7، سر جريمة الماضي

مع دين وكارلي

‏حدق لها ببرود وقال:
‏_شبح مات، جديدة دي، ما هو اصلاً ميت، ناصحه أوي انتي، بس في حاجه هي اللي مخلياه طيف وعايش هنا تعالي بس وها--

لم يكمل كلامه، مد يده يفتح الباب لكن فجاة حلق هو والفتاة بعنف شديد للداخل.

صدم دين في جدار عالى وسقط متألما؛ كذلك الفتاة.

صدمت في تمثال حجري تسبب لها في أذى كبير حتى أن رأسها بدأت تنزف الدماء بغزارة.

‏ وقف دين وركض نحوها وهو يقاوم الألم، مسك ذراعها اوقفها على قدمها، مزق جزء من قميصه المفضل وضمد لها جرح جبهتها، ثم لف قطعة آخرى على رأسها وهو يقول لها:
_الروح اللي هنا مش هتسيبنا نخرج من هنا، شكله في حاجه بينك وبينها، المطبخ منين؟

نظرت له بعدم فهم، فجأة تم قذف إناء زجاجي عليهم لكنه لم يصيبهم بل غير اتجاهه فجاة وصدم الجدار، صرخ دين فيها:
_المطبخ فيـــن؟

اشارت له بيد مرتجفة جهة اليسار، أخذها من يدها وركض بها للمطبخ.

بحث في المكان وهو يسألها:
‏_فين الملح؟ بتخزنوه فين؟

‏ صدمت من سؤاله لكنها فتحت خزانة بعيدة وأخرجت كمية كبيرة من اكياس الملح.

‏ أخذه دين وأفرغ محتواه على الارض في شكل حلقه دائرية حولها.

‏ دخل الحلقه ووقف فيها، نظرت له وقالت وهي ترتجف رعبا:
‏_هو ده هيحمينا منه؟

‏ _مؤقتاً بس لحد ما الجثه تتحرق.

‏ _إيه؟ جثه مين اللي تتحرق؟

‏ _جثه الروح اللي هنا، دلوقتي فهميني كل حاجه، البيت ده بيت مين؟ وانتِ عايشة هنا من امتى؟ وتعرفي ايه عن البيت ده، ‏أحكي لي كل حاجه بصراحه.

‏أزدردت لعابها وقالت له بصوت حزين:
‏_البيت ده بتاع جدي ابو بابا هو اتقتل هنا في البيت ده من حوالي 20 سنه كده.

‏ هز دين رأسه بتفاهم لكنه سألها:
‏_وفين مقبره جدك واسمها إيه؟

‏ _جدي في مدافن العيله في مقابر المدينه المركزيه واسم المدفن عليه عيله صامويل دارينج وجدي اسمه وارن دارنج.

‏ أخرج دين هاتفه هو اتصل على سام، أجابه قائلاً:
‏_لسه ما وصلتش يا عم الزنان انت لسه قالــ--

قاطعه دين قائلاً بصياح:
_مش وقته يا سام، عايزك تروح حالاً لمقبرة المدينة وتحرق جثة لراجل اسمه وارن دارنج بسرعة.

أجابه سام بصدمه:
‏_أنت بتقول إيه يا دين؟ ليه؟ إيه اللي بيحصل معاك؟

‏ قال له دين بحده:
‏_مش وقت أسئلة سام، انا وصلت بنت لبيتها واتفاجئت بيها بتصرخ ودخلت ألحقها لقيت شبح جدها بيحاول يقتلها ودلوقتي محاصرنا ومش عارفين نخرج من هنا روح دلوقتي بسرعه أحرق الجثه قبل ما يأذي حد فينا.

‏ أجابه سام بسرعة وإنفعال:
‏_ماشي ماشي حاضر، هروح حالاً، طب انت كويس؟

‏ أجابه دين بصياح حاد:
‏_ايوه إحنا الإتنين كويسين لحد دلوقتي، يلا انت روح بسرعة.

‏ أجابه وسام:
‏_حقيقي يا دين انت مش هتتهدي غير لما يجرا لك حاجه بسبب البنات، عامة انا هروح دلوقتي وانت حاول تصبر لحد ما اجي لك، خليك في دايره الملح واوعى تخرج منها لحد ما اتصل بيك.

‏ اجابها دين ببرود وهو ينظر بغضب:
‏_هو انت هتعرفني أعمل إيه يا مغفل؟ يلا بسرعه انت، انجز وكلمني.

‏ اغلق دين مع شقيقه ونظر للفتاه وقال لها محاولا تهدئتها:
‏_ما تخافيش، كله هيبقى تمام، اطمني اخويا هيحل كل حاجه، بس أنتِ أحكي لي بقى بالتفصيل عن كل حاجه.

‏ قالت له بتوتر:
‏_طب حاضر بس أنتم مين؟ واحنا راشين ملح بالشكل ده وواقفين جواه ليه؟

‏ _قلت لك انا صياد واخويا زيي وابويا كمان كان صياد والملح ده هيحمينا من هجوم الشبح ده المهم دلوقتي احكي لي.

‏ تنهدت الفتاه وقالت له بتعب:
‏_كانت ليله سوداء من اولها 13/10 كنت يومها في رحله مع صاحبتي وحصلت لنا حادثة بشعة وراح فيها ثلاثه من صحابي،

‏ اهلي فضلوا معايا في المستشفى لوقت متأخر، بابا بعت جدي على البيت علشان يرتاح بس جدي اتفاجئ بحد في البيت حصل بينهم خناقه وقتل جدي كانت ليله بشعه كل ما افتكرها احس اني--

لم تستطع ان تستكمل حديثها بسبب البكاء كانت تبكي بشكله هستيري كأنها ترى الجريمه تعاد أمام عينها مرة اخرى.

لم يرد دين ان يزيد الامر عليها اكثر، ربت على كتفها وهو يقول لها بصدق:
‏_خلاص ما تضايقيش نفسك انا اسف اني سألتك بس كان لازم اسأل، بس صح انت ما قلتليش لحد دلوقتي اسمك إيه؟!

‏ _كارل، كارلي دارلينج.

‏ حرك دين رأسه موافقاً، تحسس جيوبه يتفقد سلاحه لكنه سب ولعن بغضب.

‏ سألته الفتاة بقلق مرعب:
‏_أنت كويس يا دين؟ مالك في حاجه ضاعت منك؟

‏ قال لها بإنزعاج غاضب:
‏ _سلاحي، أكيد سبته في العربية، انا مش هينفع أفضل واقف كده ومش عارف الضربه الجايه هتجيلي منين؟ ومش هينفع اخاطر واحاول اخرج من شباك ولا باب المطبخ لانه واضح انه مش هيسيبنا نخرج من هنا بس ليه مش فاهم؟! ليه جدك عايز يأذيكي؟

‏نظرت له كارلي بقله حيله ظل دين ينظر حوله يبحث عن غرض حديد ليحمي به نفسه في حين ظهر لهم الشبح مجددا لكن فجاة.

_مع سارة وماركو.

انهت كلامها ووقفت لأنها واثقه بأنه سينادي الحرس ليلقوا بها في الشارع إن لم يقوم بإبلاغ الشرطة عنها بسبب وقاحتها لكنه صدمها حين مد يده لها بصحيفة قديمة.

بل انها صفحة واحدة من جريدة يعود تاريخها لسبع سنوات ماضية تقريباً.

مدت ساره يدها أخذت الجريدة وهي مقضبة حاجبيها في تساؤل وفضول.

قال لها باقتضاب:
_أقري الإعلان اللي في الصفحة دي وعليه أسم عيله ألباتشينو.

مسكت صفحة الجريدة بإهتمام وبدأت تبحث بعيناها عن العنوان، وجدته بسهولة، بدأت تقرا العنوان وكان نصه كالآتي.

"مطلوب فتاة للزواج من رجل اعمال إيطالي لمدة سنة واحدة مقابل 5 مليون يورو، والمواصفات كالتالي:
ألا يزيد عمر الفتاة عن 28 عام وان تكون من مواليد كانون الثاني غير متعلمة وأهم صفة مطلوبة، هي عسر الحظ،

‏على الفتاة أن تكون يتيمة بلا عائلة او مؤون لها وأن تكون صاحبة أكبر حظ تعيس في العالم، لا يشترط الجنسية، الجمال، الاناقه، اللباقه، الثراء، الذكاء، أوالحجم،

‏ على من تجد نفسها مناسبة ومطابقة للمواصفات أن تتقدم للعنوان المذكور في آخر الإعلان، لكن عليها الاتصال مسبقاً لحجز موعد وتحذير هام جداً،

‏ الإعلان ليس مزحه؛ وإنما للأشخاص الجادين فقط ومَن يحاول السخرية والتهكم، يعرض نفسه للمسائلة القانونية ودمتم سالمين، للتواصل والاستفسار والحجز يرجى الاتصال".

تجاهلت ساره الأرقام والعنوان المذكوران في آخر الإعلان.

نظرت بتهكم إلى ماركو وقالت له وهي تضع له الجريده على المكتب:
‏_إيه الكلام الفارغ ده يا ماركي بيه، حسيت للحظة إني بقرأ إعلان الجواز للأمير اللي أبوه عايز يجوزه لأي كونتسة في البلد وهو هيحب سندريلا، فاكر الحدوته دي يا باشا؟

‏ ضحكت ببلاها على ذكريات الطفولة المريرة وهي تنظر لماركو، لكنها وجدته ينظر لها بغضب واحتقار وضعاً يده على ذقنه.

‏ سعلت بحرج واعتدلت في وقفتها اكتسى وجهها بالجديه وقالت له بصرامه:
‏_لا مؤاخذه يا كبير، نسيت أن الأغنياء اعداء المرح الطبيعيين، المهم ما علينا، ما قلتليش يا باشا انت وريتني الاعلان ده ليه؟ يعني يخصني في ايه؟ انا مش هرشاك لحد دلوقتي.

‏ وقف ودار حول مكتبه، سار حتى وقف أمامها بطوله الفارع.

‏ شعرت بأنفاسها تحشرجت داخل حلقها من هيبته تلك.

‏ نظر لها بإستقلال شديد وقال لها:
‏_الإعلان ده بتاعنا إحنا، إحنا اللي نشرناه قبل كده.

‏ قالت له بصدمة:
‏_أنتم، انتم، يعني أنت وعيلتك يعني وكده، طب ليه؟ يعني لا مؤاخذه في ده السؤال يا باشا كنت عايزين بنت جاهله وشها فقر ليه؟

‏ كنتوا عايزين تفتقروا شويه عشان الحسد مثلاً؟ ولا عشان تتهربوا من الضرايب؟

‏ رمقها بنظرة غاضبة اوقفها عن المزاح، قال لها بصرامة:
‏_كنا ومازلنا عايزين البنت دي، والسبب مالكيش فيه، بس انت هتكوني البنت دي.

‏انتفضت ساره وعادت للخلف وهي تحملق فيه بعدم تصديق، قالت له بإنفعال:
‏_أنت اتجننت يا عم انت؟ مين دي اللي هتكون البنت دي؟ ومين دخل في دماغك العبقرية دي اني هوافق على كلامك المتخلف ده؟

‏ ثم أني ما طابقش المواصفات اللي انتم كاتبينها؟ انا نحس صح وفقيرة ويتيمة، لكني متعلمة ومش من المواليد اللي انتم عايزينها، ولو منها انا مش عايزه، يفتح الله يا عم، مش عايزه شغلنتكم دي.

‏_فعلاً! اومال جيتي ليه من الأول؟

‏_كنت غبية ومتخلفة، غيرت رأيي، إيه؟ هتحاسبني ولا هتدفعني غرامه على تغيير قراري؟ إيه واقفه مع حكم ولا إيه يا فندم؟

‏ صمت للحظات وهو يرمقها بإحتقار شديد، ثم قال بثقه:
‏_لا، مش حكم، بس لو ما وافقتيش انك تكوني مراتي هبلغ عنك أن أنتِ إرهابيه وانك ورا تخريب الاسانسير عشان تبتزينا والدليل

على كده أنه ما وقعش أو انفجر وإن الشركا اللي تبعك كانوا بيتحكموا فيه وطبعاً أخويا والمحامي هيقيدوه كلامي وشوفي انت بقى كلام مين اللي هيتصدق في القسم قدام الشرطه معاكي 72 ساعه تفكري وتردي عليا ويا ريت تفكري كويس وإلا أنتِ اللي هتندمي،

لسانك الطويل ده مش هينفعك وانت في غوانتانامو، لو وافقتي هتكوني مراتي لمدة سنة واحدة بس،

‏ بس طبعاً جوازنا هيكون في السر؛ إنما قدام الناس هتكوني سكرتيرتي الخاصة، وأهم شرط انك هترافقيني زي ضلي لحد ما السنه تخلص،

‏ وقت الإنفصال هكون حطيت لك مبلغ 10 مليون يورو في حسابك في البنك، فكري كويس وردي عليا.

_مع دين وكارلي قبل سنوات ماضية.

نظرت له كارلي بقلة حيلة، ظل دين ينظر حوله يبحث عن غرض حديد ليحمي به نفسه؛ في حين ظهر لهم الشبح مجددا لكن فجاة.

رن هاتف دين، أجاب بأنفعال:
_إيه يا سام، عملت إيه؟

_خلاص يا دين، حرقت الجثة، أخرج من عندك وقابلني حالاً يلا.

_عاش يأخو الوحش، خلاص تمام، مسافة السكة وتلاقيني في خلقتك.

لم تفهم الفتاة شيء لكن ثقة دين في الكلام طمئنتها إلى حد ما.

خرج معاً من دائرة الملح وتوجها للخارج، لكن فجاة شيء خفي دفع دين ألقاه بعيداً.

صدم في قطعه المطبخ المعلقه، سقط دين أرضاً وهو يتألم بشدة ويقاوم فقدان الوعي.

‏ ولكنه نظر صوب كارلي وجدها تختنق وهي مرتفعه عن الارض ببضعه أقدام.

‏ وقف دين وهو يقاوم الألم، بحث عن غرض حديد يضرب به هذا الكيان الخفي المؤذي، لمح قضيب صغير معلق على الجدار بجوار الموقد.

‏ أسرع إليه واخذه، ركض صوب كارلي ولوح في الهواء تكرر نفس الوضع، لكن ذاك الكيان توجه لدين هذه المرة.

‏تابع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي