الفصل الخامس والعشرين بداية طريق أخر

روى علي لليل كل ما كان يفعله شاكر، التي ظنته غير ما هو عليه.

لتقل بصدمة وبكاء نافية:
  -أنت بتقول أيه! شاكر مستحيل يكذب عليا كده، شاكر كان بيعمل اللي بيعمله بتهديد منهم.

وضع علي الهاتف امامها، والذي يعرض به هذا الفيديو المصور من قبل شاكر، كما اسمعها اعترافاته حينما حققوا معه، فكل هذا كان صدمة كبيرة لها، هي لم تتوقع أن يخدعها هكذا!

كيف يخدعها وهو من ابعدها عن العالم بأسره حتى تكون ملكه!

أكمل علي الذي لاحظ صدمتها الواضحة، ولكن هو يرى أن هذا المحتال لا يستحقها:
  -وقت ما روحنا بيت عيلتك علشان نسأل عنكوا، في ست كبيرة ساكنة هناك قالت أنه خطفك من وأنتِ صغيرة من عيلتك، وكانوا قالبين الدنيا عليكِ، وفجأة اختفوا هما كمان.

طالعته ليل والصدمة تجتاحها، لتقل بدموع لا تتوقف عن التساقط:
  -خطفني! ش شاكر معايا من وأنا صغيرة، وقال أن أهلي هي اللي اتخلت عني، أنا مش فاكرة اللي حصل، بس يومها رجعنا البيت ملقتهمش وقالي أنهم عزلوا، وسابوني علشان مكنوش عايزني معاهم، وحتى وقتها في ناس اكدتلي كلامه.

أومأ علي متفهم حديثها:
  -سهل يحصل يا ليل، سهل واحد زي ده يقنعك بأللي عايز يقنعك بيه.

اجابته ليل واضعة يدها فوق بطنها، لتقل ببكاء:
  -طب وهو أيه ذنبه؟ أنا كنت غبية وبصدق كل حاجة يقولها، هو بقى أيه ذنبه؟

طالعها علي في تسائل وتعجب:
  -أنتِ، أنتِ حامل؟!

أومأت ليل قائلة:
  -أنا وهو اتجوزنا.

استمر علي في مطالعتها وقد تملكه الضيق؛ لا يدري لما فقط هو أراد أن تبتعد عنه، والأن تحمل جزء منه داخلها!

تحدثت ليل باكية ولا تدري ما الذي تفعله:
  -أنا مش عارفة هعمل أيه، أنا مليش أي حد هو بعدني عن كل حاجة، أنا هكلمه، هو يمكن في سبب يخليه يعمل كده.

اجابها علي الذي يعلم تمامًا سبب تبريرها له، فحبها له وصدمتها التي لا تستطيع تصديقها حتى الأن تدفعها لقول هذا:
  -ليل هو مش هيقلك أه عملت وأنا وحش، اللي خلاه يعمل كل ده طول السنين اللي فاتت علشان يروريكِ أنه كويس ومفيش زيه، مش هيجي في لحظات يقلك أه كنت وحش! أنا مش عايزك تخافي، أنتِ ملكيش ذنب في حاجة أنا هساعدك ومش هسيبك لوحدك.

صوبت ليل نظراتها اتجاهه، لتقل في تسائل وتعجب منها:
  -بس بس أنا..

قاطعها علي ما إن لاحظ توترها:
  -مش عايزك تتبهدلي بيه، رغم إنه أبن شاكر، بس ده ميمنعش إنه ملوش ذنب.

أومأت ليل قائلة بشكر:
  -شكرًا بجد، أنا كنت خايفة بس اطمنت شوية.

تبسم علي ليومأ محاول ازاحة الخوف عنها، قائل:
  -مفيش داعي تخافي، يلا أنا هروح تعالي معايا.

أومأت ليل التي لم يعد لها خيار أخر، فبعد ما سمعت لا تود نقود شاكر التي احضرها من ممنوعات واشياء لا تقبل أن تطعم نفسها وصغيرها بها!

خرجت ملاك من القسم مستعدة للذهاب إلى بيتها.

ليقابلها سيف الذي تحدث قائل:
  -مبرووك الفوز بالمهمة.

توقفت ملاك التي طالعته مرتسمة البسمة فوق ثغرها، لتقل بشكر:
  -الله يبارك فيك، بتمنى تكون فعلًا مبسوط.

تبسم سيف ليقترب واقف امامها، يعقبه قوله:
  -هتقيني لو قلتلك أكتر من ما كنت هبقى مبسوط بفوزي؟

ازدت بسمة ملاك، لتبعد نظراتها عنه ما إن استمر في النظر لها:
  -شكرًا يا سيف.

أكمل سيف ونظراته مصوبة اتجاهها، ليقل:
  -تقبلي تتجوزيني؟

طالعته ملاك بصدمة لكلمته، فلا تقال بطريقة كهذه في العادة!

تحدث سيف من جديد والبسمة لا تتوقف عن الارتسام فوق ثغره:
  -يعني، حاسس إننا هنكون كابل حلو، مش كده؟

رفعت ملاك حاجبيها ضاحكة، لتقل في دهشة منها:
  -أنت بتتكلم بجد؟

أومأ سيف بتأكد وبذات بسمته، لتقل بذات دهشتها:
  -بس مبتتقالش كده، ولا هنا!

رفع سيف اكتافه بمزاح، فهو بالفعل تسرع في قولها:
  -يعني نحن نختلف عن الأخرون.

ضحكت ملاك من جديد، فكم كان أمر لا يعقل.

بمنزل علي ما إن أخذ ليل إلى هناك.

فتح باب المنزل، ليتقدم إلى الداخل مضيء المصباح:
  -ادخلي.

تقدمت للداخل بخطوات بطيئة، متطلعة حولها، لتقل متسائلة والتوتر يتملك ما بداخلها:
  -هو أنت قاعد هنا لوحدك؟

أومأ علي ليقل حتى لا تقلق منه:
  -أه بقالي فترة كبيرة، بس هتلاقي الجيران بيتدخلوا لدرجة هتحسسك إنك مش لوحدك خالص.

تبسمت ليل على مزاحه، ولكنه بالفعل كذلك.

تحدث علي مشير صوب إحدى الغرف:
  -دي هتكون اوضتك، تحبي تيجي اعرفك على الشقه؟ ولا ترتاحي الأول؟

اجابته ليل قائلة:
  -هرتاح.

أومأ علي ببسمة هادئة ودودة، قائل:
  -تقدري تروحي زي ما أنتي عايزة.

وبالفعل ذهبت إلى الغرفة لتستريح، فكم كان غريب القدر الذي يجمعه بها من جديد، بل يدفعها للتواجد معه.

في اليوم التالي.

تحسنت حالة فريد الذي كان كالرياح يهب بكل من في الغرفة.

ليقل بغضب كابح إلى مفيد، غير مكترث لمن يحاولوا تهدئته:
  -أنا فعلًا كنت غلطان لما افتكرتك اتغيرت وبقيت بني أدم، عملت كل ده ليه؟ علشان الفلوس؟ تخون عيلتك وتسرقها علشان الفلوس!

كان مفيد صامت تمامًا؛ فما الذي سيقوله وقد كُشف كل شيء؟!

أكمل فريد بغضب وتواعد برغم الحزن الذي يسكن قلبه؛ لما فعله مفيد، بجانب كون أيجى ليست حفيدته، فقد احبها بالفعل:
  -أنا ظلمت حفيدي علشان، علشان البنت اللي كنت فاكرها حفيدتي، وأنت حتى مخوفتش على مستقبله، كان كل همك تاخد فلوس وبس، أنا كتبتلها ورقة بنص الأملاك، يعني أنت خسرتني ثروتي، ويمكن ادتهالك.

تحدثت شمس نافية مقاطعة مفيد الذي أوشك على التحدث:
  -لا يا بابا، أيجى قطعت الورقة وقالت أنها مش عايزة فلوس.

طالعها فريد الذي صدم لما قالت، ليقل في سخرية مطالع مفيد:
  -يعني حتى الغريبة طلعت أوفى منكم! البيت اللي جبته أنا هسبهولك علشان مش عايز أخده، بس مش عايز أشوف وشكوا أنتوا الأتنين تاني، برا.

استمر مفيد في مطالعته، ليقدم على التبرير، ولكن صراخ فريد به دفعهم للذهاب.

بالقسم.

تحدثت أيلان إلى أنور بفخر، قائلة:
  -برافوا عليك، أنا بحييك على جهدك العظيم.

تبسم أنور بخفوت، فليس هذا ما كان سيشعر به حينما يقبض عليهم.

قال فيروز والذي يشعر به تمامًا:
  -أنت فعلًا عملت عمل عظيم يا أنور، أنت والفريق كله، علشان كده هتترقوا كلكوا.

تبسم مليح بسعادة والذي طالع أنور كأنهم يحاولوا أن يجعلوه يخرج من حزنه:
  -لا دي محتاجة احتفال بقى.

ليتحدث أنور منسحب من بينهم، قائل:
  -فيروز بيه، ممكن تيجي معايا ثواني؟

أومأ فيروز الذي ذهب معه بعيدًا عنهم.

لتقل أيلان بتعجب:
  -أنور مش طبيعي، في حاجة ولا أيه؟

طالعتها ملاك، لتقل نافية:
  -لا بس في مشاكل في البيت عنده، أمال فين علي؟

بمنزل علي.

ما إن تناول الفطور رفقة ليل، نهض وقد كان يرتدي ملابس عمله، ليقل:
  -أنا هروح الشغل، محتاجة اجبلك حاجة معايا؟

حركت ليل رأسها نافية، لتقل:
  -شكرًا.

أكمل علي الذي طمأنها بحديثه حينما قال:
  -متقلقيش هرجع بسرعة، مش هأخر عليكِ، أي حاجة تحتاجيها متتكسفيش كل حاجة في المطبخ، حبيتي تاخدي شاور، بصي عيشي.

أومأت ليل ببسمة لحديثه، قائلة:
  -حاضر.

تبسم علي ذاهب.

كان يتحدث أنور رفقة فيروز، الذي اخبره عن هدفه في اخراج أيجى من القضية كمريضة نفسيًا، حتى يتمكن من معالجتها من الأدمان ومعالجتها نفسيًا كذلك، فلم يرفض له الأمر؛ لعلمه التام بتبدل مشاعره نحوها، خاصة طريقة حديثه وطلبه لهذا.

ما إن وصل علي إلى القسم.

تحدث إلى ملاك سائل:
  -أمال فين أنور؟

اجابته ملاك ببسمة تظهر تحسن مزاجها:
  -كان بيتكلم مع فيروز بيه، وقال أنه هيروح مشوار وراجع.

أومأ علي بتفهم، لتكمل حديثها بسعادة ظاهرة:
  -في خبر حلو، سيف عرض عليا الجواز.

تبدلت ملامح علي الذي تحولت ملامحه للصدمة، بل شعر بنغزة تملكت قلبه، ليقل محاول أن لا يظهر هذا:
  -اا مبروك، يعني لو هتوافقي فمبروك.

أومأت ملاك ببسمة قائلة:
  -أنا كنت مستنية الكلمة دي من زمان، الله يبارك فيك وعقبالك.

تبسم علي بخفوت والذي شرد عقله، فهي تحبه إذن، حمدالله أنه لم يعترف لها بما يشعر، فقد كانت سترفضه!

بعيادة هلال.

طرق أنور باب غرفة تواجدها مار إلى الداخل عقب قبولها، لتطالعه بدهشة تملكتها؛ فلم تتوقع أن يأتي لها مجددً!

تحدث أنور مطالعها ويبدو أنه قدم لأجل شيء ما:
  -ممكن اتكلم معاكي شوية؟

استمرت هلال في مطالعته، لتبعد نظراتها عنه قائلة:
  -لو في حاجة مهمة اتفضل.

اقترب أنور ليجلس امامها قائل:
  -عايز أطلب منك طلب، عايزك تعالجي أيجى، هي هتتحجز في مصحة ومش واثق في دكتورة غيرك.

استمرت هلال في مطالعته، لتقل ساخرة:
  -تعرف أنك بجح؟

أغمض أنور عيناه بتنهيد، ليقل:
  -بعيدًا عن اي حاجة بيني وبينك، أيجى حالتها خطيرة، ومحتاجة حد يعرف يتعامل معاها ويعالجها، أنا جيتلك لأني بثق فيكِ وفي شغلك، بعد أذنك يا هلال مترفضيش.

استمرت هلال في مطالعته كأنها تشاور عقلها، فمن جانب هذه زوجته كما تعلم، ومن جانب أخر مريضة تحتاج لمساعدتها!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي