معقل الجن

AsmaaHemeda`بقلم

  • الأعمال الأصلية

    النوع
  • 2023-09-07ضع على الرف
  • 92K

    جارِ التحديث(كلمات)
تم إنتاج هذا الكتاب وتوزيعه إلكترونياً بواسطة أدب كوكب
حقوق النشر محفوظة، يجب التحقيق من عدم التعدي.

الفصل 1 جبل خنوقة

تداولت بعض الأقوال والأسرار عن منطقتي مثلث برمودا والتنين.

واختلف آخرون حول السر الكامن وراء حوادث إختفاء الطائرات والسفن التي حدثت في منطقة مثلث برمودا الواقعة بالبحر الكاريبي بين خليج المكسيك وجزر كوبا وعلى مقربة من الساحل الشرقي الجنوبي للولايات المتحدة الأمريكية، فيزعم أنها قاعدة للشيطان وأتباعه من الجن السفلي.

حيث بدأت قصة هاتين المنطقتين تحديداً بعد هزيمة الجن وأتباعه من المردة والغيلان بأول حرب شنها البشر على من تسببوا في طرد سيدنا "آدم" عليه السلام وزوجته حواء بقيادة مهلاييل أحد نسل أبناء سيدنا "آدم" وذلك بعد رغبة جن الأبالسة بفرض سيطرته على الأرض وجنس بني البشر.

ظل إبليس اللعين يبحث عن مأوى يحميه ومن معه من شياطين الجن الخاسرين في المعركة ضد مهلاييل ، واختار أن يكون هذا المأوى بعيداً عن مواطن الإنس، يبني به مملكة يحكمها، ويجمع فيها شمل قومه شياطين الجن الفارين من غزو الملائكة آنذاك فحتى الملائكة والجن المسلم لفظ هذه الفئة التي تريد مخالفة قواعد الكون وحاكمه.

لذا طاف "إبليس" في الأرض بحثاً عن المنطقة الملائمة لبناء حلمه ووقع اختياره على هاتين المنطقتين  المسمتين ب"برمودا" و"التنين"،  وبعد ذلك وضع عرشه على الماء، وأسس جيشه من شياطين الجن الذين التفوا حوله في مملكته، ينفذون كل ما يأمرهم به.

وهذا ما ورد في السنة النبوية إذ قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه في الناس، فأقربهم عنده منزلة أعظمهم عنده فتنة".

وبعدها شرع "إبليس" في تأسيس مجلس وزرائه الذي سيقود مخططاته الشيطانية في عالم الإنس.

ولكن لم تبقَ ممالكه غائبة عن عيون الإنس.

وذلك بفضل ما اخترعه الإنس من طائرات حلقت في السماء، وسفن طافت البحار، وغواصات بلغت كل قاع.

حتى جعل الإنسان كل شيء تحت مرمى الأبصار وهذا ما أثار غضب ملوك جن الأبالسة إذ ظلت مملكة شياطين الجن آمنة لعصور عدة لكن ما أن عرف الإنس ركوب البحر ومروره بكلتا المنطقتين.

أدركت شياطين الجن الخبيث الخطر الذي يهددهم فاختطفوا أعداداً من السفن والقوارب والغواصات والطائرات التي ربما رأت سراً عن هذا العالم المليء بالخبايا.

فخشي الجن افتضاح أمرهم، وبالتالي خسارة مملكتهم، كما خسروا من قبل الأرض التي كانوا وحدهم يعيشون فيها، وخسروا معركتهم مع مهلاييل الذي شردهم عن الأراضي القريبة من مواطن الإنس فعمدوا على إثارة الفتن بين ملوك الجن الطيب كما يسميهم البشر، وكما يلقبوهم جن الأبالسة طمعاً في امتلاك أراضيهم.   

تبدأ أحداث روايتنا هناك  على أعلى قمة "جبل خنوقة" موطن معازف الجن بوادي نجد في بلاد الحجاز حيث شبه الجزيرة العربية، موطئ يتجنبه عرب وسكان هذه البلاد، عرف هذا الجبل بالمعازف  لما يصدر في صحاريه من أصواتٍ ونواحٍ وصفيرٍ فسّره البعض بصوت الرياح على السواحل والكثبان الرملية.

ولكن عندما نتحرى ما يحدث هناك الآن سنعرف لِمَ سمي بمعازف الجن؟!

ها قد أظلمت السماء وكأنها تشهد كسوفاٌ كلياً للشمس، وبعدها توهجت خيوط زرقاء تشبه ألسنة البرق ولكنها أشد قوة وأكثر عمقاً، لها صوت يحاكي الشرز الناري، وهذا المشهد إعلان عن حضور ملك عشيرة "الجن الضوئي"، فلتشهد سماء تلك البقعة من الأراضي الطاهرة أول لقاء ل"راكان" بعد تنحي والده الملك "الأشهب" عن كرسي المُلك لابنه الأصغر "راكان" ملك ملوك الجن.

انبعاث الضوء شاهدة من شواهد وجوده، وهذا إذا غضب "راكان".

والقوة هبة وهبها الله لهذه العشيرة، فهم أقوى أنواع الجان على الإطلاق، وبالرغم من قلة أعدادهم قياساً بالبقية إلا أن واحداً من الجن الضوئي يستطيع قتل مائة شيطان بضربة واحدة في المعارك والحروب التي شنها الشياطين ضدهم فهم نادراً ما يخضون الحروب لقلة أعدادهم.

أما إذا أراد شيطان قتل جني ضوئي واحد فعليه بأقوى السحرة ليجمع؛ له الآلاف من أعتى الشياطين من مختلف العشائر.

وقد تفشل حيلهم لقتله، لذا ينأى السحرة بأنفسهم عن مكائد الشياطين التي يحيكوها ضد الجن الضوئي؛ إذ في تلك المحاولات الفاشلة يصاب الساحر بالأعياء الشديد ولن يسلم الأمر من إصابته بجروح بالغة قد تودي بحياته التي وهبها للشيطان.

فما بالك بملكهم حتى وإن كان من رحم إنسية!!

"راكان" السرعة ملكته، والحكمة عنوانه، والهيئة تشبه هيئة البشر، فهو مختلف تمام عن هيئة محكوميه التي تتبدل كما يشاءون فمرراً يتهيئوا في شاكلة البشر وأحياناً أخرى في شكل حيوانات أو طيور.

ولكن حتى وإن لم يستطيع تحويل الهيئة وبقى على شاكلته البشرية التي ولد عليها.

فعن أي بشر نتحدث!!

لو كان "راكان" بشري لحصل على لقب أوسم رجل في العالم بل أكثرهم جاذبية على الإطلاق.

"راكان" صاحب البشرة البرونزية، عيناه!! يا لها من سحر، بلونها الأخضر الزاهي الذي يشبه زيتون "الأوليا" اليانع على أغصانه، ذو ذقن وشعر بني يلمع بوهجٍ ذهبي في ضوء الشمس.

له طلة ملائكية يشوبها القوة والعظمة، في حضرته تُحْنى له الجباه وتسلب العقول، وفي غيبته تتغنى إناث عشيرته ويهيمن لسحره صريعات، وفي ثورته يشيب الوليد وتحبس الأنفاس.

وهذا هو حاله الآن ثائر غاضب، فبات الماثل في حضرته راكعاً على ركبتيه، مطرقاً رأسه أرضاً في خنوع، يخشى خروج النفس؛ حتى لا يزيد غضب الملك "راكان" لرائحة فمه الكريهة.

إنه "دهمان" قائد عشيرة "بني قيعان" من نسل جن الأبالسة الذي نقض عهده مع الملك "الأشهب" وظن أن خليفته سيكون أقل بئساً من أبيه، وراودته الأحلام بأن يتطلع إلى فرض سيطرته على أراضي مملكة الجن الضوئي.

وذلك بعد تعرض مملكته في مثلث برمودا للمداهمة من قِبَل الرحلات الاستكشافية للإنس ،تلك المملكة التي استوطنها وبسط عليها سلطانه بالمكائد.

وها هو الآن في خطر محدق يريد هجر تلك المنطقة هو وعشيرته وأتباعه إلى مأمن من هؤلاء الفضوليين على حد قوله.

إذ أخذه غروره الغاشم بقوته الواهية على اختبار قوى "راكان" فالمتعارف عليه أن نتاج خليط الأجناس لا يكون بقوة الصلب.

أي أن الجني الذي أنجبته أنسية لا يمتلك كل هبات بني جنسه وإن أمتلك بعضاً من تلك الهبات لا تكون على نفس شاكلة الأصل.

"راكان" بغضب جحيمي، وهو يسل سيفه، يثبت طرف نصله ما بين قرني هذا القميء الذي تجمدت أوصاله، عندما استمع إلى صليل السيف الذهبي المقوس الذي يزين غمده ومقبضه برصائع من الأحجار الكريمة:

-ألن تكف عن نجاستك "دهمان"؟!

"دهمان" بنبرة ذليلة:

-العفو مولاي الملك "راكان".
-صدقني أنا لم أرسل هؤلاء الخونة، هذه دسيسة يريد بها المتحالفون الإيقاع بيني وبين جلالتك.

"راكان" بتحذير فهو لن يبدأ عهده بحرب كهذه، بعد العديد من الحروب التي خاضها أبيه من أجل الحفظ على حدود ملكه من أطماع هؤلاء المدنسون من الكفرة وأتباعهم:

-"دهمان" إذا أردتها حرباً لا قِبَل لك بها، ففكر مرةً أخرى في تكرار فعلتك، وحينها لا شافع لك ولا منجاة من غضبي.

رفع "دهمان" رأسه ينظر بعين يملؤها الخزي والمذلة المصطنعة، قائلاً باستعطاف:

-مولاي الملك، أعفُ عني وسأكون بخدمتك كعبد تابع.

"راكان" وهو يضرب على رأس راجيه بعرض السيف في قوة أجفلت هذا الخائن ليخفض الجاثم أرضاً رأسه:

-أغلق فمك الكريهة هذا، فلا حاجة لي بعبد دميم مثلك، ولا أرغب برؤيتك مرة أخرى، لا أنت ولا من يسيروا بذيلك البغيض هذا.

قالها "راكان" وهو يدعس على ذيل "دهمان" ساحقاً إياه أسفل حذائه المصنوع من الجلد الطبيعي لأحد الفهود الأسيوية التي سباها بإيران أثناء تلبيته لدعوة ملك الجن المائي "صهيب" إلى موكب زفافه من ابنة ملك الجن القمري الكبرى في رغبة من "صهيب" لعقد تحالف بين العشيرتين: عشيرة الجن المائي والضوئي.

وقد أشار الملك "صهيب" على ملك الجن الضوئي "راكان" بالزواج من أختها الصغرى، فهو لا يعلم بعدم رغبة "راكان" في الزواج.

إذ عانى "راكان" النبذ من تلك الأنسية التي أنجبته؛ وبات لا يأمن الإناث أياً كان جنسهن إلا إنه شارف على الاقتناع، وذلك بعد تجرأ هذا ال"دهمان" بإرساله لأتباعه من القردة والغيلان لاستكشاف ضواحي مملكة الجن الضوئي، يحثون عشيرة الملك حديث العهد "راكان" على التمرد عليه.

يشيعون الفتن، فكيف للملك أن يولِ عليهم ابنه من الإنسية!!

حبس "دهمان" أنفاسه، يطرق رأسه مرةً أخرى، قائلاً بامتثال ومهادنة:

-سمعاً وطاعة يا ملك ملوك الجان.

قالها "داهمان" وهو يسخر بداخله، فقرأ "راكان" التهكم بأفكاره، ولكنها ترددت برأس هذا العنيد وقد حاز هذا اللقب قبول واستحسان من قِبَلِه "راكان ملك ملوك الجان"، فأجاب "راكان":

-ولِمَ لا؟! فهذا اللقب لا يليق سوى بالملك "راكان"، واستكمل بداخله:

-ولنبدأ بمملكة الجن القمري.

ترى ما هي مخططات راكان؟
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي