الفصل الحادي والعشرون

كانت سلمى لا تتوقع، فكيف لأب أن يرسل  من يقتل فلذة كبده، فهي عندما يمرض عدي تشعر بأن روحها تنسحب منها، فقالت بعفوية:

-   ماذا تعني كلماتك؟ فإنني لم أفهم  فهل قد عشقتِ شخصاً متعجرف سيء الأخلاق.

نظرت إليها وقالت مهاجمة إياها:

- لا تصفيه بالسيء، فإن ذلك الشخص هو الذي وقف بجانبي، عوضني بكل شيء قد فقدته، ولذلك فأنا على مشارف أن أضحي بحياتي كلها من أجله.

فقالت لها سلمى:

- إذن ما أسمه ذلك الشخص الذي تكني له كل ذلك العشق.

فأجابتها شهد:

-  أنه ذات الشخص الذي أرسلني إلى هنا.

نظرت إليها سلمى قائلة:

- هل هذا الحديث يخص جاسر؟

فقالت لها:

-  نعم فإن جاسر الشخص الوحيد الذي قد أعطاني كل شيء فقدته، ورغم ما يحدث ولكن قادرة على التضحية بحياتي من أجله، والتضحية أيضاً بوظيفتي التي حصلت عليها، وحاربت  الجميع كي أصل إليها.

  نظرت إليها سلمى وقالت:

-  أنكِ في صراعاً داخلي،  ولكن لمن الغلبة عقلك أم قلبك؟

نظرت إليها شهد وقالت:

-  لا يهمني من الذي سينتصر؟ ولكن سعيدة لما وصلت إليه، فلقد كنت ابحث عن الحب وقد وجدته معه، رغم أن حبه ينافي وظيفتي تماماً.

فقالت لها سلمى:

-  وما وظيفتك التي تتحدثين عليها؟

وعندما جاءت شهد كي تجيبها، قاطعها عدي عندما قال:

-  لقد سئمت من ذلك الحديث، وعليكما أن تنتبهوا لي، فمن منكم سوف يلعب معي؟

كانت سلمى على وشك الفتك بعدي، ولكنها تحكمت في ذاتها.

كما أن سلمى قد علمت بأن شهد لا تنتمي لأي منظمة،
لأن من حديثها تعتقد بأن جاسر ذو طابع سيء.

وهذا ما جعلها تشعر بالراحة تجاهها، في ذلك الوقت سمعت سلمى رنين هاتفها، فأخبرت شهد بأنها سوف تجيب على المتصل، وتعود مرة آخرى لها.

  سعدت سلمى عندما علمت من المتصل، ولكنها أجابته بغضب قائلة:

- لماذا لا تجيب علي؟ فلقد كنت فقدت الأمل في مهاتفتك اليوم.

أخبرها بأنه كان مشغول وعندما حانت الفرصة قام بمهاتفتها،  كما سألها عن حال شهد.

فأجابته هل علم بذلك الأمر أيضاً؟

فأخبرها بأنه لا بشيء يخفى عليه، فأخبرته بحزن قائلة:

- لقد شعرت بالحزن تجاهها، فلقد تحدثت معها وعلمت بأنها في صراع، فيمكن أن أخبرها بحقيقة الأمر.

هنا عنفها وقال بغضب:

-  فلتصمتي، وإلا سوف تفسدين كل شيء، فسوف يأتي الوقت المناسب، كي ينكشف كل شيء على حقيقته، ولكن عليكِ أن تنتبهي إلى ذاتك حبيبتي، فعندما أنهي ما معي، سوف آتي واطلب يديك  للزواج، فلقد تأخرت قبل ذلك، ولكن الآن سوف أحصل عليها تلك المرة.

قالت له بغيظ:

-  أنك قد تجرأت على معاكستي، فأين ذهب خوفك؟

أخبرها بأنه لا يعاكسها بل يعشقها، فإنها مرسومة داخل قلبه.

خجلت مما تفوه به وقالت له:

-  حسناً سوف أغلق الآن، لأن عدي يريدني.

بينما عاد مهاب فوجد خالد قد نام، فخلد هو الآخر للنوم، فلقد كان يشعر بالتعب.

بينما أخبرته هنا والدتها بكل ما حدث، وكانت والدتها سعيدة بما فعله مهاب وخالد، فلقد أخذ على زوجها بأن لا يتعرض لها، وقدم محضر رسمياً فيه في القسم، كما جعله يتنازل عن حضانة طفله، حتى يظل مع والدته مدى الحياة.

بينما كانت هنا تشعر بالتعجب تجاه نظرات خالد لها، فلقد أخبرها عن جزء من حياته أثناء الطريق، ولكنها فضلت أن تصمت حتى تعلم ما ينوي عليه.

ولكن قطع شرودها عندما أخبرتها والدتها بأن تخلد للنوم، فلقد أشرق الصباح وهي مازالت مستيقظة، وأنها سوف تحضر الإفطار ثم تأتي لها كي يتناولوا معاً، فأخبرتها بأنها سوف تحضر الإفطار ثم تخلد للنوم.

بينما أصرت والدتها عليها بأنها سوف تحضر  الإفطار للجميع، ثم سوف تخرج كي تجلب بعض الأشياء الخاصة للصغير، فلقد أقترب موعد عيد ميلاده.

بينما قد استيقظت وهي تشعر بالرعب، فلقد رأت في منامها بأنها تجلس والضحكة تملأ وجهها، ثم بعد ذلك جاء أحدهما وقام بطعنها في قلبها، ولم تستطيع حمايه نفسها، وعندما أرادت معرفة من قام بطعنها،  فوجدت جاسر هو الفاعل وينظر لها قائلاً:

-  لقد قمت بخداعِ، وهذا جزاء الخيانة.

هنا حاولت أن تصل إلى كوب المياه الذي بجانبها، ولكن لم تستطيع فسقط من يديها، فقد شل المنام حركتها.

بينما في ذلك الوقت سمع الجميع صوت سقوط الكوب، فذهب الجميع إلى الغرفة، فوجدوا شهد تجلس على السرير كأنها أصيبت بالشلل، وعلى الأرض كوب المياه مهشم.

نظرت إليها أمينة قائلة بخوف:

- ماذا بك؟

ولكن شهد لم تجيبها، فتعجبت سميرة وسلمى فهم  لا يعلمون ماذا حدث؟ كما أنها مازالت على الفراش لم تتحرك منه، حتى أنها لم ترد على والدتها.

هنا تحركت سلمى على الفور، وجلبت كوب الماء وقامت بوضعه على شفتيها، وعندما أخذت أول رشفة من المياه، بدأت أنفاسها تنتظم، واغمضت عينيها كأنها تشعر بألم داخلي.

أعادت عليها والدتها السؤال مرة أخرى، فأجابتها شهد:

- لقد رأيت كابوساً، ونظرت إلى سلمى وأكملت لقد قام أحدهما بطعني في قلبي، وأخبرني بأن ذلك نتيجة للخيانة.

قالت سلمى لها:

- لا تهتمي بأمر ذلك الكابوس، وعليكِ النهوض كي  تتناولي معنا الطعام.

تحركت شهد ولكنها  كأنها مسيرة، وبعدما خرج الجميع، قالت سلمى لها:

-  هل ذلك الشخص الذي قام بطعنك هو جاسر؟

نظرت إليها شهد بصدمة قائلة:

-  نعم، ولكن من أين علمت ذلك؟

فأخبرتها بأن نظراتها توحي بذلك.

كانت كل خطوة تخطوها، كأنها روح بلا جسد، لم تجعل أحد يشعر بها، ولكن كانت سلمى تشعر بما يدور بداخلها، فهل حقاً سوف ينكشف السر، وسوف يتخلى عنها جاسر، ولكنها قررت أن تصمت ولا تتحدث بشيء، قبل أن يخبرها حبيبها ماذا تفعل؟

بينما كان جاسر يشعرون بالاشتياق لها، فهو يريد أن يهاتفه أحد كي يطمئنه، ويذهب لأخذها فلقد اشتاقت لرؤيتها،  فلقد تعب من كثرة التفكير، ولذلك قرر أن يخلد للنوم، ولكنه لم يستطع أن ينام، ولكنه لم يستطع فلقد تعود على وجودها.

ولقد نام بعد تفكير فوجدها في منامه، كأنها تتحداه  وتنظر له وهي تضحك، وعندما أوشكت على الفوز لحق بها، ووصل معها إلى خط النهاية.

هنا أستيقظ من منامه وهو يشعر بالراحة،  فهذا الحلم دليل على أنه سوف يقابلها في النهاية، ثم سمع صوت أحد يترك على الباب، فقام بفتحه فوجد أدهم ومعه بعض الأطعمة ويحدثه قائلاً :

-  لقد أعددت لك الطعام وجئت كي اتناوله معك.

نظر إليه جاسر وقال له بحدة:

-  ما الذي جاء بك؟ فإنك لم تفعل تلك الأشياء من قبل.

هنا نظر له أدهم وقال:

-  لا تقلق يا صديقي، فإنني قد جئت بالفعل، كي أتناول معك الطعام فقط.

هنا نظر إليه جاسر وقال بحدة:

-  إن لم تخبرني ما الذي جاء بك إلى هنا؟ فسوف أفعل شيء لا تفضله.

هنا قال أدهم بتوتر :

- قد جئت كي أتناول معك الطعام هذا ما أريده ولكن.

فقال جاسر مقاطعاً إياه:

-  لكن ماذا؟ فلتخبرني ولا تقلق من رد فعلي.

فقال له:

-  أنني أريد منك طلب، فإن استطعت أن تفعله فسوف أكن لك جزيل الشكر.

فقال له بنفاذ صبر:

- وماذا تريد؟

فأجابه :

- أريد عندما تنتهي المهمة أن أتقدم لسلمى فما رأيك؟

نظر إليه جاسر وقال:

-  لقد تحدث الصنم الصامت، فإنني كنت أنتظر أن أسمع منك ذلك الكلام منذ أمد بعيد، ولكنك كنت تتسم بالبرود، وفضلت أن تصمت حتى جاء أحدهما وقام بخطفها، ولكن ما الذي جعلك تطلبها الآن يدها؟

فأجابه بأنه بالفعل يريد عندما ينهي تلك المهمة، بأن يتقدم لها قبل أن تفلت من يده مرة آخرى، كما أنه يريد أن يحصل على أجازة كبيرة.

نظر إليه جاسر وقال:

-  لا تفرح كثيراً فإننا عندما ننهي المهمة، سوف نأخذ مهمة أخرى، فلا تقلق.

نظر له بغيظ وقال:

- يا عدو الفرحة، فيجب عليك أن تخبرني بأنك بجانبي.

نظر إليه جاسر وقال:

-  وهل تعتقد بأن مهاب سوف يتركك، فإنك لم تعلم بأنه يوجد حركة تنقلات سوف تكون قريباً بين الإدارات، ويمكن أن تنتقل مع مهاب في الإدارة.

نظر إليه وقال بسعادة عارمة:

- حسناً فإنني أرحب بالعمل مع مهاب، فإنه لديه قلب ويشعر بما يعمل معه.

نظر له جاسر وقام بإلقاء إحدى الوسادات وقال:

-  فلتأتي بذلك الطعام أم أنك قد نسيت أنك قد أحضرته كي نتناوله معاً.

  نظر إليه وقال:

- بعد الذي قد تحدثت به، فسوف آخذ ذلك الطعام، وأتناوله مع ذاتي.

هنا قال له جاسر:

-  إنك محقاً وقام بأخذ الطعام و سحبه إلى خارج الغرفة، وأغلق الباب.

قام أدهم بمحاولة فتح  الغرفه وهو يقول:

-  أنني كنت أمزح معك، فلتفتح لي فإنني أشعر بالجوع، فأين تلك التي كانت تأخذ حقِ.

  فتح له الباب وقال:

- أول مرة أشتاق إليها.

هنا صرخ به أدهم قائلاً:

- أخيراً قد اعترفت بحبها،  فلقد صنعت جواً مميزاً هنا، ولكن ما يجعلني أشعر بالحيرة كيف خرجت من الباب، لقد أحكمت إغلاقه قبل أن أنزل إليك يوم الحادثة.

نظر إليه جاسر وقال:

- أتعني بأنك قد أغلقت الباب، وهي قد قامت بالخروج منه بالفعل.

هز أدهم رأسه بالإيجاب، فقام جاسر بالنظر في الشاشة التي معه وقال:

-  سوف أبحث عن الوقت نعلم كيف خرجت؟
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي