الفصل الثالث عشر

لم يتراجع خالد عما نواه، ولكن ما فعله والده جعله يشعر بالصدمة، ولذلك عندما وجد والده يريد المنزل من دونهم فقال:

- لقد سبق وإن كتبت لي البيت بأسمي، حتى لا تحصل شهد على شيء منه، والآن فذلك البيت حقي وأنا الذي أحدد من يتواجد فيه ومن يرحل.

ولذلك عليك الرحيل، فإنني لا أشعر بأنني  استطيع تقبل تلك المرأة التي معك، فعليك أن تأخذها وتذهب حيث ما تريدون، ولا أريد أن أرى وجهك هنا مرة أخرى.

هنا نظرت العروسة إلى مراد وقالت:

-  هل هذا حقاً، فلقد كذبت علي وقد كتبت كل شيء لديك لأبنك، إذن فلماذا تزوجتني؟ فإنني كنت أريد الزواج منك من أجل تلك الأموال، وكي تنتشلني من الفقر، وليس كي أنتشلك أنا.

وأكملت حديثها أين  سوف نذهب يا زوجي العزيز، نظر لها وقال:

- فلتصمتي فإنك قد جلبتي معك الفقر لي، ولذلك سوف تعودين إلى أهلك، فإنني ليس لدي مكان أعيش فيه، ولذلك فلتعودي من حيث أتيتِ.

فنظرت له وقالت:

- لا تنسى تلك النفقه التي قد كتبتها لي.

فقال لها:

- ليس لدي أي مال.

صرخت في وجهه وأطلقت بعض الألفاظ البذيئة.

هنا صرخ بها خالد وقال:

-  فلتصمتي فإن تلك النفقة سوف أقوم أنا بإعطائك إياها، وتعودي من حيث أتيتِ فليس لك مكان هنا.

بالفعل غادرت الفتاة بعدما علمت بأنها سوف تحصل على أموال.

نظر خالد إلى أبيه وقال:

-  هل علمت الآن بأنه كل من كان يريدك في حياته كان من أجل المال فقط، وأن والدتي هي الوحيدة التي لم تبحث عن ذلك، فعليك أن تعقل الأمور قبل أن تفعل شيء، فإنك قد خسرت شهد.

وعليك أن تعود إلى رشدك، حتى عندما تعود تجدك الأب الذي كانت تتمناه بالفعل.

كل ذلك تحت أنظار والدته، التي عشقت رجل لا يعشق إلا ذاته، فهو يتصف بالأنانية ولذلك قررت أن تقبض على قلبها كي تلقنه درساً لا ينساه.

قام أدهم بإيصالها إلى تلك الغرفة، التي كانت عبارة عن شاشات وسرير في وسط الغرفة، فقامت بالنظر إلى الشاشات، وقام أدهم بإغلاق الباب عليها بإحكام ، فنظرت إليه ساخرة، وعادت تنظر إلى الشاشات.

وبالفعل ما توقعته صحيح، فلقد هجم إدفانس وكان يريد أن يحصل على الحقيبتين.

بينما في ذلك الوقت كان جاسر في مواجهة أدفانس، فقال لها :

- فلتؤمر زوجتك بأن تعطينا  الأشياء الخاصة بي، وسوف أرحل على الفور دون خسائر.

فقال له جاسر وهو يحرك المسدس:

- لماذا لم تعترض حينما قمت بمنحها إياها.

في ذلك الوقت نظر له وأخبره بأن لا يحاول أن يخرج الوحش الكاسر، كما أخبره  بأنه يمكن أن  يسلم له زوجته، وسوف يأخذها كي يتفاوض معها ويرحل.

هنا أخبره جاسر بأنها لن تخرج ولم تعطيهما أي شيء، لكن أدفانس أخبره بأن رأسه مقابل تلك الحقائب، ولذلك لن يتخلى على أن يسير على جميع الجثث، كي يحصل على ما يريد.

هنا قال جاسر:

- حسناً  فلتفعل ما تريد، فليس هناك مجال للكلام.

تدخل أدهم على الفور وقال:

- أن الرجال بحيطون بكم من جميع الجهات، من الأفضل أن تخرج من هنا، وتسحب رجالك ولا تعود

نظر له أدفانس وقال:

-  أيها الطفل فلتلعب بعيداً، فهنا ساحة للرجال وليس لأتباع.

عندما جاء أدهم للتحدث أوقفه جاسر قائلاً:

- أن أدهم ليس طفلاً، ويقف بجانبي كتف لكتف، وأن كنت تريد أن يريك كيف يتعامل معك، فسوف أجلس كي أراقبكم، وأنا أعلم أن الغلبة له.

  لقد صوبوا أسلحتهم تجاه كل من أدهم وجاسر وبينما حاول ان يقترب منهم كي ينال منهما.

كانت في ذلك الوقت تراقب كل ما حدث من خلال الشاشة، ولقد علمت بغدر أدفانس فتحركت، ولكن في بدء الأمر لم تستطيع أن تفتح الباب، لقد أغلقه أدهم إلكترونياً، فأخذت تلعنه.

ولكن أخذت تفكر وقررت أن تعرض حياتها للخطر، فذهبت إلى النافذة ونظرت إلى المسافة بينها وبين الأرض، فكانت المسافة بينها وبين الأرض اكثر من 11 دور، فإن انزلقت قدميها فلن تنجو أبداً.

ولكنها بالفعل عزمت القرار بأنها سوف تخرج من النافذة، وتنطلق إلى النافذة التي بجوارها حتى وجدت باباً مفتوحاً، وبالفعل تحركت من النافذة وأخذت تسير دون أن تنظر إلى الأسفل، وعندما وصلت إلى النافذة،  كانت مغلقة فأخذت تلعن الظروف، وقامت بتحطيمها بالمسدس الذي كان معها.

دخلت الغرفة بالفعل وقامت بفتح الباب الذي كان غير مغلق، ونزلت إلى الأسفل بسرعة رهيبة.

في ذلك الوقت كان كلاً من جاسر وأدهم محاضرين، وأدفانس معه العديد من الخزانات وكانت شهد تعلم بالفعل ما يفكر فيه، فهي قد كانت معه لمدة سنتين.

ووصلت وأدفانس يتحدث قائلاً:

- الآن فلتسلم لي زوجتك أو تسلم لي روحك في المقابل.

هنا تحدثت قائلة بتحدي وهي تخرج من خلف إحدى الأعمدة:

-  لقد جئت بذات نفسي كي أرى شجاعتك معي، فأنا أمامك أن كنت تريد أن تحصل على روحي، فعليك القدوم إلي فأنا أجلس وأنت تعلم بأنني سوف لن أتحرك من مكاني.

هنا نظر لها وقال:

- عزيزتي جيسي فلتجلبي لي ما أخذتيه.

نظرت إليه وقالت ببرود:

- بل لقد أهدتني إياهم وبالفعل قد حصلت عليهم، فلماذا تريد أن تأخذهم الآن؟

نظر إليها وقال:

-  أنك بالفعل حرباء، والآن عليكِ أن تعطيني تلك الحقائب، كي أنصرف دون أن تهدر أي دماء.

نظرت إليه وقالت:

-  لا تقلقي يا عزيزي فإن كانت سوف تهدر دماء سوف تكون  تلك الدماء دمائك ودماء رجالك، وأعدك بأن لا يمس أحد من الرجال لدينا.

فقال لها بغضب:

-  جيسي أن هذه المرة لن أتنازل عن أن أهزمكِ، فإن هذه المرة سوف تكون رقبتي هي المقابل، وأنا لن أضحي بذاتي.

نظرت له وقالت:

-  أنني بالفعل أعلم ما يدور في رأسك، فلقد كنت معك لمدة طويلة ولكنك لا تعلم ماذا يدور في عقلي، فكل شيء أريده سوف أحصل عليه ولن أتراجع، فعليك أن تأتي لي وجه لوجه كي تحصل على ما تريد، وإذا كنت تحمل الشجاعة فهيا كي أرى.

كان أدهم يشعر بالتعجب، فكيف لها الخروج من الباب وهو قد أحكم أغلاقه بالفعل.

بينما كان جاسر يفكر في حل لتلك المعضلة، فهو يراها أمامه ويرى في عينيها ضعف على عكس ما تبدو أمامهم، كما أن عينيها تبوح له بأن يظل جانبها، فإنها لن تقدر على الصمود.

بينما قام أدفانس بالتحرك إليها ولأول مرة يرى جاسر تلك المهارات، فكان كلاً منهما يمتلك مهارته الخاصة، وكانوا يصدون الضربات واحدة تلو الأخرى، فإنهم متكافئان في كل شيء، حتى حركاتهم كأنهم فرداً واحد، فكان يريد أن يعلم من منهم سوف ينتصر.

كانت خفة حركة شهد سبباً في تخطي أدفانس، وقامت بإعطائه ضربة قاضية، مما جعلت أدفانس يقع على الأرض ويصرخ من الوجع.

هنا قام رجاله بضرب النار على الفور تجاهها، وقد أصابتها رصاصة بالفعل، ولكنها لم تبالي وأخذت تطلق هي الأخرى النار عليهم حتى انتهت من معظم رجاله، وهرب أدفانس مع أحد رجاله.

بينما جرى أدهم وجاسر على شهد التي كانت بمجرد أن انتهت من إطلاق النار، سقطت على الأرض، وأخر ما سمعته هو صراخ جاسر، كي يطلبوا الإسعاف.

كان جاسر يشعر بأن قلبه قد انتزع من داخله، وفي ذات الوقت شعر أدهم بالخوف عليهما، فلأول مرة يجد شيء يؤثر في صديقه، فعلم أنه ما زال يحتفظ بقلبه ولم يتغير بمرور الأيام.

بينما كانت أمينة تغفو، فاستيقظت وهي تصرخ بإسم شهد، فحضر على الفور كلاً من خالد ومراد، فلقد سمح خالد أن يظل أبيه في البيت، بعدما غادرت الفتاة البيت وقام بالإنفصال عنها، وعندما دخل سألها خالد ما سبب الصراخ؟

فأخبرتهم أن شهد قد حدث لها شيء.

فأخبرها خالد بأنها سوف تكون بخير، فأخبرته أنها متأكدة بأن أبنتها قد أصيبت بشيء، وقامت بأخذ الهاتف والإتصال بالأرقام التي قد أتصلت بها، ولكن لم يجب عليها أحد، مما أكد ظنونها وأصبح القلق يزيد بداخلها.

بينما حضرت الإسعاف وذهبوا إلى المشفى، وعندما دخل أخبرهم الطبيب بعد الفحص بأنه سوف يجهز غرفة العمليات، فإن الرصاصة قريبة جداً من القلب.

شعر جاسر بأن قلبه قد توقف، فلأول مرة يشعر بأنه يعشق.

كل ذلك أدهم يرى ولا يتحدث، وقام بالتسحب كي يجري مكالمة هاتفية، وعندما أجرى المكالمة لم يستفيد منها بشيء، فأخبره المتحدث أنه ليس لديه معلومات، فلقد كان الشخص الذي سوف يجلب منه المعلومات ذات ذكاء، لم يعطيه الفرصة باخذ أي معلومة من أحد.

في ذلك الوقت سمع صراخ فأغلق الهاتف، وعندما ذهب علم أن الطبيب قد أخبره، بأنها دخلت في غيبوبة.

كاد أن يمسك جاسر في الطبيب، لولا تدخل أدهم وقام بسحبه بعيداً عنه، وأعتذر للطبيب عما حدث وقد كان الطبيب متفهم الأمر.

بينما عاد أدهم كي يكون بجانب جاسر فقال له جاسر:

- أرجوك يجب عليك أن تفعل شيء، فلقد عشقها قلبي ولم أصرح فلقد اخفيت ذلك العشق خلف قناع القسوة، فيجب أن تعيدها لي، كي أصرح بذلك الحب.

بينما كانت تجلس وقد انتهت من وردها، وعلمت أن أبنها في مأذق فلقد شعرت به، فقررت اللجوء إلى الله، كي ينقذه ويعيده إليها مرة أخرى.

فعلى الرغم من إنها كانت ترفض ذلك المجال من العمل، ولكن قد أخبرها بأنه المسئول عن قرارته، فقررت أن تدعوه له فليس في يده شيء غير ذلك.

كانوا يجلسون أمام العناية لا يتحركون من أماكنهم، وحضر الطبيب كي يطمئن على شهد، وعندما خرج من عندها سأله جاسر عن حالتها، فأخبره بأن حالتها مستقرة حتى الآن.

لكن وقعت أنظار أدهم على شيء لدى الطبيب، مما جعل الطبيب يشعر بالتوتر ويغادر على الفور، بينما عندما خرج الطبيب من المشفى استقل سيارته وغادر على الفور.

كان على يقين بأنه قد شاهد ذلك الشخص من قبل، ولكن لا يعلم أين؟ وكان يشعر بالخوف عليها ويريد أن تنهي مهمتها كي تعود، فمنظر الأجهزة المتصلة بجسدها جعلت الدموع تسيل من عينيه.

أخذت سيارته حيث بيت شهد، وعندما دخل وجد شيئاً غير طبيعي، فعلم من خالد أن والدته على تلك الحالة منذ ثلاثة أيام، فهي لم تترك غرفتها بعد أن غفت وقامت بالصراخ بأسم شهد.


نظر إليه مهاب متفهماً وقال:

- لقد شعرت بحال ابنتها.

هنا نظر إليه خالد غير متفهماً وقال:

- هل حدث شيء لشهد؟

نظر إليه مهاب وقت تجمعت الدموع في عينيه وقال:

- نعم لقد أصيبت ودخلت في غيبوبة ولا نعلم متى سوف تستفيق؟

خرجت والدته عندما علمت بأن هناك صوت بالخارج، فوجدت مهاب والدموع في عينيه فقالت:

- هل حدث لأبنتي شيئاً؟

فأخبرها مهاب أنها ما زالت بخير، ولكن عليها أن تكثف الدعاء لها، فإن هذا ما تريده الآن.

نظرت إليه وقالت:

- فلتخبرني ماذا حدث لأبنتي، فإنني أشعر بها.

فأخبرها بأنها قد دخلت في غيبوبة.

في ذلك الوقت كان مراد قد دخل للبيت وسمع ما حدث لشهد، فشعر بالندم لما حدث.

بينما كان جاسر يسأل الطبيب ما يجب عليه فعله، فأخبره الطبيب أنه يجب أن تستمع إلى أشخاص هي تعشقهما وتحبهما، وهذا سوف يجعلها تحاول أن تستعيد وعيها.

تفهم جاسر الأمر وقرر على شيء ولكن قبل كل ذلك قرر يدخل هو إليها.

جلس بجانبها وقال لها:

- أعلم أنني ليس الزوج الذي تريديه، فمن حديثك علمت أن تريد شخص آخر، وأن الظروف هي التي وضعتك في طريقي، ولكن بعد أن تستعيدي وعيك سوف أطلق سراحك، لأنني لا أستطيع أن أتحمل مرة أخرى شيئاً يحدث لك.

كما أنك تزاولين تلك المهنة، ولكنني لن أسمح بأنك تصابين بسببي، كما عليك أن تتراجعي عن ذلك الطريق، فإنه لا يصلح لك أنك تكملين فيه، وعليك البدء بحياة جديدة.

كما أن لدي سر قد أخفيته عن الجميع، فذلك السر إذا أعلنته سوف يبعد المسافات بيننا، أرجوكي عودي لي، فأنا لا أقدر على رؤيتك هكذا، وسوف أعيدك إلى أهلك، كي أحافظ عليكي.

بينما غادر وتركها وهو يشعر بقلبه يتقطع مما تفوه به، فهو يعشق ولا يستطيع أن يستغنى عنها.

بعدما خرج فتحت شهد عينيها، وكانت تريد أن تظل في الغيبوبة، لكي تسمع كل شخصاً على حقيقته، وقد سمعت كل الحديث الذي تفوه به، ولذلك قررت أن تجعل الجميع يعتقدون بأنها مازالت في الغيبوبة حتى لا يتركها جاسر وتفقد حبها.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي