الفصل الاول

" چيلان دعيني أتنفسك"

الفصل الأول
عاشقة الأذان
يا أيّها العمرُ السريعُ خذلتني ووضعتَ أحمالاً على أحمالي خذني إلى عمرالصغارلأنني
لم أنتهِ من ضحكةِ الأطفالِ .
البعض تمضي حياته بسهولة ، والبعض الأخر كل شيئ محسوب فيها لديه ، وبثمن، أما أنا فحياتي دائماً كانت مرتطبة بصوت الأذان.... ! فمع أذان الفجر كنت أستيقظ علي صوت المؤذن عندما يقول الله أكبر وكأنه يذكرني أن لا شيئ أكبر من عظمة وقدرته الله ...؛ فيطمئن قلبي وتهدأ روحي وكأن فى سماعي للأذان سحر وشفاء لما يضيق به صدري من أعباء الحياة التي أثقلت ظهورنا وشيبتنا قبل الآوان بآوان ....
في صباح كل يوم كنت أذهب إلى عملي لأحصد الكرز والموز حيث كنت أعمل في حقول الكرز والموز الي كبرت وترعرعت بين أشجارها وأستنشقت عبيرها رائحتها الذكية .
لم أشتكي يوماً من حياتي فقد كنت راضية بقدري وحياتي رغم صعوبتها .>>
أنا الأبنة الكبري لأمي أسمي " چيلان " ؛ وهى ربتني تربية متدينة حتى أنها أدخلتني مدارس دينية لكي أتعلم وأدرس القرآن وألبستني أمي الحجاب مبكراً ، ولكن الحياة كانت أكبر مني ومنها بقساوتها على البشر ،وأجبرت أن ترسلني لأعمل في حقول العنب لكي أساعدها في مصاريف البيت ، وبذلك لم أستطع أن أكمل تعليمي كما حلمت أمي بذلك ، أماعن أبي فقد كان له أبناء كبار من زوجته الأولي وأنا لا أعرف عنهم شيئاً فقد أخذتهم أمهم وهاجرت بهم إلي أروبا ، وأبي تزوج بأمي وأنجباني أنا فقط ، وبعدها أنفصلت عنه أمي لأنه كان عصبي ودائم الشجار معها بسبب غيرته التي كانت تصل لحد الشك أحياناً ، فكان الطلاق هو طوق النجاة لها من حياة الشك والغيرة التى كانت تعيشها ؛ وبعد ذلك ذهب أبي وتزوج بإمرأة أخري وتزوجت أمي " زينب " من رجل طيب أسمه " العم فاروق" وأنجبت منه شقيقتي الصغرى "ليلى" ، وهو أرمل ولديه ثلاثة أبناء ذكور ، ابنه الكبير أسمه " رجب " وهو شرير بالفطرة لا يتوانى عن فعل أي شيئ لينال ما يريده والثاني" فؤاد " تابع فقط ، ينفذ أوامر شقيقه بدون تفكير ،أما شقيقهم الثالث " خليل " فهو ضعيف الشخصية يخاف منهم ويتلاشى شرهم ....؛ العم فاروق كان يعمل سائق لسيارات نقل الكرز ولكنه تعرض لحادث أصيب على أثره بعجز في النصف الأسفل من جسده ، وبسببه قد حصل على تعويض مادي ومكافأة نهاية الخدمة التي أشترى بها هذا البيت الذي نسكن فيه الآن وكتبه بأسم أمي حتى لا يستولى عليه أبناؤه الذكور وتتشرد أمي وشقيقتي ليلى من بعده .
أستطيع أن أجزم أن حياتنا كانت ستكون أفضل بكثير لو لم يكن هؤلاء الجشعين فيها ، فهم كانوا لا يخجلون من أخذ النقود من أبيهم بأي طريق مما أضطرني أن أخرج للعمل أنا وشقيقتي الصغري " ليلى" فقد كنا نعمل في حقول الكرز التي أشتهرت بها قريتنا في "مارسين "، كنت أصرف على نفسي وأساعد أمي وشقيقتي ليلي بما أستطيع والباقي كان أبناء زوج أمي " رجب وفؤاد " يستوليان عليه بالقوة ؛ أما كل ما كانت تكسبه " ليلى " فقد كانا يستوليا عليه منها بدون حياء أو حتى يتركوا لها شيئ منه ....؛ كل هذا لم يؤثر علي حتى جاء اليوم الذى طفح الكيل ولم أعد أتحمل منهم أن يتدخلوا في حياتي ،وبالتحديد بعد أن تقدم لخطبتي رئيس العمال الذى أعمل عنده ؛ في البدايه كان يضايقني في الذهاب والعودة وأنا كنت أصده ؛ إلى أن زاد عن حده ذات يوم وتجاوز إلى التحرش فأخذت حجارة من الأرض ورميته بها علي رأسه وقلت له هذا درسك إذا حاولت أن تقترب مني مرة أخرى سأمزقك أرباً إرباً بيدي ؛ كان شخص عديم الحياء ولا يخفي نظراته الشهوانية لي والتي كانت تشعرني أنها تخترق جسدي الطاهر البرئ.
كانت يتعقبني دوما وينظر إلي من خلف الأشجار ؛
إلى أن حدث مالا أتوقعه ...؟؟؟
بعد أن يأس مني تماماً ولم يعد أمامه طريق للوصول إلي سوى الزواج فالمهم عنده أن يحصل على ما يريد بأي ثمن ؛ فتقدم لي بعد أن أغرى " رجب وفؤاد " إبنا زوج أمي بالمال ومع تصليط جارتنا التي تسكن بجوار بيتنا هى وبناتها العانسات الثلاثه لم تتوانين عن تأليب " رجب وفؤاد " ضدي حتي ينفسوا عن سمهم ويقضوا على حياتي ؛ جارتنا أسمها " قيمت هانم " وبناتها الثلاثة هن " مجبورة ومروه ومشكوره " لقبهم "عانسات حينا "
في الصباح سمعت صوت باب الحديقة يفتح فذهبت أرى من القادم فكانت جارتنا الشمطاء " قيمت" وكانت على ما يبدوا عائدة من السوق لتوها لأنها تركت عربة صغيرة مكدسة بالمشتريات بجابب الباب ، ودلفت إلى الداخل وكانت أمي تسكب الشاي لعمي فاروق تحت نظر قيمت التي كانت تحدجهم بنظرات حقد وغيرة
قيمت : ألن تكفي عن تدليل هذا العجوز يوما يا زينب ؟؟
زينب : إذا كان الحب والأحترام في نظرك مجرد دلال يا قيمت ، فأنا لن أكف يوما عن تدليل زوجي
قيمت جزت على أسنانها ولوت فمها بضحكة صفراء وقالت : أنت هكذا دوما يا زينب تسيئ فهمي
زينب باغتتها قاله : أي ريح جاءت بك يا قيمت
قيمت زفرت بغضب : لن تتغير يا زينب ... هى زينب ... أنت تعرفين أنني ما جئت إلا للخير !!
هزت رأسها زينب وزفرت بضيق : طالما أنت متحمسة لهذه الدرجة لماذا لا تزوجيه أحدى بناتك الثلاثة ؟؟
قيمت أجلفت وقالت بقهر : ياليته طلب وما كنت فكرت حتى ؛ ولكنه طلب ابنتك أنت دون عن باقي الفتيات .
زينب أشارت بسبتها بتحذير : أفضل أن أبقيها من دون زواج حتى الخمسين أهون علي أن أزوجها الأحمق هذا .
قيمت بتهديد : لن يتواني هذا الأحمق عن فعل أي شيئ للحصول عليها .
زينب بصرامة : وصل تهديدك يا قميت ، والله أن أصاب ابنتي مكره فلن أتركك تهنأي يوما .
كان فاروق يتابع حديثهم وهو يرش الزرع بالماء بدون أن يتدخل
قيمت حدجتها ووضعت كوب الشاي بدون أن تشرب منه بهدوء، وهبت واقفة وهى تشيح لها بغرور وتكبر
مغرورة ..... ومتكبرة ..... ستندمين يا زينب .
زينب أنتفضت وأخذت كوب الشاي وسكبته على الأرض أمامها لترد لها التهديد قائلة
أنت لا يهمك مصلحة أحد ، فقط كل ما يهمك مصلحتك أنت يا قيمت ، ولولا أنه وعدك بمقابل ما كنت هنا الآن ، فوفري على نفسك هذه التمثلية السخيفة .
قيمت أنصرف بعد أن فقدت الأمل في أقناع زينب وهى تسطشيت غضبا وتتوعد لزينب وجيلان في سرها.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي