الفصل 20 طوعية القدر

بأحد المطاعم المتواجدة على واحدة من تلك الجزر الخلابة جزر "المالديف".
يجلس متململاً على طاولة نائية عن هذا التجمع اختارتها هي، بينما من اصطحبته تحتل المقعد المقابل تناظره بتسلية، واهتزاز بؤبؤيه يدل على توتره، فبدى أكثر جاذبية بهيئته الجديدة الخاطفة للأنفاس، والنادل يقترب منهما يقول بتهذيبٍ وهو يمرر إلى كليهما قائمة بالمأكولات التي يقدمها المكان:

-مرحباً بكما في مطعمنا المتواضع .

بالطبع "صفوان" لم يلتقط رسالته الترحيبية الموجزة ولا يعلم ما الذي بيده، ولا يعرف ما الواجب عليه فعله في هذه الحالة، فالتفت إليها يناظرها بعبوسٍ لذيذ، وكأنما يسألها أن ترشده، ورماديتيه تتنقل بضياع بينها وبين ما بيد هذا الرجل، فأردفت توجه حديثها إلى النادل وهي تلتقط القائمة الموجهة إليها من قِبَله، تقول ببشاشةٍ ضجر لها هذا العاشق:

-أشكرك، يكفي قائمة واحدة.

ابتسم لها النادل بدوره مسدلاً ذراعه الآخر الذي كان يبسطه باتجاه هذا الوسيم، وصب كامل تركيزه على ما ستطلب يحاول عدم التفرس بجمالها الأخاذ، فعلى ما يبدو أن مضيفها الذي لا يعرف صفة له بالنسبة إليها على أوجه، وهو مثله كمثل أي عامل لا يريد أن يفتعل أية مشكلة في مكان عمله؛ كي لا يفقد وظيفته، حتى ولو كان صَرْف انتباهه عنها أمر ليس يسيراً.

بعد أن تناولت "ألورا" لائحة الطعام تتفحصها، بدت على مرافقها الذي لا يستصيغ وقفة ذلك الرجل إلى جوارهما علامات التمرد والضجر، وذلك كونه لا يعلم ماذا قالا أثناء تبادلهما الحديث المقتصر، وإذا به قد أسند إحدى يديه على الطاولة أمامه ينقر بأصابعه أعلاها في ضيق، فسألته بعدما لاحظت تكدره وحنقه وكذلك حفاظاً على الشكليات أو ربما كان لها غرضٌ آخر:

-هل ستطلب شيئاً محدداً، baby؟

حرصت على الكنية الأخيرة أن تكن مفهومة بالنسبة للواقف يسترق النظر إليها حتى يتحكم بحاله؛ لا إلا ينفذ صبر الشيطان "صفوان" ويكون مصير هذا العامل المسكين نفس المصير الذي آل إليه الطيار، وهنا كان الفضول قد بلغ منها مبلغه لمعرفة سبب ما حدث لربان الطائرة مقررةً أنها ستستفسر عن ذلك بعد انصراف النادل.

عض باطن فمه من الداخل يطرق رأسه بخزي فبماذا سيجيب!!
وهل الجن يأكلون شيئاً سوى العظام؟!
إذ أن هذا ما أحله لهم أشرف الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ومن الأحاديث الواردة في ذلك ما رواه مسلم في صحيحه أن الجن سألوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الزاد.
فقال:
-لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه، يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحماً، وكل بعرة علف لدوابكم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

-فلا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم.

وما جاء في سنن الترمذي مرفوعاً:

-لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام  فإنه زاد إخوانكم من الجن.

أما الشياطين تستحل كل طعام لم يذكر عليه اسم الله.

و"صفوان" أبداً لن يسلك درب نصفه الذي يبغضه، فإما أن يسمي الله ويأكل ما شرعه الله له أو يموت جوعاً.
ولكن تلك النصف بشرية بهيئتها التي لا تتشكل إلى ما يتشخصه الجان، فقطعاً مسموحٌ لها بتناول ما تريد، ولِم لا؟! فهي تبدو كبني آدم وحواء وإن كان لها بعض صفات الجان.

أما عنها فهي تعلم ماذا يفضل من أنواع الطعام، لذا اختارت لهما تلك الطاولة المنعزلة، ستأكل اللحم وتترك إليه المحلل له، فإذا جاء معها إلى هنا بتكليف من الملك، فهذا لا يعني أن تتحامل عليه وتعذبه جوعاً.
ولا تعلم تلك البلهاء أن ما من إثقال أحب إليه من رفقتها، فإذا كانت هناك مشقة يتكبدها الآن فهي رباطة جأشه التي يحاول التحلي بها حتى لا يفتك بمن يلمحها بعينيه.

هو يريدها محجوبة إلا منه، فجمالها حق له، وابتسامتها لا تُهْدى إلا إليه، وعيناها لا تنظرا إلا صوبه ولا تُسلَّط إلا عليه.

انتفض عندما أحس بيدها تربت على ظهر راحته فسحبها على الفور تفاجئاً، و بالطبع هذا الحاسد لاحظ ما حدث فابتسم بمكر ولسان حاله يقول "يبدو أن هذا المخنث لن يصمد أمام هذه الحورية، حسناً فإن لم يفعل فهناك من يتحين الفرصة، ولكن ليس الآن".

تظاهر العامل بعدم الانتباه، بينما أردفت "ألورا" بلين:

-سأطلب الطعام عنك، Honey.

رفع بصره إليها ولمستها تلك قد فعلت به الأفاعيل، بينما التوى ثغر هذا المتطفل بابتسامة ساخرة إثر آخر كلمة إذ يبدو أن ال "Honey" خاصتها ليس له شغف بالنساء، فتأمل هذا المنحرف في تمضية بعض الوقت مع كلاهما.

" صفوان" بنظرات مستفسرة حائرة:

-أنا لا أفهم ما يقوله هذا ولا ما ذيلت به آخر جملتين، مولاتي!!

قالها وهو يبتسم بخجل عندما لاحت على ثغرها مثيلة لها فتكت بقلب الهائم بها، وزادت من إصرار هذا المتابع على أن ينالها، لتجب على استفساره ببساطة وكأنها تلقي عليه تحية الصباح التي حتى وإن قالتها باعتياد، فصباحه الذي يبدأ بمرأها لهو أسعد أيامه على الإطلاق.

"ألورا" :
-ما قاله هو ترحيب لنا وعرض للخدمات التي يقدمها المكان.

مال رأسه إلى جانب واحد، دليل على انتظاره للمزيد، فاستكملت بعد توقف قائلة بتسلية:

-أما baby و honey فهما كلمتي غزل تعنيا حبيبي.

غصة انتابت "صفوان" على الفور، وأخذ يسعل بقوة؛ إذ ارتفع معدل الأدرينالين لديه بعد تعقيبها غير المتوقع هذا؛ ففي أبعد أحلامه الوردية بها، لم يتخيل ولو للحظة أنه سيأتي اليوم الذي يستمع فيه إليها تدعوه ب "حبيبي"، حتى ولو كانت لا تعنيها صدقاً ولكن وقعها عليه أشبه بسحابة خيمت تروي جفاف وعطش روحه إليها ولو بكلمة حب زائفة.

انتفضت من جلستها تلتقط زجاجة المياه الموضوعة أمامهما، تلتف حول الطاولة، مربتةً على ظهره باهتمام، وذلك بعد أن تخلصت من غطاء تلك الزجاجة، تقربها إلى فمه بيسارها، بينما أثقلت يدها اليمنى أسفل ذقنه، ترفع رأسه إليها حتى يتمكن من ارتشاف الماء، وإن كان لا يصدق ما يحدث، والسعادة التي هو بصددها الآن شئ خيالي أكبر من أن يستوعبه عقله، ولكنه لن يُدخِل إلى جوفه زاداً تلقاه باليسرى ولو كان ماء الحياة.

تعلقت عيناه بخاصتها يفضي إليها ما به من خزي على رد يدها، في حين أنه بالوقت الحالي لا يستطع الحديث بسبب الحشرجة التي انتابته إثر نوبات الاهتمام التي تمطره بها وهو لم يعتد منها على ذلك، يعشقها لأعمار ولكن قصة غرامه بها كانت في طي الكتمان.

حبه لها كان ميؤس منه وها هي الآن تبعث الروح فيمن فارق الحياة وتحللت جثته، ما تفعله ملكة عرش قلبه أشبه بتعويذة ألقتها عليه أشعلت بداخله ثورة من الأمل والتفاؤل وجاءه هذا الإنعاش فجأة؛ لذا لا يقدر على المسايرة.

الشيطان "صفوان" يجتوي بلوعة عشقها الذي أضعفه؛ ليبق ناطراً نظرة، فتعطيه ابتسامة وهمسة ولمسة وكل هذا في آن واحد.

نظراته غير مفهومة بالنسبة إليها ولكنها تستشف من خلالها معاناة لا تعلم سبباً لها؛ لذا خاطبته بِلين تقول:

-اشرب "صفوان" علك تستطيع التنفس، ستختنق.

رفع راحته اليمنى يثقل يسارها، وهو ينوي بداخله الشرب بيمينه مردداً البسملة بروح سمت الله إذ أن لسانه عاجز عن النطق بالوقت الحالي؛ ليتجرع شربة ماء وعيناه لم تفارق النظر إلى محياها، يطالعها بشغفٍ وهي تومأ إليه؛ كي تحثه على ابتلاع ما بفمه وها قد أحمرت وجنتيه فظنت هي أن استحالت لون وجهه إلى الحمرة القانية بسبب السعال ولكن إن علمت ما به الآن ربما حن قلبها اللعين إلى هذا المسكين.

"صفوان" قد ارتوى بماء من يدها، إنه للآن لا يصدق، ولكنه طمع، ليس في روي ظمأ بل ظل يتجرع حتى تبقى أيديهما متلامسة.

تنهد ولم يكف عن أن ينهل مما تقدمه له من ماء واهتمام، بينما علت على ثغرها ابتسامة ساحرة وهي تراقب عن كثب تغير تعبيرات وجهه من الصدمة إلى الاستكانة والرضى ثم إلى الشخوص وها قد انبلج ما بين حاجبيه اللذان كانا منزويان إبان اختناقه، لتلمع رماديتيه وتلك كانت أول مرة ترى أو تصدق فيها "ألورا" مقولة البعض بأن للعيون بسمة، نعم فقد تبسمت مقلتاه.

كما أن أميرة الجان الضوئي لم يغب عنها فضول ولؤم المتابع، فتلك صفة تميزها ألا وهي التركيز بأكثر من منحى كما أنها تستطيع الاستماع والمتابعة عن بعد، واقتحام الأفكار ولكن هذا ما إذا رغبت في ذلك.

وللحقيقة معرفة ما يفكر به أحدهم ليس من اهتماماتها كما أنه يحتاج منها إلى عناء، فتلك الهبة التي توارثتها كما "راكان" تستلزم منها مجهود مضاعف وليس بالسهولة التي يمارسها بها أخيها، وعلى أية حال هذا القميء المتصنت لا يخفى عنها ما يفكر به.

حسناً فليشطح خياله كما يشاء فهو ليس مصدر قلق بالنسبة إليها، عن أي قلق تتحدث فهي أميرة الجن الضوئي "ألورا" وبرفقة حاميها "صفوان"، بل قائد الجيوش الشيطان "صفوان"؛ لذا وجهت حديثاً مختصراً إلى هذا الذي لن يتراجع إلا بكارثة ستحل عليه:

-يمكنك أن تنصرف فقد استقرينا، سنأكل اللحم الضاني مع بعض من السلطات والأرز البرياني.

النادل:

-لحم مخلي؟

"ألورا" مسرعة:

-لا، أعني كما هو، يمكنك إحضار فخذة كاملة.

دهشة علت معالم وجه هذا الفضولي لم تخفَ عليها، ولكنه لم يجرأ على الاستنكار بل أومأ بتملقٍ، قائلاً قبل أن ينصرف:

-تحت أمركِ سيدتي.

ابتعد خطوتين ومن ثم عاود أدراجه إليهما يقول لهدف:

-عذراً سيدتي، أخمن إنكما لم تزورا الجزيرة من قبل فإذا لم تحجزا في فندق بعينه، فمطعمنا ملحق به نُزُل ويوجد به وحداتٍ شاغرة.

-كما أن الخدمة هنا ممتازة والغرف معدة على النحو الأمثل.

انشغلت عنه بحديثها مع هذا الغريب وهي تبتعد؛ لتعود إلى مقعدها مرةً أخرى، فتسائل بضيقٍ يشوبه الخيبة:

-بِمَ يلعي هذا؟!

أسرعت تجيبه خوفاً من أن يفسر حديث النادل باتجاه مخالف، فحتى لو لم ترتح لنظرات هذا السمج ولكن غضب "صفوان" لا تتمناه لألد أعدائها، هذا إذا كان لديها أعداء من الأساس:

-إنه يقول أن المطعم به وحدات سكنية للمبيت.

"صفوان" بعدم استيعاب:

-عفواً، لا أفهم مولاتي!!

"ألورا" بإيضاح:

-أعني أن هناك بالجوار غرف، يمكننا استئجار غرفتين لننام بهما ليلاً.

التمعت عيناه بفرحة عارمة "أتعني أنه سيبيت في غرفة تجاورها حتى وإن كان بينهما فاصلاً، دون حرس أو تمائم منع أو بصاصين، يا الله "صفوان" إنه النعيم، وإن كان على الحائط فهذا ليس بعسير، فلو حال بينه وبينها حواجز من حديد مصفح سيخترقه لأجلها، إنه على استعداد لحروبٍ تندلع فقط لمجاورتها"، فأردف باندفاعٍ يتسائل:

-متجاورتان؟

" ألورا" بغير استدراك:

-ما هما؟!

"صفوان" بتأتأة وارتباك:

-أ.. أعني إنه... أقصد لابد وأن تكن غرفتيّ المبيت على مقربةٍ من بعضهما؛ حتى أتمكن من متابعة الأمور، لا تنسي مولاتي أنني مكلف بحمايتك.

قلبت" ألورا" عينيها بضجر، تقول بتململٍ:

-بربك "صفوان"!! لقد أتيت إلى هنا لأنسَ مَن أنا وابتعد عما يؤرقنا هناك، فتظل طوال الوقت تذكرني، مرة بعدم الكف عن هذا اللقب اللعين، ومرة بإنك مجبورٌ على مرافقتي!!

أسرع "صفوان" يستميلها فهو لا يرغب أبداً في مضايقتها أو تنغيص عليها متعة الاستجمام ولا فرحتها بهذه السفرة، فهو أكثر منها استمتاعاً أنها أجمل لحظات عايشها طوال حياته، راغباً مثلها تماماً لو تتلاشى ذكريات الماضي السحيق، تاركين خلفهما أصلهما وقوانين عشيرتهما، ويعيشا سوياً على هذه الجزيرة في سلامٍ بمنأى عن أية خلافات ونزاعات بين قبائل الجن وشياطين الأبالسة.

"صفوان" بتلعثمٍ فتلك أول مرةٍ يقولها:

-ل..لا "أ.. لورا"، أنا لست مجبوراً بل على العكس، أنا... أنا سعيد.

قال الأخيرة ومن ثم أطرق رأسه على استحياء، فطربت مسامعه عندما وصل إليها صوت ضحكتها العذبة، وهي تعاود سؤاله:

-"صفوان"!! ماذا قلت الآن؟! أنا لا أصدق أذني، عدها بالله عليك؛ حتى أتأكد.

لم يقوَ على رفع بصره إليها بل ظل كما هو، ولكنه تمتم قائلاً:

-قلت أني سعيد لأجلكِ.

أجفل عندما أحس بملمس أناملها أسفل ذقنه، ترفع رأسه، فتقابلت الأعين وأفصحت النظرات وذلك عندما ألحت عليه بالسؤال:

-لأجل مَن، "صفوان"؟

ابتلع، وها قد بدأ جبينه بالتعرق، وذلك الذي بين ضلوعه لا يكف عن الهدر، لاعناً إياه فحتماً سيفتضح أمره.

"صفوان" مجيباً بصدقٍ وعينيه تبثها يقين ما سيردف:

-لأجلكِ أنتِ "ألورا".

قلب النادل عينيه بضيق وكأنها زوجته وضبطها تغازل أحدهما ليقطعهما بتبجحٍ قائلاً:

-هل احجز لكما سيدتي؟!

جز "صفوان" على أنيابه يُحَجِّم ما به من مقتٍ وغضبٍ تجاه هذا السمج؛ لا إلا تستاء منه ملكة عرش قلبه، ولكنه لم يقدر على ألا يبدي بعضاً من السخط حتى يتراجع هذا البغيض؛ لذا كور قبضته يضرب بها المنضدة بحدةٍ طفيفة بالنسبة لقواه ولكن جعلت من يقف أمامه على وشك أن يبُل بسرواله، موجهاً بصره إليها يرمقه بنظراتٍ كالسهام، فإن كانت النظرات تقتل لأردته قتيلاً.

وهنا نعني نظرات "صفوان" الذي ترغب بصحبته "ألورا"، "صفوان" البشري.

أما عن نظرة باردة واحدة من عين الشيطان "صفوان" ستحرق المكان بمَا فيه، بل الجزيرة بأكملها وتفنيها عن بكرة أبيها وكأنها لم تكن.

صاح "صفوان"، ولازال الشرر يتطاير من رماديتيه مما جعل هذا القميء يجفل جراء ثورة غضب هذا المتحول من وجهة نظره ولكن أي تحول يعني؟!

تحول "صفوان" معناه فناء جنس ابن آدم من سطح هذه الجزيرة بل مِن الرقعة المحيطة بها على بعد أميال، ولن نبالغ إذا قولنا أن بإمكانه إبادة كل ما هو حي في الجوار من كائنات، دمارٍ سيطال الأخضر واليابس.

"صفوان" بنزقٍ ولم يُحِد بنظره عن هذا المرتعد خوفاً:

-قولي لهذا الشيء أن يغرب عن وجهي، لقد طفح الكيل.

ناظرته "ألورا" بتسلية، فيبدو أن الشيطان "صفوان" يُفَعِّل أعلى درجات نظام ضبط النفس، مستحضراً أقصى تمارين الثبات الانفعالي التي كان يحرص على أدائها حتى لا يؤذي من هو منتمياً إليهم.

فشيطان هجين من ماء ظهر جني ضوئي بمثابة قنبلة هيدروچينية أشد فتكاً من قنبلة "القيصر" ما إن يتوقف مؤقتها فلندْعُ لمن استهدفته بالموت الرحيم عسى غضب "صفوان" يفنيه قبل أن يتفنن في تعذيبه.

ظلت "ألورا" تبتهل إلى الله في أن يكف هذا المتهور عن حركاته المكشوفة تلك وإلا سيكون قد سعى إلى حتفه بظلفه.

النادل بتوجسٍ، وهو يرفع كلا راحتيه كعلامة تأني موجهاً خطابه إلى تلك التي تعتبر حلقة الوصل بين المتبجح والناقم:

-ماذا هنالك سيدتي؟! أنا لا أفهم منه شيئاً ولا بأي لغة يتحدث!! ولا أظن أنني قد أخطأت بشيءٍ.

"ألورا" باقتضابٍ:

-لا شيء مجرد سوء تفاهم، انصرف الآن أرجوك.

امتثل النادل لرجائها ظناً منه أنها تهتم لأمره أو لكونها لاحظت إعجابه بها فتريد صرف انتباه مرافقها لحين ميسرة وهذا ما صوره له خياله المريض.

بينما هذا الغاضب ما إن ابتعد ذاك المقيت عن محيطها حتى دفع بجسده الكرسي الجالس عليه حتى كاد ن يرتطم أرضاً، ينتصب بتشنجٍ أبى أن يتبعه بحديثٍ حتى لا يزل لسانه، ويخطأ فتحزن، فيغضب فتزداد الأمور سوءاً؛ لذا آثر الانسحاب للحظات كي يهدأ من ثورته ويأتيها بسكون سيستدعيه لأجلها.

اجتاز الطاولة الخاصة بهما، وكذلك التي تلتها، قاصداً "التراس" المفتوح للمطعم والمطل على الشاطئ يسير بغير هدى على الرمال الذهبية الناعمة، ولكن تلك اللعنة التي ينتعلها بقدميه تعيق حركته وهو يريد الإبتعاد قدر المستطاع.

انحنى يحاول حل وثاق أربطة هذا الحذاء الرياضي ولكن لا بال له بالأحجيات؛ لذا تعافى على ما بيده فقطعه وسل قدميه من داخله، تاركاً إياه خلفه دون اهتمام.

اقتربت خطاه من الماء حتى لامست قدميه، ثبت ما إن غمرت مياه المحيط منتصف ساقيه إلى ما قبل الركبة، شاخصاً يتدبر صنع الخالق فكثيراً ما تساعده تمارين التأمل على الهدوء والاسترخاء.

دقة الصانع تبهر، وذوق المصور يأسر، وبراعة القدير تُحْنَى لها الجباه، موجة مد رماها غضب المحيط  إلى شاطئه، وكأنه يلفظها نفوراً، ارتطمت بحائل صلد يقف بالمنتصف، لا هو قادرٌ على التوغل فلا مكان له بجوف من لفظ موجه، ولا بيده رفاهية الرجوع، نعم لا رغبة له بالعودة فبقاءه في منطقة التيه أفضل من الخواء.

وهذا هو حاله معها.

كيف له أن يأملها؟!
وهي كارهة لكينونتها، شانئة لما خلقت عليه.
رافضة للارتباط من بني جنسها.

فما بالها إذا عشقها من هو أبشعهم خِلقة، متناسياً كونه بزق عنه جانبه المعادي للطريق الذي سلكه منذ أن بلغ كنف الملك الأشهب.

مُشَرَّدٌ في هواها، ينازعه شوقه وهيامه، ويوقفه تعقله ورشاده.
ابتعد أعواماً وقروناً، ولكنه معقودٌ بخطاها، يائسٌ بها وفي الوقت ذاته مطمئنٌ كونها لن تقع لغيره.

عقلانية هي، متناقضة هي، طفولية هي، وبالرغم من هذا فهي أنثى مكتملة الأنوثة.
لم تخطأ فيما دار بالداخل، وكذلك هذا الرجل، فكيف لمخلوق يراها ولا يتأثر بحُسنها.
ما حدث طبيعي ولكن غيرته عليها تهدد بدمار شامل.

أغمض عينيه عندما حمل الماء إليه رسائل انضمامها مع موجه الملامس لهما، وداخله يتسائل أجائت تنهره مستهجنة أم.......

ابتسامة تهكمية لاحت على شفاهه عندما مر بخاطره فكرة أنها تبعته؛ لتستقصَ عما به، منذ متى وهي تهتم؟!

عقد ذراعيه أمام صدره، يستعد لعريضة استنكارية يتغضن بها لسانها، تلقي عليه دفعاتٍ متواليةً بشأن اندفاعه الذي دوماً ما ذكرت أنه عيب به، لكن أتُراه العيب الوحيد الذي استرعى انتباهها؟!
أم أن هناك تحفظاتٌ أخرى بخصوص الشيطان "صفوان"؟!

خنجرٌ ذو حدين أُدير بضراوة وقسوة مخترقاً ضلوعه، يشق نابضه مغموساً بسُمٍ جفائها له، ومع كل استنكار تترك بشقه النازف وجعاٌ لا يعلمه إلا المولى عز وجل.

تركت بدورها نعليها على الشاطئ إلى جوار خاصته، تتبعه إلى خلوته، ولا تعلم ما الذي جعلها تشعر بالذنب حياله، ربما كونها قَبِلت بصحبته لها، فهي تدرك تماماً مدى تقديسه لعزلته وتستشف ذلك من رفضه للاختلاط بغير العشيرة.

حتى هناك لم يكن "صفوان" بمن يرغب الجميع في رفقته، إنهم يخشونه، ورهبتهم منه تجعلهم يتجنبوه؛ لذا قررت إعفاءه من هذه المهمة الشاقة، وستخبره برغبتها في العودة، لاعنةً تَعجُلها، فلِم لَم تنتظر أن يفرغ أخيها من شاغلته ومِن ثَمَّ تطالبه بسفرة؟!

حسناً، حدث ما قد كان "ألورا"، كفى إيلاماً لهذا المسكين.

هذا ما استقرت عليه وهداها إليه عقلها، فوقفت تحاذيه، ورفعت راحتها مربتة على ذراعه المعضل، لا كي تلفت انتباهه، فالشيطان "صفوان" لا ينتظر جذب انتباه.

ولكنها أرادت أن تستشف من معالم وجهه مدى تأثره بما يدور، فلن تنهك حالها في اختراق أفكاره؛ إذ أنها في جميع الأحوال لن تفلح فيما فشل أخيها الملك "راكان" في فعله، نجاحها في ذلك مرهون بإرادة "صفوان" نفسه، وتمكينها منه لابد وأن يتم برحابة من قِبَلِه، وهي تشك في ذلك.

التفت إليها، ولم يتحدث، ينتظرها لتبدأ ولكن ما يجول بذهنها الآن ليس تعنيفاً بل مؤازرة، ولكن هل هذا من باب الشفقة أم حمقاءه بدأت تشعر؟!

"ألورا" بتأنيب ضمير:

-أعتذر على مضايقتك "صفوان"، أعرف أنك لا تحب مثل هذه التجمعات وتفضل الاختلاء بذاتك.

ارتد بصره يرتكز إلى نقطة ما في اللا شيء أمامه، قائلاً بحسرة:

-لا أحد يحب الوحدة، ولكن يبدو أنها هي من أحبتني مولاتي.

"ألورا" بمؤازرة وتفهم :

-كلنا حكم علينا بواقع لا نرغبه، ولكن ليس بيدنا غير التعايش كما يقول "راكان".

-فأنا مثلاً أهرب من واقعي بين الحين والآخر وأذهب بمنأى لأجدد طاقتي على الاستمرار.

-ولو نظرت إلى حالك ستجد أنك أفضل مني بكثير.

"صفوان" باستنكار:

-حاشى لله، أنا لم أكن يوماً رافضاً لما خلقني الله عليه، أنا ناقماً على مَن يراني غير مرغوب به.

-كارهاً لمَن يتنمر على مَن هم مختلفون عنه، ولا أود القول بمَن هم دونه.

-ففي السابق كنت أظن أن هؤلاء المتنمرين يرون أنفسهم أفضل ممن سواهم، ولم يرنُ عقلي إلى أن التنمر قد يطال من هم أحسن شأناً.

-إخواني أو من اخترت أن أكن منهم يتنمرون كوني نِتاجاً مهجناً.

-ومن لم أجد نفسي جزءاً منهم يتنمرون كوني أتبرأ من انتمائي لهم.

-ما مِن أحد يريد أن ينظر بداخل الشيطان "صفوان"، لا أحد.

"ألورا" بتعاطفٍ، ولكنها قالتها بمرح:

-حسناً، يبدو أننا شريكان في رابطة البؤساء المتحدين، فلنلملم أذيال خيبتنا ونعود من حيث أتينا، أو.....

مَن قال أنه يريد العودة؟! لو الأمر متروك له لأخذها إلى اللا رجوع، استدار بكامل جسده إليها، مطرقاً رأسه، يهزه برفضٍ، قائلاً بالتماس قهقهت على إثره:

-لا، لا أريد العودة، أرغب في التنزه.
-أقبل بشروطك مولاتي، نعود أو ماذا؟!

توقفت "ألورا" عن الضحك، باسطةً راحة يدها إليه تملي عليه شرطها فإن قَبِل سيتعاهدا على ذلك، قائلةً:

-أو نستمتع "صفوان".

احتضن كفها بين راحته كعلامة اتفاق، قائلاً بابتهاجٍ بعد أن رفع بصره إليها وابتسامة جذابة لاحت على ثغره:

-فلنستمتع ويذهب كل همنا إلى الجحيم.

"آلورا" بمرح:

-هذا هو "صفواني" الوسيم، هيا بنا يا صاح.

كان على وشك إفلات يدها، تزامناً مع استدارتها للرحيل، ولكنه لم يعِ على حاله بعد ياء الملكية التي ألحقتها باسمه وتبعتها بغزل وإن لم تعنيه، ولكن كان وقعه عليه أشبه بصاعقةٍ جمدته بأرضه، ولا إرادياً أحكم قبضته على راحتها، مجبراً إياها على التوقف، فامتثلت تقابله بعد أن عاوت الالتفات إليه، قائلةً بتشوشٍ:

-ماذا!! هل تراجعت؟!

مد يده الحرة إلى جيب منطاله يخرج شيئاً ما ومن ثم أفلت راحتها، يقف خلفها مدلياً حول عنقها ذاك العقد الذي أمسى ليلة كاملة يجمع لآلئه من شتى بِقَاع الأرض، وأضحى نهاره يعقده لها ناحتاً أحجاره على شكل قلوباً تتوسطها نجوماً، حارصاً على أن تكن ألوانه متناسقة ونقشه بحرفية ولا أروع، فمَن يراه سيظن أنه صُنِع بيد أمهر المصممين.

نعم لم يستخدم قواه وقدراته في تصميمه، بل فعلها عن حب وقناعة بأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.

لا تندهش فالشيطان "صفوان" لا يفعل شيئاً مهما كان دون جد، فهذا شعاره في كل أموره وما يصنعه "الاجتهاد والتميز"، إذ لابد وأن يعطي كل ما يُوَكَّل إليه حقه، ففي عبادته لله إتقان، وفي قيادته لجنوده رفق وإتقان، وفي عشقه لها إخلاص واستماتة وإتقان.

أطرقت رأسها؛ لتستكشف ما الذي طَوَّق به عنقها لتجد تحفة فنية لما ترى مثيل لها من قبل، لمعت عيناها بانبهار، تقول بشدوه وإطراء:

-يا الله "صفوان"!! ما أجمله!! أين وجدته؟ وكيف عبرت به من المطار؟!

قالتها وهي ترفع كلا راحتيها تعقص خصلات شعرها لأعلى كي يتمكن من إحكام غلقه، بينما مال إليها، وهواجسٌ تراوده بأن يطبع قبلة على ذلك الوشم المنقوش أعلى كتفها على هيئة فراشة ملكية يتناثر حولها البريق.

بينما أقشعر بدنها عندما لامست أنفاسه الحارة عنقها من الخلف، ومع هجمة لموجة قوية باغتت كليهما اختل توازنها وكادت أن تقع ولكنه أحاط خصرها من الخلف بيدٍ واحدة يثقل جسدها إليه.

شهقت بتفاجئ ولم تعِ ما حدث إلا وقبضة كالكماشة حالت دون انجرافها مع الجزر لتلتفت برأسها إليه، فوجدته قريب إليها حد اللعنة، ولا يفصل وجهيهما سوى مللي مترات قليلة.

ونظراته الهائمة بها تأسر عينيها ليرتكز بصرها على خاصته دون وعي، في لقطة أكثر من حالمية وكأنهما عاشقان ماد بهما الشوق فأصبحت لغة الجسد هي السائدة.

العيون ضائعة ما بين معالم وتيه، وقلبه يهدر بعنف حتى بلغ نبضه من به صمم.

فما بالنا بمن التحم جسدها بصدره يضمها إليه بعشقٍ عارم، تمتمت باسمه، أو كان ينقصه ذلك!! فقربها وحده متاهة:

-"صفوان".

هبطت نظراته إلى شفتيها، مسبلاً أهدابه يتأمل دقة الرسمة ولمعانهما بما طلتهما به ولا يفقه ما هو ولكنه أعطاهما مظهراً أكثر إغواء، فهمهم مغيباً:

-امممم، ما به "صفوان"؟!

"ألورا" محاولة فض أسر ذراعه من حولها، إذ بدأت تنجذب لتأثير اللحظة ولا تريد أن تتمادى كما حدث في الطائرة فما كان وما من الممكن أن يكون لا يجب وقوعه.

فهناك الآلاف من الموانع أولهما حبيبته الخفية وتعففها كأميرة وكبريائها كأنثى يمليان عليها الترفع فإذا كان الحب داء فدواءها لابد وأن يكن خصيصاً لها.

وكذلك رفضها للارتباط مانعٌ لا نقاش فيه وحتى وإن مالت لتلك الفكرة، قطعاً لن يكن "صفوان".

نزعت حالها من أحضانه نزعاً، فاستفاق من نشوته، مطرقاً رأسه يقول بأسفٍ:

-أعتذر منكِ مولاتي، فأنا لم أفكر عندما وجدت المياه موشكة على سحبك إلى العمق، لا تؤاخذيني.

"ألورا" بارتباكِ، فلِم عساها أن تلُمه، وقد ضعفت هي الأخرى، بل وكادت أن تنصاع لتلك الهالة لولا أنها انتبهت على حالها، ولكن داخلها لا ينكر تأثير هذا ال "صفوان" عليها، وذاك يقودها إلى الجنون:

-لا عليك "صفوان"، هيا بنا نبحث عن مكان نستريح به ونغير فيه هذه الثياب، ولا تنسى أن تتصرف بطبيعية.

أومأ بتفهمٍ ولكنه تسائل:

-بِمَ سنبدل هذه الملابس؟! هذا وإن كنا سنقيم في غرف المبيت التي ذكرها ذاك اللزج، أم أن جلالتك تقصدين مكاناً آخراً؟

"ألورا"، وقد بدد "صفوان" تشتتها بتساؤلاته، تجيبه وهي ترفع كتفيها بلا مبالاةٍ:

-لا فرق، هنا أو بأي مكانٍ آخر، ولكن على ما أعتقد ليس من اللائق أن نبتعد عن هنا بهيئتنا المزرية تلك.

قالتها وهي تواليه ظهرها لتخرج إلى الشاطئ، ولكنه رفع صوته ينبهها:

-حاذري "ألورا".

صاح بها ونظراته تتنقل بينها و بين موجة قوية أخرى قادمة من غياهب المحيط الهائج، يحاول تقدير المسافة والسرعة، فأيهما ستصل أولاً؟!

الموجة ستتطالها؟! أم ستكن مليكته قد أصبحت بمأمن؟!

ولكن شدة المد لن تمكنها من المغادرة إلى البر بسلام.

وبما أنه الأقرب إليها، أسرع في لمح البصر ما بين رمشة عينها والتفاتتها بعد تحذيره ضارباً عرض الحائط بكل توصية منها له بألا يستخدم قواه.

لكن لا وقت الآن لأي تعقيب؛ إذ أجفلت عندما وجدته أمامها في أقل من الثانية بل ومحمولة بين يديه، يقف كالساري المدقوق رواسيه بقاع المحيط، يتلقى لطمة الموجة القوية على ظهره مجنباً إياها خطر محدق، ما دامت تلك العنيدة لا تريد ممارسة ما حباها الله به من قدرات.

ارتكز بصرها أعلى كتفه تتابع قدوم هذا الفيض المهيب من جوف المحيط، تطبق جفنيها بتشنجٍ إبان اقترب سخط الطبيعة من جسد كليهما، تتشبث به وقد استمات طوق ذراعيها حول عنقه، وذلك بالرغم من أنها ليست بحاجة لتفعل، فهناك من وهب كل ما به إليها دون سؤال أو طلب، يحترق ولا تُطْرف أهدابها ذعراً لا أن يصابها مكروهاً.

هذه المرة لن يُخَجِلُها؛ لذا تحرك دون التفاتةٍ منه إليها ليَنْجُ بها من ضراوة تلك الأمواج الحانقة، ويبدو أن تضرعه إلى الله بدأ يجني ثماره؛ إذ سخر له الكريم كل ما هو في نظر البعض شر طوعيةً لخدمته.

أجل، فالإخلاص في الدعاء يُغَيير الأقدار، وقدره معها بعد قرون من الخيبة يبدو بأن القدير أراد أن يعدل مساره، فطوفان كاد أن يُغرقها جعله الله سبباً في أن تُزْرع بين ضلوعه لتكن أقرب إليه من ذي قبل ولا حق لها بالاعتراض ولا يمكنها أن تَلُمه أو تستهجن فعلته، فما قُدِر قد كان.

بخطواتٍ ثابتة واثقة تقدم يحوز بين يديه ما هو أغلى عليه من كنوز الله على الأرض، بل ما هو أحب إليه من روح وهبها الخالق له، بينما أسندت رأسها إلى كتفه باستكانة تأمن إلى جواره، وقناعة الدنيا تخيم على قلبه، مربتةً على روحه المعذبة، تُطَيِّب جراحاً وآلاماً عفى عليها الزمن.

مال بجذعه يُنزلها أرضاً، ويده تدعم ظهرها حتى تتوازن بوقفتها، يتابع تهرب نظراتها منه، فتمتم باهتمام صادق:

-هل أنتِ بخير مولاتي؟

أومأت إليه بإيجابٍ، وهي تحط بقامتها تلتقط حذائها، فبادر يجلس القرفصاء أسفل قدميها، يتناول ما بيدها، ممسكاً مرفق قدمها بإحدى راحتيه يرفعه عن الأرض، نافضاً عنها أثر رمال الشاطئ يتولى هو هذه المهمة برحابة، بل وهو أكثر من سعيدٍ، وفعل المثل مع القدم الأخرى، وهذا بالرغم من محاولاتها لإيقافه قولاً:

-دعك من هذا "صفوان"، أنا سأتولى الأمر.

رفع بصره إليها قائلاً ببشاشة:

-اسمحي لي أن أنل هذا الشرف يا أميرة عشيرتكِ، أم ستبخلين على خادمكِ به.

كم أنت ساحرٌ "صفوان"!!

تعليقاتكم وآرائكم تسعدني على وعد بلقاء قريب.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي