الفصل الثامن والعشرون

قام مراد بجذب شهد من شعرها، وقال وهو يصدم رأسها في الحائط:

-  ما ذلك السر الذي تعلميه، فإن لم تخبريني به فسوف اقتلك.

  كان صوت ضحكاتها وهي تحاول استفزازه يملأ المكان، ثم تركها وذهب إلى والدتها وقال إن لم تخبريني بذلك السر، فسوف أقتل والدتك أمامك.

لم تستطيع شهد أن ترى والدتها في ذلك الموقف، وقامت بأبعاده عن والدتها، فقام بتوجيها المسدس إليها في الحال، وقال:

-  حسناً لقد أجبرت على ذلك، وعندما جاء كي يطلق الرصاصة عليها، أغمضت شهد عينيها فوجدت صوت الطلقة، ولكنها لم تصبها فقامت بفتح عينيها ببطء، كي ترى ماذا حدث؟

فوجدت أبيها يسقط أمامها سريعا وفي يد والدتها المسدس نظرت إلى والدتها وقالت:

-  ماذا فعلتِ؟

فأجابتها قائلة:

- لقد فعلت ما يجب أن أفعله منذ زمن، فلقد أمتد أذاه للجميع ولذلك كان علي أن انتقم منه، فإنه ظن بأنِ فريسة سهلة المنال، ولا يعلم بأنني من جعلته هو الفريسة وأنا الصياد.

أخبرتها شهد بأن لا تخبر أحداً بما فعلت، وأنها سوف   تتصرف، وأخبرتها بأن مسدس مراد مازال يحتفظ ببصماته، فلقد علمها مهاب كيفية إمساك الأشياء دون أن تمحي آثار الذي سبقها، ولذلك فبصمات مراد هي التى على المسدس.

أبتسمت لها شهد وأخبرتها بأنها سعيدة، بأنهم قد تخلصوا منه نهائياً، وقد علمت منه الكثير دون أن يعلم بأنه يعطيها حلاً لتلك الألغاز التي لم تجد لها تفسير.

نظرت أمينة إلى شهد وقالت:

-  أين سوف نذهب الآن؟ هل سنعود إلى بيتنا أم  إلى جاسر؟

نظرت إليها شهد وقالت:

-  سنعود إلى حق قد تأجل استرداده.

نظرت إليها والدتها وقالت:

- ماذا تعنين؟

أبتسمت لها شهد وأخبرتها بأنها سوف تعلم كل شيء، ولكن عليهم الآن أن يغادروا المكان، لأن ما فعله والدها في الخارج، سوف يجعلهم يرسلون أحدهما لقتله، وأن وجدوهم سوف يكونوا الضحية.

وبالفعل غادروا المكان، بينما كان مهاب ينظر في ساعة يده، لأنه قد حسب الوقت وكل ثانية تمر يشعر بالقلق يراوده، وعندما وصل إلى المبنى كان في نفس وقت وصول جاسر إلى المبنى،  ونظر الإثنان إلى بعضهم البعض وصعدوا معاً.

لكن عندما دخلوا تفاجئوا بأن مراد  في الأرض  وسط بركة دماء و آثر رصاصة أصابت قلبه، وعندما جاءوا كي  يعلمون ماذا حدث من خلال تفريغ الكاميرات التي لديهم؟ وجدوا الكثير من الرجال المسلحين يحاطون بهم.

نظر مهاب وقال لهم بحدة:

- من أنتم؟

نظر إليه إحدى الأشخاص قائلاً:

- أننا لا نريد منكم أيها المقدم مهاب أي شيء، فإننا جئنا من أجل مراد فقط، ولا نريد أي مشاكل بيننا.

أبتسم مهاب وقال:

- حسناً فإنك تعلم هويتي.

نظر إليه قائلاً:

-  أننا نعلم كل شيئاً ونعلم أن شهد هي من فعلت ذلك.

هنا تدخل جاسر قائلاً:

- أين ذهبت أن كنتم تعلمون حقاً؟

نظر إليه وأعاده تلك الإبتسامة التي تشعر ما حوله  بالاستفزاز قائلاً:

- حسناً جاسر ما الذي جاء بك الى هنا؟ فهل قد وقعت في حبها وجئت من أجلها؟ فإنك لم تعلم حتى الآن بأن مراد أبيها هو الذي تأخذ منه الأوامر.

كما أنه قد أوقع شهد في طريقك، حتى تنتقم منها وتقوم بالتخلص منها، ولكنك قد عشقتها، كما سوف نقرر هل ستأخذ مكان مراد أم لا؟

قال جاسر وهو يبتسم:

- أنني أريد أن أعرفك بذاتي،  فإنني عدي الذي قمتم بإلقائه من فوق الجبل، هو وصديقه آدم، ولقد تخفينا في إسم جاسر وأدهم، كي نصلوا إليكم بعدما تغيرت ملامح وجهنا، والآن جاء الوقت كي يدفع كل فرد منكم نصيبه.

كان مهاب في صدمة مما يحدث، فجاسر هو الظابط الذي قد فقد، فاليوم قد كشفت الكثير من الأسرار له، ولكن علم بأنهم قد وقعوا في مأزق، بعدما كشف جاسر ذاته فإنهم لن يتراجعوا عن قتلهما جميعاً.

لم يمر إلا ثواني حتى كان صوت إطلاق النيران في كل مكان، ولكن كان من السهل عليهم أن يسيطروا عليهم، وتم إلقاء القبض عليهما، واخذهما إلى الإدارة كي ينهي جاسر مهمته، ويظهر عدي مرة أخرى، ولكن ما كان يجعل جاسر ومهاب يشعرون بالقلق، أين  ذهبت شهد؟

لم يعلم أحد أين ذهبت شهد، وكانوا يشعرون بالقلق عليهم، تقدم خالد لهنا ولكن لم يحددوا موعد الزفاف  إلا بعد ظهور شهد، كما أن آدم تقدم لسلمى وأيضاً لم يحددوا موعد الزفاف لحين ظهور شهد.

في يوم من الأيام بينما كان مهاب يجلس في مكتبه، وجد بعض الأوراق قد أرسلت إليه، وعندما نظر إلى ذلك الورق، علم بأن شهد هي من قامت بإرساله، بالإضافة إلى كل ما حدث خلال المهمة، وأنها قد اكتشفت بأن جاسر هو الضابط المفقود، ولكن عليه إلا يخبر أحد بأنها قد كشفت أمره.

فهي تعلم بأن المهمة قد تم إنجازها على وجهه التمام، وعلمت كل شيء حدث، ولكنها في مكان هي ووالدتها تريد أن تأخذ قسطاً من الراحة، حتى تعيد حساباتها.

علم مهاب ما يدور في عقل شهد، وقام بضم الأوراق التي حصل عليها إلى ملف القضية، حتى يغلق الملف نهائياً.

بينما كان عدي يجلس على إحدى المقاعد، ويتذكر تلك اللحظات التي قد مرت معها، فهو بالفعل قد علم هويتها، وعلم بأنه قد أخطأ حينما ظن بها السوء، وعلم المقصود من حديث أخته، عندما قالت سوف ينكشف الحقيقة في يوم من الأيام لك، ولكن قد يكون فات الأوان.

بينما أخبره آدم بما فعله مع شهد، وهو الذي قام بمساعدتها كي تهرب، شعر عدي بالحزن لما فعله صديقه، فهو لم يتصور بأنه في يوماً من الأيام يمكن أن يفعل شيء دون الرجوع له.

أخبره أدهم أنه بالفعل قد كشف هوية شهد، من خلال تلك العلامة التي يتسمون جميعهم بها، فهي تنتمي لذات  الجهاز، ولكنه أخفى عليه لقبها حتى يستكشف صديقه ذلك بذاته.

كان الجميع يدعو من قلبهم بأن تظهر شهد، حتى يتزوجوا الفتيات، ولقد قرر الشباب بأنهم سوف  يتزوجون في ذات اليوم الذي سوف تظهر فيه شهد، ولذلك عليهم أن ينتهوا من بناء عش الزوجية.

بينما كانت تجلس شهد في الحديقة وهى تنظر إلى السماء، فجاءها أحد الخدم ومعه والدته وهي تخبرها، بأنها قد أعدت الإفطار لهم، وسوف يتناولوا الطعام معاً.

بينما كانوا يتناولوا الطعام، قالت والدتها مستفسرة:

- أريد أن أعلم الآن كل شيء قد أخبره لك جدك حينما تركتكم معه وأنتم صغار.

نظرت إليها شهد وقالت مبتسمة:

- أخبرني بأنه سوف يترك لي جزءًا من ثروته، لا يعلم عنها أحد إلا أنا وخالد فقط، فلقد علمت في ذلك الوقت المكان الذي يخفي فيه عقد ملكية القصر الذي قد تنازل لك عليه، ومعها المشغولات الذهبية، بالإضافة إلى أموال قد أخبرني بأنها لي، ولكن يحق لي استخدامها في مرحلة عمرية معينة.

لأنه كان يعلم بأن أبي سوف يكن عائق في تقدمي، ولذلك أخبرني بأنني عندما أريد أي أموال آتي إلى هنا ولا أتردد واحصل على ما أريد، ولكن علي أن أحقق هدفِ، وهو الالتحاق بالكلية الحربية.

في ذلك الوقت أخبرني كلمة لم أفهم معناها إلا مؤخراً، عندما قال لي إن إلتحاقك بتلك الكلية سوف تكوني الحصن المنيع لأخيك ووالدتك، فلتذكرين نفسك بتلك المقولة.

أما أخبر خالد بأن يستمر فيما يفعله، كما ترك له الكثير من الأموال، لأنه يعلم بأنه سوف يحتاجها في يوماً من الأيام، وأخبرنا بأن كل ما تحدث به إلينا لا يريد أحد يعلمه غيرنا، وهذا سر علينا أن نحافظ عليه لوقت معين.

نظرت إليها والدتها وقالت:

- هل حفظتم ذلك السر أنتِ خالد؟

أبتسمت لها وقالت:

- بالتأكيد، كما كنت آتي مع خالد من حين لآخر لنحصل على ما نريد من أموال.

في ذلك الوقت جاءت لشهد رسالة من أحدهما، يخبرها بأنها سوف يتم تكريمها آخر يوماً في الشهر، وعليها أن تحضر.

نظرت إليها والدتها قائلة:

- هل ستلبي الدعوة؟

فأجابتها:

- بالتأكيد، فيكفي ما أخذته من راحة.

جاء اليوم المحتوم وقام عدي بأرتداء بدلة من يراه يعتقد بأنه عريس، كما ارتدت والدته وسلمى وعدي الصغير ملابسهم الرسمية، وكان أدهم ينتظرهم بالإسفل، وعندما رأته والدته على تلك الهيئة نظرت إليه وقالت:

- من يراك الآن يعتقد بأنك عريس في ليلة زفافه.

نظر إليها عدي وقال:

- إنني مازلت أنتظر عودتها، فلقد أشتقت إليها.

نظرت إليه والدته بإبتسامة، ولكن كان آدم يهاتفهم كي يخبرهم بأنهما عليهم النزول بسرعة ، فلقد تأخر الوقت.

وصل الجميع لمكان الإحتفال، وتم تكريم جميع المشاركين في المهمة، وحصولهم على ترقية، وعندما انتهوا قام شخص قائلاً:

- لقد تم إنجاز المهمة بالفعل، ولا ننسى الفضل في ذلك يرجع للثعلب، فلقد كاد أن يضحي بحياته من أجل بلده، كما كان للذئب دوراً عظيماً فلقد أكتشف الكثير من الأسرار من خلال تلك المهمة.

كان عدي ينظر حوله لعله يجدها، لكنه لم يجدها وعندما ذكر لقب الذئب، كان يريد معرفة من صاحب ذلك اللقب، لأن الذئب كان من المنافسين له.

لكن شعر بالصدمة و الزمن قد توقف، عندما وجد شهد تصعد أمامه وتنظر إليه وهي تبتسم، ولكنه لم يتحدث في بدء الأمر، وعندما أخذ كلاً منهما الوسام الخاص به، تجمعوا الإثنين كي يلتقطون بعض الصور معاً.

ثم عندما انتهوا من إلتقاط الصور، جلسوا في إحدى الأركان، ثم نظر لها عدي قائلاً:

- هل أنت حقاً الذئب؟

نظرت إليه وقالت:

- وهل كل تلك المدة لا تعلم ما هويتي؟

أخبرها بأنه كان يعلم شهد فقط، أما شخصية الذئب كان لا يعلم من صاحب اللقب إلا الآن، كما أنني لدي سؤال يجعلني أشعر بالحيرة، متى علمتِ بشخصيتي الحقيقية.

نظرت إليه وقالت:

- لقد علمت الحقيقة يوم مقتل مراد، عندما سألته على الظابط المفقود أخبرني بأنه قام بإلقائه من حافة الجبل، وعندما قمت بتجميع الأحداث بالإضافة للورقة التي قد أخذتها التي تحتوي على حرفين، ربطت تلك الخيوط ببعضها البعض.

وعلمت بأنك أنت وأدم الظباط المفقودين، ولكن ما لا تعلمه بأن زواجنا أصبح باطل، فأنا قد ارتبطت بجاسر وليس عدي، وما كتب في الأوراق الرسمية هو أسم جاسر وليس عدي، فلذلك أصبح زواجنا باطل.

نظر لها بإبتسامة ثم قال:

- ليس باطل لأنكِ لم تحصلي على أي أوراق خاصة بالزواج، وأن الأوراق التي كانت معي، كانت لعدي وليس جاسر، فلقد عشقتك من أول مرة، ولذلك وضعت لك ذلك الإختيار كي تكوني معي، وكنت على يقين بأنك سوف تقبلين ذلك العرض، كي تحمى أخيكِ.

أبتسمت له وأخبرته بأنها كانت تشعر بالقلق تجاه ذلك الزواج، ولكن الآن قد أطمئن قلبها، لأنها قد ربط أسمها بأسمه الحقيقي وليس الحركي، فأنها لا تتخيل أن تعيش لحظة من دونه.

فقال لها وهو سعيد لمعرفته حبها له:
- يا مهجة الفؤاد، أن قلبنا قد نبض دون أن يعلم الحقيقة كاملة، فلقد وقع قلبي أسيراً لك، ولكن قد أخطأنا عندما أحب كلاً منا الآخر دون أن نفصح بذلك الحب لبعضنا، لأن حبنا كان في ذلك الوقت حب خلف القناع.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي