الفصل الثامن عشر انتهاء علاقة

بمنزل ملاك.

فور خروجها من المنزل، توقفت ما إن استمعت لمناداة احدهم لها، حين قال:
  -ملاك.

توقفت لتطالعه وقد تبدلت نظراتها للصدمة:
  -سيف!

تبسم سيف مقترب للوقوف امامها ماد يده لها، حين قال:
  -صباح الخير.

ارتسمت البسمة فوق ثغر ملاك لتصافحه قائلة:
  -صباح النور، أيه اللي جابك هنا؟

اجابها سيف ببسمة وعيناه تتصوب اتجاهها:
  -يعني قلت أن طريقنا واحد فحبيت أجي نروح سوى على الشغل.

عقدت ملاك حاجبيها بخفوت؛ فكيف طريقهم واحد وعملها يبعد الكثير عن عمله؟!

تحدثت وهناك من التعجب ما يتملكها:
-بس مكنش لازم تتعب نفسك وتيجي، يعني أنا كده كده بروح كل يوم بالعرابية.

حرك سيف رأسه نافي، ليقل:
  -مفيش تعب ولا حاجة، أنا كمان كل يوم هاجي أخدك، متعرفيش اتحمست أزاي وأنا نازل بدري كده.

ضحكت ملاك على حديثه الذي كان مزحة بالنسبة لها، لتقل:
  -طب إذا كان كده يلا بينا.

تبسم سيف الذي تحمس بالفعل، ولكن لوجوده معها وللمرة الأولى بمفردهم دون علي.

بفلة فيروز.

ما إن عاد أنور رفقة أيجى للفلة.

تحدثت شمس بقلق واشتياق لأنور، قائلة:
  -حبيبي حمدالله على السلامة.

احتضنته كما فعل وعيناه تتصوب اتجاه أيجى التي سرعان ما صعدت لغرفتها دون التحدث إلى أحد، فحالتها كانت سيئة لحد اقلقه بالفعل عليها.

ابتعدت عنه وقد شعرت أنه ليس معها بالأساس:
  -أنور حبيبي مالك؟

طالعها أنور بأنتباه لها:
  -ااا لا ولا حاجة، جدي لسة هنا؟

أومأت شمس ولم تصدق أن ليس هناك بالفعل شيء:
  -أه قاعد مع عمك جوا.

أومأ أنور لتكمل حديثها قائلة:
  -هقلهم يحضرولكوا الفطار عقبال ما تغير هدومك، وكمان ما تنساش هتحكيلي كل حاجة.

أومأ أنور بصمت تام، فعقله الأن كان مع من اقلقته.

صعد إلى غرفته، وقبل أن يدخل لها تطلع إلى غرفة أيجى الذي شاور عقله بالدخول لها، لكن توقعه في أنها تبدل ملابسها دفعه للدخول حتى يبدل ملابسه هو الأخر.

صعد موستي لها والذي طرق باب الغرفة، ما إن علمت بأنه الطارق سمحت له بالدخول.

تحدث موستي مقترب منها بقلق عقب اغلاقه لباب الغرفة، قائل:
  -أيجى أنتِ كويسة؟

طالعته أيجى التي كانت نظراتها تائهة تمامًا، لتحرك رأسها نافية وهناك من الهدوء ما يسيطر عليها، فهاهي قد تعاطت جرعتها المعتادة:
  -أنا مش عارفة، حاسة إني، إني مش عايشة يا موستي، حاسة إني بكذب على أنور وبخدعه.

عقد موستي حاجبيه بتعجب وتسائل قائل:
  -أيجى أنتِ مش هامك الفلوس اللي هتخديها من جدك؟! ليه بتفكري في حاجة زي دي؟

طالعته أيجى بأنتباه والدموع قد تملكت عيناها، لتقل:
  -أنت متعرفش ده بالنسبالي أيه، أنا بقالي أكتر من عشر سنين مستنيه اليوم اللي هرجعله فيه، أنا بطلب منه يحبني رغم إني عارفة أد أيه أنا وحشة، لو لو عرف حقيقتي هيكرهني أكتر، أنت مشوفتش أزاي كان خايف عليا لما تعبت الصبح.

ضحكت بسخرية وحسرة على نفسها والدموع تتساقط من عيناها، قائلة:
  -أهي كلها دقايق وهنسى هنسى كل حاجة، هرجع أيجى المزيفة، اللي بستخبى بيها ورا نفسي.

يستمر موستي في مطالعتها والحزن قد اجتاح قلبه عليها؛ فهي لا تفرق عنه كثيرًا، بل حالتها أسوء منه، كما أن هو من يفهمها ويشعر بها، ولكن ما الذي بيده ليقدمه.

اقترب ليحتضنها بحنو ومواساه، قائل:
  -عارف أنتِ حاسة بأيه، وفاهمك يا أيجى، أنتِ عارفة إن السكة دي مش سهل نخرج منها، بس لو بتحبيه وعيزاني اساعدك أنا هعمل اللي أقدر عليه وهحاول افهمه الحقيقة وأنك اضطريتي ت..

قاطعته أيجى مبتعدة عن احضانه بتسرع وبنفي قاطع وتحذير، قالت:
  -أياك يا موستي والله متعرفلي طريق تاني لو عملتها.

أومأ موستي مهدئها ليقل:
  -خلاص خلاص مش هعمل حاجة.

نهضت أيجى مجففة دموعها لتقل:
  -حبيب أتصل بيا، طالب يشوفني.

طالعها موستي بتردد قائل:
  -أنتِ متأكدة أنك قادرة تروحي؟

أومأت أيجى التي ذهبت لتخرج ملابس لها، محاولة أن تظهر حالتها الجيدة:
  -أنا كويسة، متقلقش عليا، أنت عارف كل حاجة هترجع زي ما كانت.

تنهد موستي والحزن مازال يسيطر عليه، فلم ينتهي ما يتسبب به بعد.

حيث عمل ملاك والجميع.

قامت بالنزول من سيارة سيف فور اوصاله لها، لتقل ببسمة ودودة:
  -شكرًا يا سيف.

تبسم سيف الذي تمنى لو لم ينتهي الطريق، فهي لا تعلم كم يعشق قربها:
  -متشكرنيش على حاجة بحب اعملها، عندك حاجة بعد الشغل؟

حركت ملاك رأسها نافية، لتقل:
  -لا.

تبسم سيف الذي شعر أنها بداية لخطوة كان يقلق من اتخاذها، ليقل:
  -يبقى نتقابل نشرب حاجة بعد ما تخلصي شغل، موافقة؟

ارتسمت البسمة فوق ثغر ملاك، لتقل بقبول:
  -موافقة، سلام.

صعدت للعمل ليذهب هو الأخر إلى عمله.

تحدثت ما إن قامت بالدخول، لتقل:
  -صباح الخير.

اجابها الجميع قائل:
  -صباح النور.

جلست ملاك لتتحدث بتسائل، قائلة:
  -فيروز بيه مجاش؟

حرك علي رأسه نافي، لتكمل في تسائل كذلك:
  -وأنور؟

اجابها علي بذات نفيه، فقد اصبحوا ينشغلوا بأمور عدة:
  -بردو لا، الفترة دي مشغولين بحاجات كتير، خصوصًا من ساعة ما أنور اتجوز.

تحدث مليح غير مصدق بعد ما الذي حدث:
  -أنا مش قادر أصدق أن أنور اتجوز، لا وكمان واحدة غير هلال!

تحدث علي بقلة حيلة قائل:
  -الدنيا بقى.

بفلة فيروز.

انتهت أيجى من تبديل ملابسها، لتقدم على الخروج من الغرفة لكنها توقفت ما إن رأت أنور امامها.

رفعت رأسها لترتسم البسمة فوق ثغرها، مستمعة لقوله:
  -عاملة أيه دلوقت؟

أومأت أيجى ببسمة هادئة، لتقل:
  -بقيت كويسة، أنت رايح الشغل؟

أومأ أنور بهدوء، مكمل حديثه الذي قال به:
  -عايزة حاجة اجبهالك معايا؟

ازدادت بسمة أيجى التي حركت رأسها نافية محتضناه، لتقل:
  -شكرًا.

تطلع أنور امامه ولا يدري كيف ينجزب لهذه المشاغبة، بل يتذكر كم كان قلق عليها في الصباح.

ابتعدت أيجى لتطالعه بذات بسمتها ولكن نظراتها كانت مختلفة، كأنها تعتذر عن ما لا يعلم بشأنه شيء.

تطلع إلى ملابسها التي كانت بالفعل لا تكشف شيء من جسدها، لتقل أثناء ملاحظتها لهذا:
  -حلو مش كده؟

تبسم أنور مغير الأمر بسؤاله:
  -دراعك تاعبك؟

حركت أيجى رأسها نافية:
  -مش حاسة بيه.

أومأ أنور الذي اعتدل بوقفته أكثر مستعد للذهاب:
  -حلو، سلام.

تبسمت أيجى التي تحدثت من جديد وكأنها تبغت رحيله:
  -خلي بالك من نفسك.

أومأ أنور بهدوء ذاهب، لا يدري لما كانت قدمه تعوق ذهابه، فقد كان هناك ما يجزبه لها بطريقة تزداد كل يوم عن ذي قبل.

ما إن تأكدت من رحيله ذهبت لتتحدث إلى شمس التي وجدتها بطريقها متجاهلة جلوس مفيد وسهر:
  -أنا هخرج ومش هتأخر.

طالعتها شمس التي تحدثت في تعجب سائلة:
  -هتخرجي فين؟

طالعتها أيجى وهي تفكر بحجة لتقولها، وبالفعل وجدت:
  -هقابل صاحبتي، رجعت من لندن ومش حابة اجيبها هنا، يعني كفاية موستي.

تحدث موستي مازح، فهو يعلم أنها تكذب بكلا الأحوال:
  -يعني أمشي يعني ولا أعمل أيه؟

ضحكت أيجى ليتحدث إليها بأستعداد قائل:
  -استني هاجي اوصلك علشان متروحيش لوحدك.

تحدثت شمس إليه نافية؛ فهي تعلم أن أنور لا يحب اقترابه منها، لتقل:
  -السواق هيروح معاها يوصلها مترح ما هي عايزة.

طالعتها أيجى التي قدمت على الرفض، ولكن لم تود أن تثير تسائل أحد، لتقل:
  -ماما شمس عندها حق يا موستي، هاخد السواق معايا.

طالعها موستي الذي فهم ما تفكر به، فكما فرت منه المرة الماضية ستفعل المثل.

تحدثت سهر بلؤم منها، والتي تتعامل بلطف غير معتاد فقط تتعامل به أمام الغرباء:
  -أيجى حبيبتي عيزاكِ.

طالعتها أيجى، فمؤكد هناك ما تود طلبه منها، فلطفهم المزيف هذا يثير اشمأذاذها.

بغرفة فريد.

تحدث فيروز إلى فريد والضيق يتملكه، قائل:
  -أنا قلتله إن الشقة جهزت، بس شكلهم كده مش ناويين يمشوا من هنا.

طالعه فريد في ضيق مماثل من غضبه لوجودهم:
  -فيروز ده أخوك، والمفروض تكون مبسوط بوجوده هو ومراته وبنته.

أومأ فيروز ساخر، فحديثه وكأنه لا يعلم حقيقتهم السيئة:
  -أه صح، اخويا، لو كان هو بيتصرف على الاساس ده كنت أنا كمان عملت كده.

اجابه فريد قائل:
  -عمتًا برتب لحاجة بالكتير بكرا وهيمشوا.

أومأ فيروز بتمني عقب نهوضه، قائل:
  -بتمنى، هروح الشغل.

أومأ فريد بهدوء صامت، ليتركه رفقه عقله يفكر بما يشغله، لينادي قائل:
  -مفيد، مفيد.

بمنزل هلال.

بمشفى عمل هلال.

تجلس هلال بغرفة استراحتها، تتطلع إلى صورها رفقة أنور عبر الهاتف.

تتحدث بعقلها عن كيفية تركه لها بسهولة وسماحه في الابتعاد عنها! تفكر في وعودهم وكيف تخلى عنها ببساطة.

استمعت لصوت طرقات الباب وهذا ما افاقها من شرودها، لتطالع الباب مغلقة الهاتف، قائلة:
  -أدخل.

قام بالدخول تزامنًا مع قوله:
  -صباح العناب.

تبدلت ملامحها من الحزن والأسى، إلى الدهشة بل اظهار صلابتها الغير حقيقية امامه.

اقترب حامل باقة من الزهور ليمدها لها ببسمة تخطف قلبها دائمًا، قائل:
  -وحشنيني.

ابعدت هلال نظراتها عنه والغضب والحزن يجتاح ملامحها، لتنهض ببغض قائلة:
  -خده معاك لأني مش وخداه، وأنور ياريت لو مش جاي تتأكد من سلامة حالتك العقلية تتفضل لأني فعلًا معنديش وقت.

وقف أنور امامها معترض طريقها، ليمسك بيدها واضع الباقة بها، قائل:
  -خلاص بقى عارف إنك زعلانة وإني غلط في حقك بس والله غصب عني، وجاي النهارده طالب منك السماح.

طالعت هلال يده التي يرتدي دبلتها بها، ليطالع الأخرى فيبدو أنه لا يرتدي دبلة أيجى!

ضحكت ضحكة ساخرة برغم الرضى الذي تملك قلبها:
  -طب والله كويس إنك لسه لابسها، بس مبقاش ليها لازمة؛ لأني قلعت بتاعتي من زمان.

أومأ أنور ليمسك بيدها ليعيد تلبيسها دبلتها، قائل:
  -ومش هتتقلع تاني، ده غير إني مأخلفتش وعدي ليكِ ومش هعمل فرح إلا لينا أنا وأنتِ، وهتيجي معايا دلوقت تقعدي معايا ومع أمي زي مكان بيحصل، وكل حاجة هترجع لطبيعتها.

استمرت هلال في مطالعته والتعجب تملكها، لتقل متسائلة:
  -أنت طلقت أيجى؟

طالعها أنور نافي، لكن بطريقة تخفف من حديثه:
  -لا، بس أنا..

ابعدت هلال يدها من يده لتقل أسفل نزعها للدبلة:
  -وأنا مش هرجع ولا هلبس دبلتك يا أنور إلا لما تطلقها، غير إن اخوبا رجع من السفر وفي واحد متقدملي وبيقنعني أقعد معاه.

تملك أنور الغضب ما إن استمع لحديثها، فهاهي تخبره بأنها تقفل ابواب العودة:
  -هلال أنتِ مصقتي بعدت عنك؟ أنا من الأول جيت وقعدت معاكِ وقلتلك أسف ومضطر، بس أنتِ عملتي أيه، قلعتي الدبة وقلتي لا مش موافقة وانتهت علاقتنا، ودلوقت بتقولي واحد متقدملي، المفروض يا الغي الجواز دلوقت يا خلاص كده؟!

أومأت هلال ببرود قائلة:
  -بالظبط كده.

ضحك أنور بسخرية لتبدلها تمامًا معه، فبرغم أنها محقة، إلا أنه لا يرى ذرة حب له الأن!

أومأ أنور مبتعد أثناء قوله:
  -تمام يا هلال، أنتِ حرة، لأخر مرة هقولهالك، هترجعيلي؟

استمرت هلال في مطالعته بعض الوقت، لتبعد نظراتها عنه صامتة تمامًا.

تنهد أنور بعمق لصمتها الذي يهلك قلبه، ليومأ قائل:
  -سلام يا هلال.

ذهب بباقة الزهور التي رفضت اخذها، لتجلس وقد انطلقت الدموع من عيناها، فما الذي ستفعله ولا تقبل أن تشاركها أخرى بقلبه؟!

ما إن صهد للسيارة، القى بباقة الزهور ليضرب دائرة السواقة بغضب كابح وسب لعند معشوقته.

تطلع إلى دبلتها بيده والغضب يملائه، فهي استطاعت التخلي عنه من وجهة نظره.

ترك الدبلة بإحدى ارفف سيارته ليكمل قيادة وعقله لا يتوقف عن التفكير.

بفلة تواجد حبيب.

قامت أيجى بالتخلص من السائق كعادتها، لتقم بالدخول إلى مكتب حبيب كما اوصلتها سكرتيرته.

تبسم حبيب ناهض ليرحب بها ما إن رأها، قائل:
  -أهلًا أنسة أيجى.

صافحها كما فعلت، ليقل مشير صوب الاريكة:
  -اقعدي.

اقتربت لتجلس كما فعل بجانبها.

تحدثت على ظن منها أنه أراد مقابلتها لأجل عملهم:
  -كلمت تاجر وقال هيستلم مني البضاعة بكرا، هخلي موستي يجي ياخدها منك ويدهاله.

تحدث حبيب عقب ايمأه لها، فهو لم يحضرها لأجل هذا، قائل:
  -تام يا أيجى، بس أنا مجبتكيش علشان كدهد

تبدلت نظرة أيجى للتعجب سائلة:
  -أمال؟

تحدث حبيب في ترقب سائل:
  -أيه علاقتك بالرائد أنور؟

استمرت أيجى في مطالعته لتتسائل متعجبة:
  -وده أيه علاقته بشغلنا؟

اجابها حبيب ضاحك، ليتحدث عقب نهوضه ساكب كأسان من النبيز لهم:
  -ليه علاقة طبعًا، وعلاقة كبيرة كمان.

أخذ الكئوس ليجلس بجانبها ماد لها احداهم:
  -في صحتك.

تحدثت أيجى نافيه:
  -مبشربش.

رفع حبيب حاجبيه في نفي:
  -أزاي بقى، ده أنتِ لازم تشاركيني الكاس، جربي هيعجبك.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي