26، حلم صعب المنال

"مع ساره وأنجلو"

أتسعت حدقتا عيناها وهي تنظر أمامها، وقف أنجلو وصاح بها بغضب:
_ماركوس ما يعرفش أنك راحه إيطاليا يا ساره؟

أرتبكت وهي تنظر له، وقفت وهي متوترة وقالت له بحنو:
_لو قلت لك أني حبيته، هتصدقني.

حملق انجلو في ساره بعدم تصديق! قال يردد كلماتها ليتأكد انه سمع كلامها بشكل سليم قال:
_حبتيه، انت حبيتي ماركوس! طب إزاي؟ وليه؟ حبيتي فيه إيه؟ مش مقتنع بصراحه يا ساره.

جلست وهي تنظر بشرود أمامها، قالت كأنها تحدث نفسها: _طب ممكن تفسر لي معناه إيه انك تبقى مشتاق تشوف إنسان لسه سايبه من دقايق؟

بتتحجج بأي حاجه عشان تشوفه، تبقى عايز تتكلم في اي حاجه عشان تسمع صوته، جسمك يقشعر لما يبص لك بصه طويله إيا كانت بغضب او رضا،

تحس أنه جنبك وهو مش موجود، تحلم بيه وانت صاحي ووانت نايم، صورته في عقلك ما بتختفيش، بتخاف تخسره كأنه هيتبخر،

تحس ان عقلك هيشت لو واحده خدته منك، بتغير عليه من نظره البنات ليه، تقدر تقول لي انجلو كل ده معناه ايه لو ما كانش حب؟

تنهدت بتعب واسندت رأسها للخلف.

شرد انجلو في كلامها لكنه قال فجاة:
_ياه، ده انت مش بتحبيه ده انت غرقانه لشوشتك في عشقه بصي يا ساره.

نظرت له بانتباه، قال لها بجديه:
_عشان تكسبي قلب راجل صلب زي ماركوس لازم تعرفي إزاي تلفيتي نظره ليكي الأول؟ أول حاجه لازم تغيري نفسك طريقه لبسك، تسريحه شعرك، أسلوبك، مشيتك، وكلامك، لازم تخلي بالك من كل جمله تقوليها،

من كل تصرف تعمليه، من كل نظره تبصي له بيها، لازم تحسسيه انك مهتمه بكلامه، وتقدري ذكائه وشطارته وكل وجهات نظره في اداره اعماله، تبيني له انك بتهتمي بكل تفاصيله،

لكل حاجه يحبها، رتبي اولوياتك بحيث انه يكون راحته في كل حاجه تعمليها تخليه يرضى عنك ويمدحك، الراجل اللي زي ماركوس هيلاحظ اهتمامك بكل حاجه تخصه ولازم تتعمل على اكمل وجه، فهمتي يا ساره؟

نظرت له بيأس اؤم لها وقال بثقه:
_سيبي لي نفسك أنتِ بس وانا هخليكِ تعرفي إزاي تكسبي قلبه واهتمامه ونبتدي بظهورك في الحفله الليله دي اتفقنا لازم تبهريه،

تخليه يحس بالذنب انه ما كانش واثق في حضورك لازم تلفتي نظر الكل ويكون ظهورك مبهر للجميع وهو على رأس الجميع طبعاً.

ابتسمت له مؤيده كلامه ماده يدها له مصافحه بأمتنان.

وصلوا بعد عدة ساعات، لم يعلن انجلو عن وصوله لم يذهب لقصر عائلته مباشرة.

ذهب مع ساره الى الفندق خاصتهم الذي ستقام فيه الحفله هذه الليله.

حجز لساره جناح خاص بها، اخبرها انه سوف يرسل لها ثياب وشخص خبير ليساعدها في ارتداء ثوب مناسب للحفله الليله.

شكرته بأمتنان ودخلت الجناح وهي قلقه من ليلتها الموعوده مع ماركوس وعائلته.


خافت ان لا تنجح خطتها هي وانجلو وتفسد الامر كله وتتسبب في اغضابه واحراجه بدلاً من مفاجآته وابهاره، لكنها ستحاول على كل حال.

"في حي ميزوجيورنو مع أقارب ماركوس"

عادت برأسها للخلف وهيه تتابع الشارع الناس المنازل والمتاجر وهم يمرون أمامها بسرعة كبيرة، بسبب اندفاع ريمون في القيادة "كعادته"
أخيرا وصل لحي المهندسين الذي تقيم فيه، زفرت "جيني" باختناق وهي تنظر لمنزلها المتهالك المكون من طابقين، لكنه عتيق جدا من يراه يظنه أيل للسقوط، لكنه صامد منذ أجيال طويلة.

فزعت "جيني" من لمسه "ريمون" علي يدها، انتفضت بعفوية، نظرت له بحده وقالت بجفاء.
_روبي كام مره قلت لك اني لا أحب طريقتك تلك.

ابتسم بدهاء لأنه يعرف أنها لا تحب هذا المزاح، لكنه يريد بدأ حديثا معها، قال لها:
_ وأنا لم أقصد أي شيء بالمناسبه، أنتي فقط لستي سليمة النية عزيزتي، على كل حال لقد وصلنا لمنزلك، هل ستذهبين؟ أم تريدين التنزه قليلا معي بالسيارة.

قالت باندفاع لأنها حقا تريد التخلص منه:
_ لا لا، أنا أريد الذهاب للمنزل، لقد شعرت بإرهاق وصداع سينفجر رأسي، ٍادخل أنا منزلي وأنت تنزه كما تشاء، تصبح على خير.

رأت نظرة حزن و خيبة أمل في عينيه، زمت شفتيها بحيره وقالت لتغيير نظرته البائسة تلك:
_عاما كانت سهره ممتعه شكرا يا روبي.

بسرعه تبدلت نظراته، ابتسم قال لها بأمل:
_اعرف بأنك لم تكوني سعيده معي كما تدعين، وأنك تقولين هذا لترضيني ليس إلا، وهذا يكفيني صراحة يكفي أن أشعر بأنك مهتمة بي وبأرضائي، لكن يا "جيني" هذا لا يكفي كثيرا، صدقيني عندما أخبرك بأنني لن أدعك وشأنك حتى استوطن قلبك واطرد شبحه منك للأبد، لن أيأس أبدا، سأحل بقلبك قريبا وسترين، تصبحين على خير عزيزتي العنيده.

نظرت له بعتاب وحزن لأنه أتي علي ذكر حبيبها السابق"ريمون" ندم علي تهوره حاول الاعتذار وهوه يقول:
_ "جيجي" انا اسف لم أكن أقصد هذا "جي" اسمعيني.
قالت له وهي تخرج من السيارة:
_تصبح على خير روبي.

أخرج رأسه من النافذة و قال بصوت عال لتسمعه وهي تسير تجاه منزلها:
_اسف يا "جيجي" حقا ، حسنا سأنتظر اتصال منك كي نخرج الأسبوع المقبل، أوصلي سلامي وتحياتي إلى "رحمة" إلي اللقاء "جيني".

"جيني" لم تسمع نصف كلامه بسبب تشتيت عقلها، لأنها تسير بسرعه حتي تتخلص من رفقته، وصلت منزلها، فتحت الباب دخلت اغلقت خلفها بدون حتي ان تستدير ولو مرة واحدة لتنظر له نظره وداع.

وقفت خلف الباب وسندت عليه وهي تزفر بأختناق شديد، لكن فجأة سمعت صوت غريب في منزلها، صوت جعل قلبها ينقبض.

"في منزل خوري تورينتو"
في عام 2007 في إحدي المنازل بـ لا فيلي القديمة.
يدخل الحاج "خوري تورينتو" منزله المتواضع وفي يده إبنه أخيه الصغيرة التي تبلغ من العمر ست سنوات فقط.
نادي علي إبنه الوحيد بصوته الطيب الحنون:
_ "تيمور" بني، أين انت يابني؟ تعال لترى من أحضرت معي هنا الأن.

خرج من غرفه بعيده طفل في عمر الأثني عشر عام، خرج يركض وهوه مبتسم بحماس كعادته في أستقبال والده، لكن تهجم وجهه كثيراً عند رؤيته لتلك الصغيره.

وقف أمام والده ووضع يده على خاصرته وقال بتهكم:
_ ماذا؟ لماذا أحضرت تلك اللعينة إلى هنا؟ من أخبرك بأنني أريد رؤيه وجهها القبيح في بيتنا، من فضلك يا أبي اطردها من هنا، لا أريد رؤيتها ولو بالصدفه، أريد أن أعود إلي المنزل ولا أجدها فيه، أسمعتني يا أبي.

"تيمور" نظر لها بكره شديد و فتح باب المنزل وخرج غاضبا، صدم الأب وغضب من ابنه، لكنه لن يقدر على لومه، فأبنه يملك كل الحق في كره هذه الفتاة.

تركت الفتاة يد الرجل، قالت له وهيه تنظر أرضا:
_قلت لك يا عمي أنه لن يرحب بوجودي هنا معكم، أنا لن أستطيع أن أبقى هنا أكثر، من فضلك يا عمي خذني إلي أي ملجأ، أو أسمح لي بالغادرة وأنا سوف أتصرف وحدي، شكرا على عطفك
يا عمي.

نظر لها الرجل المسن بقلب مفطور، عينه دمعت على كلام تلك الصغيرة، نظر لأعلي و قال بحزن عميق:
_ فلينتقم الله منك يا "فخري" يا شقيقي، لا أتمني المغفرة من الله لك أبدا، ألم يكفيك أن تدمر أشقائك وعائلتك، أيضا دمرت تلك الفتاة من بعدك، دمرت ابنتك الوحيدة.

وضع "خوري" يده على الفتاة و قال بحنان وتأثر:
_ اسمعي يا تينا يا بنيتي، أنا أعرف أن بداخلك الكثير والكثير لكن يا أبنتي.
ابتعدت الفتاه من أمامه و رفعت وجهها له و قالت بثبات مصطنع :
_ لاء يا عمي اسمعني انت أرجوك، انا أعرف جيدا ان بابا الله يسولي و يسامحه دمركم جميعا، لن يقبل أيا منكم وجودي معه في بيته، عمتي طردتني من بيتها عندما أخذني المحامي والشرطة إلي منزلها،

و الأن ولدك يطردني من منزله، انا لا أريد أن أكون مصدر إزعاج لكم و اسبب لك إحراج او مشاكل معه، اعرف كم هو عنيد، صلب ومشاكس أيضا، فمن فضلك أتركني أرحل من هنا وأنا أعدك بأنني لن أضايقك مرة أخرى مطلقا.

انحني "خوري" علي ركبتيه ليصبح في طولها و يواجهها قال لها بصدق:
_أي عالم هذا الذي يلقي فيه العم إبنه أخيه في الشوارع والأزقة، يا طفلتي أنتي لحمي، دمي، عرضي، وشرفي، وشرف ولدي كذلك، أنا لا أريدك أن تغضبي من "تيمور" أبن عمك، هو غاضب جدا وهذا حقه وأنتي تعرفين هذا ولماذا؟ والأن عليكي أن تساعديني في تهدأته، ونقوم بتغير أفكاره عنك، ونأكد له بأنك لست مثل والدك "فخري" أبدا، أنتي ستتربين معنا، بيننا، وستجدين مثلنا نحن، وعلينا أن ننسى الماضي جميعا كي يكون لنا مستقبل معا، أليس كذلك عزيزتي.

أدمعت أعين الصغيرة وهيه تقول لعمها بحزن:
_إذا كان كل الاعمام مثلك يا عمي، لم يكن ليكون هناك يتيم و لا طفل مشرد في الشارع بعد موت امه و ابوه، إذا كانت كل الناس مثلك يا عمي، لكان كل أطفال الناس كلها أسعد اطفال في العالم،انا حقا لا أعرف كيف اشكرك ابدا؟ ولا يكفي كلمه شكر لك يا عمي.

احتضنت "تينا" عمها بقوه ،كأنه طوق نجاه تتشبث به حتى لا تغرق و تضيع في عالم لا مكان للرحمة ولا الإنسانيه فيه.

بعد ساعه تقريبا، فتح "تيمور" باب المنزل بمفتاحه ودخل،نظر في أرجاء المنزل وهو متأهب للشجار مع والده بسبب إبنه عمه.

لكنه لم يسمع أي صوت، تنفس الصعداء، دخل غرفه والده يشكره علي طرده لها،فتح الباب وجد أبيه يجلس على فراشه في انتظاره .
قال له بهدوء:
_تعال يا تيمور يابني أنا في إنتظارك.

رد "تيمور" علي أبيه بخجل وهو يقترب منه:
_انا اسف يا بابا إني تحدثت معك هكذا أمام تلك الفتاة القذرة، لكن أنت تعرف جيدا كم أكرهها هي ووالدها ووالدتها كثيرا.

مد "خوري" يده لأبنه و قال له وهو يربت على فراشه:
_تعال يا "تيمور" دعنا نتحدث معا بالعقل يا بني، أنا أولا لم أطرد إبنه عمك من البيت.

انتفض "تيمور" واقفاً و نظر لأبيه بغضب و صرخ فيه:
_لم تطردها يا أبي، ماذا تعني بأنك لم تطردها؟ إذن أنت تخشي أن تلقي بها بالخارج، حسنا أنا سوف أذهب وأجرها من شعرها القذر وألقي بها في الشارع.

وقف الأب و نظر ل "تيمور" بغضب و قال له بحزم:
_اسمعني جيدا "تينا" لن ترحل إلي أي مكان، لقد تركتك تتحدث معي بغضب أمامها وهنا أيضا لكن يكفي هذا، طفح الكيل منك بني، لقد تخطيت حدودك "تيمور"، هل نسيت بأنك تتحدث مع والدك
يا تيمور؟

تابع
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي