الفصل الخامس

نظرت اليه أمينه بغيظ وقالت:

-  أنا سوف أبحث عنه، فلقد وضعته أمس في ذلك الرف، ولكن أين قد ذهب.

وبالفعل قامت بإفراغ ملابسها، ولكن لم تجد شيئاً.

هنا صرخت أمينة بمراد وقال:

-  أين قد أخفيت الصندوق؟  فتلك الأمانة قد تركتها أبنتك معي.

صرخ بها مراد وقال:

-  لم آخذ شيء أنني كنت أبحث عنه، ولم أجده.

صرخت به وقالت:

-  لم يدخل أحد الغرفة غيري وغيرك، فمن أخذه؟

قال لها مراد بغيظ:

-  أنا لم أخذ شيء، فإذن أنت من فعلتيها وجئتِ الآن، كي تلصقي التهمة بي، فإنني لم أحصل على شيء، وأنك من أخفيت ذلك الصندوق.

نظرت إليه وقالت:

-  بل لم يحدث ولما أسرقه وهو معي، بل أنت من فعلتها وتحاول الإنكار.

هنا دخل عليهم خالد من الخارج عندما وجد الصوت قد ارتفع، وقال:

-  ماذا يحدث؟

نظرت أمينة إلى مراد وهي تتحدث قائلة:

-  لقد أخذ أبيك الصندوق الخاص بشهد، ولا يريد أن يعيده.

هنا صرخ بها مراد قائلاً :

- أنك غير مقتنع بأنني لم آخذ شيء، فإنني كنت أبحث عنه بالفعل، ولكن لم أحصل عليه.

صرخت به أمينة امينه وقالت:

- كفى فلتخرج ذلك الصندوق الآن، فليس لأحد النية في أخذه غيرك.

تدخل خالد محاولة تهيئة الجو قائلاً :

- حسنا فلنخرج لنتناول طعامنا، ثم نعود لنبحث عن ذلك الصندوق.

نظرت إليه أمينة قائلة:

- حقاً كل همك هو تناول الطعام فقط، حسناً فلنتناول الطعام ثم نعاود في البحث عن الصندوق، و لن يرحل أحد من ذلك المنزل، حتى يظهر
ذلك الصندوق.

كان الجميع يتناول الطعام وعين كلاً منهما على الآخر، وعندما انتهوا من تناول الطعام، قاموا بالبحث عن الصندوق في البيت بأكمله، ولكن لم يجدوا له أثر.

قالت أمينة وهي تبكي:

- لولا خروج تلك الأفعى أمس وكان الصندوق على الطاولة،  لظننت بأنها قد أخذته، ولم يخرج أحد من المنزل، فأين ذهب ذلك الصندوق؟

وعندما شعرت باليأس تركت الأمر لله، كي يحفظ أمانة ابنتها وتذكرت شهد وأخذت تبكي، فهي لم تعلم شيء عن أبنتها وتشعر بالقلق عليها.

بينما نزل كلاً من خالد ووالده إلى المقهى، كي يتناقشون في أمر ذلك المشروع،  ومازالت أمينة تبحث لعلها تجده ولكن دون أثر.

بينما كانت شهد قد جلبت إحدى قارورات المياه بالإضافة إلى أدوات التنظيف وقامت بسكب مواد التنظيف على الأرض، مما جعلت الأرض أكثر لزوجه،   وقامت بربط إحدى الأقمشة حول وسطها، حتى لا تتسخ ملابسها.

بينما كان جاسر ينام شعر بشيئاً ما قد بلل فراشه، وأن يده تلمس شيئاً لزج، فقام مذهولاً لكي يتأكد مما شعر به،  وبالفعل وجده بأن المياة قد بلل فراشه، ورائحة مواد التنظيف قد تجعله يختنق، فنظر لشهد قائلاً :

- ماذا تفعلين هل أصابك الجنون؟

نظرت له وقالت ببرود:

- بلا لقد وجدت أن الأرضية متسخة، فقمت بجلب الأشياء كي أنظفها، فإنني لا أستطيع الجلوس في مكان غير نظيف، كما أنه يجب عليك الأستيقاظ، كي  تجلب لي وجبة الإفطار، فأنا زوجتك الآن ولي عليك حق، فعليك أن تقوم بأداء مهامك الزوجية على أكمل وجه.

قال لها:

-  حسناً سوف أقوم بإرسال أحدهما لجلب ما تريديه، ولكن هل يمكنك أن تخبريني كم الوقت الآن؟

نظرت له وقالت بكل برود:

-  أنها السادسة صباحاً.

نظر لها وقال بغيظ:

- هل تعلمين أنني لم أغفل ربع ساعة؟ فلقد كنت أشعر بالقلق طوال الليل ولم أخلد للنوم إلا منذ قليل، كما الجميع الآن نائمين فلا أحد سوف يستفيق قبل الساعة الحادية عشر،  عليك أن تنتظري وجبة الإفطار

وأن كنت لا تستطيعين فعليك أن تعاودين النوم، وعندما يأتي الطعام سوف أقم بإيقاظك.

نظرت له وقالت:

- حسناً فسوف أقم بتنظيف المنزل، بالإضافة إلى تلك الغرفة القذرة، التي كنت بها أمس في الأعلى، فسوف أذهب الآن لتنظيفها.

قال لها بغضب:

-  إياك أن تذهبين إلى تلك الغرفة، فإنك لا يحق لك الخروج خارج ذلك الجناح، وأتمنى أن لا أعيد الحديث معك مرة أخرى في ذلك الأمر.

فقالت له:

- أتمنى أن استمع إلى حديثك، ولكنني لا أستطيع أن أستمع لحديث أحد.

نظر لها بغضب واخذ الوسادة الخاصة به، بالإضافة إلى الغطاء، وبينما كان يخرج نظر لها وقال:

-  من أين جلبتي تلك الملابس، فأنا أعتقد بأني قد رأيتها من قبل.

نظرت له بإبتسامة بلهاء قائلة:

- لقد وجدته في خزانتك، وأعجبني ولكن لا تقلق فأنا ارفعه كي لا يتسخ.

نظر له وقال بذهول:

- هل ذلك الطقم الذي كان في خزانتي من الجهة اليسرى.

نظرت له وقامت بهز رأسها بالايجاب.

جز على أسنانه من الغضب وخرج من الغرفة، حتى لا ينال منها.

كان أدهم  يشعر بالملل، فلقد استيقظت مبكراً على غير عادته، ولكنه ما جعله يشعر بالتعجب عندما وجد الباب قد فتح، ودخول جاسر عليه بالغطاء والوسادة،  لم يستطيع كتم ضحكاته، ولكن جاسر لم يبالي

ولم يتحدث بل قد ذهب إلى الفراش بوسادته وغطائه  وخلد إلى النوم دون أن يتفوه بأي كلمة وعندما وجد أدهم بأن جاسر قد غفى قال محدثاً  ذاته :

- حسناً  فلقد علمت كل شيء بعدما غادرت يا صديقي أمس، ولن أستطيع التحدث بشيء، كي لا يفسد شيء، كما أنك قد شبهتها بالقطة، ولكن ما لا تعلمه بأنها ليست قطة بل إنها مثل الذئب، فهل سوف تفوز يا ثعلب أم سيفوز الذئب؟

كانت شهد قد شعرت بالغيظ فلقد تركها وغادر، فقررت أن تجمع ما كل شيء، وتعيد ترتيب المكان ، ثم تستكشف المكان وهي تعلم بأنه قد خلد للنوم، أجمعت الأشياء بسرعة، وقامت بالخروج من غرفة النوم

وأخذت تنظر للجناح لعلها تجد شيئاً، فكانت تتحرك بسرعة قبل أن يأتي أحد، كان أدهم في ذلك الوقت ينظر من خلال تلك الشاشة، لأن جاسر قد فصل تلك الشاشة عن غرفة النوم فقط.

أما باقي الجناح فهو أمامه على الشاشة، وأخذ ينظر إليها وإلى خفة حركتها، وقال محدثاً ذاته:

- حسناً فهناك من سوف تنقلين إليه جميع الأخبار ولكن ما لا تعلميه، بأنك لن تعلمي شيئاً، لأننا بالفعل لن نترك أثراً خلفنا، وبالفعل لم تجد شيئاً فقرات الخروج إلى الخارج، رغم تنبيه جاسر لها.

هنا قال أدهم محدثاً ذاته:

- أنها حقاً تتسم بالشجاعة، فعلى الرغم من تحذير جاسر لها بعدم الخروج، ولكنها خرجت دون أن تبالي بحديثه، حسناً فسوف أنظر ماذا ستفعل؟

وبالفعل وجدها وصلت إلى إحدى الأبواب المغلقة، وقامت بفتحها بسهولة ودخلت بالغرفة وأخذت تنظر في جميع الإتجاهات، حتى ذهبت إلى إحدى الأركان.

هنا ضرب أدهم على رأسه وقال:

- يا لها تتسم بالذكاء، ولكن مع جاسر سوف يحدث مشكلة إذا أكتشف أمرها، سوف اجعلهم يلعبون معاً ولكن عندما يلزم الأمر، سوف أتدخل.

كانت في ذلك الوقت تشعر شهد بالسعادة، لأنها فتحت ذلك الباب بسهولة، وأخذت تبحث حتى وجدت إحدى الرفوف المليئة بالأوراق، فذهبت إليه كي ترى أي شيء يساعدها.

بينما كانت تبحث وجدت ورقه مخفية في إحدى الكتب، وعندما نظرت إلى تلك الورقة وجدت بها أرقام كثيرة، فعلمت بأنها شفرة فقررت أن تحتفظ بها لحين عودتها، واكتفت بذلك وقررت أن تعيد بقية الأوراق إلى مكانها.

بينما كانت تعيدها سقط شيء من إحدى الأوراق على قدميها، فقامت بالتقاطه فكان ذلك الشيء صورة لسيدة يبدو من مظهرها، أنها قد تجاوزت الخمسين عام، نظرة لخلف الصورة لعلها تعلم من تلك المرأة

ولكن وجدت حرفين فقط هما حرف ال W وحرف M، شعرت بالتعجب فماذا تعني تلك الحروف؟ فقررت أن تعيد تلك الصورة مكانها، لأنها تعلم بأن صاحبها سوف يبحث عنها، وهى لا تريد أثارة الشكوك حولها.

في ذلك الوقت تملل جاسر في فراشه، وشعر أدهم أنه سوف يستيقظ، بالفعل أول شيء سيفعله هو النظر في تلك الشاشة، فذهب سريعاً حتى وصل بالقرب من الغرفة، التي كانت توجد بها وهو يعلم بأنها سوف تشعر به.

شعرت شهد بوجود أحداً ما بالقرب منها، فعادت مسرعة إلى جناحها، وجلست على فراشها، كأنها لم تخرج في ذلك الوقت.

عاد أدهم إلى الحجرة وقام بمسح ذلك المقطع من الفيديو، كي لا يراه جاسر، لم يمر لحظات حتى استيقظ جاسر، وأول شيء فعله هو النظر في الشاشة، فوجدها تجلس على إحدى المقاعد فقال ضاحكاً:

- يا لها من حمقاء، هل تجلس كل ذلك الوقت دون ملل!

كان أدهم يريد أن يخبره بأنها ليست حمقاء، بل هو من يظن ذلك.

في ذلك الوقت كانت شهد في مكانها لم تتحرك، ولكن بعد قليل شعرت بالجوع والعطش، فقررت أن تبحث عن شيء يسد جوعها، وأنها سوف تنتظره لحين عودته، فهي لن تمر تأخر الطعام مر الكرام، فعندما يأتي إليها سوف تنال منه.

بينما طلب جاسر من أدهم أن يرسل أحداً ما، كي يجلب لهم الطعام، ولا ينسى أن يحضر لها هي الأخرى طعام خاص بها، فهو يعلم أن بعض الفتيات لهم طقوساً خاصاً، وأن تلك الحمقاء سوف يكون لها طعام خاص تفضله.

بينما أشار عليه أدهم بأن يذهب إليها، كي يعلم منها ما تريد تناوله.

نظر إليه وقال:

- حقاً انك تريد ذلك فقط أم أنك تريد أن أذهب، كي تحدث مناوشة بيني وبينها، ثم أقصها عليك كي تكمل تلك المسرحيه الهزلية، التي كنت تستمع إليها من أمس.

نظر إليه أدهم قائلاً:

- أحقاً أنت تعتقد أنني أريد ذلك؟

فأجابه قائلاً:

- نعم يا صديقي فأنا أكثر الناس علماً بك، ولذلك سوف أجلب لها الطعام وأرسله مع أحداً ما، ولن أذهب إلى الجناح حتى يأتي المساء، فإن تلك الحمقاء قد أصابتني بالجنون من يوم واحد

فماذا سوف تفعل معي بقية العمر؟ فأنا أشعر بالندم، لأني من وضعت لها عرض الزواج، فكنت أريد أن تقع فريسة لي، ولكنها هي من أسقطتني.


كان أدهم سعيد بأن صديقه قد وقع في الحب، ولكنه لا يريد أن يعترف بذلك، فإنه أخذ الموضوع من باب التحدي فقط، ولا يعلم بأن قلبه قد أسر.

بينما تذكر أدهم شيئاً فقال:

- جاسر أن اليوم لدينا مقابلة بالخارج في إحدى المطاعم، فعليك أن تجهز ولكنك عليك الإنتباه، فإنني لا أثق بهؤلاء الأشخاص، وأعلم أنهما في يوم من الأيام سوف يغدرون بينا.

نظر له جاسر نظرة ثقة قائلاً :

- لا تقلق يا صديقي فإنني أخطط لكل شيء، وأن لدي جاسوس في قصرهم يخبرني بكل ما يخططون له، ولكن ما يشغلني من الذي أخذ البضاعة؟ وبعد أن تعاملت مع تلك البلهاء

فإنني أعتقد بأنها لا تستطيع أن تأخذها، فعليك أن تراقب السوق، حتى تظهر تلك البضاعة، وعندما تظهر تخبرني بذلك.


بعدما انتهى خالد من الجلوس مع أبيه، صعد إلى المنزل وقرر أن يدخل غرفته، كي يأخذ قسطاً من الراحة، وأخذ يفكر هل ما فعله صحيح أم خطأ، ولكنه برر لنفسه فعل ذلك

في ذات الوقت تذكر أمر البضاعة التى احتفظ بيها لحين ردها إلى صاحب أمرها ويعيد شهد، ففتح خزانته ولكنه تفاجأ بعدم وجود البضاعة ولكنه وجد ورقة مكتوبة عليها، هذا حقي وقد رجع لي.

ذهب مسرعاً إلى إحدى الرفوف في خزانته و وضع يده في أخر جزء ليطمئن على مشغولات وأموال شهد فلقد أخذها من غرفة والدته، دون أن يراه أحد، ولكنه شعر بالراحة عندما وجدها، فحمد الله انه لم يسرق.

وخرج إلى الخارج وهو يستشيط من الغيظ، فكيف لها تلك الأفعى الدخول إلي المنزل دون أن يراها أحد، فوجد والدته تجهز الطعام ووالده يشاهد التلفاز، فسأل والدته هل أحداً ما جاء إلى البيت.

نظرت إليه والدته ووالده وهم يشعرون بالتعجب، فقالت والدته:

- لم يأتي أحد ولكن لماذا تسأل .

فأخبرهم بأنه هناك من سرق البضاعة من داخل غرفته.

هنا تذكرت والدته أنها حينما كانت تنظف المنزل وترتبه، سمعت صوت في غرفته فذهبت كي تعلم ما مصدر الصوت، ولكنها قد تفأجات بأن نافذة غرفته كانت مفتوحة، ولقد ظنت أنها فتحت من أثر الرياح.

فقال مراد:

- حسناً من سرق البضاعة هو من سرق صندوق المشغولات الخاصة بشهد.

فقال خالد:

- لكنني وجدت تلك الورقة.

وقام بإعطاءهم إياها، بعدما قرأت والدته الكلام، نظرت إليها ووقالت:

- فلتذهب إلى تلك الأفعى وتجلب منها الصندوق الخاص باختك، فإن لم تعطيك إياه فسوف ابلغ عنها الشرطة.

أخبرها خالد بأنه سوف يذهب إليها بالفعل، هنا تدخل مراد وأخبره أن يبتعد عن تلك الأفعى، فمن قادرة على أن تدخل البيت، لديها القدرة على فعل أي شيء، وأنها بالفعل قد جاءت إلى هنا، كي يذهب إليها ولا أحد يعلم ما تنوي ان تفعل به.

شعرت أمينه بالرعب على ولدها، فقالت لهم:

- حسناً فإن تلك الأفعى لا تبيعوا أي مشغولات ذهبية، فإن لديها حب الاحتفاظ بالأشياء، ولذلك فأنها لن تتنازل عنهم، وعندما تعود شهد فإنها الوحيدة التي تستطيع أن تعيد حقها، ولكنني أشعر بالحزن فكيف سأواجهها عند عودتها.

قال مراد بغيظ:

- كل ذلك بسبب غبائك، فإنك لو كنتِ أعطيتني إياها أمس لما حدث كل ذلك الآن، بدلاً من أن تذهب إلى تلك الأفعى التي لا فائدة لها.

بينما كانت تجلس وجدت أمامها من يرفع الحقيبة أمام وجهه وهو يقول:

- لقد نفذت كل ما تريديه، وتلك البضاعة بالفعل بين يديك، فماذا سوف نفعل؟
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي