الفصل العاشر

مرة عدة أيام ولم ينسى جاسر ما حدث ليلة الحادث، فأخذ يتذكر عندما عادوا وتركها كي يذهب إلى أدهم،  أخبرته أنها تريد وجبة العشاء، شعر بالتعجب فقد ظنها أنها تمزح.

ولكن شعر بالصدمة عندما طلبت الكثير من الطعام، فهو على علم بأنها تحاول أن تستفزه، كي تعلم ما يدور بداخله.

وأبتسم أبتسامة بسيطة عندما تذكر ملامح وجهها عندما جلب لها الطعام دون أن يتحدث، فلقد قرر أن يصمت حتى يرى رد فعلها، وقرر في ذلك الوقت أن يرى ماذا سوف تفعل من خلال الشاشة؟

فوجدها لم تمس الطعام بشيء، وكانت تقذف ما في الغرفة في إتجاه الكاميرا، كأنها توجه له رسالة، ولم ينسى وجه أدهم حينما نظر له فكان سعيد لما يرى، ولم يصمت بل أخبرني بأن أذهب إليها، كي أعلم ما الذي جعلها تشعر بالغضب.

حينها نظرت له وتركته وذهبت إليها ودون أن أتفوه بكلمة، قمت بحملها على ظهري وبكل قوتي قذفتها على الفراش، وكلما تحاول الهجوم أعد قذفها حتى شعرت بالتعب.

أفقت من شرودي على صوت أدهم وهو يسألني قائلاً:

- ماذا سوف تعلم؟ هل الحرباء أفصحت لك عن ماذا سوف تفعل بالحقائب؟

فأجابه:

-  لا لم تفصح ولكن لا أعلم أين وضعت تلك الحقائب، فلقد بحثت ولكن دون جدوى.

نظر له أدهم وقال محدثاً ذاته:

- لقد قامت بأخفائها في أكثر مكان تتواجد به، فأنت لن تتخيل ذلك المكان.

نظر جاسر إلى أدهم وقال:

- في ماذا تفكر يا صديقي؟ فأنك دائماً شارداً.

أنتبه له أدهم وقال:

- أني أتعجب من تلك الفتاة، فأنها قادرة على التلون، كما أن أدفانس قد شعر بالرعب عندما علم ما هويتها، وذلك يعني أنها قد كانت معه ولكن هناك شيء قد تغير في ملامح وجهها، وإلا كان قد تفطن لها عندما رأها.

صمت جاسر وقال:

- لقد كنت أفكر في ذلك الأمر، ولكن لن تفصح تلك الحرباء عن ما يدور بداخلها، ولذلك علي أن أراقبها.

نظر له أدهم وقال :

- وأنا سوف أراقبها معك، حتى تصبح محاصرة.

عاد خالد  للمحل بعدما خرج من المشفى، فلقد أخبرهم الطبيب بأن حالته مستقرة ومكث في البيت حتى تماثل في الشفاء، وعلم بأن والده لم يزوره وأن مهاب من وقف بجانب والدته خلال مدة مكوثه في المشفى.

كما شعر بالندم، حينما علم بأن شهد قد أرسلت له أموال، فكيف لها أن تفعل ذلك؟ تقابل كل ما فعله معها، بسلوكاً مخالفاً له.

وحينما كان في أشد الأوقات إلى أبيه لم يجده بل وجد أخته التي كانت دائماً سنداً له، فقرر أن يأخذ موقف من أبيه.

فيكفي ما حدث لهما من وراءهم، فهو من أجبره على الزواج من تلك اللعينة، لأنه يريد أن يرى أحفاده قبل أن يموت، وبالفعل أستمع إلى كلامه، كانت النتيجة خسارة فادحة له في وقت من عمره.

وكان يريد من شهد أن تترك وظيفتها، لأنها لا تليق عليها، لكن شهد كانت تتسم بالذكاء، فرفضت على الفور، فكان يحاول أن يحطم من عزيمتها، ولكن كانت عزيمة شهد التى صنعتها لن يستطيع أحداً تحطيمها.

في مكاناً أخر يكثر فيه إرتكاب الذنوب، يجلس وهو يكاد لا يرى شيء، من كثرت ما يتناوله من ممنوعات، حتى وجد أحداً ما يتحدث معه قائلاً:

- يا لك من أحمق، لماذا قمت بارتكاب تلك الجريمة؟

نظر له وقال:

- لأنها قد طمعت فيما لديها من بضاعة، و أخبرتني بأنها قد فقدت البضاعة، وأخذت تتهمني بأني من قمت بسرقتها، وأنا أعلم بأنها هي من فعلتها.

وقامت برفع السكين الخاص بتقطيع الفاكهة، كي تضربني به ولكنني أخذته منها وقمت بطعنها على الفور، و خرجت مسرعاً قبل أن يكتشف أحد مقتلها.

أخبره صديقه بأنه فد حضرت الشرطة بالفعل في ذات اليوم، وبحثت عن شيء بالداخل ولم تجده، وأنه يعتقد أن هناك طرف أخر قد حصل على تلك البضاعة.

نظر ذلك الشاب إلى حديث صديقه وقال:

- إذن من فعلها هو طليقها.

فأخبره صديقه أن طليقها قد أخذته الشرطة، ولكنه خرج في ذات اليوم، ولقد علم بأنه قد خضع لعملية جراحية.

بينما ظل أبيه ملازم المحل لا يتركه أبداً، كما عليه أن يختبئ في ذلك الوقت، لأن هناك أحد من الأشخاص قد أخبر الشرطة، بأنه كان هناك شاباً يتردد علي المجني عليها.

هنا نظر له بتوتر وقال:

- هل علمت الشرطه شيء عني؟ أم مازلت التحريات قائمة؟

فأخبره صديقه أن مازالت التحريات قائمة حتى الآن، للبحث عنه.

كانت أمينة تحضر الطعام لخالد، كي يستعيد قوته، وكانت تتذكر شهد فهي كانت لا تتركها ابداً، وعلى الرغم من عدم وجودها، ولكن تلك الأموال التى تركتها مع مهاب، هي من ساعدتهم في شدتهم.

كما تمنت لو أن تسمع صوتها، فهي لم تسمعه منذ عدة أيام.

بينما كانت شهد تريد ان تطمئن على والدتها، فلقد انشغلت عناها، كما أنها بالفعل قد أصيبت وظلت فترة طويلة تنزف دون أن تشعر، وتذكرت حينما عادت وحاولت أن تهجم عليه، وقام بالسيطرة عليها، حتى خلدت إلى النوم، وشعرت بالتعب.

في ذلك اليوم تركها تغفو على الفراش ولم يوقظها، لأنه علم أنها تشعر بالجهد، وحينما أتى الصباح وجدت آثار دماء، فحاولت استكشاف ما أمر تلك الدماء حتى تواصلت إلى ذلك الجرح.

عادت من شرودها عندما تذكرت والدتها، وأشتياقها إلى سماع صوتها، ونظرت إلى الكاميرا كي يعلم بأنها تريده في شيء، وبالفعل ذهب إليها وأخبرته بأنها تريد الحصول على هاتف ولكنه رفض، كي يعلم رد فعلها.

وأخبرها بأنها أن كانت حرباء متلونة فهو ثعبان، شعرت بالحزن فإنها كانت تريد أن تطمئن على والدتها، ولكنها قررت أن لا تظهر ذلك له حتى لا يشعر بالتغلب عليها،.

بينما كان مراد يفكر في جمع الكثير من المال، ولم يتذكر أمر إبنه الذي كان في المشفى لمدة ثلاثة أيام، في ذلك الوقت كان المحل مليء بالأشخاص، وكانت هناك من تتلاعب به، فإنها وجدته فرصه كي ينتشلها من الفقر.

لكنها تريد أن تتلاعب معه بهدوء، حتى لا ينكشف أمرها، ولقد نسى مراد زوجته التي كان يعيش معها هي وأبنائه، وأصبح يشتاق إلى رؤية تلك الفتاة من حين لأخر.

فلقد جعلته يشعر بأنها قد جاءت كي تعيد له شبابه، وليس كي تحصل على ما معه من أموال، بدأت سلوك مراد يختلف عما كان عليه، فأصبح كثير التحدث في الهاتف ، ويهتم بذاته وبمظهره، حتى جميع المحيطين به شعروا بشيء غريب قد تغير في سلوكه.

كما أن أمينة لم تبالي بما يفعله، فأنها قد وصلت لمرحلة اليأس من أفعاله، كما أن خالد شعر بأن والده ليس سند حقيقي له، فأن وجود شهد معهم كان يعطيهم الأمان، فعزم على فعل شيء ولكنه قرر عدم الإفصاح عنه.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي