الفصل التاسع

بينما كانت أمينة تجلس لتناول العشاء مع مراد و خالد، شعرت بوخزة في صدرها وراودها القلق على شهد، فشعرت أن أبنتها في خطر، فقامت تحت أنظارهم ودخلت غرفتها، لكي تدعو الله أن يحفظها.

فى ذلك الوقت كان جاسر يشعر بأن قلبه قد أختلع، فسحب سلاحه وقام بإطلاق النار، فكان جاسر كالأسد الذي يزأر ولا أحد يستطيع أن يقف أمامه.

وكان أدهم هو الآخر يطلق النيران، بالإضافة إلى رجال الحماية الخاصة بهم، ولكن صدم الجميع عندما وجدوا وابل من الرصاص يحيط بهم، هنا نظر الصديقان إلى بعضهم البعض، ولقد أيقنوا أنها النهاية لهم.

ولكن ما حدث قلب كل شيء رأساً على عقب، فلقد وجد جاسر و أدهم بأن جميع من حولهم يتساقطون واحد يلو الآخر، كان جاسر ينظر لأدهم يريد معرفة ما يحدث، ولكنه أشار بأنه لم يفهم.

لم يطل تسألهم سريعاً، حتى جاءهم الجواب، عندما وجدوا الشخص الذي أستلم البضاعة موجه على رأسه السلاح، وأحدهما يسحب شنطة البضاعة من يده، وما زاد تعجبهم عندما سمعوا الصوت الأنثوي قائلة:

- مفاجأة صح لم تتوقعوا من أنا.

هنا شعر الجميع بالصدمة ماعدا أدهم، الذي كان يريد أن يعلم ماذا سوف تفعل؟ كي تتخلص من تلك المعضلة.

ولكن صدم عندما قالت:

-  هل تعلم مستر أدفانس عني أنني يمكنني أن أعطيك الأمان؟ فأنك مشهور بالغدر والخيانة.

نظر لها أدفانس وقال متفحصاً إياها:

- جيسي أحقاً أنه أنت، فأنني لم أراكِ منذ مدة.

نظرت له بإبتسامة قائلة:

- نعم لقد عدت كي أفسد لك كل ما تخطط له.

قال لها:

- حسناً فلتعطيني تلك الحقيبة، فهى تخصني.

نظرت له بتحدي وقالت:

- لم يحدث ذلك إلا بشرط.

نظر له وقال:

- وما ذلك الشرط قطتي.

فقالت له:

- حقيبة الألماس التى حصلت عليها منذ عدة أيام.

نظر لها بصدمة وقال:

- أنكِ لا يخفى عليكي شيء، ولكن تلك الحقيبة لا يعلم أحد عنها شيء.

فنظرت له بغرور وقالت:

- نعم ولكنني الحرباء وأعلم كل ما يدور خلفي، فلتعطيني الإجابة سريعاً، كما أنك تعلم بأن عندما أريد الحصول على شيء، سوف أحصل عليه.

هنا شعر أدفانس أنها تهدده فقال لها:

- حسناً وأنا قبلت ذلك العرض، وسوف أجلب لك البضاعة الخاصة بك مقابل تلك الحقيبة، ولكن أريد أن آخذ منك وعد بأنك لن تغدري بي.

نظرت له بتمعن وقالت:

-  لا أستطيع ذلك، ولكن يمكن أن أعطيك مهلة لمدة ساعتين، فإن لم تجلب لي ما أريد فلا تنتظر مني خير.

نظر له وقال:

- حسناً فأنا سوف أذهب لجلبها.

نظرت له وقامت بإطلاق إحدى الرصاصات في الفراغ وقالت بغضب:

- إنك تريد أن تتلاعب بي، وقامت بضربه بمؤخرة المسدس الذي كان معها وأكملت قائلة:

- لا تحاول أن تفعل ذلك مرة أخرى، وإلا سوف يكون من حظك رصاصة طائشة مني.

كل ذلك تحت صدم من جاسر الذي ظن أنه قد خدعته، فكان يريد أن يفتك بها لولا وجوده في المكان، وما أثار غضبه هو خوف أدفانس منها، كما أنها تلقب بالحرباء، فأن صاحبت ذلك الإسم الكل يعلم بخطورتها.

كان أدهم يعلم ما يدور في عقل صديقه، ولكن لا يعلم ماذا سوف يقرر؟

قام أدفانس بإجراء مكالمة لكي يأتي أحد بالحقيبة، لأن شهد قد رفضت أن يتحرك أحد من الداخل، بينما نظرت إلى جاسر وقالت :

- زوجي العزيز أين وجبة الطعام التي قد وعدتني بها؟ فأنني أشعر بالجوع.

نظر لها وقال:

-  هل تتحدثين بجدية أم تمزحين؟

فقالت بدون مبالاة:

- نعم فأنا أشعر بالجوع، وأريد وجبتي الآن.

ثم صمتت فقالت موجهة حديثها لأدفانس:

- أدفانس فلتأتي لي بوجبة، أنني أشعر بالجوع، فهل يمكن أن تجلب لي كل الطعام المحبب لي؟

نظر لها أدفانس وهو يشعر بالغيظ قائلاً:

- سوف أجلب لك الطعام، هل تريدين شيء أخر؟

نظرت له وقالت:

- المشروب الخاص بي، هل مازلت تتذكره؟

نظر له وقال:

- نعم مازلت أتذكره، وقام بوضع يده على جرح في وجه وأكمل قائلاً:

- فأنني أتذكره كل يوم عندما أنظر في المرآة.

ابتسمت له وقالت:

- أنني يجب أن أترك لي ذكرى في المكان الذي أذهب إليه، لا أعلم لما الشعور بالجوع يزيد بداخلي.

وقامت بإلقاء إحدى الكاسات في إتجاهه، فتفاداها فتهشم الكأس إلى قطع صغيرة.

كان أدهم يشعر بالسعادة، فهو كان يسمع عنها ولكن لأول مرة يرى أفعالها مباشرة، لكن جاسر كان يشعر بالتعجب فكيف له في الصباح تتحدث بنبرة حانية، والآن بنبرة حادة؟

وكيف يشعر تجاهها بالعطف والآن بأنه يريد الإنتقام منها؟

بينما قام أدفانس بجلب لها الطعام الخاص بها، وجلست تتناوله في وسط نظرات الجميع، وعندما أوشكت على الإنتهاء قامت بإطعام جاسر، مما جعله يتيقن بأنها يوجد شيء في عقلها.

بينما كان خالد يشعر ببعض التعب، لكنه لم يريد الإفصاح عن ذلك حتى لا ينشغل بيه أحد، فيكفي شعور والدته بالحزن بعد رحيل شهد، و أنشغال والده في توسيع المشروع، لكنه لم يستطيع وقام بالصراخ من شدة الألم.

حضرت أمينة عندما سمعت صوت الصراخ، فوجدت خالد ملقى على الأرض يصرخ من شدة الآلام، لم تفكر بل قامت بصراخ كي يلحقها أحد.

بالفعل تجمهر الناس في البيت بعد لحظات من الصراخ، وقاموا بنقله إلي المشفى، وعندما فحصه الطبيب، أخبرها بأنه يجب تجهيز غرفة العمليات في ذات اللحظة، فقامت بمحادثة مراد كي يلحقها.

لكنها صدمت من رد مراد عليها، عندما أخبرها بأنه لا يستطيع القدوم ويغلق المحل، وأنه يثق بها في تلك الظروف، كما أنه ليس لديه مال كي يحضره، فلقد وضعه بالكامل داخل المشروع.

أغلقت الهاتف وأخذت تلعن تلك اللحظة التي أحببته فيه، فأنها كانت تظن بأنه يعشق خالد، ولكن ما تراه الآن عكس ذلك، فهو لم يعشق أحد بل يعشق ذاته فقط.

في تلك اللحظة وردها إتصال من مهاب يخبرها، بأنه يريد التواصل مع شهد، فلتخبرها بذلك عندنا تحدثها،
فأجابته بأنه سوف تفعل ذلك ثم قال لها مهاب عندما وجد آثار الحزن في نبرة صوتها:

- لماذا يبدو على صوتك الحزن؟ هل حدث شيء؟

فأجابته بأن خالد في المشفى ويخضع لعملية جراحية الآن.

أخبرها بأنه سوف يأتي في ذات اللحظة لكي يكون بجانبها.

بعدما أغلق مهاب الهاتف ورده مكالمة من صديقاً له لم يراه منذ مدة طويلة، فتحدث معه ولقد أخبره صديقه بأنه في مهمة منذ فترة، ومازال في تلك المهمة، وأنه يريد أن يعلم منه معلومات عن شخص.

شك مهاب في شيء فقال:

- فلتخبريني يا صديقي لماذا تريد تلك المعلومات؟

فأخبره بأنه سؤال فقط، فلقد أعجب مما سمع عن ذلك الشخص من قدرات.

فقال له مهاب:

- إذن فماذا تريد معرفته؟ فمن حديثك إنك تعلم كل شيء عنه.

بعد ذلك شعر الشخص بأنه قد ينكشف أمره، فقرر أن ينهي الحديث.

في تلك اللحظة قد وصل مهاب إلى المشفى، ووجد والدة شهد تبكي، فذهب لها كي يطمئنها بأنه معها ولن يتخلى عنها.

بالفعل حضر شخص ومعه الحقيبة، فقامت شهد بأخذها منه ونظرت قائلة:

- نعم فهذه الحقيبة التي أقصدها، وسوف أعطيك الحقيبة الأخرى، ولكن فلتعلم بأن حركة الغدر التي فعلتها منذ قليل أين المقابل الخاص بها؟

نظر لها أدفانس قائلاً:

- فلتخبريني ماذا تريدين؟ كي ننهي ذلك العرض.

فأخبرته بأنها تريد نصف ما في الحقيبة الأخرى، هنا أخبرها بغضب أن ذلك غير عدل .

بينما شعرت شهد بحركة غريبة من خلفها، فقامت بإطلاق النار دون النظر إلى الهدف، وبالفعل سقط إحدى رجال أدفانس في الحال.

فعادت النظر إلي أدفانس قائلة:

- بعد تلك الحركة ليس لك أي شيء لدي، حتى تتعلم العادات، كما أن المرة القادمة لا أعلم أتجاهها.

وأشارت إلى رأسه.

نظر لها أدفانس وعلم بأنها لا تمزح، ولذلك أخبرها بأن تلك البضاعة هدية إليها، على وعد منها بأن تتركه يرحل في أمان.

فقالت له:

-  بل سوف نرحل نحن، ونترك لك المكان حتى تعيد تنظيفه، فإن آثار الدماء في كل مكان، وهي تعشق النظافة.

ثم نظرت لجاسر وقالت:

- هيا زوجي العزيز فعلينا الرحيل، فإن العشاء في ذلك المكان غير جيد، فعلينا الذهاب كي نتناوله معاً في جو من الرومانسية، فأنا أعشق الرومانسية.

ونظرت له نظرة تحدى، فقال أدهم مازحاً:

- أننى أعشق هذا اللون من الرومانسية.

فقام جاسر بالزج به للخارج وهو يتوعده لما لفظ به الآن.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي