الفصل السادس عشر لعبة نحو الحقيقة

تحدث أنور بغضب كابح وسخرية لما فعلوا، قائل:
-يعني أنتِ كنتي عايزة فرح علشان كده ضربك، هما يتدخلوا ليه في حاجة زي كده أصلًا؟! عملت فرح ولا لا وافقتي ولا لا دي حاجة بيني وبينك، أنا وأنتِ اللي نحاسب بعض عليها مش هما.

تطالعه أيجى التي كلما اغضبها في شيء، يتعامل كزوج بالفعل ويصالحها!

تحدث بتواعد مجفف دموعها، ليقل:
-هيتحاسبوا على اللي عملوه، وريني ضربك فين.

حركت أيجى ممسكة بزراعه برجاء ودموع، قائلة:
-لا علشان خاطري، بالله عليك يا أنور متقولهمش حاجة، بالله عليك.

تحدث أنور بإصرار لما يقل:
-ضربك فين؟

تحدثت أيجى مبعدة نظراتها عنه، لتقل:
-هو هو بس وشي و، دراعي.

اجابها سائل والغضب يتملك ما بداخله، فكيف يأذي أحد شيء يرتبط بإسمه؟

ليقل في ترقب وحنو رغم عصبيته:
-أنهي دراع؟

قالت مطالعاه وكأنها تشكوا لوالدها أذية تسبب أحدهم بها:
-الشمال.

قام بنزع كتف سترتها اليساء لتتألم قائلة:
-أنور مش لازم.

طالعها حينما لاحظ تألمها الحقيقي، لينزعه بخفة أكبر ليعقد حاجبيه ما إن رأى هذه الكدمات الواضحة.

تحدث مطالعها بغضب لا يظهره لها:
-حاولي تحركيه كده.

اجابته أيجى نافية ولا تستطيع تحريكه من الألم:
-مش مهم يا أنور، هيخف بسرعة.

أومأ أنور معيد ذراع سترتها ليقدم على الذهاب ولكن امساكها لذراعه بدموع ورجاء، قائلة:
-بالله عليك لا، بالله عليك مش هتستفيد حاجة لو كلمتهم، أنا كويسة.

تحدث أنور بغضب كابح تظهره نبرة صوته حين قال:
-اللي يمد أيده على حاجة تخصني، هقطعهاله.

تطالعه أيجى التي صدمت من كلمته، فلم تعد تدري ماذا تعني بالنسبة له!

قال بحنو غير معتاد معها، أسفل تمليسه لفوق وجنتيها قائل:
-غيري هدومك هنروح المستشفى، ولو معرفتيش قوليلي اساعدك، راجعلك تاني

حركت أيجى رأسها نافية ببكاء يزداد حتى لا يذهب وتتمسك بذراعه أكثر، قائلة:
-مش هروح في حتى وأنت بالله عليك يا أنور بلاش تعمل كده، أنت هتضرني أكتر باللي هتعمله ده.

تحدث أنور مطمأنها ومازال يملك وجهها بين يده:
-مش هتمسك حاجة طول منا جانبك، متعيطيش وأهدي.

تركها وذهب أسفل دموعها وخوفها، ولكن حديثه كان يربط فوق شيء ما بداخلها؛ فشعور أن أصبح لها ظهر تتحامى به، أمر رائع.

تبعته لتقف أعلى الدرج من أمام غرفتها حينما استمعت لصوته الصارخ ينادي بإسم والدها ووالدتها، بل تجمع الجميع ليس هم فقط.

كل ما كانت تفعله هو تتمنى أن يمر الأمر على خير.

تحدث مفيد في تعجب مصطنع سائل:
-في أيه يا أنور، صوتك عالي ليه؟

اجابه أنور بغضب كابح أسفل نظر الجميع له:
-عايز أفهم تمد أيدك على مراتي بتاع أيه؟

ارتسمت البسمة فوق ثغر أيجى فور نطقه بهذه الكلمة، ليكمل بذات صراخه، قائل:
-رد ولا معندكش اجابة؟

طالعه مفيد عقب تصويب نظراته اتجاهها، ليقل:
-هي اشتكتلك؟

اجابه أنور بذات غضبه:
-تشتكيلي متشتكيليش أنا اللي أخد حقها، وأنا اللي تتحامى فيا، واللي يمد أيده عليها اكسرله أيده.

رفع فريد حاجبيه بدهشة؛ فلم يتوقع أحد أن يقل هذا الحديث عن أيجى!

تحدث مفيد بغضب كابح ظنًا منه أنها اصبحت تتحامى به:
-طب قبل ما تدافع أوي عنها كده أعرف هي عملت أيه الأول، الحلوة دي عاملة علاقة مع واحد، وكانت رايحة تقابله ولأني عرفت رفضت، ولما علت صوتها عليا كسرتها.

جحظت عينا أيجى التي ضحكت بسخرية وخفوت؛ فليس من الجديد عليه تلفيق لها تهمة كهذه.

تحدث فريد بغضب كابح وتحذير قائل:
-مفيد أنت بتقول أيه؟ دي بنتك، وأيجى مستحيل تعمل حاجة زي كده.

التفت أنور الذي طالعها، قائل:
-تعالي.

طالعته أيجى وبالفعل اقتربت لتذهب واقفة بجانبه.

تحدث وعيناه تتصوب اتجاهها حتى لا تشعر بالخوف من قول الحقيقة، قائل:
-عارف أنه بيكذب، بس عايز اسمعها منك.

تطالعه أيجى التي نظرت إلى مفيد، فعيناه كانت تحذرها، وهذا ما جعلها تتردد في قول الحقيقة.

ليعيد أنور التحدث حينما لاحظ ترددها وقلقها، ليقل بتهديد كاذب:
-خلاص أحنا نراجع الكاميرات اللي في الأوضة، ونسمع كانوا بيقولوا أيه.

صدمت أيجى أكثر من ذي قبل؛ فهناك كاميرات توضع بغرفتها!

هذا ما دفعها للتحدث بتسرع؛ فليس من مصلحتها ارجاع أي شيء من الذي كانت تقوم به، أو استماعه للحديث الذي دار بينهم:
-محصلش، والله كلامه محصل.

طالعها أنور الذي صوب نظراته اتجاه مفيد بغضب كابح، قائل:
-وأنا مصدق مراتي.

تطالعه شمس التي وللمرة الأولى لم تفهم ابنها، أيهم يحب وأيهم يكره، لم تعود تعلم شيء عنه!

أكمل حديثه محذر بغضب كابح:
-لو عرفت أن حد أي حد مد أيده عليها، صدقني لا هعمل اعتبار لعيلة ولا لأهل، واسألهم هما عارفني كويس.

لم يتفوه أحد منهم بكلمة، بل كل ما يتملك مفيد وسهر هو الغضب لأهانتهم، ليس إلا، ولم يستطيع التحدث لما قال من حديث كاذب، وحتى لا يراجع أي كاميرات إذا كانت توجد بالفعل.

التفت أنور مطالع أيجى ليقل بلطف لاحظته شمس كحال فريد، فهي ليست عادته معها:
-مش مهم تغيري هدومك.

نزع الجاكيت من فوق اكتافه ليلبسه لها؛ فقد كانت سترتها ضيقة لحد يزعجه، بل وقصيرة كذلك.

تحدث فريد ببسمة يحاول اخفائها من حنيته عليها، فهو اطمأن عليها رفقة حفيده برغم رفضه للزواج بها، لكنه يعلم طيبة قلبه، وحبة الذي يوضح لهم الأن:
-هتروحوا فين يا أبني؟

اجابه أنور بجفاء يظهر غضبه قائل:
-هاخدها المستشفى، واحتمال نبات برا.

طالعته أيجى في تعجب ولكنها لم تسأل عن شيء.

وبالفعل اخذها وذهب أسفل دهشة شمس من تغيير ابنها.

قاموا بركوب السيارة ليجلسوا اثنتاهم بالمقعد الخلفي متحدث إلى السائق ليخبره أين يود الذهاب.

تحدثت أيجى في تسائل مطالعاه لتقل:
-هو أحنا فعلًا هنبات برا؟

طالعها أنور الذي يعلم بعض الحقائق التي لا يمكن أن يتحدث بها بالفلة، ليقل وهو يضع يده مملس فوق وجنتها بحنو:
-أنتِ حابة أيه؟

اجابته أيجى ببسمة لهذا اللطف والحديث الأكثر من رائع أثناء شجاره بالفلة:
-نبات برا.

تبسم أنور الذي يبدو أن لديه هدف يفعل بشأنه كل هذا، ليومأ مستند بجبينه فوق جبينها، قائل:
-يبقى هيحصل.

ازدادت ارتسام البسمة فوق ثغرها، فقد تأكدت من حبه لها بهذا التصرف البسيط، ولكن هل شعورها هذه المرة حقيقة؟

تحدثت أيجى ببسمة ممسكة بيده ومازالوا على وضعهم هذا:
-مش فاهمة أيه سبب كل الحنية دي؟!

تبسم أنور قائل بهمس وحنو:
-مش عارف.

ازدادت بسمة أيجى لأنه لم يفسد لحظتهم، لتقل:
-بس أنا عارفة.

تبسم أنور ليومأ قائل أثناء ابتعاده:
-حلو.

استمرت في مطالعته ببسمة وعشق لتسند رأسه فوق ذراعه والبسمة لم تفارق ثغرها، فهناك ما يقول بداخلها أن كل شيء أصبح بخير!

ما إن وصلوا للمشفى وقاموا بالدخول لغرفة الطبيب.

جلست أيجى فوق السرير ليقدم الطبيب على الإقتراب على نزع كتف سترتها، ولكن حديث أنور اوقفه:
-أنا هساعدها.

أومأ الطبيب مبتعد ليقترب مساعدها وقد كان يحجب رؤية الطبيب لها، فقد وضع الجاكيت خاصته فوقها ليظهر من جسدها ذراعها فقط.

مؤكد كانت تسعد لهذا وكثيرًا، رغم ألم ذراعها ولكن لطف أنور معها ينسيها كل ألم.

انتهوا من وضع الجبيرة حول يدها واجراء الأمور الازمة، فقد كان هناك كسر بسيط ليس بخطير.

خرجوا من المشفى ليتحدث إلى السائق قائل:
-روح على اليخت.

طالعته أيجى في دهشة وبسمة، قائلة:
-يخت!

أومأ أنور حينما صعدوا للسيارة، ليقل:
-هيعجبك المكان هناك.

تبسمت أيجى بتأكيد والسعادة لا تسيعها:
-ده أكيد.

تبسم أنور الذي يدور بعقله الكثير من الأشياء، ما إن وصلوا إلى هناك.

تحدث أنور إلى السائق قائل:
-روح أنت.

أومأ السائق ليقترب أنور ممسك بيد أيجى نحو اليخت، صعدوا به، والذي يعد ملكًا له.

اصبحت تتطلع حولها بسعادة وبسمة قائل:
-ده تحفة، ده بتاعك أنت؟

أومأ أنور الذي قال:
-ومشيت السواق كمان علشان نبقى براحتنا.

طالعته أيجى التي شعرت أنه يوم لن يتكرر بتاريخ حياتها بأكملها!

صعد ليدير هو اليخت، لتبقى هي حتى تنزل هذا الجاكيت فور تحركه، فكم كانت سعيدة بالمياه وبالهواء وكل شيء.

كانت تقف وتتجول بحرية وسعادة تتحدث إليه قائلة:
-دي أحسن حاجة حصلتلي في حياتي، أنت مش متخيل أنا مبسوطة قد أيه.

تبسم أنور الذي ترك السفينة عقب توجيهها تلقائًا، ليذهب لها.

اقتربت لتقف امامه محتضناه بسعادة ظاهرة، لتقل:
-أنا مش عارفة السبب ومش فاهمة أزاي اتغيرت معايا كده، بس أنا بحبك أوي.

تبدلت ملامح أنور، كأن ليس هذا ما يود سماعه!

أبتعد قليلًا عنها ليطالعها بنظرات مختلفة، قائل:
-قولتي أيه؟

ازدادت بسمة أيجى التي قالت بصدق واضعة يدها فوق وجنته:
-أنا بحبك من زمان أصلًا، أنت أحسن حاجة في حياتي، واخيرًا رجعت تاني، يمكن مش أنا الأحسن بالنسبالك، بس أنت هتفضل أهم وأول انسان في قلبي.

لم يبعد أنور نظراته عنها، بل كان يشعر بالدهشة وهناك ما يشعره بالضيق على حسب ما كان يريد فعله.

كانت الأمواج في هذه اللحظات مرتفعة بعض الشيء، مما تسبب في وقوع بعض قطرات المياه عليها، لتختبيء داخل احضانه بضحكات متعاليه، كأنها طفلة صغيرة وليست من ظننها!

تبسم أنور بخفوت وهناك ما يجتاح عقله، ليمسك يدها قائل:
-تعالي.

ذهب بها إلى غرفة بالطابق العلوي تملأها الورود وبها طاولة من الطعام والشموع الغير مشتعله والعصير، فيبدو أنه جهز كل شيء لأجلها!

تطالعت أيجى إلى كل شيء امامها، لتقل في دهشة عقب تصويب نظراتها اتجاهه:
-أنت عملت كل ده علشاني؟

تبسم أنور بخفوت، قائل:
-عجبك؟

أومأت أيجى بسعادة محتضناه لتقل:
-جدااا، بس ليه؟ ليه تعمل كل ده علشاني.

استمر أنور في مطالعتها ولا يدري ماذا يقل:
-أمم يعني، حبيت نعرف بعض أكتر.

ازدادت بسمة أيجى التي كانت تشعر بمشاعره اتجاهها، والذي يرفض البوح بها، لكن ليس الشعور بشيء يصدق دائمًا.

اخذها وأكمل طريقها نحو الطاولة ليجلسوا اثنتاهم، بادئين في تناول الطعام الذي يبدو أنه أعد للتو من قبل احدهم بأمر منه!

كان كل شيء أشبه بحلم كبير.

لتأتي فقرة مفضلة وهي طلبه لها بالرقص.

فقد وقف اثنتاهم ليرقصوا تزمانًا من الموسيقى الهادئة.

كانت تستند برأسها فوق صدره والبسمة لا تفارق ثغرها، فهذا كل ما تريده بحق.

تحدث أنور بحنو قائل:
-أنا عايز اسألك سؤال، مش حابب تكون في أي اسرار بيني وبينك، ده هيخلينا نعرف بعض أكتر.

أومأت أيجى ببسمة هادئة ومازالت كما هي، لتقل:
-سمعاك.

تحدث أنور بترقب لا يظهره وقد قال كلماته بنبرة حانية لا تظهر ترقبه للإجابة:
-ليه كذبتي وقلتي إن أيفا صاحب مطعم وهو في الحقيقة رئيس عصابة كبير؟

تبدلت ملامح أيجى بأكملها بل قامت بفتح عيناها التي كانت مغمضة، لتبعد رأسها من فوق صدره والصدمة تتضح بعيناها.

طالعها أنور الذي كان هذا هو هدفه منذ البداية، فكيف سيرق قلبه إلى هذه الدرجة مع امراره لشيء كهذا قد علمه؟!

قدمت على سحب يدها من فوق صدره لكنه أمسك بدها مثبتها كما أشتد بيده امساكًا بخصرها ليكملوا رقص، ونظراته لم تبتعد عن عيناها، ليقل:
-كملي رقص.

استمرت هي الأخرى في مطالعته ولا تدري ماذا تقل، فشعورها أن الحديث تجمد بحلقها يدفعها للموت!

تحدث من جديد وما يثير خوفها أكثر هو نظراته التي تتصوب اتجاه عيناها:
-مردتيش ليه على كلامي؟

ابعدت أيجى نظراتها عنه وقد تمنت أن يكون هذا الحلم مجرد كابوس وينتهي!

حاولت كسر صمتها الذي يثير الشكوك اتجاهها أكثر، قائلة:
-ااا أنا، أنا..

قاطعها أنور الذي قال:
-أنا عارف أنك مبتكذبيش يا أيجى، فمتخلنيش أغير نظرتي فيكِ، وقولي الحقيقة، أنتِ شوفتي أنا عملت أيه علشانك، ولسه أقدر أعمل كتير لأي حد يتعرضلك.

ابتعدت أيجى عنه في تسرع كأنها تود الهروب، قائلة وقد ازداد توترها؛ فيبدو أن هناك ما يتأكد لأجله، ولا مجال لنفيه:
-اا، أنا عايزة أمشي.

قدمت على الخروج من الغرفة، لكن سحبه لها واصطدامها بصدره الصلب، دفعها لمطالعته وازدياد خوفها خاصة حينما قال:
-مش هتمشي من هنا يا أيجى إلا لما أعرف علاقتك بالراجل ده.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي