الفصل الخامس والعشرون

كانت شهد تشعر بالغضب من أبيها، فلقد قدمت إلى هنا، كي تنقذ أخيها وتنهي مهمتها ولكنها دخلت في دوامة العشق، فلأول مرة تتخلى عن مبادئها، فهي لم يقدر أحد على كسرها، ولكن بسبب ذلك الحب قد انحرفت عن مبدأها .

ولذلك قررت أن تنهي تلك المهمة، وعلى أي حال يجب أن تقسو على قلبها، كي تكون بجانب أخيها  فإنها تعلم بأن أبيها لن يتركه، مادام أراد أن يقتله.

قامت بالتحرك بسرعة إلى الغرفة، التي قد وجدت بها من الورقة التي قد احتفظت بها، وأخذت تبحث كثيراً حتى شعرت بالصدمة، فحينما جاءت كي تمسك إحدى الأوراق، فتح لها باب سري، وعندما دخلت فيه وجدت مكان به مكتب ومقعدين.

وعندما جاءت كي تستكشف المكان، لفت نظرها ملفين فنظرت فيهم سريعاً، فكان أحدهما للظابط المفقود وبه جميع بياناته، أما التاني فكان لضابط آخر، فتذكرت كلمة مهاب حينما قالها لها أن الدمية ليست لوحدها.

ولذلك قامت بالنظر إلى الملفات وإلى ما خلفهم من كلمات، حتى شعرت بالصدمه فكيف لها ان تفسروا ذلك فهناك الكثير من الألغاز في تلك الأوراق، ولكن عليها أن تعلم الآن أين ذهب ذلك الظابط ومن معه؟

شعرت بصدمة آخرى عندما علمت بأن الضابط المفقود يدعى عدي، فهي تعلم أن هناك أحدهم مفقود، ولكن لا تعلم إسمه الحقيقي، كما أن الظابط الذي معه يدعى آدم، وأنها منذ قدومها إلى ذلك المكان لم ترى شيء يدل عليهما.

حاولت أن تركز في الكلمات كي تكون مرجعاً لها، وعندما جاءت أن تعيد تلك الأوراق إلى مكانها وجدت صور لهما، فلقد كانت قد رأتهم مرة في الجهاز أثناء مرورها.

هنا أرادت أن تهاتف مهاب، كي تعلم منه كل التفاصيل، كما حاولت أن تبحث يمين ويسار عن شيء آخر، ولكنها لم تجد شيء، لذلك قررت أن تعود قبل أن ينكشف أمرها، وعندما جاءت كي تخرج كانت الصدمة حليفة لها.

بينما عاد جاسر بعدما جلب الطعام، ولكنه قد تقابل مع أدهم عند دخوله، وأخبره بأنه قام بإيصال أخته، وعندما جاء كي يصعد جاسر لشهد، أخبره أدهم بأنه يأتي معه كي يجلبوا بعض الأشياء من الغرفة، ثم يعودون إلى شهد كي يتناولوا الطعام معاً.

عندما صعدوا إلى الغرفة، كانت الشاشات ما زالت تعمل، شعر أدهم بالصدمة عندما شاهد شهد في إحدى الغرف السرية، وعندما جاء كي يغلق الشاشة  أقترب جاسر من الشاشة، ونظر إليها قائلاً:

- ماذا تفعل في تلك الغرفة؟ وما الذي تحمله بيدها؟

نظر إليه أدهم وقال:

-  لا أعلم ولكنها تقرأ في تلك الأوراق، فإنها قد علمت بعض الأشياء من خلالهم، ولكن هذا لا يهم فإنها أصبحت جزء مننا.

نظر إليه جاسر نظرة نارية وقال:

-  أنها تفعل الآن ما جاءت من أجله، فلقد جاءت كي تقع بنا، والآن قد انكشف جزءاً مننا لها، ولذلك عليها أن تنال عقابها، فإن ذلك الحب لعنة، فلقد شعرت بها في بدء الأمر، بأنه قام أحدهما بإرسالها لنا، ولكن قد خدعتني، والآن قد تأكد ذلك الشك لي.

صمت أدهم ولم يستطع أن يحدثه بشيء، فإن شهد قد وقعت في مأزق، كما أن جاسر أصبح ينظر له نظرات شك، فهو يظنه كان يعلم ما تفعله ويخفيه عنه.

بينما كانت شهد تخرج من الغرفة، وجدت جاسر وأدهم أمامها فنظرت إليهم بصدمة، ولم تستطع التحدث.

فنظر لها جاسر قائلاً:

- فلتخبريني الآن ما الذي جاء بك إلى هنا.

صمتت قليلاً فقام بإمساك يدها وقال:

-  فلتخبريني ما الذي جاء بك إلى هنا؟ ومن أرسلك؟

نظرت إليه شهد وقالت بهدوء:

-  لقد أردت أن استكشف ذلك المكان، فأنني لأول مرة أرى مكان كهذا.

قام جاسر بصفعها على وجهها وقال:

-  لا تتلاعبي بي فلقد رأيت كل شيء، والآن عليك أن تخبرني ما الذي جاء بك إلى هنا.

نظر له نظرت تحدي وقالت:

-  أنني لم آتي هنا، من تلقاء نفسي فوجودي هنا كان رغبة منك.

قوم بصفعها مرة أخرى على وجهها وقال:

-  مازلتِ تتلاعبين بي، ما الذي جاء بك إلى تلك الغرفة؟ وكيف وصلت إليها؟ وكيف علمت بوجودها؟

نظرت إليه وقالت بهدوء:

-  لم أقصد تلك الغرفة، ولكن قد دخلت فيها بالصدفة.

فجاء كي يصفعها مرة أخرى، فأمسكت يده وقالت:

-  أن كنت لا تصدقني فلتنظر إلى تلك الشاشات التي تتجسس بها علي.

قام بإمساكها من شعرها وقال:

-  حسناً سوف أرى تلك الكاميرات، ولكن سوف أعود لك مرة أخرى، فعليك أن تنتظري جزاكِ ، فإن جزاء الخيانة القتل.

نظرت إليه شهد، و أخذت تسترد أنفاسها ببطء، فإن رؤيتها قد تحققت الآن، وأنها تنتظر الموت المحتوم.

بينما أمر جاسر أدهم بأن يربطها في إحدى المقاعد، لحين عودته.

بالفعل فعل أدهم ما أمر به، ثم غادر كي يرى ما  وصل إليه جاسر.

علم جاسر بأن شهد لم تقصد تلك الغرفة، فقد دخلت فيها عندما ضغطت على إحدى الكتب بالخطأ، فانفتاح الباب كان من باب الصدفة.

بينما كان أدهم يشعر بالتوتر، فإنه في مازق، ولا يعلم كيف يفلت منه.

كما أن جاسر أصبح يشك به، وأنه يريد أن يلحق شهد لأنه يعلم بأن جاسر سوف يلقنها درساً قاسياً.

كانت شهد تفكر في شيء كي تخرج من ذلك المأزق، فإنها لأول مرة تخطئ في تحركاتها، ولكن ما توصلت إليها لن يكون له فائدة، فإنها بالفعل لن تستطيع الخروج من ذلك المبنى تمام.

كما أن ذلك الشخص الذي كان يتواصل معهم قد أخبرها بأنه سوف ينقطع عنها في الإتصال في الوقت القادم ،ولذلك فقد انقطعت جميع الأتصالات التي قد تصلها لمهاب، وكانت تنتظر ماذا سوف يفعل معها جاسر؟ هل سيشفع لها حبها أم ماذا سيحدث؟ كل ذلك كان يدور في عقلها

بينما كانت تفكر وجدت الباب يفتح مرة أخرى ويدخل عليها جاسر قائلاً:

- أنني قد قدمت لأجعلك تندمين على اليوم الذي قد وضعك القدر في طريقي.

وقام بفك يدها وسحبها إلى إحدى الغرف السرية، كانت تلك الغرفة مظلمة ليس يوجد بها أي شعاع للنور، وعندما أضاء نورها وجدت أن ذلك المكان لم يدخله أحد منذ أعوام فإنه غير نظيف، كما أن شباك العنكبوت في كل مكان، وقد لاحظت وجود بعض الحشرات التي تزحف حولها.

هنا نظر لها جاسر وقال لهم:

- حسناً فإن هذا مكانك في وسط تلك الحشرات، فإنك قد اقتحمتِ حياتي، ولقد وقعت بالفعل في حبك، ولكن ما لا تعلميه أنني بعد كل ذلك الحب سوف يتحول حبي إلى كراهية، فكيف لحشرة مثلك أن تخدعني، وسوف أصل إلى من أرسلك كي أعلمه هو الآخر درساً لن ينساه.

ولكن عندما أتفرغ منك أولاً وانتهي من التسلية بك، سوف أقم بإطلاق الرصاص عليكِ كي أتخلص منك إلى الأبد.

نظرت إليه شهد بألم ولم تتحدث، فقال لها:

- لماذا تنظرين إلي هكذا هل قمت بخداعك؟ هل قد أوهمتك بالحب؟ فإنني عندما أعشق سوف أعشق فتاة لم يمسها أحد، فإنك مثل القاذورات لا يتهافت عليك إلا الذي مثلك، ولقد وقعتِ في طريقي ولن أتركك تسيرين كما تشائي.

فإن القدر قد جعلك في طريقي، كي احطمك ثم نظر إلى أدهم وقال:

- هذه الحشرة لا تأكل حتى آذن أنا بذلك، ولا يناولها أحد أي شراب، فأنا سوف آتي من وقت لآخر حتى أتسلى بها.

نظرت إليه ولم تتفوه بشيء، فكانت تلعن قلبها الذي عشق، فلولا ذلك لكانت فتكت به، ولكنها لا تقوى على كسرت قلبها، غادر جاسر ومعه أدهم وأغلق الباب، فأصبح الظلام هو سيد المكان.

بينما أخبرها عقلها قائلاً:

- ألم أخبرك بأن تنهي مهمتك وترحلي، ولكنك بلهاء قد مشيت وراء ذلك الأبله الذي لا يعلم إلا العواطف.

هنا قال لها قلبها:

- أنني لم أعلم بأنه ذو قلباً قاسياً، فكنت أظنه بأنه عندما يكتشف أمرك سوف يكون هو السند، ولكن لقد أخطأت تلك المرة.

بينما قال عقلها:

- والآن بماذا سوف تنصحها؟ هل لديك شيء آخر سوف تجعلها تقع فيه.

كانت شهد في صراع ثم قالت:

- حسناً سوف أتحرك لأجد الملاذ من ذلك المكان.

حاولت شهد أن تتحسس جميع الأماكن ولكن بحذر كي لا تنصدم بشيء، وأخذت تبحث في كل الجهات فكانت تتعرقل من حين إلى آخر ولكن أثناء ما كانت تحاول الوصول إلى الحائط، أصطدمت بشيء مما أفقدها توازنها.

قامت بجعل يدها أمام وجهها كي يكون حماية لها ولا تصاب بأذى، ولكنها قد دخل بذراعها شيئاً حاد، مما جعلها تصرخ من الآلام ولكنها حاولت أن تزحف حتى تجلس في مكان آمن ، ثم أخذت تتحسس يدها فوجدت شيء يسيل عليها، فعلمت بأنها قد جرحت يداها.

بينما كان أدهم يشعر بالخوف عليها، فإن تلك الغرفة بها كثير من الأشياء الحادة، فإن أخطأت في التحرك سوف تصاب بالفعل، كما أنه كان ينتظر أن يغفو جاسر حتى يقوم بمحادثة سلمى، فإنه يريد ان يستشيرها في ذلك الشيء.

عندما غفا جاسر خرج أدهم إلى الخارج وقام بمهاتفة سلمى.

كانت تجلس سلمى مع والدتها وأمينة فوجدت اتصالاً من أدهم، فاستاذنت كي تجيب عليه، عندما دخلت غرفتها أجابته قائلة:

- لماذا تتصل بي؟ هل حدث شيء؟

فقال أدهم بسرعة:

- نعم فلقد كشف جاسر أمر شهد.

صدمت سلمى وقالت:

- هل علم أنها من نفس الجهاز الذي ينتمي له؟

قال لها أدهم:

- بل لقد أيقن بأنها تنتمي إلى إحدى العصابات، وقام بضربها بالإضافة إلى حبسها في إحدى الغرف المظلمة.

كانت سلمى تحاول الصراخ ولكنها قد كتمت ذلك حتى لا تثير شكوك من في الخارج، فقالت:

- وماذا سوف تفعل؟ هل سوف تنتظرها حتى تموت؟ فإن جاسر عندما يعشق يعشق بقلبه، وعندما يكره يكره بعقله، فعليك أن تقف بجانب الفتاة كي تخرجها من ذلك الوضع.

فإنني لن أتحمل أن تتأذى هذه الفتاة، فيكفي ما رأته في حياتها، قال لها أدهم :

- وماذا رأت في حياتها؟

أخبرته بأن يركز في حل تلك المعضلة أولاً، ثم سيعلم كل شيء.

بينما كان جاسر يغفو وجدها في منامه، وهي تنظر إليه وتعاتبه عما فعله بها، وكانت نظراتها مثل السهام التي تخترق جسده، وعندما جاء كي يحدثها ويخبرها بأنها هي من خانت حبه، وجدها تختفي من أمامه فأخذ يبحث عنها في جميع الإتجاهات ولكنه لم يجدها، فعلم بأنها قد اختفت تماماً من حياتهم.

أستيقظ جاسر وهو يشعر بأن أنفاسه تسحب منه، وأخذ يبحث عن كوب الماء، في ذلك الوقت لاحظ ادهم ذلك فذهب إليه على الفور، وأعطاه الماء وقال له:

- ماذا حدث؟

فقال له جاسر:

- لا أعلم فقد رأيت رؤية فإن كانت صحيحة، فأعتقد أنني قد ظلمت شهد، ولكن قد رأيتها بعيني، فماذا أفعل هل أصدق منامي أم أصدق ما رأيت؟

هنا علم أدهم بأن صديقه في صراع بين عقله وقلبه، فقلبه لا يصدق ما يحدث، ولكنه صمت وقال:

- عليك أن تنتبه فإنك إن خسرت شيئاً، فلن تفلح في إرجاعه.

بينما نظر له جاسر وقال:

- سوف أذهب إليها وأعلم منها الحقيقة.

ذهب جاسر إلى شهد وأضاء المصباح، فتفاجأ بالدماء التي تنزف من ذراعيها، وأنها قد اغمى عليها، فقام بحملها والصعود بها الغرفة وقد استدعى الطبيب، كي يكشف على ذلك الجرح، لأنه حاول أن ان يداويه ولكنه لم يفلح.

وبالفعل حضر الطبيب الذي قام بتنظيف الجرح ثم وضع الكثير من الشاش وقال:

- أنها من المفترض أن لا تتحرك، حتى يلتئم الجرح.

بينما كان أدهم ينظر إلى جاسر الذي وجده يشعر بالذنب تجاهها، وعندما سأل جاسر الطبيب لماذا لم تستفيق حتى الآن، فأخبره بأنها قد فقدت الكثير من الدماء، فأخبره بأن يهتم بطعامها والكثير من السوائل حتى تعوض الذي فقدته.

أنصرف الطبيب وقام جاسر بالطلب من أدهم بأن يظل بجانبها، وأنه سوف يغادر لجلب تلك الأشياء ثم يعود على الفور.

علم أدهم أن صديقه لم يغادر، كي يجلب الأدوية فقط، ولكنه قد شعر بتأنيب ضميره، ولذلك يريد أن يستنشق الهواء.

بينما قام بالإتصال بسلمى بعدما غادر جاسر كي يبلغها بكل ما حدث، فأخبرته بأنه عليه أن يساعدها في الهروب، فإن شهد تتسموا بالتحدي، وهذا ما لا يقبله جاسر وعندما يفشل في الحصول على ما يريد منها سوف يقتلها.

وهي لا تريد أن يحدث لها شيء، لأن أخيها سوف يشعر بالندم، عندما يعلم الحقيقه فيما بعد، كما أرادت أن تعلم منه متى سوف تنتهي المهمة فأخبرها بأنها أصبحت أكثر تعقيداً، ولكنه ينتظر شهد لأنه مقتنع بأنها لديها خيطاً غير الذي يسيرون فيه.


بينما كان يشعر بالغضب لعدم معرفته مكانها، وجد أتصالاً هاتفياً يبلغه أحدهما بأنها قد عادت مرة أخرى، وبذلك سوف ينتظر عدة أيام حتى تأتي إليه مكبلة، فأخبره بأنه أن لم يقدر على تلك المهمة، فليتراجع وسوف يرسل من ينهيها، فأخبره بأنه ينتظر ذلك اليوم كي يرد حقه، ولذلك سوف ينهي هو المهمة.

كان يشعر بالانتصار فأخيراً سوف يلتقي بها، وينهي جميع الحسابات بينهم، فأنها قد أفسدت له العديد من أعماله، نظر إلى ساعته فسوف يسافر بعد ساعات ويعود على الفور، كي يتفرغ لها.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي