الفصل العشرون

بينما كان يجلس أدفانس وهو يلعن تلك اللحظات التي قد ترك فيها جيسي على قيد الحياة، فإن المهلة أوشكت على الإنتهاء، ولو ليس معه البضاعة أو ثمنها،.

في ذلك الوقت جاء أحدهما كي يخبره بأن المكان يحيط به ملثمين من جميع الجهات، وعندما نظر إلى الكاميرات، وتمعن فيها فقال:

-  حسناً فلقد جاء جاسر ورجالته، ولكنني لا أعلم سر تلك الزيارة، ولكن لم ينتهي من كلامه حتى  سمع صوت إطلاق الرصاص، ووجد رجاله يتساقطون رجلاً  وراء التاني، فعلم بأنه بعد لحظات سوف يكون عنده.

وبالفعل ما ظنه حدث ولكنه كان الأسرع في الاختباء، فلقد أنشأ مخبأ له كي يكون ملجأ له في في تلك الظروف.

بينما قال جاسر لأدهم  سوف أذهب واتعامل أنت مع الوضع، ذهب جاسر إلى أدفانس ولكنه لم يجده في المكتب، فنظر في كل الإتجاهات فليس هناك مخرجاً غير الذي دخل منه.

عندما جاء كي يخرج وجد فنجان من القهوة وبجانبه عقب سيجارة مازال يتصاعد منها الدخان، فعلم بأنه كان موجود بالفعل، ثم وقف في منتصف الحجرة ونظر في جميع الإتجاهات، حتى لفت نظره وجود شيء غير طبيعي.

فوضع رأسه بجانب إحدى الأركان وبالفعل سمع حركة خلفه،  فعلم بأنه موجود في مخبا سريا فقال بصوت مرتفع:

-  أنني أعلم بوجودك هنا ولكنني أخبرك بأنني لن أترك حقي، ولم ينتهي ما بيننا،  فسوف أرحل الآن ولكن على وعد  بلقاء آخر.

غادر جاسر ومن معه وخرج أدفانس بعد أن أطمئن بأنهما قد رحلوا، ولكنه حينما كان يجلس جاء له مكالمة هاتفية، بأن أحدهما يخبره بأن عليه أن يترك أمر البضاعة، فسوف يدفعها بدلاً منه، ولكن بشرط فقال أدفانس له:

-  وما هذا الشرط؟

فأخبره المتصل بأن الشرط هو أن يصل إلى جيسي ويأتي بها إليه، فهذا هو مقابل البضاعة، فما عليه فعله الآن هو التخطيط كي يجلب جيسي.

أخبره أدفانس بأنه بالفعل سوف يفعل ذلك ولكن عليها أن يتركه عده أيام.

بينما عندما رحل جاسر وأدهم قد أعطى أمر للرجال، بأن يسبقوهما إلى الصرح، وأنه سوف يعود إليهم ولكن ليس الآن.

صمت أدهم حتى رحل الرجال، ثم قال:

- إلى أين سوف نذهب؟

فقال له جاسر:

-  سوف نجلس في إحدى الكافيهات التي تطل على البحر، فإنني أشتاق إلى رائحته.

علم أدهم بأن صاحبه بداخله صراع، فلقد عشقها بالفعل ولكنه يخفي ذلك العشق.

  جلسوا معاً وكان الجو هادئة والهواء بسيط، وجد أدهم أن جاسر ينظر إلى البحر دون حديث فقال:

-  أن كنت تعشقها بحق فعليك الذهاب إليها، أعتقد بأنها تريدك هي الأخرى.

فنظر إليه وقال:

-  لم تحدثني سلمى بعد ولذلك علي الإنتظار.

بينما كان في ذلك الوقت قد شعرت شهد، بأنها تريد أن تنام  ولكنها لم تقوى على ذلك،  فإن عقلها مشغول بالكثير من الأمور،.

في ذلك الوقت قد أستيقظ عدي فنظر إليها وقال:

-  لن أكلمك مرة أخرى.

فلقد استيقظت قبلي، فإنك قد وعدتيني بأنك سوف تلعبين معي.

نظرت إليه وقالت:

- حسناً فلتجلب ما تريد، فسوف ألعب معك.

كان كل ذلك تحت نظرات سميرة وسلمى، الذين كانوا يريدون أن يرون ماذا سوف تفعل؟ فهي منذ أن راقبوها في الشاشة، لم تتحرك أو تبحث عن شيء كما أعتقدت.

جلب عدي قطع الشطرنج، وأحضر الحلويات الخاصة به، ولكن تفاجأ بأنها كانت تطعمه من حين لآخر، وهي تلعب وتضحك معه، وقد تركته ثواني  وقامت بفتح حقيبتها، وأخرجت منها بعض الأدوية التي قامت بتناولها.

حدثت سميرة سلمى بأن أذهب لجلب عدي، كي تلعب هي معها وتترك شهد حتى تأخذ قسط من الراحة.

ذهبت سلمى إلي شهد كي تجلب عدي للعب معه، فقال لها عدي:

-  منذ متى يا أمي وأنت تأتين كي تلعبين معي؟

فأجابته قائلة:

- سوف ألعب معك وهذا وعد مني.

أخبرت شهد سلمى بأن تتركه، ولكنها أخبرتها بأنها تريد اللعب معه، وأنه يبدو عليها آثار الإجهاد .

فقالت شهد لها:

-  أن كنت تريدين أن تساعدني، فلتعدي لي فنجان من القهوة.

أعدت سلمى فنجان لها وفنجان لشهد وذهبت لها، شكرتها شهد عما صنعته.

بينما قالت سلمى:

-  عدي عليك الذهاب إلى غرفتي، فسوف آتي بعد أن أتناول ذلك الفنجان، كي ألعب معك.

بينما قالت لها شهد بإبتسامة:

-   هل تعلمين بأن هذا الطفل قد محى لدي الكثير من الأحزان؟  كما أنني عندما ألعب معه لا أشعر بالإجهاد.

نظرت إليها سلمى وقالت:

-  أنك مازلت لم تستردي صحتك، وعليك آخذ قسط من الراحة.

  نظرت لها شهد وقالت:

-  حسناً فلتفعلين ما تريدين، فلقد تعبت من كثرة الحديث.

فقالت لها سلمى:

-  أنني لم أقصد شيء، بل كل ما أريده هو راحتك،  وعندما تستيقظين سوف أتركك تفعلين ما تريدين.

قالت له شهد:

-  هل تعلمين بأنني قد شعرت بالراحة معك؟ ويوماً ما سوف أخبرك بكل ما يجول في قلبي، ولكن ما أعلمه بأن قلبي قد عشق بالفعل.

نظرت إليها سلمى وقالت:

-  هل عرف قلبك العشق؟

قالت لها شهد:

- نعم لقد عشقت وعلمت معنى الحب عندما رأيته، فلقد عوضني ذلك الشخص ما كنت افتقده، فبداخلي يوجد الكثير من الآلام ولن يستطيع أحد أن يداويها،  ولكنني أشتاق إليه كثيراً، فلا أعلم لماذا تركني ورحل؟

فأنني أريد أن أذهب معه حتى لو كان ذاهباً إلى الجحيم، وفرت دمعة من عينيها دون السيطرة عليها، فقامت بمسحها على الفور وقالت:

-  أنت الأخرى في عينيك وبداخلك مشاعر لا يعلم عنها أحد غيرك.

ابتسمت لها سلمي وقالت:

- لقد أرادت الدنيا أن تخبرني بأن الإبتسامة لن تظل على وجهي، فلقد أخذت رفيق عمري فهو قد استشهد في إحدى المهمات .

ففي ذلك اليوم كان يجلس معي، وعندما جاء له أمر بأن يذهب في الحال، نظر لي، فقلت له لماذا تنظر لي، فأخبرني بأنه يحاول أن يحفظ ملامحي، فضحكت وقلت يا لك من متشائم، فسوف أنتظرك حتى أحصل على الكثير من الأموال كي نتنزه.

فقال لي ومازلت الإبتسامة على وجه لم تفارقه:

- حسناً فلتنتظري.

ومنذ ذلك اليوم وأنا أنتظر، فإنه لم يعد وتركني،  وعلمت فيما بعد  أنني أحمل جزءاً منه بداخلي،  وقمت بوضع طفلي ولقد سميته على أسم أخي، نظراً لأنه أهم شخصاً في حياتي.

ومن حين لآخر أذهب إلى منزلي، ولكن لا أستطيع الجلوس فيه كثير، فإنني أشعر بالانهيار، ولذلك أعود إلى هنا، فإن هذه الدنيا أصبحت لعنة، وأتمنى اليوم الذي أذهب إليه.

في ذلك الوقت تذكرت سلمى بأنها قامت بالتحدث بما في داخلها إلى شهد، ووجدت دموع شهد تسيل من عينيها، فقالت لها:

- ماذا بك؟ أنا أسفه لأنني قد حكيت لك قصتي المأساوية.

فقالت لها شهد:

- أنني لدي قصة أكثر مأساة، ولكني لا أريد أن أتذكرها، فكل ما فيها يفكرني بشيء أريد أن أمحيه من خيالي.

فقد مرتت بذكريات مؤلمة، ولكن قد علمت معنى السعادة منذ أيام، ولكن أكثر ما يؤلمني هو ماذا فعلت لوالدي، كي يحاول أن ينتقم مني؟ ويرسل لي من يقتلني، فبدلاً من أن يكون سنداً لي، أصبح عدوي.

هل رأيتِ أكثر من ذلك مأساة؟ وأعتقد أنه قد فعل الكثير من المشاكل عندما علم بعدم رجوعي، كما لدي الكثير من المهام الذي أعتقد بأنني لن أنجز فيها أي شيء، في سبيل حب ذلك المتعجرف.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي