الفصل الخامس استدعاء طارء

تحدث أنور إلى مليح سائل:
-أنت ليه ممشيتش وراه لما هرب؟

اجابه مليح بطريقة تظهر تخبطه:
-هو قصد يوقعني وكان عارف إني وراه، وأكبر دليل على كده أنه كان بيهرب مني، هو بارع في كده فعلًا.

أغمض أنور عيناه بضيق وغضب من ما يحدث؛ فقد كان بيدهم ولم يستطيعوا معرفة شيء عنه ولا أين منزله حتى.

عاد النظر إلى علي، سائل:
-وأنت؟ معرفتش مين اللي كان بيزوره في المستشفى؟

اجابته ملاك قبل أن يتحدث علي:
-دي بنت واسمها ليل، وبتكون حبيبة شاكر، اللي مكناش متوقعينه حصل، بس ياترى هو فعلًا بيحبها ولا دي اسيرة جديدة ولعبة من لعبه؟

طالعها علي ليعيد تصويب نظراته اتجاه أنور قائل:
-أنا اللي قايلها كل ده على فكرة.

شرد عقل أنور الذي لم يعد يستعب ما يجري حولهم، قائل:
-أكيد في حاجة ورا الموضوع ده، مقدرتش تعرف أي حاجة تاني عنها؟

اجابه علي مخرج مجموعة اوراق قائل:
-ده الدوسيه بتاعها اللي كان في المستشفى، فيه كل حاجة تخصها.

طالعه الجميع في دهشة منهم؛ فهو يحوي هذا الدوسيه معه ولا يخرجه حتى يسأله عنه!

تحدث أنور عقب ضربه لرأسه قائل:
-هو أحنا لازم نسأل عن كل حاجة! بشحت منك الكلمة وأنت معاك ده؟

اجابه علي في أسف قائل:
-منت عارف يا قائد، يعني متعود مخرجش أي معلومات عرفتها لأي حد.

رفع أنور حاجبيه مندهش كحال الجميع:
-علي أنت مخك مبيقدرش يفرق بين الصح والغلط؟! أحنا متعودين على كده وده اللي اتعلمناه بس مش مع بعض، اللي حصل ده مش هيتكرر تاني، فاهم؟

أومأ علي بتقبل، قائل:
-فاهم يا قائد.

في هذا الوقت قامت أيلان و سيف بالدخول حيث يجتمعون.

لتسحب ملاك الدوسيه من يد أنور في تسرع ذاهبة لإخفائه بإحدى أرفف المكتب.

تحدثت أيلان فور دخولها ببسمة غامضة، لتقل:
-صباح الخير.

تحدث أنور ببسمة غامضة كذلك، قائل:
-صباحنا النهارده مختلف.

تصوب ملاك نظراتها اتجاه سيف، الذي يطالعها بين الحين والأخر، هذا ما يدفعها لإبعاد نظراتها عنه كلما قدم على مطالعتها.

تحدثت أيلان عقب اقترابها للوقوف معهم:
-قلت قبل ما أروح الشغل أعدي عليكوا أشوف أيه الأخبار.

أومأ أنور بثبات يظهر انتصاره الذي لم يحدث بعد:
-تمام طمنيني أنتِ عن شغلكوا.

أومأت أيلان كذلك رغم توتر الأمر ببنها وبين العمل في تلك الأوقات:
-أحسن ما يكون.

أومأ أنور بذات بسمته الهادئة، قائل:
-حلو، قهوة؟

اجابته أيلان ببساطة:
-معنديش مانع.

ذهبت ملاك لتصنع لهم القهوة أسفل نظرات سيف الذي لاحظها علي.

تحدثت أيلان إلى أنور سائلة:
-أكيد عرفت بخصوص ظهور شاكر.

اجابها أنور كذلك قائل:
-لو أنتِ عرفتي يبقى أكيد عرفت.

ذهب سيف ليقترب من ملاك، كأنه ينتهز فرصة انشغالهم.

ولكن عينا علي لم تبتعد عنهم ولو ثانية.

تحدث سيف عقب وصوله بجانبها مما دفعها للإنتباه له:
-تحبي اساعدك في حاجة؟

حركت ملاك رأسها نافية، قائلة:
-عميل القهوة سهل.

استمر سيف في مطالعتها وكأن نظراته تُسحر بمطالعتها!

مرت ثواني في تظاهرها الإنشغال بصنع القهوة، لتعيد مطالعته وملامحها لا تظهر ما يشعر به قلبها.

اقترب علي قبل أن يقل كلًا منهم شيء، ليتحدث قائل:
-متنسيش يا ملاك قهوة أنور من غير سكر.

طالعته ملاك بأنتباه، قائلة:
-منستش.

وقف علي بجانبها ليتطلع إلى سيف ببسمة هادئة تخفي ضيقه من وقوفه رفقتها ومطالعته لها.

انسحب سيف الذي قال قبل رحيله:
-لو احتجتي حاجة ناديلي.

رحل ليتحدث علي ساخر:
-هتحتاجي منه أيه يعني مش فاهم! هي القهوة عميلها صعب أوي كده؟!

طالعته ملاك لتعيد استكمال عمل القهوة، غير مدركة للغيرة التي تأكل ما بداخله!

بفلة فيروز.

تجلس أيجى بغرفتها، تفعل ما لا تود أن يطلع عليه أحد.

استمعت لصوت طرقات باب الغرفة، هذا ما دفعها للإرتباك واخفاء ما كان بيدها، لتقوم بمسح انفها، ناهضة حتى لا يلحظ أحد التغير عليها:
-ااا مين؟

اجابتها الخادمة:
-فريد بيه عايزك في البلاكونة.

أومأت أيجى والتوتر يملأها، لتقول:
-طيب قوليله جاية.

وبالفعل ذهبت لتحاول أيجى الترتيب من هيئتها، وتصفيف خصلاتها حتى لا تكون هيئتها مبعثرة.

وبالفعل خرجت من الغرفة ذاهبة إلى الشرفة حيث تواجد فريد.

قامت بالمرور إلى الداخل، متطلعه إليه في تسائل قائلة:
-حضرتك عايزني؟

تبسم فريد ليومأ قائل:
-تعالي يابنتي اقعدي.

اقتربت أيجى جالسة فوق الكرسي امامه.

تحدث ناظر لها:
-أنا عارف إنك استغربتي، وعارف إن موضوع الجواز جي بسرعة، بس أنا نفسي علاقة الكل ترجع زي ما كانت، حتى علاقتك أنتِ وأنور، عايز كل حاجة تتحسن ومش حابب تكون الحواجز دي موجودة، وقلبي بيقولي أنك طيبة وهيحبك كمان.

تطالعه أيجى التي شعرت أنه يُخدع بالجميع، بعائلتها بأكملها، حتى هي!

أكمل فريد حديثه عقب تمليكه ليدها بين يده، قائل:
-رأيك يهمني، لو مش عايزة الجوازة دي أنا مش حابب تشوفيني وحش أو تندمي أنك جيتي هنا، فهماني؟

أومأت أيجى بهدوء وعيناها تظهر شرود عقلها، فتذكرها لحديث أنور عن خطيبته، وكلماته التي ترفضها تمامًا، تجعلها في رغبة قوية لإستكمال هذا الطريق المهلك.

طالعته بإنتباه محاولة في اخراج عقلها من هذا الشرود الذي تملكه:
-أنا موافقة أكيد يا جدي، بدل ما أنت عايز كده أنا موافقة.

تبسم فريد، بل اتسعت بسمته أكثر؛ فكم اراحت كلماتها قلبه.

احتضنها كأنه يشكرها على ظنه الصائب بها، أو الذي يعتقده كذلك.

تحدثت سهر إلى شمس سائلة في ترقب:
-أمال فيروز فين؟ هو مش فطر معانا باين؟

أومأت شمس قائلة:
-راح الشغل.

رفعت سهر حاجبيها بتفهم، ليتحدث مفيد عقب اقترابه من موقعهم، قائل:
-أنا كلمت واحد صاحبي هنا وهو لقالي مكان أقدر أرجع اشتغل فيه تاني، هروح أشوف أيه النظام.

أومأت سهر قائلة:
-طيب هبقى اكلمك.

ما إن رحل، عادت سهر في تصويب نظراتها اتجاه شمس، لتقل بخبث خفي:
-أصل مفيد بيشتغل في المجوهرات، يعني صناعة خواتم وحاجات زي كده.

تبسمت شمس بخفوت والتي لا تسعد لوجودهم معهم، لتقل:
-ربنا يوفقه.

تحدث فريد إلى أيجى قائل:
-عندك مانع لو خلينا كتب الكتاب والخطوبة بكرا، والفرح أخر الأسبوع؟

توقفت نظرات أيجى صوبه بضع ثواني، لتحرك رأسها نافية، قائلة:
-معنديش مانع بس أنور..

قاطعها فريد بحزم، قائل:
-ملكيش دعوة بأنور، هو هيوافق، هكلمه يجي النهارده بدري من الشغل، ياخدك وتشوفي الفستان اللي هتشتريه، والحاجات اللي هتحتاجوها، وبالمرة تكون فسحة تشوفي فيها مصر.

تبسمت أيجى التي قالت:
-أنا متهيقلي أنور مش هيقدر يجي النهارده بدري؛ أنا سمعته بيكلم حد في التليفون بيقوله أنه هيروحله بعد الشغل.

طالعها فريد شارد الذهن، فقد علم عن من تتحدث، ليومأ قائل:
-هيجي.

حيث تواجد شاكر..

سرد لها شاكر كل ما حدث وكيف قام بتهريبها من المشفى حتى لا يقطع طريقهم أحد من الشرطة.

ليقول عقب انتهاءه من سرد ما حدث:
-أنتِ حاسة بأي تعب دلوقتِ؟ أنا أجلت السفرية النهارده، وقت ما نكون جاهزين نسافر.

استمرت ليل في مطالعته وكلمات علي تدور بعقلها، لتقول في ترقب منها:
-هسألك سؤال واوعدني أنك تقول الحقيقة.

استمر شاكر في تصويب نظراته اتجاهها، ليومأ قائل:
-أنتِ عرفاني عمري ما هكذب عليكِ.

أومأت ليل مؤكدة:
-عارفة، بس بفكرك أنك مش كده، شاكر في بنات تاني في حياتك غيري؟

عقد شاكر حاجبيه في تعجب، سائل:
-أنتِ عارفة الإجابة يا ليل، بس ليه بتسألي السؤال ده؟!

استمرت ليل في تصويب نظراتها اتجاهه، لتقول:
-صاحبك اللي جالي امبارح في المستشفى، كان مستغرب إني حبييتك، وقال أنك بتكون مع بنات كتير، علشان كده ميعرفش أن عندك حبيبة.

أغمض شاكر عيناه في ضيق من ادخالهم لها بالأمر، ليعاود فتح عيناه مملك وجهها بين يده، قائل:
-وأنتِ تصدقي حاجة زي دي بردو؟ عمومًا ده مش صاحبي، ده واحد عايز يوقع بينا.

استمرت ليل في مطالعته، لتقل متعجبة:
-مين ده اللي هيبقى عايز يوقع بينا؟!

اجابها شاكر ببساطة وقد كان يحاول قدر الإمكان أن لا يثير قلقها:
-أنتِ عارفة في ناس كتير بتتمنى أقع، وده أكيد واحد من الناس دي.

استمرت ليل في تصويب نظراتها اتجاهه، لتضع يدها فوق يده التي تملك وجهها قائلة:
-أنا أسفة، بس غيرت عليك.

تبسم شاكر الذي قبل وجنتها، مستند بجبينه فوق جبينها، قائل:
-أبعد عن ليلي وروح فين بس؟

ضحكت ليل بخفوت مغمضة عيناها سامحة لأنفاسه في مضاربة انفاسها المشتاقة لقربه.

تحدث شاكر بنبرة هادئة حتى لا تفقد الأجواء لهيبها:
-مش هبعد عنك تاني، ومش هسمح لحد يمسك يا نور عيوني.

ازدادت بسمة ليل التي تمسكت بيده أكثر، فكل ما تريده من تلك الحياة هو قربه.

في الليل.

تجلس هلال رفقة والدتها منتظرين قدوم أنور عقب وضعهم للصحون فوق الطاولة.

تحدثت والدة هلال سائلة:
-أنور مجاش لحد دلوقت ليه؟! مكلمكيش؟

اجابتها هلال قائلة:
-هو قال أنه جاي، هتصل اشوفه فين.

جمع أنور اشيائه مستعد للذهاب، ليتحدث فيروز إليه سائل:
-هتروح على البيت؟

حرك أنور رأسه نافي:
-هتغدى مع هلال.

استمر فيروز في مطالعته، ليومأ بهدوء وبحزن قائل:
-طيب، ولسه عند كلامي، لو رفضت محدش هيعارضك يا أنور.

في هذا الوقت تلقى أنور اتصال، ليجيب قائل:
-ألو.

تحدث فريد إليه قائل:
-عايزك سيب اللي في أيدك وتعالى ضروري.

عقد أنور حاجبيه في تعجب وتسائل، قائل:
-في أيه؟ جدي أنت تعبان؟

اجابه فريد بطريقة لم تريح قلبه:
-مستنيك.

أغلق الخط ليطالع فيروز في تعجب وقلق:
-هو جدي ماله؟ طالب يشوفني بسرعة!

تحدث فيروز بقلق كذلك قائل:
-مش عارف، خلاص هروحله أنا ولو في حاجات هتصل بيك.

حرك أنور رأسه نافي مطالع اتصال هلال الذي اغلقه، قائل:
-هروح اشوفه.

أومأ فيروز والذي يعلم تمامًا خوفه على جده، قائل:
-هاجي معاك.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي