الفصل الرابع

تناولت وجبة الطعام ببرود، ولم تبالي بخروجه من الغرفة ثم أخذت تنظر بين السرير والأريكة، حتى قررت أن تذهب إلى السرير، وبالفعل ذهبت إليه ولأول مرة تشعر بذلك الشعور، فإنها لم تشعر من قبل إلى حاجتها إلى النوم، وبالفعل خلدت إلى النوم.

بينما كان يجلس أدهم متوتراً وجد جاسر عائداً فنظر له جاسر وقال:

- لما يبدو عليك التوتر.

فأخبره أدهم أنه شعر بالخوف عندما وجده يرحل، فعليه أن يجلس ويخبره بكل ما حدث، وبالفعل جلس وخبره بكل شيء، هنا لم يتمالك أدهم ذاته وأخذ يضحك بصوت عالي، حتى كاد أن ان يختنق.

هنا نظر له جاسر وقال:

-  لا أعلم كيف تصبح صديقاً لي حتى الآن .

نظر له أدهم وهو يضحك قائلاً :

- هذا قدرك يا صديقي، ولكن هل أنت متيقن من أن تلك الفتاة لا تستطيع النيل منك.

نظر له وقال بنظرة مريبة لأول مرة يراها أدهم في عينيه قائلاً :

-  لا لن تقدر ولكنها تتسلى بي، مثلها مثل القطة التي تجد شيئاً جديد فتلهو به،  ولكن لن تستطيع أن تصل إلى شيء دون أن أضعه في طريقها.

فقال له:

- أنني أعتقد بأن تلك الفتاة تتسم بالذكاء.

نظر له جاسر وقال:

-  نعم فلولا ذكائها ما جاءت إلي هنا، فإنها قد وصلت إلى عريني ولن تخرج منه أبداً.

هنا لاحظ أدهم في نظرته بأنه قد وقع في الحب بالفعل، ولكنه يراوده شعور بأنه رأى تلك الفتاة من قبل ولكن أين؟ فهو لا يتذكر،  وعندما ينظر إلى عيناها يجد شيئاً عكس ما يظهره وجهها.

قطع شروده حديث جاسر قائلاً :

- فماذا تفكر؟ فلتنسى أمر تلك الفتاة، ولنرى ماذا سنفعل في سبيل تلك البضاعة  التي قد فقدت، فإنني أريد أن لا تهتز مكانتي.

نظر له أدهم وقال:

-  لا تقلق سوف أقم بالتصرف، ولكن عليك الإنتباه فإن  خرجنا من ذلك المأزق الآن، فيمكن أن لا نخرج من المرة القادمة.

نظر له جاسر وقال:

- لا تقلق فسوف أنتبه بالفعل، ولكن سوف أترك لك ذلك الأمر كي أتفرغ لتلك الفتاة.

بينما كان خالد يجلس مع والدته يعتذر لها عما بدر منه من قبل، وفي ذات الوقت كان أبيه يجلس دون حديث فقال له خالد:

-  في ماذا تفكر أبي؟

فأجابه :

- لا شيء وأخذ ينظر إلى أمينة.

في ذلك الوقت انتبهت له أمينة وقالت له:

-  لا تفكر كثيراً عزيزي، فلن تحصل على شيء، فتلك الأمانة لن يحصل  عليها أحد غير شهد.

نظر لها مراد وقال:

- أنني أريد الحصول على تلك الأموال كي أفتح لخالد المشروع الذي قد وعدته به، أما المشغولات فسوف أتركها لها لحين عودتها، ولكنني أعتقد بأنها لن تعود.

نظرت له أمينة وقالت:

-  لن تحصل على شيء، ألم تفهم ما تفوهت به، كما أنك قد وعدت خالد قبل أن تعلم بأمر تلك الفلوس،  بأنك سوف تعطيه إياه، فلتعطيه تلك الأموال التي قد وعدته به.

نظر لها وقال:

-  بل سوف أخذ تلك الأموال جميعها.

تدخل خالد وقال:

-  بلا أبي لن أحصل على أموال خاصة بشهد،  فهي من تعبت فيها كي تدخرها للزمن، فكيف أحصل  شيء قد تعبت بيه.

  نظر إليه أبيه وقال:

-  انك غبي لا تعي مصلحتك، فأنا سوف أعطيك مبلغ من المال بالإضافة إلى تلك الأموال التي تحتفظ بها شهد للمشروع،  فهل تكره الخير لذاتك؟

صمت خالد ولم يتحدث ولكنه كان ينظر إلى والدته يطمئنها بأنه سوف يكون معها وليس ضدها، بعد قليل خلد الجميع الى النوم ولكن بداخل كل واحد شيء عكس ما تحدث به.

بينما شعر جاسر بالتعب فأشارة عليه أدهم بأنه يذهب إلى الجناح، كي يخلد إلى النوم وسوف يتناقشون في كل شيء في الصباح.

بالفعل عندما دخل إلى الجناح نظر إلى الأريكة، فوجدها خاليو فقال محدثاً ذاته:

- أين ذهبت تلك القطة، فأنا قد أخبرتها بأن تخلد إلى النوم.

ولكن حينما كان يتحدث لفت أنتباه بأن هناك شيء على السرير، في بدء الأمر،  كان لا يريد أن يتحدث كي لا تفيق، وكان ينظر إليها من حين إلى آخر، ولكن عندما تذكر بأنها قد تحدته، قام بسحب طرف الغطاء وقام بقذفها من فوق السرير، حتى اصطدمت بالأرض.

قامت وهي تشعر بالذهول وعندما نظرت وجدته أمامها فقالت:

-  هل أنك لم تتعلم الأصول أيضاً! فكيف يحق لك أن  تقذفني من فوق السرير؟ ألم ترى أنني قد خلدت إلى النوم بالفعل؟

نظر لها وقال:

-  لقد سبق وأخبرتك بأن تذهبين إلى الأريكة، ولكنك قمت بفعل عكس ذلك، فهذا جزاء من لا يسمع الحديث.

نظرت إليه وقالت:

-  حسناً فإن كنت سوف لا أنام على السرير، فلن أتركك تخلد إلى النوم.

قامت بفتح إحدى زجاجات المياه، و سكبتها على السرير ونظرت إليه بتحدي وقالت:

-  حسناً فسوف أذهب لأنام على الأريكة، وأنت سوف تخلد إلى نومك، ولكن في ذلك المكان وأشارت على الأرض وقالت مكملة بكل برود:

- أتمنى لك ليلة سعيدة.

وتركته وذهبت إلى الأريكة، لما يمر وقتاً طويلاً حتى غاصت في أحلامها، بينما كان ينظر إليها بغيظ فكيف لها أن تتصرف ذلك معه،  فهي لم يهمها أمره، فأخذ ينظر إليها وهو يتكئ على وسادته بالأرض، وكان من حين الى آخر يريد أن ينقض عليها كالأسد الذي ينقض على فريسته، ولكنه كان يتراجع عندما يجد خصلة من خصلات وجهها تطير مع نسمات الهواء.

ظل جالساً حتى وجد شعاع من ضوء النهار يتسلل إلى الغرفة، فقرر أن يخلد إلى النوم ساعة،  كي يقدر على مواصلة اليوم التالي.

في ذلك الوقت الذي خلد جاسر إلى نومه، قد فاقد شهد من نومها، فنظرت إليه فوجدته قد خلد إلى النوم على الأرض، فقالت محدثة ذاتها:

-  أنه يقم بالتحدي معي، حتى عندما ينام على الأرض لم يبالي بما فعله معي.

فقامت وهي تنوي على مصيبه تفعلها معه.
بينما كانت أمينة تحضر الإفطار لزوجها وولدها، تعجبت من تأخر زوجها، فهو عادة ما يستيقظ مبكراً، فذهبت إليه كي تعلم ما سبب تأخره.

في ذلك الوقت كان قد خرج خالد من غرفته، فنظر لها وقال:

- صباح الخير أمي، هل قد جهزت الإفطار.

نظرت إليه بإبتسامة وقالت:

- نعم وسوف أيقظ والدك، كي يتناول معنا الطعام.

وعندما دخلت إلى غرفتها وجدت مراد يقف أمام إحدى الرفوف الخاصة بملابسها.

هنا نظرت إليه وقالت:

- لماذا تقف هنا؟ فإنه لا يوجد ملابس لديك هنا.

نظرها وقال:

- أين قد اخفيتي الصندوق الخاص بشهد، فلقد أخذت أبحث عنه ولكن دون جدوى.

هنا صرخت به أمينة وقالت:

- هل كنت تريد أن تسرقه.

قال لها:

- بلى كنت أريد أن استعير منها بعض الأموال وسوف أعيدها عندما تعود.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي