعد أنور نظراته عنها حتى لا تلاحظ كذبه حينما قال:
  -يعني وقت ما روحنا المستشفى.

استمرت أيجى في مطالعته، ليعيد النظر لها واضع يده فوق وجنتها، قائل:
  -أنا مبصدقش اللي يتقال عليكِ وعارف أنهم غلط.

استمرت أيجى في مطالعته لتتمسك به بشدة فجأة شاهقة، ليمسك بها بإحكام قائل:
  -أهدي.

تحدثت أيجى أثناء انزاله لها:
  -حسيت إني دخت فجأة.

وضع أنور يده فوق وجنتها بحنو وقلق سائل:
  -تعبتي تاني مش كده؟ منتي لبسالي بتاع ميتلبسش في الصيف أصلًا.

طالعته أيجى ببسمة واضعة يدها فوق يده التي تعلو وجنتها، لتقل ببسمة مصوبة نظراتها اتجاهه:
  -خوفت عليا؟

ضحك أنور لجنون مشاغبته، قائل:
  -أنت بتستغل أي فرصة؟!

رفعت أيجى حاجبيها قائل:
  -أنت! شايفني راجل!

تطلع أنور إلى جسدها بطريقة مازحة، ليقل:
  -راجل أيه بس!

عضت أيجى على شفتاها، لتقل بطريقة ود لو يأكلها لأجلها:
  -أيه ده نوري قليل الأدب!

ضحك أنور على طريقة مشاغبته، ليقل:
  -ده أيه ده، تعرفي عني كده؟

تبسمت أيجى متعلقة برقبته، لتدفن وجهها برقبته، قائلة:
  -بردانة.

تبسم أنور؛ فقد علم ما الذي تريده، وهو النوم داخل احضانه.

حملها أسفل احتضانها له وسعادتها من معاملته الجديدة لها، ما إن عادوا للغرفة انزلها فوق السرير بهدوء، ليتمدد بجانبها حاى تقترب محتضناه، سائلة:
  -أيه اللي خلاك تسألني السؤال اللي سألته دلوقت؟ يعني حد منهم قالك حاجة؟

حرك أنور رأسه نافي، ليقل أسفل مطالعته لها:
  -محدش قالي حاجة، جي في بالي بس.

وضعت أيجى يدها فوق صدره، لتتحدث سائلة:
  -هو أنت لسه عايز تسيبني يا أنور؟

استمر أنور في مطالعتها شارد الذهن، فهو لا يدري ماذا يريد، ولكن ما يعلمه أنه بالفعل لن يستطيع الأبتعاد عنها.

اكملت أيجى حين قابلها صمته:
  -مش عارف؟

قال أنور وهو يملس فوق خصلاتها الحمراء:
  -هتتغيري؟

طالعته أيجى سائلة:
  -بخصوص أيه؟

اجابها أنور الذي كان يفكر بما تفعله ولا يليق له:
  -يعني، تغيري لبسك، شعرك يتغطى، طريقتك مع الشباب، كده يعني.

استمرت أيجى في مطالعته وعقلها شرد بحديثه، لتقل كاسرة صمتها:
  -بس لبسي وشعري دي حاجة متعودة عليها.

قال أنور كأنه يخيرها لا يجبرها:
  -أنا مبحبش أبدًا البنت اللي مش محافظة على نفسها، خصوصًا لو كانت متجوزة، أنتِ ليه عايزة حد يشوف شعرك غيري؟ أو يشوف جسمك غيري؟

استمرت أيجى في مطالعته، مصوبة نظراتها اتجاه تفاصيل وجهه التي تعشقها، ليكمل قائل:
  -ها؟

تبسمت أيجى دافنة وجهها داخل احضانه، لتقل:
  -هعمل اللي عايزه، بس تاعدني أكون زي منت عايز.

تبسم أنور؛ فمن الصعب أن يوافق أحد على تغيير حياته من أجل أخر، لكن عشقها الذي بات يتأكد منه، يدفعها لفعل أي شيء.

تلقى في هذا الوقت اتصال، دفعه للإمساك بالهاتف من فوق الطاولة بجانب السرير، ليجيب في قلق من اتصاله الغير معتاد في هذا الوقت:
  -أنور في اخبار مهمة، اللي كان خارج من عند حبيب طلع شاكر راقبوه وعرفوا بيتوا، وكمان التاني اللي كان معاه راقبوه وعرفوا بيته.

تحدث أنور في دهشة وحماس ممزوج بالسعادة، قائل:
  -برافوا عليكوا، خليهم يراقبوا شاكر مطرح ما يروح، وابعتلي عنوان الواد التاني وأسمه وأنا هروحله بكرا، حرج عليهم يراقبوه هو كنان لحد الصبح.

تطالعه أيجى مستمعة لما يقول في تعجب.

ما إن انتهى من محادثه، تحدثت أيجى سائلة:
  -في أيه؟

اجابها أنور ببسمة تظهر سعادته لما قال علي:
  -لقوا الشاب اللي كنا بندور عليه، وشكلنا كده هنمسكه.

تحدثت أيجى متحدثة في فضول:
  -ليه هو بيعمل أيه؟

اجابها أنور وكأنه يفضفض عن ما بقلبه:
  -بيتاجر في الممنوعات.

تبدلت نظرات أيجى التي شعرت بسوء ما تفعل، ليتحدث مكمل:
  -كنا قلبانين عليه الدنيا من فترة، واخيرًا قدروا يعرفوا مكانه، بس الفكرة أننا هنستنى أي عملية يعملها علشان نمسكه متلبس.

استمرت أيجى في مطالعته وقد شعرت ببرودة الأجواء قد ازدادت، فهل ازداد البرد قسوة، أم هي من قسى عقلها عليها في تفكيره من مصيرها إذا علم بشأن عملها؟!

طالعها أنور مملس فوق وجنتها لتنتبه له، قائل:
  -مالك؟

حركت أيجى رأسها نافية، محاولة في اخفاء توترها، قائلة:
  -لا بس كنت بتخيل حاجة مجنونة شوية.

رفع أنور حاجبيه بمزاح حين قال:
  -شوية!

ضحكت أيجى، مكملة حديثها وقد تملكها التوتر من جديد:
  -اا يعني لو أنا كنت مكان الناس دي.

استمر أنور في مطالعتها، ليتحدث مهاودها:
  -أمم وبعدين؟

اكملت أيجى حديثها؛
  -هتعمل أيه؟ هتحبسني؟

اجابها أنور وهو يفكر يضعها حيث هم، فلا مقارنة بالنسبة له:
  -مفيش مقارنة يا أيجى، ليه هتكوني مكانهم؟!

طالعته أيجى وقد ازداد الأمر صعوبة عليها، عقب رده هذا:
  -يعني أنا بقلك اتخيل، مثلًا حصلت حاجة خلتني عملت كده، وأنت عرفت، هعتعمل أيه؟

صمت أنور بعض الوقت، ليقل:
  -هسجنك.

صوبت أيجى نظراتها اتجاهه من جديد وبدهشة وقد انقبض قلبها:
  -اا بجد؟

أومأ أنور الذي كان يتحدث بأريحية ظنًا منه أن الأمر من المستحيل أن يحدث:
  -أنا بحب شعلي لدرجة مش هتتخيليها، ولما تخونيني وتشتغلي في حاجة تضر الناس زي دي، يبقى تستاهلي أقل ما فيها يتحكم عليكِ الحكم الطبيعي، ده غير حكمي أنا.

ابعدت أيجى نظراتها عنه، تحاول أن تهديئ من روعها، ولكن كيف تفعل؟!

قال أنور والذي لم يكون يتحدث رفقة أحد من قبل عن عمله:
  -في رجل اعمال أسمه حبيب، الشخص ده تاجر كبير وبيتاجر في الممنوعات من فترة كبيرة، أحنا بقى بندور على دليل نمسكه علشان نقدر نقبض عليه هو وكل اللي معاه.

طالعته أيجى التي جلست فوق السرير بصدمة لما سمعت، قائلة:
  -ح حبيب!

أومأ أنور مكمل حديثه وقد كان يتعجب من دهشتها:
  -تعرفيه؟

حركت أيجى رأسها نافية، لتقل وهناك شعور بأن الغصة تتملك حقلها:
  -ااا هعرفه منين!

قال أنور أسفل غله منه:
  -بس فالنهارده عرفوا مكان شاكر اللي شغال معاه، وعرفوا كمان مكان واحد تاني بس بيقوبلوا أنه مش معروف، ده اللي هنروح نقابله بكرا.

استمرت أيجى في مطالعته وقد خشت أن يكون موستي، فهو ذهب ليلة أمس له!

مر اليوم على غير المعتاد؛ فهناك من القلوب ما يتملكها الخوف والرهبة.

كانت أيجى تدور بالغرفة تحادث موستي الذي قلقت لذهاب أنور له، لحكِ له ما حدث، هذا ما دفعه لقول:
  -حسيت أنهم بيراقبوني علشان كده هربت منهم، نتقلقيش هغير مكاني لفترة ومش هرجع الفندق تاني.

تحدثت أيجى في قلق وزعر من ما يحدث:
  -موستي أنا خايفة لأنور يعرف حاجة عن الموضوع.

تحدث موستي محاول أن يهديئها:
  -أيجى أهدي، أنتِ اختفي الفترة دي ومتروحيش لحبيب، وأنا كمان هعمل كده وهبلغه إن في قلق الفترة دي.

أومأت أيجى قائلة:
  -موستي، دي أخر عملية، هنحلص من البضاعة دي وهوقف شغل.

تحدث موستي الذي كان يعلم تمامًا أنها ستأذ هذه الخطوة:
  -طيب، بس أيفا؟

اجابته أيجى وقد كانت نبرتها تظهر القلق بداخلها من معرفة أنور لشيء:
  -هبقى اقوله، هقوله أنا كنت شغالة كذه وكذه بس أكون وقفت مش لسه في نفس الشغل.

اجابها موستي الذي يقلق لما سيحدث الأيام الماضية:
  -طيب، المهم دلوقت نعدي الفترة دي على خير.

أومأت أيجى قائلة:
  -هكلمك تاني، سلام.

اغلقت الخط، لتطالع باب الغرفة الذي مرت شمس من خلاله.

تحدثت أيجى محاولة أن لا تظهر توترها:
  -ماما شمس، في حاجة؟

اجابتها شمس عقب أقترابها قائلة:
  -عايزة اتكلم معاكِ في حاجة، مرضتش أكلم أنور فيها قبل مسألك أنتِ.

استمرت أيجى في مطالعتها لتقل في تسائل:
  -حاجة أيه؟

اجابتها شمس تتذكر الحديث الذي دار بينها وبين هذا الشاب ليلة أمس:
  -مين اللي كنتي بتكلميه وبتقوليله أنك هتقابليه لو عرفتي؟ أنا طبعًا مكنتش هروح أكلم أنور في حاجة زي كده، علشان ما اوقعش بينكوا، خصوصًا إني شايفة تحسن علاقتكوا الفترة دي، فلو في حد تاني في حياتك يا أيجى قوليلي صدقيني هساعدك لو عايزة تبعدي عن أنور، بس أياك تبقي معاه وتخونيه.

استمرت أيجى فس مطالعتها، وقد دهشت لحديثها؛ فمن المستحيل أن تخونه:
  -أنا مستحيل أخون أنور، أنا بحبه أوي أنا بس كنت، كنت..

قاطعتها شمس التي قالت:
  -أيجى لو بتحبيه قولي الحقيقة، وبقسملك إني مش هجيب سيرة لأنور ولا لحد.

توقفت نظرات أيجى صوبها بعض الوقت، فلا تدري ما الذي تفعله، لا شيؤ لتقوله ولا شيء ليخترعه عقلها الأن!

بالفندق الذي توصل أنور له.

تحدث الضابط إلى أنور عقب تفقده للفندق، قائل:
  -هو مش موجود هنا.

عقد أنور حاجبيه متسائل في تعجب:
  -أمال راح فين؟! مش بتقول مخرجش من الصبح؟

اجابه الشرطي، قائل:
  -مش عارف يا أنور بيه، بس أنا فعلًا مشوفتوش جوا، ممكن يكون عرف أننا بنراقبه واتنكر وهرب.

أغمض أنور عيناه بضيق، قائل:
  -يارب بس ما يهربش شاكر كمان منهم.

مرت الأيام وقد كان كل شيء طبيعي.

حتى انتهت الممنوعات لدى أيجى، والتي تحدثت إلى شاكر لتحضر حقن غيرها، فخلال هذه الأيام تبدل وجهها ليزداد تعبًا وارهاق، وقد نقصت بعض الوزن، فقد كانت بمرحلة سيئة للغاية من هذا الإدمان.

لتقل متفقة معه على مقابلته لتستعيد الحياة بالنسبة لها:
  -أنا محتاجة النوع ده، هشتري منك كمية.

تحدث شاكر بخبث؛ فكان يعلم تمامًا أنها ستفعل هذا، ليقل:
  -تمام، بس قبلها هتسلمي معانا عربية فيها بضاعة كاملة، هنهربها على طريق البحر، أنا هكون موجود هناك وعايزك معايا.

تحدثت أيجى نافية، لتقل:
  -أنا مش هينفع يا شاكر، أنا معرفة حبيب من الأول.

اجابها شاكر بعند واصرار على ما يقول:
  -كلامي واضح، دي أخر عملية هقوم بيها وهسافر.

اغمضت أيجى عيناها بضيق من اصراره، لتقل:
  -طيب هتسلموها أمتى؟

تحدث شاكر قائل:
  -ساعة من دلوقت، هبعتلك العنوان تيجي على هناك.

أومأت أيجى التي يبدو أن موعد جرعتها كاد ينتهي، هذا ما يجعل التعب يزداد عليها:
  -جاية.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي