بداية عالم الظلام
في عالمنا الشاسع الذي نحتل سماءه وأرضه، نحيا به بكل سلطة ونفوذ، لا نرى سوى ماديات الحياة وشهواتها، نسعى لأخذ كل ما يمكن أخذه ومالا يمكن أخذه.
نحاول السيطرة على كل شئ بلا توقف، نسعى للعلم والمعرفة اللامحدودة، نظل غافلين عن الكثير من الأمور الهامة.
الكيانات المظلمة التي تحيط بنا وتسعى بدورها لأخذ مكانها على كوكبنا معنا، أو الأسوء، محارباتنا والقضاء علينا كي تتربع على عرش الحياة وحدها.
لكن، كما هناك حكومات في كل بلد وقارة متواجدة لحماية البشر من بطشهم ضد بعضهم وظلمهم وفسادهم، هناك أيضاً أشخاص يختبئون في الظلام لحماية العالم من الكيانات الشيطانية.
والغير معلومة للبشر، يحيون حياة قاسية في ظلمات الليل، حياة محفوفة بالمخاطر، الدماء، والتضحيات.
لا يمتلكون قوى خارقة، ليس جميعهم على كل حال، لا يملكون أموال طائلة، لا يركبون سيارات فارهة، لا نفوذ أو سلطة تحميهم.
لا يملكون سوى قلب شجاع جسور، وسلاح قوي صنعوه خصيصاً لدحض تلك الكائنات الشريرة والقضاء عليها.
لدى كلاً منهم هدف واحد وهو القضاء على تلك الكيانات المظلمة المرعبة؛ كي يعيش البشر في سلام وأمان.
ومن أهم هؤلاء الأبطال، عائلة وينشستر، دخلت تلك العائلة عالم الصيد بطريقة قاسية جداً.
عندما هاجم الشيطان ذو الأعين الصفراء تلك العائلة وقام بوسم الصغير سام كي يصنع جيش ويختار قائد منهم لكي يهجم على عرش الجحيم ويحتله حين يكبر هؤلاء الصغار الذي يختار منهم بعناية.
ومن سوء حظ عائلة وينشستر أن ذو الأعين الصفراء أختار سامويل الصغير، دخلت ماري والدته عليه لتفاجئ بذاك اللعين وهو يوسم صغيرها.
فقام بحرقها وهي حيه ومن هنا بدأت رحلة العائلة في عالم الصيد بعدما تدمرت حياتهم بعد فقدان ماري.
بعد مرور ثلاثون عام أصبح الشقيقان "دين وسام وينشستر" صيادان محترفان معروفان لكل مخلوقات الأرض والسماء.
لكنهم بين البشر، مجرد رجلان ضالان، نسيا حياتهم الشخصية في سبيل مطاردة والقضاء على الشياطين المسوخ، والمتحولون وغيرهم الكثير من الكائنات التي قامت عليها معظم أفلام الرعب العالمية والأسطورية.
أيضاً يريدون الإنتقام من أجل والديهم الذين قتلوا على يد الشيطان ذو الأعين الصفراء وأمير الجحيم "أسموديس".
لكنهم أثناء رحلتهم الطويلة، لم يعد هناك صديق حي يذكر لهم، لا حبيبة، لا منزل، لا مأوى، لا مال، يهيمان على الطرقات ليل نهار يبحثان عن من يحتاج مساعدة، ويتجاهلان حقيقة أنهم هم من يحتاجون لأمس حاجة من المساعدة.
منذُ سنوات ماضية.
ذات ليلة، أثناء قيادة "دين" لسيارته العزيزة الإيمبالا، سأل "سام" وهو يلتهم شطيرته التي خزنها أسفل مقعد السيارة الخلفي منذُ ثلاث ليال، سأل "سام" بسخرية "كعادته":
_ايه الجديد يا عم عبقرينو؟ وصلت لحاجه ولا لسه هتفضل متنح في لابتوبك الممل زيك ده؟
رمقه "سام" بنظرة تهكم، أبتسم "دين" مظهراً أسنانه البيضاء والطعام محشور بينهم بكثرة.
أشمئز "سام" من شقيقه "كعادته" وقال له وهو يشير بأصبعه على ذقنه ويقول لشقيقه:
_طب أمسح بس الأكل من على بقك، أنت بتريل زي العيال يا دين.
"دين" قضب حاجبيه بضيق، رفع يده يمسح فمه، رفعها على المرآة ليرى مكان الطعام على وجهه، لكن "سام" فاجئه حين دفع باقي الشطيرة على وجهه وهو يضحك.
أبعد "دين" الشطيرة وهو ينظر لشقيقه شزراً، لكن "سام" أبتسم بسخرية، أغتاظ منه "دين" وقال له بحدة:
_أنت اللي أبتديت يا مغفل، ما ترجعش تعيط وتقولي أرحمني.
فرغ "سام" ثغره في شبح إبتسامة نصر، أردف قائلاص بعدما أرتسمت ملامح الجدية على وجهه:
_أعتقد أننا قربنا يا دين، كل الحوادث اللي في البلدان اللي عديناها حصل فيهم إعتداءات مشابهة، والخريطة اللي رسمت عليها نمط الهجوم بتأكد أنه هيكون في البلد دي بعد بكرة بالكتير، لازم نوصل البلد دي أنهارده.
تنهد "دين" بضيق وأردف بتهكم:
_تفتكر دا إيه؟ مستذئب، ولا وينديغوو، ولا إيسنهورا؟!
حك "سام" ذقنه بتفكير وعيناه لا تفارق حاسوبه المحمول وقال بثقة:
_مش مستذئب أكيد؛ الدورة القمرية كده مش كاملة، والوينديغوو مش بيهاجم في الأماكن الزحمة ولا الصبح، وأيسنهورا ضخم جداً، من المستحيل يكون هو وإلا كانت أي كاميرا شافته أو حد لاحظه.
_طب يا عبقرينو إيه تحليل حضرتك؟ سمعني تخمينك وأوعوا تقولي أنهم التنانين، هفتح الباب وأرميك من هنا.
نظر له "سام" ببرود وأردف:
_لاء مش تنانين يا رزل، وبعدين أنت مش هتنسى لي الحوار ده يا دين، هتفضل ماسكه عليا ولا إيه يعني؟ دا كان من تلات سنين يا راجل، أنت إيه ما بتصدق تمسك حاجه على الواحد.
ضحك "دين" بتهكم وإنتصار، تنهد "سام" وأغلق حاسوبه بضيق، أعتدل في مقعده ونظر لشقيقه وهو يقول بتأفف:
_أنا درست كل الإحتمالات، وأظن أنه واحد من المسوخ دول، يا أما متحول، يا أركانا، يا--
حملق "دين" في شقيقه بجديه وقال بغضب:
_أوعى تقولي أنك بتفكر في ميا، دي تبقى كارثة يا سام، أكيد حاجه تانيه غير الملعونة دي.
_خايف تكون هيه يا دين، خصوصاً أن الضحايا مش بيتبقى منهم غير الدم وشوسة من خصل الشعر، أنت عارف أنها بتحب تسيب بصمتها في المكان، بتحب تتفاخر بجرايمها وتمثل بضحاياها.
_بنت الكلب، لو هيه فعلاً أنا مش هرحمها المرة دي.
"سام" وضع يده على يد شقيقه على المقود، رمقه "دين" بنظرات غضب، قال "سام" بقلق جاد وخوف:
_لاء يا دين، أنت بالذات تبعد عن طريقها، أنت ناسي أخر مرة عملت فيك إيه الملعونة دي؟ أبعد أنت عنها وسيبها لي أنا.
نظر له "دين" بغضب، تضايق "سام" وسأله بحده:
_في إيه يتا دين؟ إيه معندكش ثقة في أخوك ولا إيه؟ فاكر أنها هتقدر تغويني زي ما عملت فيك؟ وأني مش هقدر عليها.
توقف "دين" فجأة بالسيارة، أرتد الشقيقان من قوة الإندفاع والتوقف، نظر الشقيقان لبعضهم، لكن "دين" قال بحدة:
_هينفع تبطل عبط لساعة واحدة بس؟ أنت عارف أني بثق فيك أكتر من روحي يا مغفل، بس المشكلة أن أنا اللي ليا تار مع الرخيصة دي وتاني وأهم حاجه، أنت ناسي ماضيك مع المسوخ الجميلة، أنت كل واحدة حبيتها بعد جيس كانت مسخ يا سام، أنت مغناطيس للمسوخ من النوع ده ولا نسيت.
تهجم وجه "سام" بغضب حزين، لاحظ "دين" أنه فتح جراح عميقة لم يداويها الزمن بعد في قلب "سام".
ربت "دين" على كتفه وحاول أن يغير مجرى الحديث وهو يقول بمزاح:
_ثالثاً بقى أنا متراهن مع بوبي أني أجيب له صف سنانها يعمله عقد على رقبه فيكتور المحنط ونتصور سيلفي معاه ونبعته لديانا في الخماره، يلا يا ولد، ما تفرقش أخوك الكبير عشان هو قرفان لوحده، خد لك تعسله وريح دماغك من وش لعبتك دي وسيب الكبير يكمل طريقه بمزاج، يلا نام.
لكن "سام" حدق بعيناه بقوه خلف شقيقه وهو يصرخ فيه:
_حاســــــب يا دين.
_مع عائلة تورونتو.
عائلة إيطاليه تعيش في جنوب أمريكا، جمعت ثرواتها من نبش وسرقة الكنوز العتيقة، لكن قبل ثلاثون عام، قامت كبير العائلة "أليخاندرو تورونتو" بنبش إثار هندية قديمة وسرقة جوهرة من عين التمثال "سيتا" آلهة الهندوس.
ومنذُ ذاك الحين أصيبت عائلته بلعنة كارثيه، أصيب أليخاندرو بمرض عضال نادر جعله قعيد لا يمكنه السير مرة أخرى.
وشقيقته تم أغتيالها في قصرها مع زوجها، نجى أبنائها بمعجزة.
شقيقه أنفجرت به الطائرة وهو عائد للبلاد.
لم يتبقى من عائلته الكثير، خاف على أبناءه، لكنهم أصيبوا بأذى بالغ.
أبنه الكبير أصيب في حادث سير وفقد ساقه وتسببت تلك الحادثة له بالعقم، لكنه سبق له الإنجاب لثلاث ذكور وفتاتان.
أبنته تم أختطافها ولم يعثر عليها مطلقاً.
أبنه الصغير سقط عليه زجاج من إحدى البنايات وتسبب له في تشوه كبير وأيضاً سببت له الحادثة عقم غريب، لكن زوجته كانت أنجبت لتوها تؤام.
بعد مرور السنوات كبر الأحفاد جميعاً، لكن الغريب أن أحد الأحفاد لم ينجب مطلقاً، لا الرجال أو الإناث.
لجأ الجد لعراف شهير وأخبره أنه عائلته أصيبت بلعنة بسبب الجوهرة، ولن تحل اللعنة سوى بزواج أحد الذكور من فتاة نادرة جداً.
فتاة ولدت في يوم عبر فيه النجم التاسع على القطبين والعقرب، ومن يولد في مثل هذا اليوم يكون تعيش الحظ طوال عمره حتى تحدث معه معجزة لتغير حظه وقدره.
بسبب هذا الكلام، بحثت العائلة عن الفتيات ذوات الحظ العثر، حتى أنهم وضعوا إعلانات في كل وسائل التواصل الإجتماعي.
وبسبب هذا أجبر الجد الحفيد الكبير المسؤول الأول عن إدارة كل أملاك العائلة أن يتولى هو مسئولية الزواج من الفتيات حتى يقرر العراف من هي الفتاة المناسبة.
لكن نتج عن هذا القرار أن "ماركو" تزوج ثلاث وعشرون مرة حتى كره الزواج والنساء جميعاً.
قررت العائلة أن تترك إيطاليا ونقلت كل أعمالها لأمريكا وعاشت هناك، تركوا أمر الفتاة تعيسة الحظ للقدر بعدما يأسوا من العثور عليها.
لكن الجد لم ييأس مطلقاً، رفض فكرة أن ينتهي نسله ويموت كل أفراد عائلته بلا نسل يمتد لأجيال وأجيال.
لكن ما باليد حيلة، لم يستطع العثور على الفتاة المنشودة في أي مكان في العالم، لكنه لايزال يبحث سراً.
_مع ساره
في قبو أكثر بناية متهالكة في المدينة كلها، تعيش الأميرة الحالمة "ساره".
فتاة جميلة بوجه ملائكي بريئ، لكنها ذو حظ عثر، تظن أن زوجه والدها الحاقدة لعنتها ذات يوم قبل أن تدفع والدها للإلقاء بها في الشارع بحجة أنها فتاة شؤوم تسبب له الفقر ولن يتوقف الدائنين عن زيارته لطالما هي في منزلهم.
تعيش "ساره" أتعس أيام حياتها بعدما تم طردها من مطعم السفينة بعدما أهانت زائر تحرش بها.
تقف أمام مرآة النرحاض القذرة بقدر المرحاض، تحاول النظر لوجهها لترى هل شكلها مناسب لتلك الوظيفة، أم لا.
حديث كارلي صديقتها معها منذُ ليلتان لم يفارقها حتى الآن، تذكرت حديثها وهي تعيد تصفيف شعرها ورفعه في كعكه نظاميه؛ كبغتبدو إمرأة مسؤولة عوضاً عن فتاة نادلة في مطعم شعبي.
سمعت صوت كارلي في آذنها حين قالت لها:
_يا بنتي اعملي ستوب للحظة في حياتك بقى، فكك من حوارات التشاؤم دي وبصي لنفسك، أيه يعني لما تكوني منحوسة شوية؟!
نظرت لها ساره بطرف عيناها بلؤم، ضحكت كارلي بسماجة وقالت:
_خلاص يا ستي ولا تزعلي، منحوسة أوي، بس يا سو دا مش معناه أنك تدفني نفسك بالحيا وتنسي كل مستقبلك، يا سو أنتي خريجة يو أس أكسفورد تينتي،
واحدة زيك بشهادتك العالية أوي دي المفروض تكون شغاله في اكبر شركة في البلد كلها،
هتفضلي كده يعني دافنه نفسك في الشغل العره ده ولا غيره لحد أمتى يا سو؟
ألقت "ساره" منشفة التنظيف من يدها على البار أمامها وهي تنظر بحدة لكارلي وتقول لها بغيظ:
_شركة، تاني يا كارلي، مش سبق وحكت لك ايه اللي بيحصل في كل مكان أشتغل فيه،
شركة مارفين للآدوية، أبنه أتقتل، الراجل أتنحر،مراته دخلت مستشفى المجانين،
ولا شركة السيارات يوشيدا، كل أسهمها نزلت الأرض بعد ما اشتغلت فيها بأربع أيام بس، صاحبها اتسجن ومات في السجن من قهرته،
ولا أخرهم شركة الإنتاج الكبيرة بتاعه ادوباين كيز، الشركة فلست وصاحبها انفجرت بيه الطيارة وهو بيهرب من البلد كلها،
ولا المزرعة اللي مسكت المحاسبة بتاعها، المزرعة اتحرقت وحرقت معاها كل المواشي وبنات صاحبة المزرعة،
ولا شركة المحاماة ولا غيرها وغيرها، خمس سنين يا كارل وأنا بدمر حياة الناس وأقتلهم بقدمي الفقر عليهم، أنا مش قادره أتحمل ذنب ناس تانية،
حتى المطعم المعفن دا، كل زباينه قلت للربع والعجل صاحبه لاحظ دا وبدأ يزغر لي بقرف كل ما عينه تيجي في عيني،
نحاول السيطرة على كل شئ بلا توقف، نسعى للعلم والمعرفة اللامحدودة، نظل غافلين عن الكثير من الأمور الهامة.
الكيانات المظلمة التي تحيط بنا وتسعى بدورها لأخذ مكانها على كوكبنا معنا، أو الأسوء، محارباتنا والقضاء علينا كي تتربع على عرش الحياة وحدها.
لكن، كما هناك حكومات في كل بلد وقارة متواجدة لحماية البشر من بطشهم ضد بعضهم وظلمهم وفسادهم، هناك أيضاً أشخاص يختبئون في الظلام لحماية العالم من الكيانات الشيطانية.
والغير معلومة للبشر، يحيون حياة قاسية في ظلمات الليل، حياة محفوفة بالمخاطر، الدماء، والتضحيات.
لا يمتلكون قوى خارقة، ليس جميعهم على كل حال، لا يملكون أموال طائلة، لا يركبون سيارات فارهة، لا نفوذ أو سلطة تحميهم.
لا يملكون سوى قلب شجاع جسور، وسلاح قوي صنعوه خصيصاً لدحض تلك الكائنات الشريرة والقضاء عليها.
لدى كلاً منهم هدف واحد وهو القضاء على تلك الكيانات المظلمة المرعبة؛ كي يعيش البشر في سلام وأمان.
ومن أهم هؤلاء الأبطال، عائلة وينشستر، دخلت تلك العائلة عالم الصيد بطريقة قاسية جداً.
عندما هاجم الشيطان ذو الأعين الصفراء تلك العائلة وقام بوسم الصغير سام كي يصنع جيش ويختار قائد منهم لكي يهجم على عرش الجحيم ويحتله حين يكبر هؤلاء الصغار الذي يختار منهم بعناية.
ومن سوء حظ عائلة وينشستر أن ذو الأعين الصفراء أختار سامويل الصغير، دخلت ماري والدته عليه لتفاجئ بذاك اللعين وهو يوسم صغيرها.
فقام بحرقها وهي حيه ومن هنا بدأت رحلة العائلة في عالم الصيد بعدما تدمرت حياتهم بعد فقدان ماري.
بعد مرور ثلاثون عام أصبح الشقيقان "دين وسام وينشستر" صيادان محترفان معروفان لكل مخلوقات الأرض والسماء.
لكنهم بين البشر، مجرد رجلان ضالان، نسيا حياتهم الشخصية في سبيل مطاردة والقضاء على الشياطين المسوخ، والمتحولون وغيرهم الكثير من الكائنات التي قامت عليها معظم أفلام الرعب العالمية والأسطورية.
أيضاً يريدون الإنتقام من أجل والديهم الذين قتلوا على يد الشيطان ذو الأعين الصفراء وأمير الجحيم "أسموديس".
لكنهم أثناء رحلتهم الطويلة، لم يعد هناك صديق حي يذكر لهم، لا حبيبة، لا منزل، لا مأوى، لا مال، يهيمان على الطرقات ليل نهار يبحثان عن من يحتاج مساعدة، ويتجاهلان حقيقة أنهم هم من يحتاجون لأمس حاجة من المساعدة.
منذُ سنوات ماضية.
ذات ليلة، أثناء قيادة "دين" لسيارته العزيزة الإيمبالا، سأل "سام" وهو يلتهم شطيرته التي خزنها أسفل مقعد السيارة الخلفي منذُ ثلاث ليال، سأل "سام" بسخرية "كعادته":
_ايه الجديد يا عم عبقرينو؟ وصلت لحاجه ولا لسه هتفضل متنح في لابتوبك الممل زيك ده؟
رمقه "سام" بنظرة تهكم، أبتسم "دين" مظهراً أسنانه البيضاء والطعام محشور بينهم بكثرة.
أشمئز "سام" من شقيقه "كعادته" وقال له وهو يشير بأصبعه على ذقنه ويقول لشقيقه:
_طب أمسح بس الأكل من على بقك، أنت بتريل زي العيال يا دين.
"دين" قضب حاجبيه بضيق، رفع يده يمسح فمه، رفعها على المرآة ليرى مكان الطعام على وجهه، لكن "سام" فاجئه حين دفع باقي الشطيرة على وجهه وهو يضحك.
أبعد "دين" الشطيرة وهو ينظر لشقيقه شزراً، لكن "سام" أبتسم بسخرية، أغتاظ منه "دين" وقال له بحدة:
_أنت اللي أبتديت يا مغفل، ما ترجعش تعيط وتقولي أرحمني.
فرغ "سام" ثغره في شبح إبتسامة نصر، أردف قائلاص بعدما أرتسمت ملامح الجدية على وجهه:
_أعتقد أننا قربنا يا دين، كل الحوادث اللي في البلدان اللي عديناها حصل فيهم إعتداءات مشابهة، والخريطة اللي رسمت عليها نمط الهجوم بتأكد أنه هيكون في البلد دي بعد بكرة بالكتير، لازم نوصل البلد دي أنهارده.
تنهد "دين" بضيق وأردف بتهكم:
_تفتكر دا إيه؟ مستذئب، ولا وينديغوو، ولا إيسنهورا؟!
حك "سام" ذقنه بتفكير وعيناه لا تفارق حاسوبه المحمول وقال بثقة:
_مش مستذئب أكيد؛ الدورة القمرية كده مش كاملة، والوينديغوو مش بيهاجم في الأماكن الزحمة ولا الصبح، وأيسنهورا ضخم جداً، من المستحيل يكون هو وإلا كانت أي كاميرا شافته أو حد لاحظه.
_طب يا عبقرينو إيه تحليل حضرتك؟ سمعني تخمينك وأوعوا تقولي أنهم التنانين، هفتح الباب وأرميك من هنا.
نظر له "سام" ببرود وأردف:
_لاء مش تنانين يا رزل، وبعدين أنت مش هتنسى لي الحوار ده يا دين، هتفضل ماسكه عليا ولا إيه يعني؟ دا كان من تلات سنين يا راجل، أنت إيه ما بتصدق تمسك حاجه على الواحد.
ضحك "دين" بتهكم وإنتصار، تنهد "سام" وأغلق حاسوبه بضيق، أعتدل في مقعده ونظر لشقيقه وهو يقول بتأفف:
_أنا درست كل الإحتمالات، وأظن أنه واحد من المسوخ دول، يا أما متحول، يا أركانا، يا--
حملق "دين" في شقيقه بجديه وقال بغضب:
_أوعى تقولي أنك بتفكر في ميا، دي تبقى كارثة يا سام، أكيد حاجه تانيه غير الملعونة دي.
_خايف تكون هيه يا دين، خصوصاً أن الضحايا مش بيتبقى منهم غير الدم وشوسة من خصل الشعر، أنت عارف أنها بتحب تسيب بصمتها في المكان، بتحب تتفاخر بجرايمها وتمثل بضحاياها.
_بنت الكلب، لو هيه فعلاً أنا مش هرحمها المرة دي.
"سام" وضع يده على يد شقيقه على المقود، رمقه "دين" بنظرات غضب، قال "سام" بقلق جاد وخوف:
_لاء يا دين، أنت بالذات تبعد عن طريقها، أنت ناسي أخر مرة عملت فيك إيه الملعونة دي؟ أبعد أنت عنها وسيبها لي أنا.
نظر له "دين" بغضب، تضايق "سام" وسأله بحده:
_في إيه يتا دين؟ إيه معندكش ثقة في أخوك ولا إيه؟ فاكر أنها هتقدر تغويني زي ما عملت فيك؟ وأني مش هقدر عليها.
توقف "دين" فجأة بالسيارة، أرتد الشقيقان من قوة الإندفاع والتوقف، نظر الشقيقان لبعضهم، لكن "دين" قال بحدة:
_هينفع تبطل عبط لساعة واحدة بس؟ أنت عارف أني بثق فيك أكتر من روحي يا مغفل، بس المشكلة أن أنا اللي ليا تار مع الرخيصة دي وتاني وأهم حاجه، أنت ناسي ماضيك مع المسوخ الجميلة، أنت كل واحدة حبيتها بعد جيس كانت مسخ يا سام، أنت مغناطيس للمسوخ من النوع ده ولا نسيت.
تهجم وجه "سام" بغضب حزين، لاحظ "دين" أنه فتح جراح عميقة لم يداويها الزمن بعد في قلب "سام".
ربت "دين" على كتفه وحاول أن يغير مجرى الحديث وهو يقول بمزاح:
_ثالثاً بقى أنا متراهن مع بوبي أني أجيب له صف سنانها يعمله عقد على رقبه فيكتور المحنط ونتصور سيلفي معاه ونبعته لديانا في الخماره، يلا يا ولد، ما تفرقش أخوك الكبير عشان هو قرفان لوحده، خد لك تعسله وريح دماغك من وش لعبتك دي وسيب الكبير يكمل طريقه بمزاج، يلا نام.
لكن "سام" حدق بعيناه بقوه خلف شقيقه وهو يصرخ فيه:
_حاســــــب يا دين.
_مع عائلة تورونتو.
عائلة إيطاليه تعيش في جنوب أمريكا، جمعت ثرواتها من نبش وسرقة الكنوز العتيقة، لكن قبل ثلاثون عام، قامت كبير العائلة "أليخاندرو تورونتو" بنبش إثار هندية قديمة وسرقة جوهرة من عين التمثال "سيتا" آلهة الهندوس.
ومنذُ ذاك الحين أصيبت عائلته بلعنة كارثيه، أصيب أليخاندرو بمرض عضال نادر جعله قعيد لا يمكنه السير مرة أخرى.
وشقيقته تم أغتيالها في قصرها مع زوجها، نجى أبنائها بمعجزة.
شقيقه أنفجرت به الطائرة وهو عائد للبلاد.
لم يتبقى من عائلته الكثير، خاف على أبناءه، لكنهم أصيبوا بأذى بالغ.
أبنه الكبير أصيب في حادث سير وفقد ساقه وتسببت تلك الحادثة له بالعقم، لكنه سبق له الإنجاب لثلاث ذكور وفتاتان.
أبنته تم أختطافها ولم يعثر عليها مطلقاً.
أبنه الصغير سقط عليه زجاج من إحدى البنايات وتسبب له في تشوه كبير وأيضاً سببت له الحادثة عقم غريب، لكن زوجته كانت أنجبت لتوها تؤام.
بعد مرور السنوات كبر الأحفاد جميعاً، لكن الغريب أن أحد الأحفاد لم ينجب مطلقاً، لا الرجال أو الإناث.
لجأ الجد لعراف شهير وأخبره أنه عائلته أصيبت بلعنة بسبب الجوهرة، ولن تحل اللعنة سوى بزواج أحد الذكور من فتاة نادرة جداً.
فتاة ولدت في يوم عبر فيه النجم التاسع على القطبين والعقرب، ومن يولد في مثل هذا اليوم يكون تعيش الحظ طوال عمره حتى تحدث معه معجزة لتغير حظه وقدره.
بسبب هذا الكلام، بحثت العائلة عن الفتيات ذوات الحظ العثر، حتى أنهم وضعوا إعلانات في كل وسائل التواصل الإجتماعي.
وبسبب هذا أجبر الجد الحفيد الكبير المسؤول الأول عن إدارة كل أملاك العائلة أن يتولى هو مسئولية الزواج من الفتيات حتى يقرر العراف من هي الفتاة المناسبة.
لكن نتج عن هذا القرار أن "ماركو" تزوج ثلاث وعشرون مرة حتى كره الزواج والنساء جميعاً.
قررت العائلة أن تترك إيطاليا ونقلت كل أعمالها لأمريكا وعاشت هناك، تركوا أمر الفتاة تعيسة الحظ للقدر بعدما يأسوا من العثور عليها.
لكن الجد لم ييأس مطلقاً، رفض فكرة أن ينتهي نسله ويموت كل أفراد عائلته بلا نسل يمتد لأجيال وأجيال.
لكن ما باليد حيلة، لم يستطع العثور على الفتاة المنشودة في أي مكان في العالم، لكنه لايزال يبحث سراً.
_مع ساره
في قبو أكثر بناية متهالكة في المدينة كلها، تعيش الأميرة الحالمة "ساره".
فتاة جميلة بوجه ملائكي بريئ، لكنها ذو حظ عثر، تظن أن زوجه والدها الحاقدة لعنتها ذات يوم قبل أن تدفع والدها للإلقاء بها في الشارع بحجة أنها فتاة شؤوم تسبب له الفقر ولن يتوقف الدائنين عن زيارته لطالما هي في منزلهم.
تعيش "ساره" أتعس أيام حياتها بعدما تم طردها من مطعم السفينة بعدما أهانت زائر تحرش بها.
تقف أمام مرآة النرحاض القذرة بقدر المرحاض، تحاول النظر لوجهها لترى هل شكلها مناسب لتلك الوظيفة، أم لا.
حديث كارلي صديقتها معها منذُ ليلتان لم يفارقها حتى الآن، تذكرت حديثها وهي تعيد تصفيف شعرها ورفعه في كعكه نظاميه؛ كبغتبدو إمرأة مسؤولة عوضاً عن فتاة نادلة في مطعم شعبي.
سمعت صوت كارلي في آذنها حين قالت لها:
_يا بنتي اعملي ستوب للحظة في حياتك بقى، فكك من حوارات التشاؤم دي وبصي لنفسك، أيه يعني لما تكوني منحوسة شوية؟!
نظرت لها ساره بطرف عيناها بلؤم، ضحكت كارلي بسماجة وقالت:
_خلاص يا ستي ولا تزعلي، منحوسة أوي، بس يا سو دا مش معناه أنك تدفني نفسك بالحيا وتنسي كل مستقبلك، يا سو أنتي خريجة يو أس أكسفورد تينتي،
واحدة زيك بشهادتك العالية أوي دي المفروض تكون شغاله في اكبر شركة في البلد كلها،
هتفضلي كده يعني دافنه نفسك في الشغل العره ده ولا غيره لحد أمتى يا سو؟
ألقت "ساره" منشفة التنظيف من يدها على البار أمامها وهي تنظر بحدة لكارلي وتقول لها بغيظ:
_شركة، تاني يا كارلي، مش سبق وحكت لك ايه اللي بيحصل في كل مكان أشتغل فيه،
شركة مارفين للآدوية، أبنه أتقتل، الراجل أتنحر،مراته دخلت مستشفى المجانين،
ولا شركة السيارات يوشيدا، كل أسهمها نزلت الأرض بعد ما اشتغلت فيها بأربع أيام بس، صاحبها اتسجن ومات في السجن من قهرته،
ولا أخرهم شركة الإنتاج الكبيرة بتاعه ادوباين كيز، الشركة فلست وصاحبها انفجرت بيه الطيارة وهو بيهرب من البلد كلها،
ولا المزرعة اللي مسكت المحاسبة بتاعها، المزرعة اتحرقت وحرقت معاها كل المواشي وبنات صاحبة المزرعة،
ولا شركة المحاماة ولا غيرها وغيرها، خمس سنين يا كارل وأنا بدمر حياة الناس وأقتلهم بقدمي الفقر عليهم، أنا مش قادره أتحمل ذنب ناس تانية،
حتى المطعم المعفن دا، كل زباينه قلت للربع والعجل صاحبه لاحظ دا وبدأ يزغر لي بقرف كل ما عينه تيجي في عيني،