الفصل الرابع عشر بداية عملية أخرى

حاولت أيجى التحدث حتى تكسر توترها وصمتها لسؤاله، قائلة:
  -اا، ده، ده واحد كنت بشتغل معاه في لندن، وبيتصل بيا لأنه ميعرفش إني سافرت، فقولتله إني مش هرجع الشغل الفترة دي.

استمر أنور في مطالعتها سائل في ترقب:
  -أمم شغل أيه؟

ابعدت أيجى نظراتها عنه حتى لا يكشف كذبها، لتقل:
  -شغل، يعني في مطعم كبير هناك.

أومأ أنور بترقب لحديثها ومهاودة قائل:
  -مطعم أيه بقى.

طالعته أيجى وقد ازداد توترها، لتحاول التهرب من سؤاله:
  -هو ده تحقيق؟

رفع أنور حاجبيه ببرود ولؤم؛ فهو يعلم ما تحاول فعله:
  -هي دي اسئلة صعبة؟!

ابعدت أيجى نظراتها عنه لتقدم على أبعاد يدها أثناء قولها:
  -يعني أنت عارف كل المطاعم في لندن؟!

سحبها أنور متمسك بزراعها أكثر، ليقل:
  -يعني أنتِ مبتكذبيش، صح؟

طالعته أيجى التي ابتلعت ريقها بتوتر، لا تدري أمن اسألته، أم من قربه لها:
  -هكذب، هكذب ليه؟!

أومأ أنور بهدوء وعيناه تتصوب اتجاهها ليهمس بأذنها قائل:
  -شغلي بيخليني أعرف الكذاب من الصادق، وأنا عارف إذا كنتي بتكذبي أو لا، فلو في حاجة تانيه قولي، لأني مبحبش أعرف الحقيقة من حد تاني.

استمرت أيجى في مطالعته وقد أوشك قلبها على التوقف من طريقته وتحذيره لها، فما الذي تقوله وهي بالكاد ستكون نهايتها.

تركها أنور الذي خرج من دورة المياه أسفل نظراتها له، لتتنفس الصعداء، فقد كان يحبس انفاسها بالفعل.

اغمضت عيناها متنهدة، فهي لا تعلم حتى طبيعة عمله حتى الأن!

قامت بغسل وجهها لتتخلص من أثر التوتر الذي انتابها من طريقته معها.

خارجة من دورة المياه.

بغرفة شمس وفيروز.

تحدثت شمس إلى فيروز الذي ارتدى ملابسه استعدادًا للعمل، قائلة:
  -شقة أخوك خلصوا تنضيفها، قولهم بقى.

طالعها فيروز الذي أومأ قائل:
  -هقولهم حاضر، يلا علشان نفطر.

أومأت شمس ليخرجوا من الغرفة مما دفعه لمطالعة موستي بتعجب، سائل:
  -مين ده؟!

طالعته شمس بتذكر لأمره قائلة:
  -أه نسيت اقولك، ده موستي، صاحب أيجى.

عقد فيروز حاجبيه مطالعها؛ فليس من المعتاد أن تحضر فتاة صديقها للعيش معها!


جلسوا جميعًا حول مائدة الطعام، وقد كان فيروز يشتعل غضبًا من تواجد هذا الغريب معهم، والذي هو موستي.

تحدث أنور عقب انتهائه من طعامه ناهض، ليقل:
-عن اذنكوا، هروح الشغل.

طالعه فريد الذي جاء للتو، ليقل فيروز كذلك:
-أنا كمان هاجي معاك.

نهض لتتحدث أيجى سائلة:
-صح أنت شغال أيه؟

طالعها أنور بطريقة غامضة بثت القلق بداخلها، ليقل:
-أنا رائد يا أيجى.

بصقت أيجى المياه التي كانت تحتسيها للتو، لتطالعه كما فعل موستي، قائلة:
-ر رائد!

استمر أنور في مطالعتها ضامم عيناه بترقب لتصرفها الذي كان يتعجب من ردة فعلها.

طالعها موستي الذي حاول أن لا يظهر توتره، كأنه يحذرها من فعلتها المشكوك بها.

تحدث فريد في تعجب وقلق حينما اصبحت تسعل بشدة، سائل:
-أنتِ كويسة؟

أومأت أيجى التي تعجب الجميع من ردة فعلها، فقد كانت مثيرة للشكوك بحق.

طالعتهم أيجى محاولة أن تبرر تصرفها، قائلة:
-اا أسفة، بس أنا كنت هشرق فتفيت المياه.

ابعدت شمس نظراتها عنها بضيق من تصرفاتها العفوية، لتنهض قائلة:
-عن اذنكوا.

تحدث فريد قائل:
-كملي أكلك الأول.

حركت أيجى رأسها نافية وعيناها تذهب وتأتي صوب أنور، فقد ازدادت دقات قلبها خوفًا بعد الذي علمته عنه، لتقل:
-شبعت، شكرًا.

صعدت إلى غرفتها أسفل نظرات أنور الذي تأكد أن هناك شيء ما خلفها، بل تخبئه ولكنها لن تستطيع كثيرًا.

ذهب كلًا من أنور و فيروز.

ما إن خرجوا من الفلة تحدث فيروز بتعجب قائل:
-لاحظت تصرفات أيجى لما عرفت أنك ظابط؟

طالعه أنور الذي تأكد أنه ليس هو فقط من رأى هذا، ليقل:
-هي فعلًا كانت تصرفاتها غريبة، بس ده ليه!

حرك فيروز رأسه بجهل، قائل:
-مش عارف، بس مكنتش تصرفات طبيعية.

شرد أنور بالأمر الذي بالكاد لن يمرره هكذا.

ما إن ذهب الجميع، ذهب موستي إلى غرفة أيجى، ليتحدث في ضيق قائل:
-اللي عملتيه تحت ده خلاهم شكوا فيكي وكانوا مستغريب من تصرفك.

تحدثت أيجى قائلة:
-أنا متخلفة إني ممسكتش نفسي، بس أنت شايف المصيبة اللي أحنا فيها؟ جوزي ظابط، طب لو عرف أنا شغالة في أيه أو عرف إني، إني بتعاطى المخدرات هيعمل فيا أيه؟! طب لو عرف إني حرامية مثلًا؟

تحدث أنور بصوت منخفض، قائل:
-وطي صوتك، وبعدين هو هيعرف منين، أنتِ مش هتقوليله حاجة وأكيد مفيش طريق يعرف منه، فأهدي وبلاش تخليه يشك فيكِ.

أومأت أيجى التي تحاول التهدئة من روعها، فما علمته كان كفيل بقتلها.

حينما وصل فيروز وأنور حيث عملهم.

تحدث علي إلى أنور بود قائل:
-عملت أيه مع هلال؟

طالعه أنور نافي، ليقل:
-معملتش حاجة، بس في دماغي هروحلها النهارده.

تحدثت ملاك قائلة:
-أنور هلال بتحبك ومش عيزينك تخسرها.

أومأ أنور بهدوء، قائل:
-هحاول أصلح علاقتي بيها، المهم طمنوني الشغل ماشي معاكوا أزاي؟

تحدث مليح راوي له كل ما دار الأيام الماضية، ليقل في تعجب:
-أزاي شاكر خاطفها؟! ده أكيد كذب.

اجابه علي نافي لما يعتقد أنه غير صحيح:
-ست عجوزة من الحارة هي اللي قالتلنا كده، مظنش أنها هتكذب، أحنا روحنا على غفلة، ومحدش فتحلنا فعلًا من البيت، يعني حتى مكنش في خبر أننا جايين علشان يألفوا قصة.

يطالعه أنور الذي يدور الأمر بداخله محاول في ايجاد طريق لهذا اللغز.

ليتحدث علي متذكر:
-وكمان لقينا العربية اللي ادتلنا رقمها.

رفع أنور حاجبيه بأمل قائل:
-حلو، روحتوا شوفتوها؟

أومأ علي بيأس، فقد ظنوا أنها مفتاح أخر لهم:
-العربية متدمرة، أحنا مقدرناش نوصل لأي حاجة.

طالعه أنور بضيق؛ فكلما شعر أنهم امسكوا طرف الخيط ازداد الوضع سوئًا:
-طيب أنتوا بتعملوا أيه دلوقت؟

اجابه علي يخبره ما قاموا به والذي لم يعلم عنه شيء الأيام الماضية:
-أحنا بعتنا قوات تراقب المستشفى، وفي خبر جديد وصلنا عن رجل الأعمال حبيب، هو رجع من فرنسا وأكيد رجعته دي مش سهلة، يعني هيبداء يلعب تاني على حتة توزيع المخدرات الفاسدة في مصر، علشان كده هو كمان هنخليه في الأحتياط، لأننا لو مسكنا ده أكيد هنمسك شاكر، وبكده نكون قضينا على رئوس العصابة.

أومأ أنور مربط فوق كتفه كذلك مليح، قائل:
-وأنا مش هبعد تاني عن الشغل، كفاية لحد كده ويلا نشتغل بجد.

أومأ علي ببسمة ليقل الجميع مشجعه:
-معاك يا قائد.

تبسم أنور قائل:
-يلا كلو على شغله.

تحدث مليح بحذر لحديثه، فلا عمل لديهم ليذهبوا له:
-هو حاليًا مفيش شغل، يعني لو ينفع نروح نفطر لأننا ميتين جوع.

طالعهم أنور في تعجب وتسائل قائل:
-أنتوا مفطرتوش؟

حركت ملاك رأسها نافية، لتقل:
-لا الحقيقة يا قائد، عرفنا موضوع حبيب وده اللي اتلهينا فيه.

أومأ أنور بتفهم وموافقة:
-تقدروا تروحوا تفطروا.

تبسم مليح، سائل:
-نجيبلك أكل معانا يا قائد؟

حرك أنور رأسه نافي:
-لا أنا فطرت روحوا أنتوا.

تحدثت ملاك متذكرة عقب توقفها عن السير:
-صح يا قائد، في بليل حفلة عاملها عزت بيه، هو طلب أننا نحضرها، أنا الحقيقي حاسة أن الحفلة دي وراها حاجة، يعني راجل مشهور ومهم زيه، مش هتعدي على خير أكيد.

أومأ أنور بتفهم لما تقول، ولأنه علم بالأمر:
-قالي، أنا كمان حسيت كده، مش بعيد يكون عاملها علشان يصطاد بيها الناس اللي بندور عليها، كله هيبان بس المهم نعمل احتياطاتنا، هو بيقول أنها تكريم لمشروعه الجديد.

أومأت ملاك مؤيدة لحديثه:
-صح كده.

ذهب الجميع أسفل حديثهم عن المطعم القريب الذين سيذهبوا له.

جلس أنور أمام الحاسوب خاصته تطلع إلى موقع البحث بنظرات شاردة، ليبداء بالبحث حول هذا الأسم الذي رأى بهاتف أيجى، نعم إنه أسم أيفا.

بفلة فيروز.

تتحدث أيجى عبر الهاتف إلى حبيب الذي تتفق لمقابلته رفقة موستي اليوم، لتقل:
-هقابلك في المكان ده بعد ساعة من دلوقت.

اجابها حبيب عقب اتفاقهم على ذهابهم له:
-تمام هستناكِ.

اغلقت الخط معه ليتحدث موستي سائل:
-هتقوليلهم أنك رايحة فين؟

قالت أيجى لتقص عليه ما رتبت له بعقلها:
-هقول إني هعمل شوبينج، وأنت أخرج بعد وقت مني وتعلالي على هناك.

أومأ موستي بتفهم وقبول لحديثها:
-صح كده.

تحدثت أيجى قائلة:
-يبقى هنزل أقول لجدي.

وبالفعل قامت بالنزول ذاهبة لغرفة الأستقبال والذي يجلس بها دائمًا فريد.

طرقت باب الغرفة ليحسها على الدخول مما دفعها في المرور للداخل ببسمة وبهجة معتادة لها قائلة:
-يا صباح الحلويات.

تبسم فريد لتقترب مقبلة وجنته حتى يقل:
-مفيش حلويات غيرك.

تبسمت أيجى جالسة بجانبه، لتقل:
-كنت جاية وعايزة أخد أذنك في حاجة.

أومأ فريد بذات بسمته قائل:
-أكيد قولي.

قالت أيجى:
-عايزة أروح أعمل شوبينج وحابة امشى شوية يعني أنور وراني الشوارع هنا وأنا حفظتها، فلو ينفع أخرج وارجع على طول.

يطالعها فريد قائل:
-بس مش أمان تمشي لوحدك، أنتِ معندكيش خبرة كفاية وممكن حد يتعرضلك.

حركت أيجى رأسها نافية، لتقل:
-متقلقش يا جدي أنا مش سهلة علشان معرفش اتعامل، المهم تسيبني حتى مرة واحدة أجرب إني أروح لواحدي.

استمر فريد في مطالعتها بتردد قائل:
-طيب بس هتاخدي معاكِ السواق، غير كده مش هقبل.

طالعته أيجى بضيق خفي، لتومأ قائلة:
-لو ده هيريحك مفيش مانع.

تبسم فريد مقبل وجنتها، وكأنه يعامل طفلة ليقل:
-حبيبتي اللي بتسمع الكلام.

تبسمت أيجى ناهضة ببسمة لطيفة:
-يبقى أروح أغير هدومي.

وبالفعل ذهبت وقامت بتبديل ملابسها لترحل رفقة السائق دون اخبار أحد من اهلها.

مر بعض الوقت ليقل موستي هو الأخر إلى شمس:
-شمس هانم أنا هروح اقابل زميلي هنا، عايزين حاجة.
حركت شمس رأسها نافية، لتقل:
-تسلم يا موستي.

وبالفعل ذهب وها قد نجحت بداية خطتهم.

ما إن وصلت أيجى لموقع قريب من فلة حبيب.

اوقفت السائق أمام هيبر كبير للملابس، قائلة:
-أهو ده المحل اللي هشتري منه.

توقف السائق لتقوم بالنزول والدخول إلى الهيبر.

وحتى لا يكون حديثها كذب، قامت بشراء بعض الملابس التي اعجبتها، لتتحدث إلى إحدى عاملين الهيبر قائلة:
-هو في مخرج تاني هنا غير الباب الرئيسي؟

أومأت العاملة برسمية قائلة:
-أكيد، بس هو في مشكلة؟

أومأت أيجى لتهمس لها بخوف مصطنع:
-في واحد كان ماشي ورايا لهنا، فأنا قلقانة ليفضل برا، علشان كده عايزة أخرج من هنا من غير ما يشوفني.

أومأت العاملة قائلة:
-طيب اتفضلي معايا هوريهولك.

وبالفعل اخذتها إلى الباب الأخر لتذهب حيث مرادها إلى موقع حبيب.

ما إن وصلت إلى هناك كان وصل موستي كذلك، فهي تسوقت قبل مجيئها لكن هو لم يتوقف.

ما إن قامت بالدخول إلى فلته التي تعد فخمة كفلة أنور.

تحدثت السكرتيرة برسمية ولأنها عبمت من تكون:
-حبيب بيه مستنيكِ اتفضلي معايا.

ذهبت أيجى رفقتها حتى وصلت إلى الشرفة الكبيرة لتطالع موستي قائلة:
-أنت لحقت وصلت!

تبسم موستي ليتحدث حبيب قائل عقب مطالعته لحقيبة الملابس بيدها:
-بردو غريزة الموضة اللي جواكوا مش هتتغير.

طالعته أيجى لتقل بقوة تتعامل بها بعملها:
-دي المفتاح اللي خلاني أجي هنا من غير محد يعرف أنا رايحة فين، وبعدين لو حابب تتكلم عن الموضة يبقى نحدد وقت فراغ نعمل فيه كده، وللأسف معنديش وقت الفراغ ده.

يطالعها حبيب بثبات متفقد خصلاتها الحمراء، وعيناها وشفتاها الممتلئة بعض الشيء، وبشرتها البيضاء، كل شيء بها، فقد كانت فاتنة لحد يدفع الجميع للجنون بها!

تحدث حبيب عقب ارتسام البسمة فوق ثغره قائل:
-بحب الشراسة دي في الشغل، وشكلنا هنتعامل مع بعض كتير.

تطالعه أيجى التي رفعت حاجبيها ببرود وغموض كذلك، قائلة:
-اتمنى، اتمنى متكونش أخر مقابلة.

أومأ حبيب بتأكيد:
-اطمني، مش هتبقى الأخيرة، أنتوا أكيد فهمكوا أيفا طبيعة الشغل معايا، بس حابب اعرفكوا حبة حاجات عني.

أنا حبيب معتز، عندي تلاتين سنة، حققت نجاحات كتيرة في حياتي إني أوصل للي واصله في العمر ده فده أكيد نجاح.

مقضي عمري شغل وسفر بين مصر وفرنسا، وغالبًا كده بغير اللي بشتغل معاهم كل سنة تقريبًا، بس لو شايف منهم جد في الشغل أكيد هيفضلوا معايا، مش بس سنة.

أنا معايا بضاعة وعايز اوزعها في مصر، ولما قلت لأيفا هو كلمني عنك، وقال إنك الشخص الوحيد اللي هتقدري تعملي الموضوع ده من غير ولا غلطة.

أومأت أيجى بطريقة رسمية على غير عادتها، قائلة:
-فاهمة كل ده، وموستي كمان هيشتغل معايا في توزيعها بس مش هقدر أخد منك البضاعة يعني هتفضل معاك وكل عملية هقوم بيها هاجي أخد البضاعة منك، لأني مش قاعدة في بيتي هنا.

أومأ حبيب بنظرات متفحصة لها، قائل:
-وأنا معنديش مانع، البضاعة اللي تحتاجيها كلها موجودة، ولو خلصت أقدر أجيب تاني من فرنسا، يعني أي عدد هتحتاجيه هتلاقيه.

أومأت أيجى بذات رسميتها، قائلة:
-تمام، اتشرفت بمقابلتك.

قامت بمصافحته كحال موستي، لتقدم على الذهاب ولكن حديث حبيب اوقفها حين قال:
-في حفلة النهارده هبعتلكوا الموقع والوقت، اتمنى تشرفوني هناك.

طالعته أيجى لتقل بذات رسميتها:
-لو قدرت أكيد هاجي.

تبسم حبيب ونظراته لا تبتعد عنها، قائل:
-هستناكِ.

حركت أيجى رأسها نافية لتقل قبل ذهابها:
-موعدكش.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي