الفصل السابع عشر عودة فاسد أخر

بمنزل شاكر وليل.

تتطلع ليل إلى هذا الفستان الذي هو عبارة عن فستان طويل ذات لون أبيض ناصع.

ليأتي شاكر من خلفها محتضنها قائل:
  -عجبك؟

طالعته ليل بسعادة وبسمة قائلة:
  -جدًا، بس ليه؟ ليه جيبته.

اجابها شاكر عقب وقوفه امامها واضع يده فوق وجنته قائل:
  -مش كان نفسك تلبسي فستان أبيض، ونعمل فرح؟ أنا هعملك فرح.

ازدادت بسمة ليل التي تملكتها الدهشة، قائلة:
  -أنت بتتكلم بجد؟

أومأ شاكر مملس فوق وجنتها، قائل:
  -عمري مهرفض طلب لليلي، يلا جهزي نفسك وأنا هروح البس البدلة كمان.

قبلت أيجى وجنته بسعادة لا تستطيع أن تسيعها، لتزداد بسمته هو الأخر على سعادة حبيبة قلبه، والذي يهمه تواجدها بجانبه فقط!

حيث حفلة عزت.

قام علي وملاك ومليح بالدخول، والذان يتفقدوا الأجواء من حولهم.

لتقل ملاك سائلة:
  -هو أنور مش جاي؟

اجابها علي نافي، والذي علم للتو أنه بالفعل لن يأتي:
  -لا، شكل وراه حاجة مهمة.

أومأت ملاك متطلعة إلى هذا العدد الهائل من الاشخاص المتواجدون من حولهم.

تحدثت ما إن وقعت عيناها صوب الجالسين فوق إحدى الطاولات، لتقل:
  -سيف هنا!

عقد علي حاجبيه ليوجه نظراته حيث تتطلع هي، وبالفعل رأه هو وقائدته أيلان كذلك!

رفع علي حاجبيه لما فهم في هذه اللحظات، قائل:
  -يبقى دعاهم هما كمان للحفلة!

تحدثت ملاك وقد اشارت لهم أيلان ليذهبوا للجلوس معهم:
  -بتشاورلنا، تعالوا نروح.

طالعها علي الذي تملكه الضيق، فلا يدري لما ولكنه لا يحب قربها من سيف، برغم أنه يعتبرها بالنسبة له شقيقة أو صديقة مقربة بجانب العمل، ولكن مشاعره تختلف حينما تتواجد رفقة هذا الشاب.

وبالفعل اقتربوا منهم ليلقوا التحية عليهم.

مما دفع أيلان في قول:
  -أكيد اتعزمتوا مش كده؟

أومأ علي بتأكيد جالس بجانب ملاك، قائل:
  -أكيد.

كان سيف يوجه نظراته صوب ملاك، وكأنه لم يستطيع تجاهل جمالها بهذا الفستان المنفرد عن عملها، ليقل:
  -هتصدقيني لو قلتلك أجمل واحدة في الحفلة؟

تبسمت ملاك مطالعاه بخجل قائلة:
  -شكرًا.

كان على يطالعه كذلك والغضب يتملك ما بداخله، فكم يزعجه صوت هذا الشاب.

ذهب عزت لهم ليلقي التحية عليهم، قائل:
  -نورتوا حفلتي المتواضعة.

تبسمت أيلان ببسمة غامضة، لتقل بود مصطنع:
  -منورة بأهلها يا عزت بيه.

تبسم عزت، ليطالع كلًا منهم في تسائل:
  -أمال فين أنور؟

اجابته ملاك قائلة:
  -اعتذر وقال أنه مش هيجي، الواضح أن عنده ظرف مهم.

أومأ عزت بشرود بعض الشيء، قائل:
  -ربنا معاه، استمتعوا بوقتكوا.

تركهم وذهب، لتقل أيلان مترقبة وعيناها لم تبتعد عنه أثناء ذهابه:
  -مش مرتاحة للحفلة دي.

طالعها علي، فهذا شعورهم جميعًا، وهذا العجيب بالأمر!

باليخت.

تحدثت أيجى محاولة أن تنظم كلماتها حتى لا يرى توترها:
 -أيفا اللي بتعامل معاه مش رئيس عصابة، ده صاحب مطعم واسأل اهلي يا أنور، أنت تفتكر هتعامل مع رئيس عصابة ليه؟ معقول هيبقى ليا علاقة بواحد زي ده؟

استمر أنور في مطالعتها؛ يستشف من عيناها ما إذا كانت تكذب أم لا، ولكنه لم يستريح برغم حديثها التي تحاول اظهار صدقها به.

حاولت أن تسير بذات طريقها حينما قابلها صمته، ليصدقها:
  -أنا خوفت أوي من تصرفاتك واتهاماتك ليا، بس ده مش معناه إنه صح، أنا أزاي هبقى مع رئيس عصابة زي اللي بتتكلم عنه ده؟! لو عايزني اتصلك بيه دلوقت وتتأكد هعمل كده.

قدمت على اخراج الهاتف من جيبها ولكن امساكه يدها منعها من هذا.

طالعته ليتحدث بذات ثباته قائل:
  -هصدقك، أي حاجة هتقوليها هصدقك عليها، بس وقت ما تكذبي عليا يا أيجى صدقيني هتلاقيني أول سيف يتحط على رقبتك.

استمرت أيجى في مطالعته وقد ودت لو تخبره كل شيء في هذا الوقت، ولكن ماذا ستخبره؟ فهي جزء من تلك القائمة اللعينة، بل جزء اساسي بها.

تركها وقام بالنزول من الغرفة، لتجلس فوق الأرض محاوطة جسدها وقد كانت تفكر والدموع تنهمر ولا قائد لها، فكم تمنت لو كانت لا تخفي ما يمكنه انهاء حياتها معه في أي وقت.

بالحفلة.

نهض الجميع ليرقصوا، ليمد سيف يده إلى ملاك ببسمة تناسب اجوائهم، قائل:
  -تسمحيلي بالرقصة دي.

طالعته ملاك التي شعرت بسعادة كابحة، فما تشعر به اتجاهه متبادل، لتقدم على أخذ خطوة حول الموافقة، ولكن حديث علي وامساكه بيدها عقب نهوضه كان مفاجئة لهم:
  -ملاك هترقص معايا أنا.

طالعته ملاك وقد تعجبت من ما فعل.

وبالفعل نهضوا ليذهبوا إلى ساحة الرقص أسفل مطالعة من بالطاولة لهم.

لتقل أيلان في تعجب من تصرف علي الذي كان يوضح لهم أمر لم يكن على بالهم:
  -غريبة!

طالعها سيف الذي كان يستشيط غضبًا، فليس فقط هو من يتواجد معها دائمًا بالعمل، بل وأيضًا بأماكن كهذه لا يود له أن يحادثها حتى! كأنها بمسؤليته هو.

تحدثت ملاك بتعجب إلى علي قائلة:
  -علي أنت بتعرف ترقص أصلًا؟!

أومأ علي بتأكيد لما تقول، وبثقة قائل:
  -أماال.

وبالفعل كان يحاول مهاودة الأجواء ولكن فشله بالأمر كان عائق له.

لاحظت ملاك محاولته في نجاح الرقص، ولا تدري لما يفعل ولكنه كان يحاول أن يريها مهارته الكاذبة!

ما إن انتهت الرقصة وقد صدمت من كيفيته في اتقانها هكذا، إلا أنه بالفعل صدم نفسه هو الأخر.

تحدثت ملاك ببسمة وانبهار، قائلة:
  -أنت أمتى اتعلمت الرقص؟

رفع علي اكتافه ببسمة ومزاح، قائل:
  -والله ماعرف.

ضحكت ملاك على هذا العجيب التي لا تعلم ولا يعلم هو حتى ما يريد.

تحدث عزت عقب انتهاء الرقصة ليقل أسفل استماع الجميع:
  -ودلوقت طبعًا عايزين تعرفوا أيه سبب دعوتي ليكوا، أحب اقولكوا إن رئيس الحلفة الأساسي النهارده، هو حبيب بيه، رحبوا بيه معانا وبرجعته من فرنسا.

سفق الجميع لينهض حبيب مقترب لمصافحته أسفل نظر علي والباقية، والذين صدموا من الأمر؛ فلما يدعوا الشرطى للترحيب بفاسد مثله؟!

في الليل المتأخر، باليخت.

كان يتحدث أنور بالهاتف رفقة والدته شمس، يقل:
  -تمام حاضر بكرا هنرجع.

تحدثت شمس وقد علمت أنه لا يود التحدث حول شيء من الذي حدث اليوم:
  -طيب يا حبيبي، ترجع بألف سلامة.

أنهى المكالمة معها ليطالع أيجى التي خرجت من الغرفة ذاهبة له.

اقتربت لتجلس فوق الأريكة بجانبه قائلة ونظراتها تتصوب نحوه:
  -علشان كده عملت كل ده؟ كنت عايز تعرف أنا معاه ولا لا؟

أبعد أنور نظراته عنها صامت تمامًا، فهذا بالفعل كان هدفه منذ البداية.

تبسمت أيجى بخفوت لتقترب محتضناه بل تدفن جسدها داخل احضانه وهذا ما ادهشه، فمن المفترض أن تغضب منه حينما تعلم شيء كهذا!

طالعها لترفع رأسها ناظرة له وقد كانت قريبة منه كحاله، لتقل بذات بسمتها الهادئة:
  -بس الكلام اللي أنا قلته مكنش كذب، وأنا فعلًا بحبك.

استمر في مطالعتها لتحتضنه أكثر مغمضة عيناها بضحك أثناء قولها:
  -شكلي بردت أوي.

تحدث أنور الذي كان يشعر في بداية علاقتهم بتوتر حينما تقترب منه، ولكن الأن يشعر براحة، وهذا العجيب بالنسبة له:
  -روحي نامي في الأوضة.

اجابته أيجى بنظرات تصوبها اتجاه عيناه:
  -هنا مرتاحة.

استمر أنور في مطالعتها، لتضع يدها فوق ذقنه بلطف وحنو، قائلة:
  -اقولك سر؟ أنا معايا صورة لينا من وأحنا صغيرين، كل ما حس أنك واحشني اطلعها وأبص عليها، فاكرة جواب كنت كاتبهولي زمان، بتقولي إنك هتستناني لما أرجع من السفر، بس أنا اللي استنيت.

لم يبعد نظراته عنها، فقد أتت هذه العجيبة لتقلب حياته رأسًا على عقب!

قامت بدفن رأسها برقبته مغمضة عيناها مستسلمة للعالم بأكمله.

بمنزل شاكر.

تحدثت ليل التي كانت ليلتهم أفضل ليلة مرت بحياتها، فقد كان زفاف يجمعها به هم الأثنان فقط، والذي رقصوا بها ومضوا ورقة بها أثنان من الشهود، بل وأتى بعض من الدعاة الموثوقوت بهم ورحلوا سريعًا، نعم لقد كان عقد صحيح هذه المرة!

انتهوا من هذه الأجواء الاحتفالية التي تناسب زواجهم.

حملها شاكر ليعودوا إلى المنزل والذي هو امام احتفالهم فقد جعل المكان من امامهم مختلف!

تحتضنه ليل التي تشعر بالسعادة الطائلة، ليقل ببسمة سائل:
  -اتبسطي؟

أومأت ليل محتضناه، لتقل:
  -أوووي أنا مبسوطة أوي، ودلوقت فعلًا حسيت إننا متجوزين.

تبسم شاكر لينزلها فوق السرير ليمدد هو الأخر واضع يده فوق خصلاتها، مقبل وجهها بعشق:
  -هتبقي ملك شاكر، شاكر وبس.

أغمضت ليل عيناها ممسكة بقميصه بقوة، ليبداء بفك فستانها، فتحت عيناها لتطالعه بتوتر وخجل، ممسكة بفستانها ليقبل وجنتها قائل:
  -مش عايزك تخافي مني، أنا مش هعمل حاجة تضرك، لو عيزاني أبعد هعمل كده.

استمرت ليل في مطالعته لتحرك رأسها قائلة:
  -عارفة أنك مش هتعمل حاجة تضرني.

تبسم شاكر مقبل رقبتها بعشق، وكأنه كان يمتنع عن المياه وها قد سُمح له بالأرتواء!

في اليوم التالي.

استفاق أنور من نومه، ليطالع النائمة بأحضانه، والتي لم تبتعد عنه منذ الليلة الماضية، فقد حملها أثناء نومها وذهب ليناموا بالغرفة.

استمر في تصويب نظراته اتجاهها، ليضع يده مملس بها فوق وجنتها، يتذكر ذهابها ليلة أمس والنوم بأحضانه رغم برودة الجو عليها!

شعر بذبول ملامحها وهذا ما اقلقه، فقد اصدرت صوت يشبه الألم تزامنًا مع استفاقتها.

تحدث أنور بقلق سائل:
  -أيجى أنتِ كويسة؟

فتحت عيناها لتطالعه بنظرات باهتة كحال عيناها، لتقل بتعب أثناء محاولتها في النهوض:
  -أحنا فين؟!

عقد أنور حاجبيه بخفوت ليجلس هو الأخر مطالعها في تعجب؛ فكيف تنسى ما حدث ليلة أمس؟!

تطلعت حولها إلى البحر الذي يظهره الحائط الزجاجي من حولهم، والذي يحيط بالغرفة، لتعيد مطالعته في تسائل وتعجب قائلة:
  -أحنا في البحر؟!

أومأ أنور والذي كان مندهش من تعجبها بالأمر، ليقل في ترقب منه:
  -أنتِ مش فاكرة اللي حصل أمبارح؟

ملكت أيجى رأسها بين يدها بألم وتعب ظاهر، لتلق:
  -أنا عايزة أرجع البيت، بسرعة.

استمر أنور في تصويب نظراته اتجاهها، ليقل في قلق وتسائل:
  -مالك؟ أنتِ تعبانة؟

نهضت أيجى التي أختل توازنها لولا تمسكها بالسرير، لينهض بتسرع متمسك بها، قائل وقد ازداد قلقه عليها:
  -أيجى في أيه يا بابا؟ مالك؟

تمسكت أيجى بقميصه حتى لا تسقط، لتقل ورأسها تكاد تنفجر:
  -راسي، راسي وجعاني أوي.

وضع أنور يده فوق وجنتها والأخرى يسندها بها من خصرها بأحضانه، ليقل في ضيق عقب قياسه لحرارتها:
  -أنتِ سخنة! أكيد خدتي هوا علشان برد امبارح، استني هروح اعملك حاجة تاكليها و..

قاطعته أيجى نافية وقد بكت من المها، ولأنه لا يفهم ما تريد من ممنوعات التي انتهى مفعولها:
  -لا أنا مش عايزة أكل، أنا عايزة أرجع البيت.

أومأ أنور الذي يهاود عقلها، فقد كانت كالطفلة بين يديه، ليقل محاول أن يهدأها أثناء تجفيفه لدموعها:
  -هنرجع البيت أهدي وأنا هروح أمشي السفينة أمم؟

أومأت أيجى ليساعدها في الجلوس فوق السرير، وبالفعل ذهب ليفعل كما قال، قام بالأتصال عبر السائق الخاص به والذي سينتظره بالبر.

كانت تجلس مملكة رأسها بين يديها وهناك الكثير من الأصوات تستمع لها، الكثير من الترددات تكاد تقتلها، لتقل بصراخ أثناء القائها لملأة السرير أرضًا، وكل شيء حولها، تصرخ بهستيرية وغضب كأن هناك من تسبب بحالتها:
  -أسكت أسكت بقى بس.

ما إن استمع لصراخها قام بالركض نحو الغرفة ليذهب محاول أن يهديئ من حالتها وصراخها الهستيري، ليملك وجهها بين يده بحنو ولا يدري سبب حالتها هذه:
  -أيجى أهدي أهدي يا بابا أهدي.

أومأت أيجى ببكاء وتعب قائلة:
  -رجعني البيت، رجعني البيت.

أومأ أنور محتضنها بهدوء، قائل:
  -هنوصل قريب هنوصل أمم؟

أومأت أيجى دافنة وجهها داخل احضانه، لعل المها أو هذه الأصوات التي تستمع لها تهداء.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي