الفصل الثالث

نظر خالد  إلى أسماء قائلاً:
-  أسماء أنت طالق.

نظرت إليه وقالت:
- لقد كنت أعلم بأنك سوف تتخلى عني في يوم من الأيام، ولذلك أخذت الحقيبة كي تكن عوضاً لي، وجاءت كي تأخذ الحقيبة قائلة:
هذه حقي .

نظر لها خالد  وهو يخطف منها الحقيبة قائلاً:
- لا هذه ليس من حقك، وسوف أعيدها لصاحبها وأعيد أختى.

نظرت له بسخرية قائلة:
- يا لك من أحمق، هل تعتقد أنك بمجرد أن تعيد الحقيبة سوف تأخذ أختك، فهذا لن يحدث وأن كنت تريد أن تذهب فلتذهب حتى ترجع جثة هامدة.

هنا نظر والده بزعر وقال:
- لا لن تذهب يا خالد، فأن لن استحمل أن افتقدك مرة أخرى.

نظرت له أمينة قائلة:
- ماذا تحمل في قلبك؟ فأنك لا تخشى على شهد وتخشى على خالد، من يعلم ماذا حدث لها؟ ماذا تأكل؟ ما شعورها الآن؟ ألم تنظر إلى وجه ابنك وماذا حدث له! فماذا سوف يحدث مع ابنتك؟

سكت مراد فقال خالد لوالدته:
- لقد حاولت أن اجعلها تتراجع عما تريده، ولكنها أخبرتني بأنها قد وعدت أبي.

هنا كانت أسماء تحمل حقائبها كي ترحل، فأوقفها  خالد وأخبرها بأنه سوف يفتش في كل شيء معها.

وبالفعل قام بالتفتيش فوجد أنها تخبئ أحدى الأسلحة، التى قد أخذتها من خزانته الخاصة فنظر لها وقال بسخرية:
- لماذا أخذتِ ذلك السلاح هل كنت تريدين اللعب به!

وسحب يدها وقام بهزها قائلاً:
- فلتخبريني ماذا كنت سوف تفعلين به؟

ولفت نظره شيء في حقيبتها، فقام بسحب ذلك الشيء تحت نظرات الجميع، فمنهم من يشعر بالتعجب ومنهم من يشعر بالدهشة، فكانت حقيبة صغيرة تحتوي على أموال و قطع ذهبية، ولكن اول من قطع الصمت كانت أمينة وهي تخطف الشيء من يد خالد قائلة:
- يا لكي من وقحة فأنك كنت تتجسسي علي أنا وأبنتي.

هنا قال مراد:
- ما تلك الأموال وكيف حصلتِ عليها أمينة؟
فأجابته قائلة:
- تلك الأموال والمشغولات تخص شهد، فقد أعطتني أياها قبل أن تذهب، ولقد وعدتها بأن سوف اترك تلك الأشياء حتى تعود، ولكن  لم أعلم بأن تلك الأفعى الملونة كانت تستمع لحديثنا.

هنا نظر لها  مراد قائلاً بسعادة:
- حسناً سوف أخذ تلك الأشياء معي لحين عودة شهد.

نظرت له أمينة بغيظ:
- لن تحصل على شيء، فلقد تركتهم شهد معي أمانة، ولا يحق لأحد أن يأخذ شيء.

هنا كانت تلك الأفعى سعيدة، لكنها قد حصلت على مبتغاها لأنها تعلم بأن مراد لن يترك أي شيء خاص بشهد من غير أن يفقده.

تفطن خالد لوجود أسماء فقال:
- لماذا تظلين إلى الآن؟ هيا عليكي الرحيل ولا أريد أن أرى وجهك مرة أخرى.

هنا خرجت أسماء دون أن تتحدث بشيء، ولكن تتوعد لخالد بسبب ما فعله معها، فكانت تظنه أنه سوف يكن معها في كل شيء تريده.

بينما في ذلك الصرح الكبير كانت شهد تشعر بالحيرة، فلقد تركها ذلك الوغد ورحل بعد رحيل أخيها، ولكنها قررت أن تسير في ذلك الجناح، لعلها تكتشف أمر شيء، فهي لديها جملة شهيرة " بأن كل فرد مدان يترك دليل يدل على إدانته"

بينما كان ينظر لها من خلال شاشة وبجانبه أدهم الذي قال:
- يكفي جاسر فأننا أمام ذلك الحاسوب منذ أكثر من ثلاث ساعات، وهي لم تتحرك من مكانها فيكفي.
لم ينهي حديثه حتى وجدها تتحرك، وتسير ببطء كأنها تبحث عن شيء، فنظر إلي أدهم وقال:
- أنظر فلقد تحركت بالفعل بالإضافة بأنها تبحث عن شيء، فلقد كانت وجهة نظري حق، فأن هناك من قام بالزج بها في طريقي.
هنا قال أدهم :
-  لا أظن ذلك، فأعتقد بأنها قد تعبت من الجلوس  ولذلك قامت كي تتحرك.

في ذلك الوقت كانت شهد تنظر فى كل ركن حتى وجدت إحدى الكاميرات، مثبتة في مكان ضيق لن يراه أحد إلا من يركز، فقررت أن تلعب لعبة مع ذلك الوغد، الذي يظن أنه ليس له مثيل، فقامت بالنظر إلى الكاميرا وقامت بسير أمامها، ثم نظرت فجأة إلى الكاميرا وقامت بتحريك يدها كأنها تشير له، ثم وضعت يدها على فمها، كأنها تكتم ضحكاتها.

في ذلك الوقت كان أدهم لا يستطيع كتم ضحكته على ما حدث، وكان جاسر يستشيط من الغضب، لأنه علم أنها تتحداه، ونظر إلى أدهم وقال بغضب:
- لا تكتم ضحكتك فأن تلك القطة تتحداني، ولا تعلم أنها وقعت في طريق الثعلب.

بينما كانت شهد تعلم أنها أثارت غيظه وسوف يحضر كي ينال منها، ولكنها بالفعل تريد منه أن يحضر، فلقد تعبت من الإنتظار.

كان أدهم يحاول أن يهدأ من جاسر ولكن لم يفلح وجوده يغادر، وعندما أراد أن يلحقه تراجع وقرر أن ينظر إلى الشاشة كي يعلم ما يحدث؟

شعرت شهد بخطوات سريعة، علمت من خلالها أنها لشخص يستشيط من الغيظ، فأخذت تنتظره حتى دخل عليها، وقام بامساكها من يدها وقال لها:

- لماذا جئتِ إلى هنا، فإنك بمجيئك إلى هنا كان تحدي لي، فمن أرسلك لي.

نظرت إليه برود وقالت:

- لقد كنت بالفعل هنا نتيجة لذلك العرض الذي عرضته علي، فكان وجودي هنا في سبيل خروج أخي، فأنت من تريد مني وليس أنا، فماذا تريد أنت؟

نظر إليها وقال بغضب:

- أنك أول فتاه تحاول أن تتحداني، فجميع من يقفوا أمامي يشعرون بالرهبة من وجودي، وأنت عكس ذلك.

فأجابته قائلة ببرود:

- أنني لا اخاف شيئاً إلا الله، فمهما تفعل لن أتراجع ولا أشعر بالضعف.

نظرها لها وقال:

- حسناً، فأنت من بدأتي التحدي، ولذلك أريد أن أعلم من سوف يفوز.

نظرت إليه ببرود:

- حسناً ولكن قبل كل ذلك، فلتجلب لي وجبة طعام ساخنة، فإنني لم اتذوق الطعام منذ أن علمت أن أخي تم اتخاذه من البيت، فعليك تعويضي بتلك الوجبة التي تساعدني علي، ثم نظرت إلى عينيه بتحدي مكملة:

- أن أتحداك.

نظر إليها وقال:

- إنك شخصية مستفزة، وهذا لن يعجبني ثم قام بالإمساك بخصلة من شعرها قائلاً :

- وعليك أن تعلمي أنني لا أفضل تلك المرأة التي تتسم بالتحدي، فجميع الرجال يفضلون المرأة التي تشعر الرجل بأنه هو الرجل وليس هي.

نظرت إليه بسخرية وقالت:

- لا تلك المقولة قبل أن أحضر هنا، فأنا يشبهوني بالرجال وخاصة في أسلوبي، ولذلك قادره على أن اتحداك، ولكن أنني أشعر بالجوع، فلتذهب وتحضر لي الوجبة، وعندما جاء كي يغادر استوقفته قائلة:

- عليك أن تجلب لي مشروب مثلج، كي أكون سعيدة بذلك، ولك جزيل الشكر مقدماً.

نظر إليها وقال:

- هل تريدين شيئاً آخر، فإنني أفضل أن أدخل التحدي ونحن بكامل قوتنا، حتى يكون في عدل في التحدي.

نظرت إليه وقالت:

- حسناً فلتجلب الطعام على وجه السرعة، كما أريد شيء أقم بارتدائه، فأنا لن أظل بتلك الملابس لمدة طويلة.

نظر لها وقال:

- حسناً، فلديكي الخزينة فلتبحثي فيها على ما تريديه، وسوف تجدين ضالتك نظرت له وقالت ببرود:

- حسناً.

بعدما غادر اتجهت إلى الخزينة، وعندما فتحتها تفأجات بما في داخلها، فكانت تحتوي على الكثير من الملابس بأشكالها المختلفه، فقامت بأرتداء إحدى القطع التي شعرت بأنها مميزة، وقامت بارتدائها ثم قررت أن تتجول في باقي الجناح، كي تعلم كل شيء في ذلك المكان.

بالفعل قام بأمر إحدى الحراس، بأن يذهب ويأتي بالطعام، فهو بعد ضياع تلك البضاعة لم يتناول الطعام هو الآخر، ولذلك قرر أن يتناول معها الطعام.

حضر الحارس بعد وقت قصير ومعه الطعام وقام بأخذه والذهاب إلى الجناح الخاص به، كان قبل ان أن يفعل ذلك، قد فصل الكاميرات عن الجناح حتى لا يرى أحد ما يحدث بداخله، حتى أدهم لم يستطيع رؤية شيء.

وبالفعل عندما ذهب إلى الجناح شعر بالصدمة، فمن تلك الحورية! ومن أين قدمت؟ فهي قد خلدت إلى النوم، وكان شكلها ملائكي، فشعر بالحزن لأنه قد تأخر في إحضار الطعام، ولكن شعر بالتعجب في منذ متى وهو يهتم بشأن الآخرين! فإنه معروف بذات القلب القاسي، فمن تلك الحورية التي حركت قلبه وجعلت قلبه ينبض؟

وبالفعل قام بالهتاف باسمها، وقد فاقت وقالت له:
- من سمح لك أن تهتف باسمي.

فنظر لها بغيظ وقال:

- لقد شعرت بالاستعطاف عليكي، لأنك تنامي دون أن تتناولي وجبتك، ولذلك قد جلبتها وقمت بإيقاظك كي تتناوليها، فإنني ازرع الخير في غير موضعه.

نظرت إليه وقالت:

- فلتعلم أن من حسن الأخلاق، أنك عندما تأتي بطعام لأحد، لا تحاول أن تسمعه بعض الكلمات التي تفسد مذاق الطعام، وعليك أن تنتبه فأنا لا يستطيع أحد أن يسيطر علي، وعليك أن تتعامل معي بأحترام حتى لا ترى الوجه الآخر.

نظر لها وقال:

- وهل هناك وجه أبغض من ذلك الوجه الذي أراه.

نظرت إليه وقالت:

- نعم، فهناك شخص يتسم بالغرور، وسوف أحاول أن اكسر ذلك الغرور، فإنني قادرة على ذلك، وأعلم قدرتي.

أخذت وجبتها وقالت له:

- شكراً على الوجبة ولكن لماذا أحضرت أكثر من وجبة.

نظر لها وقال:

- منذ سرقة البضاعة وأنا لم أتناول الطعام، يبدو أن أخيك مصدر إزعاج لكلاً منا.

نظرت له وقالت بغضب:

- لا تتحدث عن أخي بأي سوء، فأخي ليس للص، وأعلم أنه بالفعل لم يأخذ تلك البضاعة، وأنني بوجودي معك فقد حصلت على ثمنها، فعليك أن تصمت، كما أنني أريد أن أخلد للنوم، فهل يوجد سرير آخر غير ذلك؟

قال لها:

- لا ولكن لدينا أريكه يمكن أن تنامي عليها.

نظرت له وقالت:

- القاعدة الأخرى من الأخلاق، أن كانت امرأة أمام رجل فهي من تفوز بالشيء وليس الرجل.

فقال لها:

- ألم تخبريني من قبل أنك ليست امرأه؟
عليك أن تثبتي في كلمتك.

نظرت له بغيظ وعلمت بأنه يحاربها كما تحاربه بنفس الأداء.

بينما كان ينظر لها سرحت في عينيه، وعلمت أنها غرقت في بحره، ولكنها أفاقت على صوته وهو يقول:

- هل أبدو وسيم لكي تنظري إلي كل ذلك الوقت دون كلام.

نظرت إليه قائلة:

- بل إنك ليس لك صفه في الوسامة، وأن وجدت فإنك عندما تتحدث تمحو تلك الصفات.

نظر لها وقال:

- حسناً فلتذهبي إلى الأريكة وتخلدي إلى النوم، حتى يقف ذلك اللسان الذي ينقط بالسم عن التفوه.

قال حديثه وخرج تاركاً إياها تستشيط من الغيظ.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي