الفصل الرابع عشر

كان يشعر بالضيق فكيف له أن يحب وقد قرر بأنه لن يعطي لقلبه مجالاً للعشق، فكيف لها أن تمتلك زمام قلبي، فلقد يشعر بأنه يطير عندما يراها، ولكنها الآن أصبحت في عالم آخر، يريد أن تعود له ويتمنى أن تمر الأيام سريعاً، كي يعود لحياته.

بينما كان أدهم قد عاد بعدما قام بشراء طعام له ولجاسر، فأخبره جاسر بأنه لا يريد الأكل، بل يريدها أن تعود له، نظر له أدهم وقال:

- بل يجب أن تتناول أي شيء، كي تقوى على تنفيذ ما تريد.

نظر له جاسر وفهم ما يرمي عليه صديقه، فقال له:

- فلتجهز الجميع فسوف نذهب إلى زيارة صغيرة، فلدينا حق ويجب أن نسترده، فلتنتظر مني التحرك في إي وقت.

نظر له وأكمل:

- سوف أذهب الآن لجلب شيء، فتبقى هنا لحين عودتي، ولا تتحرك مهما كلفك الأمر.

تعجب أدهم لأنه لأول مرة لا يعلم ما يدور في رأس صديقه.

أستيقظ مراد فوجد الجميع حوله وعلم بأنه قد أنخفض ضغط الدم لديه، ولقد جلب مهاب طبيباً له و طمأنهم  بأنهم يتركوه كي يرتاح.

بينما كان يجلسون سمعوا صوت طرقات على الباب، وعندما قام خالد كي يفتح ليعلم من الطارق، فشعر بالصدمة حينما وجد جاسر هو الذي يقف أمامه.

بينما نظر له جاسر وقال:

-  هل تسمح لي بالدخول؟

سمح له خالد بالدخول كي يعلم ما الذي قد جلبه.

بينما كان مهاب في غرفة مراد، وعندما جاء كي يخرج وجد جاسر أمامه فعاد إلى الغرفة دون أن يراه جاسر، كي ينتظر بها لحين مغادرة جاسر المكان، وظل خلف الباب كي يستمع إلى كل حرف سوف ينطق به.

في ذلك الوقت قد خرجت أمينة ومراد وقد عرفهم خالد على أنه زوج شهد، فنظرت إليه أمينة قائلة بترجي:

- أرجوك أريد أن أرى أبنتي فإنني أشتاق إليها وأعلم أنها قد أصيبت بمكروه  فإنني قد شعرت بها، أرجوك فلتطمئن قلبي ماذا حدث لأبنتي؟

نظر إليها بأبتسامة بسيطة وقال:

- أنها بخير ولكنني أريد منك أن تأتي معي، كي تريها لعلك تكوني سبب في خروجها من تلك الغيبوبة.

هنا نظر لهم مراد وقال:

- وأنا سوف آتي معك فإنها أبنتي أنا الآخر.

هنا تحول وجه جاسر إلى جمرة من النار وقال:

-  حقاً أبنتك وأين كنت حينما كانت تريد إليك؟

صمت مراد لأنه قد علم بأن شهد قد قصة عليه جزء من حياتها معهم، ولكنه قال خالد بتعجب:

- لماذا جئت إلينا فإنني أعلم أن ليس لديك قلب؟

فأجابه قائلاً:

-  نعم ليس لدي قلب ولكنني عندما رأيت أختك قد عاد قلبي للنبض، وليس لك الحق أن تتحدث معي، فإن قد جئت هنا كي أجلب والدتك فقط، وليس لأحد أن يتدخل في الحديث.

نظر له خالد وقال:

-  لقد كنت أريد أن أرد لك بضاعتك، ولكنها قد سرقت.

نظر له جاسر قائلاً :

- نعم لقد سرقت وعادت إلي مرة أخرى، فإنها حقي

هنا تدخلت أمينة وقالت:

-  إذن أنت من قمت بقتلها.

نظر لها جاسر بتعجب وقال:

-  قتل ماذا تقصدين؟ فإنني لم أقتل أحد.

فقال له خالد:

-  بل لقد قُتلت أسماء وكان السبب هو سرقة تلك الشنطة.

نظر إليه جاسر بتعجب وقال:

-  لا لم أقتلها والشخص الذي قد جلب لي الشنطة، قد جلبها في وقت كانت هي بالخارج، ولذلك فإنه لم يقتلها.

كانت تشعرون بالتعجب فهي عندما رأته شعرت بأنه الفارس الذي تتمناه لأبنتها، ولكن ما يعكر تلك العلاقة هو معرفتها بطبيعة عمله، وهو أنه زعيم عصابة.

أخبرها جاسر بأنه سوف ينتظرها بالأسفل، وعليها أن لا تتأخر، حتى أنه قد ترك شهد وحيدة، وعندما قام لكي يقف لاحظ وجود العديد من الصور، التي كانت تظهر فيها شهد وهي وسط عائلتها، ولكنه اقترب من إحدى الصور ونظر إليها.

فهو على يقين بأنه رأى ذلك الشخص الذي يقف
بجانب شهد يعلمه حق المعرفة، فإنه قد تعامل معه أكثر من مرة، ولكن هذا يعني أن لشهد علاقة بالأمن الوطني، أم أن مهاب خائن، ولكنه يعرف مهاب حق المعرفة، فلقد تعامل معه من خلال أخذ معلومات عن الذئب، على الرغم أنه لم يعرف من شخصية الذئب.

ولذلك كان مهاب حلقة الوصل بينهم، فهل قد خان مهاب العهد وقام بإيصال كل المعلومات لشهد، ثم نظر إلى خالد وهو يشير إلى تلك الصورة قائلاً :

- أليس ذلك مهاب رجل المخابرات؟

أخبره خالد بتوتر:

- نعم فإن والده صديقاً لوالدي، وقد حضر مع شهد في حفلة عيد ميلادها، ولكنه انقطع أخباره عنا منذ مدة، فهل لك علاقة به.

نظر له جاسر بشك وقال:

- لا ليس لدي علاقة به.

بينما كان مهاب قد أصيب بالتوتر، فكيف ينسى أمر تلك الصور.

كان جاسر ينتظر أمينة في السيارة، وبالفعل بعد مرور مدة زمنية نزلت، وذهبت إلى المشفى التي كانت تتواجد بها شهد، وقام بتحدث مع الطبيب كي يسمح بها بالدخول إلى شهد، لعلها تكون سبباً في إفاقتها.

بينما كل ذلك كان تحت نظر أدهم الذي كان شعر بالتعجب، فمن أين أتى جاسر بتلك المرأة التي علم فيما بعد أنها والدة شهد


دخلت أمينة وتركها جاسر وغادر، أخذت تنظر إلى أبنتها وقالت بصوت باكياً:

- لقد ظلمتك يا أبنتي فأنا من فعلت كل ذلك بيدي، أرجوكِ أن تسامحيني وعليك أن تستيقظِ كي تعودين إلى حضني، فقد كنت لي السند والحماية.

لم تستطيع شهد أن تظل مغمضة العين ووالدتها تتحدث ببكاء، فقامت بالنظر إليها وهي تشير لها بأن تصمت وقالت بهمس:

- نعم يا أمي أنا بخير.

نظرت إليها أمها بتوتر وقالت:

- إذن لماذا تجلسين هنا.

فأخبرتها بأنها سوف تفعل ذلك لعدة أيام، حتى لا يشعر أحد بأنها قد أستعيدت وعيها، وعليها أن لا تتحدث بشيء مع أحد.

جلست معها والدتها لمدة طويلة، ثم خرجت فوجدت أدهم ولم تجد جاسر فقالت:

- أين ذهب جاسر؟

فأخبرها بأنه جاءه موعد ولن يتأخر.

فنظرت إليه وقالت:

- أنني أريد أن أظل مع أبنتي، فهل مسموح لي بذلك؟

نظر لها أدهم وقال مبتسماً:

- سوف أحجز لك غرفة كي تكون بجانبها، ولا تقلقي فهي سوف تكون بخير.

نظرت إليه أمينة وقالت:

- أنني أشعر بالارتياح لك، ولكنني أشعر بالخوف على أبنتي، واريدها أن تعود لي، فهي قد وجدت في مكان غير مكانها، والمحيطين بها كأنهما شعلة من النيران تحرق من يقترب منها.

بينما كان جاسر يسير على غير هدى، حتى عزم الأمر بأن يذهب إلى المكان الوحيد الذي يشعر فيه بالراحة، ولذلك قرر الشعور بالراحة حتى ولو لحظة.

قام بالذهاب إلى إحدى المنازل، وصعد الدرج وترك على الباب منتظر أن يسمح له أحد بالدخول.

بينما كانت تتناول فنجان القهوة الخاصة بها، وجدت من يترك الباب فقامت كي تعرف من هوية الطارق، ولكنها وجدت إحدى الشباب وهو ينظر إليها ويقول:

- هل يمكنك أن تعطيني يا والدتي كوباً من الماء، فإنني أشعر بالعطش ولم أجد أحد يفتح لي بابه.

نظرت اليه وقالت بحنان:

- نعم فلتدخل يا بني، فإنني أجلس لوحدي.
وأشارت له على إحدى المقاعد.


دخل خالد وجلس على إحدى المقاعد،وهو ينظر إلى البيت كأنه يحفظ معالم بيته.

في ذلك الوقت وجد إحدى الأطفال يدخل من باب المنزل، فنظر له فوجد ذلك الطفل يتجه نحوه قائلاً :

- من أنت؟ ومتى جئت هنا؟ هل أنت لص؟

نظر إلى ذلك الطفل فعلى الرغم من صغر سنه، إلا أنه يمتلك الفصاحة فأجابه قائلاً:

- لقد طلبت منها كوباً من الماء، فهل يمكن أن اتناوله ثم أرحل.

هنا وجد أحدهما يتحدث قائلاً:

- عدي من العيب أن تتحدث بذاك الأسلوب مع الذي أكبر منك سناً.

نظر لها الطفل وقال:

- أنا أسف أمي.

ثم نظر إلى جاسر وأعتذر له، وذهب كي يجلس أمام التلفاز.
بعد قليل عادت المرأة وهي تحمل مشروب له، فجرى الطفل على جدته وقال:

- أنك بخير لقد ظننت أن أحداً ما قد قام بإخطافك، وكنت سأتولا أمر عودتك سالمة.

ضحكت له جدته وأجلسته على قدميها .

بينما نظرت سلمى للضيف وقالت:

- هل سبق وأن قابلتك من قبل؟

هنا تدخلت والدتها وقالت:

- لا يا أبنتي فأنني أول مرة أراه، ولكن أشعر بأنني أعرفه من قبل، فانه يذكرني بعدي.

ثم صمتت وعادت الحديث بنبرة حزينة:

- ولكنه قد رحل، ولا نعلم متى سيعود؟

هنا تحدثت سلمى قائلة:

- سوف يعود وأنت على يقين بذلك.

في ذلك الوقت قالت سميرة متذكرة :

- أعذرني أبني فلقد نسيت أن أجلب لك كوباً من الماء، ولكن عليك أن تتناول الطعام أولا، فلقد أعددت لك شيء سريع.

نظر لها جاسر وقال:

- شكراً فإنني أريد أن أتناول كوباً من الماء.

ولكن سميرة قد أصرت علي أن يتناول الطعام، وبالفعل أكل الطعام وهو لا يدري بأنه قد أكله كله.

فقال له عدي:

- كيف لك أن تأكل كل ذلك الطعام، وأنت لا تشعر بالجوع.

فقالت سلمى:

- عدي ألم أحدثك بأن تصمت ولا تتحدث.

فأخبرها بأنه قال شيء وفعل شيئاً آخر، وهذا ليس من عادات الرجال.

نظر جاسر لعدي وقال:

- فلتأتي لي وسوف أحدثك يا صغيري.

جاء عدي كي يعلم ماذا يريد منه.

فقال له:

- هل تعلم بأنني كانت لدي أم؟ وكنت أشتاق إلى طعامها، حتى جاءت لحظو وقد حرمت من كل شيء، فعندما تناولت طعام جدتك، شعرت بأنه مثل طعام أمي.

لذلك قد تناولت جميع الطعام، وكأنني أشم رائحتها، كما أنني سوف أتناول كوباً من الشاي من يدها، لأنني أحتاجه بشدة.

ذهب عدي كي يخبر جدته بأن تجلب للضيف كوباً من الشاي، فنظرت سلمى لجاسر قائلة:

- هل تعتقد بأنني أخطأ، فأنني على يقين بك ولكنني أشعر بالحيرة، عندما أنظر إليك فإنك مثله تماماً ولكن ما يختلف هو ملامح الوجه.

نظر إليها دون أي حديث، كأنه يريد أن يستمع إليها.


فقالت له:

- أنني على يقين بأنه أنت وأنك لم تخطئ في المجيء إلى هنا ولن تضلوا المكان، ولكنك قد جئت لأنك قد اشتقت إلينا، فهل هذا صحيح يا عدي؟

نظر لها وقال بنبرة ضيق:

- نعم أشتاق لكم، وأشتاق إلى رائحة كل شيء من رائحتكم، ولقد شعرت بالتعب تجاهكم ولذلك قد حضرت، فإن أخيك قد وقع في ورطة،وعشق زعيمة عصابة.

نظرت له بنظرة حانية فأكمل:

- فلقد تعرفت عليها في مهمة، فهل تعطيني حل؟

نظرت إليه وقالت:

- أن القلب ليس عليه أحكام، فهو من يتمسك بمن يريده، كما أن قلبك لا يستطيع بسهولة أن يتقبل أي شخص، إلا ان كان يستحق ذلك، فعليك النظر في أمر تلك الفتاة التي أعتقد بأنها تعشقك.

فأخبرها بأنها بالفعل قد أخذت رصاصة بدلاً منه، والآن في غيبوبة وعلمت في ذلك الوقت بعشقي لها، وعدم القدرة على الحياة من دونها.

هنا نظرت إليه وقالت:

- لقد وقعت في العشق يا ثعلب.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي