الفصل السابع عشر

قرر مهاب بأن يذهب إلى خالد، كي يطمئنه على حال شهد، كما يريد أن يخبره بأنه عليه أن يتواصل معها، كي يحاول أن يعيدها عما تريد فعله، فإنها سوف تضحي بحياتها في سبيل الحصول على ما تم فقده من حياتها، فهو لأول مرة لا يستطيع أن يراجعها فيما قررت.

بينما كان خالد في ذلك الوقت قد شعر بشيء مريب، فلقد شعر بأن الهمسات تقل، وكأنهم يدبرون  شيئاً له، ولذلك ذهب مسرعاً إلى سريره ولكنه أخذ يفكر، هل سوف يظل في فراشه لحين أن يأتوا إليه، أم يتحرك؟

ولذلك قام على الفور بإغلاق الباب، وفتح النافذة ببطء ثم القفز من تلك النافذة إلى الأسفل،  وعندما لمست قدميه الأرض، قام بالخروج من المنطقة بأكملها، فلقد شعر بأن حياته أصبحت مهددة بالخطر.

في ذلك الوقت أثناء ما كان يجري قام بالاصطدام بسيارة أحداً ما دون أن يراها، وعندما نظر في إتجاه السائق وجده مهاب.

كان مهاب ينظر له يريد أن يتفهم ماذا يحدث؟
فلماذا يجري بهذا السرعة؟  فلولا أنه عندما كاد أن يدخل المنطقة قد أبطأ من سرعته، لكان أصبح الآن في عداد الموتى.

لما يتحدث خالد بشيء، بل قام بفتح باب السيارة، وركب على الفور.

قاد مهاب السيارة بسرعة لأنه علم بأن هناك شيء خطر، وبالفعل بعدما تأكد من أنه قد أبعد عن المنطقة بمسافة كبيرة، قام بإيقاف السيارة ونزله منها مهاب وقال:

-  فلتخبرني ماذا حدث؟ فإنني أتوقع أحداث كثيرة.

أخبره خالد  بكل ما سمعه من ذلك الرجل الذي كان يجلس مع أبيه، وأن ذلك الرجل كان يأتي لزوجته من حين لآخر، فهو لا يعلم هل قصة زواجه مخطط من والده أم ماذا؟

كما أخبره بأن والده هو من قتل أسماء بمساعدة ذلك الشريك، وقد حاول أن يقتل شهد.

نظر إليه مهاب وأخبره بأنه كان عند شهد ولم يخبره أحد بما حدث، وعندما قام بالإتصال بوالدة شهد كي يسألها، فأخبرته بأنه بالفعل قد أرسل إليها شخص، كي يقتلها.

فسألها لماذا لم تخبره عندما كان عندهم، فإن ذلك الأمر هام، كما علم أن ما تفوهت به شهد  كان ناتج عن صدمتها في أقرب الناس لها.

بينما في ذلك الوقت كان مراد ينظر الى ضيفه ثم قال:

- حسناً فلنذهب الآن فليس هناك وقت، فانا اعتقد بانه قد غفا، وأحضر ذلك الحبل ولتأتي خلفي، وعندما دخل الغرفة كان يسير ببطء، ولم يضئ المصباح حتى لا ينكشف أمره وذهب إلى الفراش،  وعندما قام بوضع يده عليه لم يجد أحد، فقام بإضاءة النور.

لن يجد خالد في موضعه،  فعلم بأنه قد هرب،  وبذلك أنكشف أمرهم، نظر إلى شريكه وقال:

-  يا لك من أحمق فلقد تحدثت في كل شيء، والآن أنكشف أمرنا.

فقال له ذلك الشخص:

- ماذا سوف نفعل.

فأجابه قائلاً :

-  سوف نهرب بالفعل فلن ننتظر حتى تأتي الشرطة، كي تقبض علينا.

صمت قليلاً ثم قال مراد:

- هل لديك مكان كي أذهب معك إليه؟

نظر إليه الشخص وقال ببرود:

-  وهل لديك أموالا كي آخذك معي؟

هنا نظر له مراد وقال:

-  معي بعض الأموال ولكن ليس بكثير.

فقال له:

- حسناً فلتأتي وتجلب معك ما تملكه، ثم نظر إليه مراد وقال:

-  سوف أذهب أيضاً إلى المحل، وسوف أجلب منه بعض البضاعة، فلا أعتقد بأن خالد قد ذهب إليه.

أسرع إلى المحل وأخذ كل شيء يمكنه أن تطوله يده في الحصول عليها، وخرج من المحل وهو معه حقائب مليئة بالأشياء.

هنا نظر له ذلك الشخص وقال:

-  أنك تملك عقل جهنمياً، فإن تلك الأشياء التي قد جلبتها تكفي حاجتنا لمدة شهور.

نظر إليه مراد وقال:

- حسناً يا سامي فلتأخذني معك ولا نتحدث في شيء، فيكفي ما أنكشف من أمرنا.

في ذلك الوقت كان جاسر بالفعل قد أنهى كل شيء، وجلب ما يريد وصعد إلى غرفة شهد فوجدها هي ووالدتها.

بينما قالت أمينة:

-  الآن علي العودة إلى المنزل، فيكفي كل تلك المدة؟

بينما طلب منها جاسر  التحدث على إنفراد، وبالفعل أخذها للخارج، تحت نظرات شهد التي أرادت أن تعلم، ماذا يريد من والدتها.

بينما قال جاسر لأمينة:

- ان شهد ما زالت تحت تأثير الصدمة، وما زال الجرح لم يلتئم، فأتمنى أن تظلين معها حتى تشعر بالحنان الذي قد فقدته.

نظرت إليه وقالت:

-  حسناً سوف آتي معك ،ولكن عندما أريد الرحيل سوف أرحل.

نظر إليها وقال:

-  نعم فإن مجيئك معنا ليس إقامة جبرية.

نظرت إليه وقالت:

- لم أقصد ما وصل لك.

فأخبرها بأنه يعلم ذلك، ولكنه يحاول أن يطمئنها.

بينما كان أدهم يفكر في جميع الأمور، فاصبحت المهمه تتعقد أكثر، وأصبحت الرأس الكبيرة من الصعب اكتشافها،  كما أن وجود شهد بدلاً من أن يساعد في تلك المهمة قد آخرها.

والخوف أن ينكشف أمرها قبل أن تنتهي تلك المهمة، فيصبح جميع ما فعلوه حصيلته صفر.

بينما نزلت قوة إلى المنطقة كي تبحث عن سامي ومراد، ولكنهما لم يستدل على مكانهم، ولقد أخبره ذلك العامل الذي يعمل في المحل، بأن مراد قد جاء إليه وأخذ أشياء كثيرة.

هنا نظر مهاب إلى خالد وقال:

- يا له من عديم القلب، فإنه يفعل كل شيء دون أن يبالي، ويأتي الى هنا كي يحصل على ما يسد جوعه، فكيف يفكر ذلك الشخص؟

قال له خالد :

- أنه لا يفكر إلا في ذاته، ولذلك لا يهمني أمره، فكل ما يهمني هو والدتي وشهد فقط.

نظر إليه وقال:

-  أن شهد بالفعل في أول طريق الإنهيار، وأن والدتك تحاول أن ترجعها عما تنتوي، واعتقد أنني لا أستطيع أن أتواصل معها، فإنني علمت بأنها سوف تخرج الآن من المشفى، ولا أعلم ما الذي سوف أفعله.

نظر إليه خالد وقال:

-  بل أنا ماذا سوف أفعل؟ فإن ليس لدي مكان كي اجلس فيه، فبعد ما حدث لن أستطيع العودة إلى المنزل، لأنني على اعتقاد بأنه سوف يكون أول مكان يبحث فيه بعد عدة أيام.

نظر إليه مهاب وأخبره بأنه سوف يأخذه لديهما في العمارة، التي يقطن بها فلديهم شقه فارغة، فوق شقة والدة مهاب.

كما أن والدته لديها أخت وحيدة تسكن معه، فلذلك سوف ترعاه لحين معرفة والدته وشهد بما حدث، ولكن الآن أشعر بالحيرة فأين ذهب مراد، فنحن قد بحثنا في جميع الجهات، التي يمكن أن يذهب إليها.

بينما كانت شهد تجلس بجانب والدتها في السيارة فقالت لجاسر:

-  هل هذا طريق المنزل؟

فنظر إليها جاسر وقال:

-  نعم إنه ليس طريق البيت، فإنني سوف أرسلك لدى شخصاً، فأنا على يقين بأنه سوف يحافظ عليكي، لحين الإنتهاء من الشيء الذي أريد أن أفعله، ثم أعود لأخذك أنت ووالدتك، ونعود إلى منزلنا.

نظرت إليه شهد وقالت:

- وأين سوف نذهب.

صمت قليل ثم قال:

-  سوف تعلمين حينما تذهبين إلى هناك.

بينما كان أدهم ينظر إليه وهو لا يعلم فيما يفكر صديقه، فصديقه بالفعل يريد أن يرد ما حدث عليهم من هجوم،  ولكن إلى أين سوف يرسل شهد ووالدتها؟

ولكن لم يشعر بالحيرة كثيرة، حتى وجد أدهم جاسر يقف أمام منزله، فعلم بأنه سوف يتركهم مع والدته وأخته، ووجده يرحل ولكن قبل أن يرحل وجده يتحدث مع شهد قائلاً:

- فلتصعدين إلى أول دور،  هناك سوف تجدين إمرأة وابنتها، فاعطي ذلك المصحف لابنتها وهي سوف تعلم ما أريده و لتخبريها بأنني أقول لها:

- أحتفظي عزيزتي بذلك المصحف، فإنه هديه مني إليك ولا تتركيه مهملاً، كي لا انزعجك منك، وعليك أن تهتمين بشأنه، فإن هذا المصحف عزيز علي، ولتعلمين بأنني سوف أعود سريعاً للحصول عليه.

نظرت إليه شهد وقالت:

-  حسناً  فلتعطيني ذلك المصحف.

وبالفعل أعطاها إياه جاسر.

عندما صعدت شهد إلى الأعلى وجدت بالفعل تلك الشقة المقصودة،  التي كان أخبرها بها جاسر وعندما ضغطت على الجرس، فتحت له  فتاة،  فنظرت إليها بإبتسامة وقالت وهي تناولها المصحف:

-  هذه هدية قد أرسلني أحدهما بها إليك، وأنه يخبرك بأن تحافظين على ذلك المصحف، وأنه لن يتأخر وسوف يعود سريعاً، كما عليكي أن لا تهمليه حتى لا يحزن منك.

نظرت إليها الفتاة في بدء الأمر بتعجب فهي لا تفهم شيء، ولكنها بسرعة قد تداركت الأمر فقالت:

- لقد فهمت مرحباً بكِ، ثم نظرت إلى والدة شهد وقالت:

-  مرحباً  بكِ أنتِ ومن معكِ، فبيتنا يرحب بكم.

وعندما دخلت شهد ووالدتها إلى المكان، نظرت إلى بساطة المكان ووجدت مقعد، فذهبت إليه على الفور لأنها قد شعرت بالتعب.

جاءت سميرة وهي تقول:

- مع من تتحدثين سلمى هل هناك ضيوفاً لدينا؟

هنا نظرت إليها سلمى وقالت بإبتسامة:

- نعم فإن هؤلاء الضيوف، قد جلبهم شخصاً عزيز علينا، ولذلك سوف يظلوا معنا لحين أن يأتي ذلك الشخص، لكي يأخذهما.

نظرت إليها والدتها وهي غير متفهمة الأمر، ولكنها عندما لاحظت ذلك المصحف الذي في يدها علمت كل شيء،  وقالت بسعادة:

-  لقد زاد وجودكم البيت نور، فأنا سميرة.

فنظرت إليها شهد وقالت:

- وأنا شهد وهذه والدتي، وقد جاء بي أحدى الأشخاص، وقد أعطى لي رسالة إلى أبنتك، وبالفعل أعتقد بأن الرسالة قد وصلت، ولكن  أعتقد بأنني قد رأيتك من قبل، ولكن بسبب تلك الوعكة الصحية لا أتذكر أين؟

نظرت إليها سميرة وقالت ضاحكة:

-  سوف تظلين معي ولن أتركك حتى تعلمين من أنا، ولكن يبدو عليك آثار الإرهاق واضحة عليكي، ولذلك ان اردت أن تحصلين على قسط من الراحة، فلتخبريني، لكن الآن سوف أحضر لك وجبة سريعة.

هنا نظرت إليها أمينة وقد شعرت تجاهها بالأمان وقالت:

-  أن كنت لا تمانعين فمن المحبب لي أن أساعد في تحضير الوجبة.

نظرت إليها وقالت:

-  حسناً فلتأتي معي، فسوف أكون سعيدة بذلك.

بينما ذهب كلاً منهما وتركوا شهد مع سلمى، في ذلك الوقت قد أستيقظ عدي وقال بحيرة:

- من أنت؟

نظرت إليه شهد وقالت:

-  فلتأتي لي يا صغير كي تعلم من أنا.

نظر إليها الطفل وقال:

-  أنني عدي ولقد سميت ذلك الإسم على أسم خالي، فإنه ذات مكان عالية.

هنا  تدخلت ياسمين خوفاً من أن ينكشف شيء وقالت:

- نعم إن خاله ليس موجود الآن، ولذلك فهو يعشقه ويتمنى أن يصبح مثله في المستقبل.

اعتقدت شهد بأن خاله قد توفاه الله، وأن ذلك الطفل يتمنى أن يصير مثله، ولذلك لم تتحدث كثيراً في ذلك الأمر، ولكن قالت بدعابة:

- حسناً هل يمكن أن تلعب معي؟ فإنني بارعة في ذلك.

نظر إليها الطفل وقال:

-  بل أنا البارع، فلقد تعلمت كل المهارات من خالي.

فقالت بتحدي:

- حسناً يا صغير فلنرى تلك المهارة، فماذا تريد أن تلعب؟

نظر إليها وقال:

-  هل لك في لعبة الشطرنج فإنني أعشقها؟

نظرت إليه وقالت:

-  فلتأتي به فإنني أفضل أن ألعب بها،  ولكنني لم أجد ذلك الكائن الذي يستطيع أن يغلبني فيها.

شعر عدي بأنها تتحداه فقال بتحدي:

-  حسناً سوف ألعب معك، ولكن من يخسر لن يتناول وجبة الغذاء الخاصة به.

نظرت إليه شهد وقالت:

-  أنك تتحداني أيها الطفل، وأنك تعلم بأنني أشعر بالجوع، ولكن حسناً فإنني أحب ذلك التحدي،  فلتأتي لي ولنلعب معاً.

هنا قالت سلمى:

-  حسناً ولكن عليكم الإنتظار كي تأكلوا ثم تلعبوا.

نظرت إليها وقالت شهد:

-  لم يحدث ذلك بل سوف نلعب قبل الأكل، فهذا هو وعد الرجال ووعد الرجال واجب عليهم.

جلس الطفل كي يلعب معها، وكانت شهد تتركه من حين لآخر لترى رد فعله عندما يشعر بأنه أنتصر، فأنه كان يقوم بالقفز في مكانه بسعادة.

بينما كانت شهد عندما تحاول أن تغضبه، فتقوم بالتمعن كي تنتصر، مما يجعله يشعر بالغضب ويجلس هو ينظر إليها بغيظ.

فقالت له شهد:

-  إنني أتركك نظراً لصغر سنك، ولكن أن أردت أن أنهي تلك اللعبة، فسوف أقم بأنهائها  على الفور، فلا تنظر لي تلك النظرة، فإنك تذكرني بشخصاً ما.

نظرت إليها سلمى وهي تضحك وقالت:

-  ومن ذلك الشخص؟

قالت شهد:

-  ذلك الشخص الذي جلبني إلى هنا، فهل تعلمين بأنني أشعر بالخوف عندما ينظر إلي تلك النظرة،  ولكن لا أوضح له إنني خائفة واقف أمامه بتحدي.

نظر إليها عدي وقال:

-  فلتكملين اللعبة فإنني على حافة الفوز.

في ذلك الوقت قامت باللعب بدقة، مما جعلها تنتصر وقالت له:

- لقد انتصرت، فلا تتحداني مرة أخرى يا صغير، ولكن كرماً مني سوف أجعلك تتناول معي وجبة الطعام، كي أشعر بلذة الفوز.

فقال عدي:

- لن أتناول تلك الوجبة فلقد قطعت وعد لك، بأنني  لن أحصل على الوجبة إلا بعد ما أفوز.

  قالت له:

-  بل سوف أجعلك تتناول معي الوجبة،  وإلا لن أتناولها.

قالت له سلمى:

-  عدي يكفي تحدي.

نظرت إليه شهد وكأنها طفلة وقالت:

-  أنني أشعر بالسعادة عندما أتحدى شخص وانتصر عليه، فإنني قد تعودت على التحدي منذ الصغر، وعليك يا صغيري أن لا تتمسك بالتحدي، لأنك سوف تخسر الكثير من أفضل لحظات حياتك.

بينما كانت سلمى مازالت تنظر لها وهي تتحدث، فمن تتحدث الآن من المستحيل أن تعمل مع مافيا، وأن سلوكها متحضر حتى في حديثها فكلامها مرتب، ومنظم، كما أن والدتها تتسم بالطيبة، فهل يمكن أن يكون ذلك قناع، وأنهم يتقنون التمثيل.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي