الفصل الثالث والعشرون

كانت شهد تسرح بخيالها فلقد اشتاقت له، ولكن عليها أن تنهي تلك المهمة المكلفة به، فأغمضت عينيها ونزلت دموعها.

في ذلك الوقت وجد جاسر سلمى تقترب منها و تأخذ شهد في حضنها تحاول أن تهدأها، فشعر بالغضب فأنه يريد أن يكون هو بجانبها.

بينما حاولت سلمى أن تهدأها، فقالت لها شهد ببكاء:

- لقد تعب فكل شيء ضدي، فلتخبرني ماذا أفعل؟ أسير خلف قلبي أم أسير خلف عقلي، أضحي بكل شيء وصلت له أم أضحي بالشخص الذي عشقته.

هنا خرجت منطبها صرخة قوية، ونزلت على الأرض فلقد خارت قواها، كان يرى كل ذلك ولكن عندما سمع صرخاتها، لم يستطيع السيطرة على ذاته وتحرك على الفور في إتجاهها.

بينما كانت تبكي ولم تستطيع سلمى أن تسيطر عليها، فوجدت من يخطفها ويأخذها في صدره قائلاً:

- أنني أعشقك ولا أستطيع تخيل لحظة من دونك، فإنني أريدك قوية، ولن أتقبل بأن أراكِ ضعيفة.

قام جاسر بحمل شهد ووضعها بسيارته، وأمر أدهم بأن يأخذ سلمى كي ترجع للمنزل.

كانت شهد تجلس بجانبه ولكنها تنظر إلى الطريق، فلقد ثار البركان الخامد بداخلها، لقد كانت تسيطر عليه ولكنها الآن لا تستطيع السيطرة، فهل تخون ثقة مهاب الذي كان بجانبها حتى وصلت لتلك المكانة، أم تقسو على قلبها الذي علم معنى العشق.

وصل جاسر إلى المبنى وصعد معها حتى وصلت إلى غرفتها، وعندما دخلت نظرت له وقالت:

- أين الطعام؟

نظر له وقال بتعجب:

- هل ذكرتِ الطعام؟ أم قد تخيلت ذلك؟

فأجابته بلا مبالاة:

- نعم أنني أشعر بالجوع.

فنظر له وقال:

- أنك كنت منذ قليل تشعرين بالانهيار، والآن تريدين الطعام.

نظرت له بإبتسامة وقالت:

-  فلقد تغير حالي، وأصبحت أشعر بالجوع، لقد تذكرت أين ذهبت سلمى؟

أخبرها بأنه قد أرسل أدهم كي يوصلها للمنزل.

نظرت له وقالت بمكر:

- أنها قصة حب رائعة.

نظر لها محاولاً أن يفهم ما تلقي إليه، فأكملت قائلة:

-  أن أدهم يعشق سلمى، فبالرغم من أنني كنت اشعر بالانهيار، ولكن لاحظت تلك النظرات بينهم.

أبتسم وقال لها:

- أريد معرفة ما تكوين شخصيتك، فإنك مزيج من الشخصيات فلقد شعرت عندما صرختِ، بأنك في عالم آخر، ولكنك على الرغم من تلك الحالة التي كنت عليها، كنت تراقبين غيرك.

نظرت إليه وقالت بسخرية:

-  إنه عبارة عن كوكتيل من الخضراوات المشكلة، فهل تريد أن ترى شيئاً آخر.

نظر إليها وقال ضاحكاً:

- هل تعلمين أنني لم أضحك منذ أن تركتي البيت؟ فإنك قد تركتِ بداخلي الكثير من المشاعر، ثم أخبرها بأنه سوف يذهب لجلب الطعام.

بينما كان أدهم يقود السيارة، وتجلس بجانبه سلمى فقالت له:

- أنني لن أذهب للبيت، فسوف أذهب لجلب بعض الأشياء أولاً، ولكن هل تعتقد بأنهم سوف ينكشف أمرهم، أم سوف يظلون كما هم لفترة طويلة.

فأخبرها بأنه يعتقد بأن قريباً جداً سوف ينكشف كل شيء، فأن سوف يقف عائقاً في تحقيق ما يريدون، فلكل شخصاً فيهم مهمة يريد إنجازها.

فقالت له:

- أن والدتي تؤكد بأن هناك شيئاً تخفيه، فمازالت شهد تحتفظ بشيء لم تفصح عنه حتى الآن.

فقال لها:

- هل تعتقدين بأن ذلك السر الذي نعلمه أنا وأنت؟

نظرت له بتمعن وقالت:

- لا فإن هناك شيء آخر سوف ينكشف مع مرور الوقت.

كانت سميرة وأمينة يجلسون معاً يتحدثون في أمور عديدة فقالت سميرة:

- لقد مرت سنين على وفاة زوجي، ولقد قررت أن أقدم استقالتي، كي أتفرغ لتربية أولادي، على الرغم من حصولي على الكثير من الهدايا، فإنني مازلت أحتفظ بهما حتى الآن.

بينما قالت أمينة بوجع:

- أنا الأخرى قد تناولت عن وظيفتي من أجل أن أحافظ على اولادي، فلقد شعرت بالخوف عليهم ولذلك تركت مجال التدريس، وقمت بالاهتمام بهما حتى إلتحق خالد بكلية التجارة، وشهد بكلية الشرطة ثم بعد ذلك حصلت على مكانة عالية، فلقد ساعدتها حتى وصلت إلى ما تريده.

وما لا يعلمه أحد غيرك الآن هو أنني كنت أجلب لها بعض الأوراق كي تدرسها دون أن يعلم أحد.

فأنني قد فعلت ذلك لأنني كنت لها السند، وعندما وصلت إلى تلك المكانة، قامت برد كل شيئاً لي، كما أنني أشتاق إلى رؤية خالد، ولكنني لا أستطيع أن أترك شهد حتى أطمئن عليها.

نظرت لها سميرة وقالت:

- وهل زوجك ما زال موجود؟

فأجابتها بسخرية:

- أنه ليس له فائدة غير الأذى، فأنه إنسان عديم المسئولية، ولكنه يعترض على أي سلوك لا يأتي على هواه، ولقد علمت ذلك فقمت بإخفاء أموالي عنه، ولقد أخفيت الكثير من الأسرار عنه، وأهمها الميراث الذي حصلت عليه من والدي.

فأنني مازلت أحتفظ به حتى الآن، وشهد الوحيدة التي تعلم ذلك، حتى أنني قد أخفيت ذلك الشيء عن خالد، لأنني أعلم بأنه من السهل أن يخبر والده، كما أنني قد سبق وأن وجدت حقيبة غريبة، وعندما أخبرت شهد بها، أخذتها وقالت:

- أنها بها بعض الأوراق الغير مهمة، وأنها سوف تحتفظ بها.

ولكن ما لا تعلم شهد، بأنني رأيت ما بداخلها.

قالت لها سميرة:

- ماذا وجدت بها؟

فأجابتها بأنها قد وجدت الكثير من الألماس بداخلها، ولكنني فيما بعد علمت بأنها قد سرقت منها، فلقد سمعتها وهي تتحدث مع مها.

منذ ذلك الوقت وأنا آخذ حذري من مراد، لأنه حينما قام بجلب الفتاة التي قد تزوجها، علمت بأنها كانت تعمل في ملهى ليلي، ولكن لم أخبر شهد بذلك فيكفي ما عليها من ضغوط.

فإنها لما تستمتع بلحظة من حياتها، كما أنني قد وجدت في بيتك السكينة، التي لم أجدها من قبل، فكنت الابنة الوحيدة لأب وأم ذات مكانة عالية، فكنت أحصل على ما أريد.

وعندما تقدم مراد لي وافق أبي على الفور، لأنه كان يعرفه نظراً للعمل معه، لكن فيما بعد أن تزوجت قام أبي بطرده، ولا أعلم السبب ذلك الطرد حتى الآن، فإنني عندما سألت أبي أخبرني بأن ألحق ذاتي.

ولكن عندما رجعت إلي مراد أخبرني، بأنه قام أحداً ما بسرقة بعض الأموال من الخزينة، وقد اتهمه بذلك الفعل، وهو الآن يشعر بالحزن لأن والدي قد صدق ذلك الحديث.

وقفت بجانبه وتركت أهلي ولم أنتبه إلى شيء، ولكن فيما بعد علمت ما كان يقصده أبي، فلقد علمت بأنني أعيش مع لصاً محترف.

نظرت إليها سميرة وهي تشعر بالحزن على تلك المعاناة التي قد عانتها تلك السيدة، فلقد شعرت معها بالراحة.

بينما جاء عدي كي يخبر جدته، بأنه يريد أن يتناول الطعام، فلقد تاخرت والدته وأنه يريد أن يأكل ثم يلعب.

أخبرته جدته بأنها سوف تعد له ما يريده في الحال، وعليه أن يشاهد التلفاز لحين الإنتهاء، ذهب عدي ولكنه قرر الدخول للغرفة التى كانت تجلس بها شهد.

قام بفتح حقيبة قد وضعتها شهد حينما جاءت وأخرج منها بعض الأشياء، ولقد لفت نظره وجود مكان سري بداخل الحقيبة، فقام بفتحه فوجد صورة
لفتاة مع أبيها، فقام بأخذها وعندما شعر بحضور والدته قام بإخفاء الصورة تحت الفراش.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي